أكد أكاديميون ومشاركون في جلسة "التعليم.. الركيزة الأساسية لبناء اقتصاد المعرفة" أنه تجب مواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع المتغيرات العالمية المتسارعة التي يشهدها العالم، وخصوصاً مع متطلبات سوق العمل، وضرورة تضمين المهارات الشخصية والمتقدمة في المنظومة التعليمية، والتي تشكل صمام أمان الكفاءات لتجاوز تحديات المستقبل واستثمار فرصه بالشكل الأمثل. جاء ذلك خلال فعاليات "قمة المعرفة 2018"، التي تنظّمها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.
وأكد معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة، أهمية إيجاد بيئة تعليمية متكاملة تعمل على تطوير مخرجاتها باستمرار، وتعمل على مواءمتها مع سوق العمل، بما ينعكس على جودة الكفاءات والكوادر البشرية، ويسهم في تعزيز مساهمتها في تحقيق التنمية وضمان استدامة اقتصاد المعرفة.، موضحاً بأن البناء السليم لمجتمعات المعرفة يتطلب تطوير منظومة التعلم والتعليم لتكون لديها القدرة على مواكبة التغيرات والاستفادة من التقنيات الحديثة لضمان توافق مخرجاتها مع احتياجات ومتطلبات المستقبل.
ونوه معاليه بأن هناك عبئاً كبيراً على التعليم العالي عالمياً، في ظل المتغيرات الكبيرة التي تحصل باستمرار على سوق العمل، والتي تفرض على عناصر العملية التعليمية التأقلم والتكيف باستمرار من أجل النجاح، وخصوصاً في ظل ظهور وظائف جديدة وتراجع وظائف أخرى. وشدد معاليه على أهمية المهارات المتقدمة في تعزيز الكفاءة المهنية لرأس المال البشري، ونشر ثقافتها هو من الأساسيات لبناء كفاءات مؤهلة وقادرة على النجاح في المستقبل.
وأكد معالي الفلاسي بأنه على المجتمعات أن تعمل على تنمية وتطوير العملية التعليمية من خلال توجيه الأفراد نحو المهارات المستقبلية من تقنية وشخصية "مهارات ناعمة"، ليتمكنوا من التكيّف والتأقلم مع المعطيات الجديدة في المستقبل، والمتغيرات المتوقعة في سوق العمل، والتي تتطلب من الأفراد مجموعة من المهارات كالتفكير النقدي والإبداع والتكيف والتواصل وغيرها.
وأوضح جيف أوتيك، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة إديورو للتعليم، بأنه يجب على المجتمعات أن تستثمر في إدخال المهارات الشخصية "والناعمة" إلى المنظومات التعليمية، كتعريف الكفاءات الشابة بمهارات التحدث والتواصل على المستويات كافة، والتي أصبحت ضرورة متناهية كون العالم بات قرية صغيرة، كما أكد على ضرورة تنمية مهارات تشخيص المشكلات، وليس حلها، لأن تشخيص المشكلة في العالم الحديث هو أمر أصعب ويستغرق فترة أطول من حلها.
وتحدثت الدكتورة فاطمة الشامسي، نائب مدير جامعة السوربون - أبو ظبي، عن الاستعدادات اللازمة لتحقيق اقتصاد المعرفة، والتي تتمثل في توفير مرتكزات اقتصاد المعرفة من وجود نظام مؤسسي واقتصادي، يعمل على تحفيز وخلق المعرفة والاستفادة منها بشكل أكثر فاعلية، لأن منتج اقتصاد المعرفة هو المعرفة نفسها، لذا يجب تطويرها باستمرار من خلال نظام تعليمي متقدم يعتمد على العلم والمعرفة والكفاءة والمهارة.
كما شددت الشامسي على أهمية وجود البنية التحتية اللازمة لنشر المعارف والمهارات، وهذا يحتاج إلى درجة معينة من التطور التقني على مستوى المجتمع، وأوضحت بأن الابتكار يعد أهم مرتكزات اقتصاد المعرفة، وهناك ضرورة لربطه بشكل مباشر بالعملية التعليمية، من أجل تطوير عملية نشر المعرفة بوتيرة مستمرة.
وتحدث كين مايهيو، أستاذ التعليم والأداء الاقتصادي في جامعة أكسفورد عن أن التعليم "الصحيح" هو شرط ضروري لتحقيق الاقتصاد المعرفي لكنه غير كاف، لأن التعليم بصورته التقليدية لم يعد كافياً لاستيعاب التغيرات الحاصلة عالمياً والتعامل معها بفاعلية واستثمار فرصها وتجاوز تحدياتها، مؤكداً بأن هناك الكثير من الخريجين لا يدخلون سوق العمل، والسبب هو أن اختصاصاتهم لم تعد مطلوبة كالسابق، لذا وجب على مجتمعات اقتصاد المعرفة أن تفرض المواءمة بين التعليم والمهارات وسوق العمل.