23 سبتمبر 2020

دبي

نظمتها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وناقشت دور الأدب في إثراء المعارف "صناعة المعرفة في الكتابة الإبداعية" في جلسة نقاشية افتراضية

برعاية سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، نظمت المؤسسة مساء أمس الإثنين، حلقة نقاشية افتراضية بعنوان "صناعة المعرفة في الكتابة الإبداعية"، والتي استضافت كلاً من: الأكاديمي والروائي الدكتور شكري المبخوت، والدكتورة وفاء المزغني، الأكاديمية والمدربة في مجال أدب الطفل واليافعين في برنامج دبي الدولي للكتابة، والقاص إسلام أبو شكيّر، مدرب القصة القصيرة في برنامج دبي الدولي للكتابة، والكاتبة هدى الشوا، مدربة أدب الطفل في برنامج دبي الدولي للكتابة، والكاتبتين بدرية الشامسي، ومريم الزرعوني. وأدار الحلقة الصحفي حسين درويش، المستشار الثقافي بمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة. كما حضر الحلقة النقاشية جمهور من الأكاديميين والمتابعين للشأن المعرفي والأدبي. بداية الطريق وفي كلمته الافتتاحية، رحَّب سعادة جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بالمشاركين والحضور، وعبَّر عن فخره بالنجاح الذي حقَّقه برنامج دبي الدولي للكتابة في الأخذ بأيدي الشباب ممن يمتلكون بذرة الإبداع، ليكون دليلهم نحو عالم الكتابة الإبداعية، كي يشقوا طريقهم ويكونوا من أصحاب الأقلام المبدعة التي يشار إليها بالبنان.وأكد سعادته أنَّ ثمار البرنامج ظهرت منذ بداياته، حيث حصلت نتاجات المنتسبين إليه على جوائز مرموقة، كفوز رواية "حارس الشمس" لإيمان اليوسف بجائزة الإمارات للرواية، وغيرها من الإصدارات التي تمَّ تكريمها على مستويات عدة. مبيناً أنَّ برنامج دبي الدولي للكتابة بدأ جلساته الأولى منذ سبع سنوات بعشرة متدربين، وها هو الآن يصل إلى أعتاب 300 متدرب متوزعين على العالم العربي، وهذا مما يؤكد أثر هذه المبادرة في تعزيز مهارات الكتابة الإبداعية لدى الشباب.وأوضح سعادة جمال بن حويرب أنَّ مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة تسعى من خلال برامجها التدريبية إلى الأخذ بأيدي الشباب ليكونوا على قدم أسلافنا من العلماء الذين أثروا المكتبة العربية بآلاف الكتب التي صنفوها بأعلى مستويات الكتابة، مؤكداً أنَّ الشعوب المتقدمة تهتم بالكتابة الإبداعية وأنَّ الحضارة العربية التي أنشأها علماء العرب كانت شرارة الانطلاق للنهضة الغربية التي نرى نتاجاتها الحضارية الآن.وقال سعادته: نراهن على هؤلاء الشباب لنصل بهم إلى أعلى مستوى من الإبداع والاحتراف، ونطمح أن يكون كُتّابنا في دائرة الأضواء ولهم مركزهم في عالم الكتب بحيث تتنافس على إصداراتهم كبرى دور النشر العربية والعالمية. دور المعرفة الكاتب والروائي الدكتور شكري المبخوت، أكّد في كلمته أنَّ الرواية الناجحة يخرج منها القارئ بعدد من المعارف التي قد لا يحصل عليها إلا من بطون المراجع التاريخية والجغرافية، وأنَّ الكتابة الإبداعية، وإن كانت مستلهمة من الخيال، وتتناول الأدب والسرد، إلا أنَّ المعارف التي يمتلكها الكاتب تظهر جلية في كتاباته الإبداعية، وهي في ذلك تعكس حجم المعارف التي تراكمت لديه في السابق. مبيناً أنَّ الأدب منذ بداياته الإنسانية كان يقوم على المعرفة، وهو معين لا ينضب من المعارف، وأكبر دليل على ذلك أنَّ كبار الأدباء العالميين بنوا إبداعاتهم على أسس معرفية في شتى العلوم. حصيلة عرَضيةمن جهته، أكّد الروائي والقاص إسلام أبو شكير أنَّ المعرفة هي حصيلة عرَضية من نواتج العمل الإبداعي، ولكنها ضرورة تساعد على تكامل العمل إلى أقصى درجة ممكنة، مبيناً أنه لا يركز خلال التدريب على أن تحمل القصة فائدة معرفية بقدر ما يهتم باستيفاء المتدرب للشروط والمعايير الأساسية للقصة الناجحة؛ فالمعرفة لها سبلها الخاصة التي قد تكون أيسر وأدق مما يقدمه النص الإبداعي، سواء أكان قصة قصيرة أم رواية أم كتابة موجهة للطفل.