Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

العلاقة بين أزمة كوفيد 19 والاحتباس الحراري

  • جيفري فرانكل

يجب أن تذكرنا خسائر الوباء بأهمية العلوم والسياسة العامة والتعاون الدولي

منذ بداية انتشار وباء كوفيد 19 ، هناك اعتقاد سائد بأنه «ربما اليوم على الأقل سنكون جادين بشأن معالجة أزمة تغير المناخ ». يمكن للمرء بالتأكيد أن يرى المنطق الكامن وراء هذا التفكير. يجب أن تذكرنا الخسائر الفادحة التي أحدثها الوباء بأهمية ثلاثة أشياء ضرورية أيضاً لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري: العلوم والسياسة العامة والتعاون الدولي.

لذلك، يجب أن نستمع إلى العلماء الذين حذروا منذ عقود من أنَّ انبعاثات غازات الاحتباس الحراري غير المُنضبطة سيكون لها عواقب بيئية وخيمة. يبدو أنَّ حقيقة أن بعض هذه العواقب - بما في ذلك حرائق الغابات والأعاصير وحتى طاعون الجراد في إفريقيا - التي ظهرت بشكل كبير في نفس العام الذي شهد العالم فيه انتشار وباء كوفيد 19 ، تُعزز هذه الرسالة.

أوجه التشابه

ولكن في حين تبدو أوجه التشابه بين وباء كوفيد 19 وأزمة تغير المناخ سليمة منطقياً، أخشى أن تكون الصلة السياسية المستنتجة غير متسلسلة. إذا كان بإمكان بعض القادة وأتباعهم في بعض البلدان مثل الولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك وحتى المملكة المتحدة التي كانت حريصة في السابق التقليل من أهمية الوباء وتجنب توصيات العلماء، فيمكنهم فعل الشيء نفسه مع أزمة تغير المناخ.

ينبغي أن يُذكر الوباء الجميع بأن تجاهل حقائق الطبيعة أمر مستحيل، وأن هذا التقدم يتبع مساراً علمياً. إن نظريات المؤامرة التي تدعي أن تغير المناخ مجرد خدعة اخترعتها الصين ليست أكثر صحة من تلك التي تزعم أن فيروس كورونا المستجد هو عبارة عن مؤامرة صينية.

العوامل الخارجية السلبية

علاوة على ذلك، تُعدُّ الأمراض المُعدية والأضرار البيئية أمثلة تقليدية لما يُسميه الاقتصاديون العوامل الخارجية السلبية: وهي التحديات التي لا تستطيع الأسواق التعامل معها بمفردها، لأن الأشخاص الذين يعطسون بدون قناع أو يلوثون الهواء لا يتحملون العواقب الكاملة المترتبة عن أفعالهم. إنَّ الاعتراف المتزايد بالدور الأساسي الذي تلعبه السياسة العامة قد يقود البندول إلى الابتعاد عن أيديولوجية الحكومات الصغيرة. بعبارة أخرى، يجب أن يكون التدخل الحكومي مُصمماً بذكاء ويكون مُوجهاً لتحقيق أهدافه بكفاءة.

ينبغي أن يُذكِّر الوباء الجميع
بأن تجاهل حقائق الطبيعة أمر
مستحيل

حتى الإجراءات التي تتخذها الحكومات الوطنية الفردية لن تكون كافية، لأنَّ الوباء وتغير المناخ من العوامل الخارجية العالمية. إنها تدعو إلى تحقيق درجة معينة من التعاون الدولي، سواء من خلال منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ، أو بأي وسيلة أخرى.

إحراز التقدم

هناك العديد من الروابط المباشرة الأخرى بين الصحة العالمية والبيئة العالمية. يبعث بعضها الأمل في أنَّ التقدم في أحد المجالين قد يعني إحراز التقدم في المجال الآخر.

على سبيل المثال، تؤدي عملية إزالة الغابات في الوقت نفسه إلى زيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وتجبر الخفافيش والحيوانات الأخرى التي قد تكون حاملة للمرض على الاتصال بالبشر، وهو ما كان على الأرجح سبب ظهور هذا الفيروس التاجي. على المدى الطويل، من المرجح أن يؤدي الاحتباس الحراري إلى نقل أمراض استوائية يحملها البعوض مثل فيروس غرب النيل وزيكا والملاريا إلى خطوط العرض الشمالية.

عالم مترابط
ستجرى الانتخابات الأمريكية القادمة على خلفية تفشي وباء
خطير وتهديدات مُناخية متزايدة. في كلتا الحالتين، يجب على
الناخبين الأمريكيين اختيار ما إذا كانوا سيعيدون الاحترام للعلم
والسياسة العامة السليمة، والوعي بأننا نعيش في عالم مترابط.

