Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

الاستثمار في الخدمات اللوجستية الإفريقية

أوبري هروبي، أوبري روجو

واشنطن، العاصمة ــ مع تصاعد أزمة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19)، أدت الأوامر الصادرة للناس بالتزام مساكنهم إلى زيادة كبيرة في عمليات الشراء عبر الإنترنت ــ كل شيء من البقالة إلى الأدوية إلى الضرورات المنزلية ــ مِن قِـبَـل المستهلكين في الاقتصادات المتقدمة. ولن يتمتَّع الأفارقة الذين يواجهون قيوداً مماثلة على الحركة بهذا التطوُّر المريح ــ أو ما يوفِّره من سلامة وأمان.

على مدار العقد الأخير من الزمن، دعمت الطبقة المتوسطة المتنامية والتقدم السريع في انتشار الأجهزة المحمولة والإنترنت الرأي القائل إنَّ البلدان الإفريقية جاهزة لإدارة تجارة إلكترونية ناجحة. من المتوقَّع أن يصل الإنفاق الاستهلاكي حول القارة إلى 2.1 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2025، وفي ذات الوقت من المنتظر أن يصل انتشار الهواتف المحمولة في بلدان إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى إلى نحو 50%.

مع ذلك، فشلت الشركات إلى حدٍّ كبيرٍ حتى الآن في الاستفادة من إمكانات التجارة الإلكترونية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بسبب التحديات اللوجستية وأشكال نقص الكفاءة. وفقاً للبنك الدولي، تُـعَـدُّ نيجيريا السوق الأضخم في القارة، إذ تحتل المرتبة 110 بين 160 دولة عندما يتعلق الأمر بالكفاءة اللوجستية. قد يستغرق استيراد قطع غيار السيارات عبر لاجوس في نيجيريا ثلاثة أمثال الوقت الذي يستغرقه ذلك عبر ديربان في جنوب إفريقيا. وقد يكلف ما يصل إلى خمس مرات أكثر لنقل السلع في بلدان جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا مقارنة بالولايات المتحدة، استناداً إلى تقديرات عام 2015. وفي مختلف أنحاء القارة، بسبب الافتقار إلى التكامل، تواجه الشركات أسواقاً أصغر كما تواجه قدراً كبيراً من البيروقراطية والروتين عند عبور الحدود.

عندما كانت شركة علي بابا تقوم ببناء وتوسيع نطاق نظامها البيئي للتجارة الإلكترونية في الصين في عام 2003، استفادت من البنية الأساسية الحضرية المتقدمة نسبياً ــ نتيجة لاستثمارات حكومية ضخمة في تسعينيات القرن العشرين. بفضل هذه البنية الأساسية المادية، فضلاً عن البنية الأساسية المالية القائمة، تمكَّنت الشركة من تحقيق الربحية من خلال سوقها بين الشركات في عام 2002 ــ قبل عامين من إنشاء Alipay التي مكَّنتها من التغلُّب على نقص انتشار بطاقات الائتمان وبدأت في توسيع سوقها من العملاء إلى العملاء، التي حملت مسمّى Taobao.

كانت الشركات الأميركية والأوروبية تتمتَّع بمزايا أكبر، بما في ذلك أنظمة البريد الوطنية القوية وخدمات التوصيل السريع مثل FedEx وUPS، فضلاً عن شبكات بطاقات الائتمان الجديرة بالثقة والمستخدمة على نطاق واسع. على النقيض من ذلك، لا تستطيع شركات التجارة الإلكترونية الإفريقية الاعتماد دوماً على الطرق أو لافتات الشوارع. علاوة على ذلك، يملك قِلة من الأفارقة بطاقات مصرفية (في نيجيريا، تبلغ النسبة نحو 3%)، وفي العديد من البلدان لا يملك سوى 10% من البالغين حسابات الأموال النقالة. ولا يثق العديد من الأفارقة بالتسوُّق عبر الإنترنت.

في حين كان بوسع شركة مثل علي بابا أن تنتظر إلى أن تصبح قادرة على النمو بالفعل لتحسين المدفوعات عبر الإنترنت والخدمات اللوجستية، يتعيَّن على الشركات اإأفريقية أن تعمل على تنفيذ حلولها الخاصة منذ البداية، بينما تحاول تلبية توقعات المستثمرين. ونظرًا لهذه التحديات، ربما لا يكون من المستغرب أن تضطر شركة جوميا، أول عملاق للتجارة الإلكترونية في إفريقيا، إلى تعليق عملياتها في نهاية العام الفائت في ثلاث من أصل 14 دولة كانت تعمل فيها سابقاً، بسبب ارتفاع تكاليف التنفيذ والشحن.

إنَّ دعم نمو التجارة الإلكترونية القوي في إفريقيا يتطلَّب الاستثمار في البنية الأساسية. تشير تقديرات بنك التنمية الإفريقي إلى أنَّ القارة تحتاج إلى 130 - 170 مليار دولار سنوياً من الاستثمارات في البنية الأساسية ــ مثل الطرق والسكك الحديدية ــ لتلبية أهداف خط الأساس بحلول عام 2025، وهذا يعني فجوة تمويلية تتراوح بين 68 إلى 108 مليارات دولار. ومن الممكن أن تضطلع الصين، التي تتمتَّع بميزة تنافسية في البناء، بدور رائد في المساعدة على سد هذه الفجوة.

