قراءة في مشروع المعرفة العالمي (1-2 )
1- تمهيد
أُطْلِقَ مؤشر المعرفة العالمي للعام 2019 وتقرير استشراف مستقبل المعرفة خلال قمة المعرفة، وهما من مخرجات مشروع المعرفة العالمي الذي يتضمن أيضاً بوابة وتطبيقاً إلكترونياً بعنوان المعرفة للجميع Knowledge4all . فمؤشر المعرفة العالمي هو أداة مبتكرة وفريدة لقياس الوضع المعرفي ل 136 دولة من خلال 7 قطاعات معرفية تتكامل مع بعضها لتشكل مجتمع المعرفة لأي دولة. وهو يعتمد على بيانات موثقة وذات مصداقية من العديد من المصادر الدولية.
أما تقرير استشراف مستقبل المعرفة فيعتمد على نتائج مؤشر المعرفة العالمي باعتبار أن الوضع الحالي للدول يمثل البنية التحتية المعرفية التي يبنى عليها لاستشراف جاهزية تلك الدول للمستقبل، كما يقوم ببناء نموذج لاستشراف مستقبل المعرفة في 40 دولة على مستوى العالم باستخدام البيانات كبيرة الحجم. ويعتمد التقرير على الربط بين القطاعات المعرفية المختلفة والتكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين )سلسلة الكتل(، والأمن السيبراني، والتكنولوجيا الحيوية. ونقدم خلال هذه المقالة مقدمة عن مشروع المعرفة العالمي مع ربطه بتكنولوجيا المستقبل وأهداف التنمية المستدامة، ثم يتبع بسلسلة مقالات لتحليل نتائج الدول في مؤشر المعرفة العالمي وتقرير استشراف المستقبل في الأشهر القادمة.
2- مقدمة
منذ ظهور الإنترنت وبروز التكنولوجيا الإلكترونية والمعلوماتية في فجر الألفية الثالثة، راحت المجتمعات تتغير تغيراً سريعاً وجذرياً، حيث أدت الأهمية المتزايدة للمعرفة إلى جانب العولمة والآثار المترتبة على تغير التكنولوجيا في عصر الثورة الصناعية الرابعة إلى إيجاد عالم مختلف تماماً.
الثورة الصناعية الرابعة تحدث أمام أعيننا. إنه عصر التقارب الإبداعي، حيث تقترن مجموعة كبيرة من التكنولوجيات التي تشمل إنترنت الأشياء والحوسبة السحابية وتحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، لتوجد نظاماً بيئياً تستفيد منه كل تكنولوجيا وتسهم فيه في تطور التكنولوجيات الأخرى. هذه الثورة تخلق فرصاً وتحديات غير مسبوقة للشركات التجارية والمجتمعات على حد سواء. وهي تختلف عن الثورات السابقة من حيث شدتها وتعقيدها ونطاقها، وتستند في جوهرها إلى ظاهرة تكنولوجية جديدة اسمها التحول الرقمي، أي اندماج التكنولوجيات الرقمية، وتغلغلها في البنية التحتية لكل شركة ومؤسسة وحكومة بسرعة غير مسبوقة.
3- الثورة الصناعية الرابعة
عند الحديث عن الثورة الصناعية الرابعة، لا يمكن تناول التغيير التكنولوجي بمعزل عما سواه. فالقوى أو الاتجاهات الأخرى، مثل العولمة والاستدامة والتحولات الديموغرافية والتحضر، ستؤثر أيضاً في الحالة المستقبلية للاقتصاد وفي مستقبل العمل. لذلك، إذا كنا نريد أن نفهم كيف سيتشكل المستقبل، فعلينا الاعتراف بالتفاعلات ضمن هذه الاتجاهات؛ لأنها غالباً ما يعزز بعضها بعضاً.