وأضاف أبو شكير، أنَّ تقديم الحصيلة المعرفية في الكتابة يعدُّ جزءاً يسعى إليه المبدع للوصول إلى الإقناع، لأنَّ حيازة النص الإبداعي على إعجاب وتفاعل القراء منوط بالإقناع الذي لا يتحقَّق إلا بمجموعة شروط منها أن تكون صورة المكان الذي يحتضن أحداث الرواية دقيقة وأن تكون مقنعة كي يتفاعل معها القارئ. ضرورة المعرفةوفي مشاركتها، أكَّدت الكاتبة والمدربة الدكتورة وفاء المزغني أنها تسعى من خلال برنامج دبي الدولي للكتابة إلى تعريف المتدربين بالأدب العالمي والعربي، ووضعهم على الطريق الصحيح للكتابة الإبداعية ليتمكّنوا من مواصلة الطريق على أسس علمية وعملية، ومن هذا المنطلق فإنها تعمل على تعريف المتدربين بالتجارب الناجحة وغير الناجحة لإكسابهم الخبرة اللازمة لهم على درب احتراف الكتابة.وفيما يتعلّق بصناعة المعرفة في الكتابة الإبداعية، رأت المزغني أنَّ عملية الإبداع عبارة عن بحث مستمر، وسلسلة من المعارف التي يجب أن يتزود بها الكاتب، ولا سيما في مجال أدب الطفل؛ فالكاتب كي يقدِّم نصاً إبداعياً ناجحاً عليه أن يكون على دراية بالمعارف التي لا بدَّ أن يوظفها في كتابته، والتي تتلاءم مع الفئة والغاية اللتين يكتب لأجلهما. وذلك كي لا يقع الكاتب في فخ تقديم معلومات معرفية خاطئة خلال سرده وإن كان سرداً أدبياً أو نصاً قصصياً موجهاً للأطفال. تعدد المهاراتبدورها أوضحت الكاتب والروائية الإماراتية مريم الزرعوني، أنها تناولت في روايتها "رسالة من هارفرد" العادات الإماراتية، ثمَّ وظَّفت الجانب العلمي فيها، بتوليفة تجمع الجانبين العلمي والتراثي، وهذا من منطلق أنها عمدت إلى سبر أغوار الشاب والشابة اليافعَين للخروج برواية نجحت في إبراز مكنونات هذه الفئة المهمة جداً من فئات المجتمع.ورأت مريم الزرعوني أنَّ الكاتب الذي يتمتَّع بحصيلة معرفية متعددة أقدر على الوصول إلى الغايات التي يرمي إليها، فقد تكون بعض المحاور التي يركز عليها الكاتب تناسبها الرواية أكثر من غيرها، بينما يجد أنَّ عدداً من القضايا تتلاءم مع الشعر، ويكون طرحها من خلالها أكثر وقعاً وتأثيراً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى القصة القصيرة مع عدد من القضايا أو الفئات المستهدفة. فالحصيلة المعرفية وتعدد مهارات الكاتب الإبداعية كلها عوامل تصب في صالح الكاتب من هذه الناحية بلا ريب. مساقات الكتابة الإبداعيةمن جهتها، قالت الكاتبة والمدربة هدى الشوا: إننا نركِّز على أن تكون الشخصية في القصة ديناميكية ومؤثرة ولها تأثيرها في مجريات الأحداث، لا أن تكون مستلبة أو سلبية، كما نعمل على أن تكون في نهاية القصة على حال غير التي كانت عليها في البداية. مؤكدة أنَّ الكتابة الإبداعية هي مهارة يلزمها الصقل والتدريب والتطوير والتجديد، ولها أصول فنية ومعرفية وأدبية وعلمية، وهي إلى جانب الموهبة الفطرية التي يمتلكها الكاتب بحاجة إلى صقل لتبنى على الأسس المنهجية والعلمية والأكاديمية.ودعت هدى الشوا إلى ضرورة أن تطرح الجامعات العربية مساقات الكتابة الإبداعية بأسسها العلمية أسوة بكثير من الجامعات العالمية التي برعت في هذا الشأن، لا سيما أنَّ المؤسسات العلمية العربية خالية من هذا التخصص، وهذا ما يبرز أهمية أن تكون الكتابة الإبداعية مؤسساً لها في الجامعات والمعاهد. مبينة أنَّ مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة كانت سباقة في هذا الشأن من خلال برنامج دبي الدولي للكتابة. الفئة المستهدفةوحول مقارنة الكتابة الإبداعية ما بين فئة أدب الطفل والكتابة للكبار، أوضحت الكاتبة والروائية الإماراتية بدرية الشامسي أنَّ الاختلاف في تناول الشخصية بين الطفل والبالغ يتمثّل في عامل القياس وحساب النتائج، فالطفل لا يمتلك ما يمتلكه الشخص الناضج من قياس النتائج على الأفعال وحساب وتوقع ما ستؤول إليه الأمور؛ لكن من ناحية كونها شخصية يتناولها الكاتب لا فرق بين كون الفئة المستهدفة طفلاً أو كبيراً. كما ركزت الشامسي في حديثها على ضرورة أن يكون هناك محررون على غاية من الاحتراف والإبداع لخدمة الكتابة الإبداعية، كي تخرج النتاجات الإبداعية على درجة عالية من الإتقان.