كما يُـعَـدُّ توسُّع شركات الخدمات اللوجستية الثقيلة والخفيفة ضرورة أساسية. قبل اندلاع الجائحة، كان الطلب على شركات الخدمات اللوجستية في إفريقيا في صعود بالفعل، وكانت كمية متزايدة من رأس المال الاستثماري توجّه نحو شركات الخدمات اللوجستية المحلية البادئة. وحتى على الرغم من تسبب أزمة كوفيد-19 في ارتباك وانقطاع التجارة، يظلُّ النقل بالشاحنات يشكِّل أهمية بالغة لتوفير المواد الغذائية، والأدوية، وغير ذلك من الضروريات للأفراد ومرافق الرعاية الصحية.

تعمل إحدى الشركات الواعدة في مجال الأصول الخفيفة ــ شركة Kobo360 النيجيرية البادئة ــ على الربط بين سائقي الشاحنات والشركات بخدمات التوصيل. منذ إطلاقها في لاجوس في عام 2017، وسعت الشركة عملياتها إلى أربع دول. وتستخدم شركة Kobo360 بالفعل أكثر من 10 آلاف سائق وشاحنة على تطبيقها، وتقدم خدماتها لشركات كبرى مثل DHL، وHoneywell، وUnilever.

بفضل الاستثمارات الضخمة ــ بما في ذلك جولة Series A بقيمة 20 مليون دولار بقيادة جولدمان ساكس، إضافة إلى 10 ملايين في تمويل رأس المال العامل من البنوك التجارية النيجيرية ــ تخطط شركة Kobo360 الآن للتوسع إلى عشر دول أخرى. كما جمعت شركة النقل الكينية للخدمات اللوجستية، Sendy، بالاستعانة بنموذج مماثل للأصول الخفيفة، 20 مليون دولار في جولة series B، مع ذراع تويوتا التجارية الاستثمارية بين المستثمرين.

لكن سوق الخدمات اللوجستية الناضجة تتطلب أيضاً الاستثمار في عمليات النقل بالشاحنات التي تعتمد على الأصول التكنولوجية. عندما تتوسّع شركة DHL ــ أكبر شركة خدمات لوجستية من حيث الإيرادات ــ إلى دولة جديدة، فإنها تتبع عادة نموذج الأصول الخفيفة لتأجير المركبات. لكن الافتقار إلى التحكم في جودة الشاحنات المستأجرة كان يعني غالباً أنَّ السلع تصل تالفة أو متأخرة. وكانت هذه مشكلة خطيرة بشكل خاص في الهند، حيث كان الإنفاق على الخدمات اللوجستية أعلى بنحو 4% إلى 5% على الأقل مما كان عليه في أوروبا. لذلك، في عام 2018، أطلقت DHL شركة فرعية للنقل في البلاد، وتهدف إلى الاستثمار في أسطول يتألف من 10 آلاف شاحنة على مدى العقد المقبل.

تحتاج الأسواق الأفريقية إلى استثمارات مختلطة مماثلة. في حين أنَّ شركات مثل Kobo360 ستستمر في ربط الشركات بمركبات التوصيل، فإنَّ ضمان توفِّر العدد الكافي من المركبات الجديرة بالثقة يتطلَّب استثمارات موجهة إضافية. وهنا ينبغي لمؤسَّسات تمويل التنمية أن تأخذَ زمام المبادرة، فتستثمر بشكل مباشر في شركات الخدمات اللوجستية ذات الأصول الثقيلة، في حين تستمرُّ صناديق المشاريع في التركيز على شركات الأصول الخفيفة.

تناسب شركات تمويل التنمية بشكل فريد وظيفة تحفيز القطاعات القادرة على تعزيز النمو الاقتصادي أو دفع أهداف إنمائية أخرى ــ أو أثناء الجائحة، المساهمة في تلبية ضروريات الصحة العامة. ولا شكَّ أنَّ قطاع الخدمات اللوجستية في إفريقيا يناسب هذا الوصف.

إذا لم تكن الفرص الاقتصادية والتجارية دافعاً كافياً للمستثمرين لمعالجة القيود القصيرة الأمد المفروضة على التجارة الإلكترونية في إفريقيا، فيجب أن تكون جائحة كوفيد-19 دافعاً كافياً. في غياب المزيد من الخدمات اللوجستية والبنية الأساسية الأكثر تقدماً، ستناضل القارة من أجل توفير الإمدادات الأساسية بأمان للسكان أثناء الفاشية، مما يجعل فرض تدابير التباعد الاجتماعي التي تشكِّل أهمية بالغة لإبطاء انتشار العدوى أشد صعوبة. ولكن إذا جرى تنفيذ الاستثمارات اللازمة، فسوف تكون البلدان الإفريقية في وضع أفضل يسمح لها ليس فقط بحماية الصحة العامة اليوم، بل أيضاً بتأمين التعافي الاقتصادي الأكثر قوة، المدفوع بنمو الطبقة المتوسطة.

ترجمة: مايسة كامل          Translated by: Maysa Kamel

أوبري هروبي كبيرة زملاء مركز إفريقيا التابع للمجلس الأطلسي. أوبري روجو محررة للمهنيين الشباب في مجلة Charged Affairs التي تصدرها مجلة فورين بوليسي.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2020.
www.project-syndicate.org