خطر الغازات

في الواقع، تُعدُّ حرائق الغابات في الولايات الغربية الأمريكية (وفي أجزاء من أستراليا وسيبيريا وأوروبا) إلى حدٍّ كبير نتيجة للاحتباس الحراري. لكنها تُسهم أيضاً في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال إرسال العديد من أطنان ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي. ويمكن أن تتسبب الجسيمات المنبعثة من الدخان في إتلاف رئتي الأشخاص المعرضين بالفعل لخطر الإصابة بفيروس كوفيد 19 .

الأمراض المُعدية والأضرار البيئية
أمثلة تقليدية للعوامل الخارجية
السلبية

من ناحية أخرى، أدى الركود الاقتصادي الناجم عن انتشار الوباء إلى انخفاض الطلب على النفط، ليصل سعره إلى ما كان عليه قبل خمس سنوات، عند نحو 40 دولاراً للبرميل. بالنسبة للبلدان النامية (وخاصة المُصدرة للنفط) التي تستخدم الدعم المالي لإبقاء الأسعار المحلية للطاقة منخفضة بشكل مصطنع، سيكون الوقت مناسباً الآن لإصلاح هذه السياسة والسماح للأسواق بتحديد السعر. هذه الإعانات المالية تضر بالبيئة وتقوض الكفاءة الاقتصادية والميزانية. سيكون إلغاؤها بمثابة إصلاح شامل للجميع، وإن كان دائماً محفوفاً بالمخاطر على المستوى السياسي.

أهمية تراجع الأنشطة

بصرف النظر عن الترابط الإيجابي بين وباء كوفيد 19 وتغير المناخ، تتبع بعض الروابط المباشرة مساراً آخر: تُسهم بعض جوانب الوباء في إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري. وكما أثبت الركود في الفترة ما بين 2007 و 2009 ، فإن تراجع الأنشطة الاقتصادية يعني انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. هذا ينطبق بشكل خاص على قطاع النقل الجوي، الذي تضرر بشدة جراء انتشار فيروس كورونا المُستجد.

من المفترض أن يكون الركود مؤقتاً، لكن التأثير في قطاع النقل الجوي قد يستمر لبعض الوقت. سيعرف قطاع السياحة انتعاشاً في المستقبل القريب. لكن بالنسبة للعديد منا، لم يعُد السفر إلى بلد ما لمشاهدة عروض «باوربوينت » مُشوقاً، مقارنةً بمشاهدة نفس العروض في المنزل. بدلاً من إنقاذ صناعة الطيران بأكملها لتجنب حالات الإفلاس أو عمليات الإدماج أو الانكماش طويل الأجل، ينبغي أن تهدف السياسات الحكومية إلى خفض انبعاثات الطائرات إلى درجة مُماثلة لتلك الخاصة بالسيارات.

عجز مالي

من الصعب التنبؤ بما إذا كان الوباء سيجذب الدعم لمزيد من الجهود الحاسمة لمكافحة تغير المناخ. سيزعم البعض أن الحكومات غير قادرة على إنفاق الأموال على معالجة أزمة الاحتباس الحراري في وقت ترتفع فيه معدلات البطالة والديون على نحو متزايد.

ربما كان الجانب المشرق الأكثر إلحاحاً في أزمة وباء كوفيد 19 هو التأثير الذي أحدثه سوء إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للوباء على احتمالات إعادة انتخابه. إذا استعاد الديمقراطيون السيطرة على البيت الأبيض ومجلس الشيوخ في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، فمن المرجح أن يعود احترام الخبرة العلمية والسياسة العامة المصممة جيداً والتعاون الدولي. يجب أن يجلب ذلك فوائد بعيدة المدى، بدءاً من حماية بيئية أقوى ومحاولات جادة لمعالجة عدم المساواة إلى احتمال عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 ، ناهيك عن قيادة أفضل للصحة العامة.

البيئة الخضراء

كيف تبدو السياسة العامة السليمة فيما يتعلق بتغير المناخ في الظروف الحالية؟ لقد كتبت في ذروة ركود عام « 2009 استثمروا في البيئة الخضراء اليوم، لفرض ضرائب خضراء في المستقبل ». نفس الوصفة تنطبق على الأزمة الحالية. على المدى القصير، نحن بحاجة إلى تجديد الحوافز المالية. لذلك، يتعين على صناع السياسة استغلال الفرصة «لإعادة البناء بشكل أفضل »، كما يقول المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن، من أجل مساندة البيئة وفي نفس الوقت دعم الاقتصاد أيضاً.

لكن بالنظر إلى ما بعد الركود، يجب أن يكون هناك إدراك للحدود المالية. يميز هذا الاعتراف ما ستفعله إدارة بايدن بشأن تغير المناخ عن الصفقة الخضراء الجديدة التي قدمتها عضوة الكونغرس الديمقراطية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، على الأقل إذا تم النظر في مشروع القانون المقترح حرفياً. سيكون فرض ضريبة الكربون على مراحل حلاً فعالاً للجميع، يتفق معه خبراء الاقتصاد الديمقراطيون والجمهوريون.