نحن نعتقد أن أنواعاً معينة من التكنولوجيات يمكن أن تساعد في التغلب على معظم التحديات المرتبطة بهذه الاتجاهات، مثل شيخوخة السكان وزيادة شح الموارد (بما في ذلك نقص الغذاء في الاقتصادات النامية) وتزايد حالات عدم المساواة. تطلق المفوضية الأوروبية على هذه التكنولوجيات اسم "تكنولوجيات التمكين الرئيسة"، ويُشار إليها أيضاً باسم "التكنولوجيات الأسيّة". تتسم جميع التكنولوجيات الرئيسة للمستقبل بسمتين أساسيتين؛ أولاهما أنها تشكل مجتمعةً نظاماً بيئياً تستفيد فيه كل واحدة منها من تطور التكنولوجيات الأخرى، وتعزز في الوقت ذاته ذلك التطور. أي إن التكنولوجيات الجديدة التي تستند إلى التكنولوجيات القائمة تحسن من أداء تلك التكنولوجيات القائمة والعكس بالعكس. السمة الثانية هي أن هذه التكنولوجيات تؤدي إلى تسارع أسي في الابتكار، حيث يؤدي كل تطور تكنولوجي إلى ابتكار يشكل بدوره منصة لمزيد من التحسين التكنولوجي والابتكار. ولذلك تساعد هذه التكنولوجيات على تطوير تطبيقات جديدة متعددة في مجموعة واسعة من القطاعات والصناعات.
إننا نعيش في عصرٍ تطغى عليه التغيرات التكنولوجية والتحولات والفرص والشكوك؛ فالنمو المتسارع للمعرفة وانتشارها في كل الأماكن أدّى إلى تغيّر سريع وعميق أحدث تحولاً جذرياً في أساليب عيشنا وتعلّمنا وعملنا. وبما أن المعرفة هي المحرّك الأهمّ والأقوى للابتكار والتنافسية والنمو، فنحن بحاجة إلى طرقٍ وأساليبَ وأدواتٍ جديدة تساعدنا على فهم مستقبلها فهماً أفضل.
وتبعاً لهذا التغير التكنولوجي بات سوق العمل يشهد تحولات كبيرة، حيث تزداد البطالة الهيكلية بسبب عدم التوافق بين العرض والطلب من العمالة الماهرة في سوق العمل. وهو ما يجعل صُنّاع السياسات يواجهون نقصاً متزايداً في المهارات يؤثر في قدرة الشركات والحكومات والمواطنين على الاستفادة بصورة كاملة من الفرص التي يوفرها التقدم التكنولوجي. كما تختفي الأعمال اليدوية والمهام التي تقوم على التكرار، ويُستعاض عنها بأتمتة العمليات والأدوات الرقمية. وتزامناً مع ذلك، يفتقر جزء كبير من القوى العاملة إلى الكفاءات التي تمكنها من العمل في هذه البيئة الجديدة، وغالباً ما تكون معرفتها محدودة بالتكنولوجيات والمهارات اللازمة للمستقبل، أو لا تُتاح لها فرص التعلم والتدريب المستمر. وهكذا، يواجه سوق العمل نقصاً كبيراً في المهارات بسبب الطلب المتزايد على الأعمال التي تحتاج إلى مهارات متقدمة، وغياب القوى العاملة المؤهلة للاستجابة للأعداد الكبيرة من الوظائف التي تبقى شاغرة شهوراً طويلة.
ستسمح التكنولوجيا المتقدمة عند استخدامها بكامل إمكاناتها لمتخذي القرار بالأخذ بيد مواطنيهم نحو مرحلة جديدة من الفرص، حيث يقدر المنتدى الاقتصادي العالمي أن قيمة التحول الرقمي للمجتمع والصناعة ستصل إلى 100 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2025 في حالة استغلال كامل إمكاناته(1)؛ وبالتالي يجب على الشركات التحول إلى شركات رقمية للاستفادة بصورة كاملة من هذه القيمة الجديدة والمحافظة على تنافسيتها. كما يُقدَّر أن نسبة 70 % من القيمة المضافة في الاقتصاد خلال العقد المقبل ستتحقق من خلال المنصات الرقمية(2). والذكاء الاصطناعي وحده يمكن أن يسهم في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمبلغ 15.7 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030 (3). وقد تفطّنت دول الشرق الأوسط لهذه الإمكانية، فزادت حكوماتها من استثماراتها في تطوير الذكاء الاصطناعي والتعليم. فعلى سبيل المثال، عينت دولة الإمارات العربية المتحدة وزيراً للذكاء الاصطناعي لتنفيذ استراتيجيتها الطموحة للذكاء الاصطناعي لعام 2031 .
