Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

تشريعات لحماية المصلحة العامة

المصدر: هوارد ديفيز*

عندما كنت أتولى رئاسة هيئة الخدمات المالية في المملكة المتحدة، في تلك الأيام التي سبقت الأزمة المالية العالمية التي اندلعت عام 2008، دأب الممولون الذين شعروا بالاستياء إزاء تدخلاتنا في حياتهم على سؤالي بانتظام: من يراقب المراقبين؟.

في ذلك الوقت، لم آخذ الهجوم على محمل الجد. بعيداً عن كون هيئة الخدمات المالية «قاضياً وهيئة محلفين في محكمتها»، كما ذهب الاتهام، كانت سلطتها مطوقة بالقيود. كان النظام الأساسي الذي عملنا في إطاره مرسوماً بإحكام، وكان مجلس الإدارة مكوناً في الغالب من جهات خارجية مستقلة، بعضها من الصناعة. وكانت لجان الممارسين والمستهلكين تتمتع بحقوق الوصول، وكان من الممكن استئناف القرارات التنظيمية أمام المحاكم، مع إمكانية المراجعة القضائية، وقد خضعت شخصياً للمساءلة بانتظام من قِـبَـل مجلسي البرلمان.

أعلنت حكومة المحافظين أنها تعتزم إصدار تشريعات لصالح سلطة التدخل بهدف حماية المصلحة العامة، والتي من شأنها أن تسمح للوزراء ــ في ظروف استثنائية فقط وبضمانات مناسبة، على حد زعمهم - بتوجيه الهيئة التنظيمية لوضع أو تعديل أو إلغاء القواعد.

يتمثل السياق في إصلاح البيئة التنظيمية في المملكة المتحدة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، والذي كان مصمماً ليجعل لندن مكاناً أكثر جاذبية لإدارة الأعمال المالية. وقد أقرت رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر للممارسات التقييدية في مدينة لندن في عام 1986، والذي كان بشيراً بقدوم فترة طويلة من نمو الأعمال المالية، التي قوطعت بالكاد بسبب أزمة 2008، التي دامت حتى الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.

طعن نائب محافظ بنك إنجلترا المسؤول عن الإشراف المصرفي، سام وودز، في الفرضية التي بنيت عليها الحجة لصالح هذه السلطة. وقال وودز: «قد يتصور بعض الناس أن مثل هذه السلطة من شأنها أن تعزز القدرة التنافسية. وأنا أرى أنها بمرور الوقت ستفعل العكس تماماً، من خلال تقويض مصداقيتنا الدولية وإنشاء نظام، حيث تعبث الرياح السياسية بقوة أكبر بالتنظيم المالي فتصبح الضوابط التنظيمية أضعف في ظل بعض الحكومات، وأكثر صرامة في ظل حكومات أخرى».

كلمات قوية رددها أيضاً رئيس هيئة تنظيمية رئيسية أخرى في لندن، هيئة السلوك المالي. قال ريتشارد لويد، رئيس الهيئة المؤقت، لأعضاء البرلمان إن الاقتراح كان «مصدراً لقلقنا الشديد».

تدعم وجهة نظر وودز بشأن القدرة التنافسية في لندن دراسات استقصائية أجرتها شركة الاستشارات Z/‏‏Yen بشكل خاص، والتي تحاول قياس جاذبية مراكز مالية مختلفة. يقول المستجيبون عادة إنهم عند اختيار موقعهم، يبحثون عن اليقين التنظيمي، وليس المعايير المنخفضة. إنهم يريدون أن يتأكدوا من تلقيهم معاملة عادلة، مع حد أدنى من التدخل السياسي وعدم إعطاء الأولوية للشركات المحلية، وأن يعرفوا أن نظراءهم ممولون ومنظمون بشكل جيد.

في الشركات المالية، كان الرأي حول السلطة الجديدة المقترحة مختلطاً. فبعض الشركات، وخاصة في صناعة التأمين، والتي تعتقد أن بنك إنجلترا كان مقيداً بشكل غير ضروري في تفسيره لمعايير القدرة على الوفاء بالديون، قد ترى مزايا محتملة. لكن شركات أخرى أشارت إلى أن السلطة التي تصوغها حكومة «تلغي الضوابط التنظيمية» يمكن استخدامها بسهولة في الاتجاه المعاكس من جانب وزير مالية يحمل أجندة مختلفة. إذا جرى تحديد هذه السلطة بإحكام، بهدف إبقاء الساسة على مسافة، فلن تتأتى فائدة تُـذكَـر من ذلك.

* رئيس مجلس إدارة مجموعة NatWest ونائب محافظ بنك إنجلترا سابقاً