بما أنّ إدماج التكنولوجيات الجديدة يؤدي بالضرورة إلى تغيير طبيعة العمل، فإنه يتوجّب على الحكومات وقادة الأعمال التعاون بصورة وثيقة لضمان قدرة جميع فئات المجتمع على الوصول إلى هذا العالم الجديد من الفرص والمساهمة فيه؛ إذ تشير البحوث إلى أن التكنولوجيا تسهم في استقطاب سوق العمل، وهذا بدوره يؤدي إلى استقطاب مماثل وغير متساوٍ بشكل متزايد في مستوى الأجور، وذلك بسبب الزيادة الكبيرة في أعداد الوظائف التي تتطلب مهارات عالية مقابل الانخفاض الكبير في عدد الوظائف التي تتطلب مهارات متوسطة(4). وتدعم هذه النتائج دراسةً أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي تشير إلى احتمال تلاشي 75 مليون وظيفة بسبب التغير في توزيع العمل بين الإنسان والآلة، بينما ستظهر 133 مليون وظيفة جديدة تستند إلى التوزيع الجديد للعمل بين الإنسان والآلة والخوارزميات(5). وهذا يعني أن وتيرة إيجاد الوظائف الجديدة ما زالت أسرع من وتيرة زوال الوظائف القديمة، ومن المستبعد حدوث بطالة على نطاق واسع بسبب التقدم التكنولوجي.
ومع ذلك، تعمل معظم المؤسسات جاهدةً لاستقطاب أصحاب المواهب والمحافظة عليهم كنموذج جديد للمهارات والمعرفة. صحيح أن التطبيق المستمر لتكنولوجيات جديدة يؤدي إلى تحسين الإنتاجية، لكنه يخلق تحديات للأفراد والحكومات والشركات لإتقان عدد متزايد من التطبيقات والتكيف مع تحديثات تكنولوجية منتظمة(6). فالتحولات الجذرية التكنولوجية تؤدي إلى تسارع اختفاء الحاجة إلى المهارات الحالية للعمال، وهناك احتمال كبير لاختفاء %14 من الوظائف بسبب الأتمتة(7). ونتيجة لذلك تعمل الشركات والحكومات والمؤسسات التعليمية بكلّ قوّة على التنبؤ بالوظائف والمهارات التي ستكون مطلوبة خلال ثلاثين سنة.
يشعر 79 % من المديرين التنفيذيين بالقلق بشأن توافر المهارات الأساسية (سنناقش هذه النقطة بالتفصيل لاحقاً)، ويعتبرون هذا الأمر واحداً من أكبر ثلاثة تهديدات لاستمرار نمو شركاتهم(8). ويعتقد 92 % من المديرين التنفيذيين في الشرق الأوسط، و 91 %من المديرين التنفيذيين في العالم كله، أن عليهم تعزيز المهارات الشخصية في شركاتهم إلى جانب مهارات التواصل الرقمي(9). وبشكل عام فإن نقص المهارات في القوى العاملة لديهم يمثل نقطة ضعف تعيق الابتكار، وتزيد من تكلفة الموظّفين، وتجبر الشركات على استثمار مبالغ أكبر في عمليات التوظيف وفي دورات تدريبية مكثفة، أو الاستغناء عن أعداد كبيرة من القوى العاملة لديها بسبب عدم توافق مهاراتها مع الاحتياجات الجديدة للشركة.
يشكّل هذا الاتجاه أيضاً مصدر قلق كبير لقادة الدول؛ لأن توفر المهارات والقوى العاملة الماهرة أمر أساسي لدفع عجلة الابتكار على المستوى المحلي وضمان تنافسية الشركات والصناعات في بلد معين أو منطقة معينة. لذلك تخاطر الشركات بنقل نشاطاتها إذا لم تجد المهارات المناسبة التي تمكنها من مواصلة توسيع نشاطاتها، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بسبب عدم امتلاك القوى العاملة المحلية المهارات اللازمة لدعم نمو المؤسسات في المستقبل.
تؤدي الفجوة الآخذة في الاتساع بين المهارات المتوافرة والمهارات اللازمة لدفع عجلة الابتكار في المستقبل إلى تزايد الطلب على حلول جديدة للارتقاء بالمهارات وإعادة تطويرها. وعليه، فسيكون من الضروري زيادة التعاون والتنسيق بين الحكومات والقطاعات الصناعية والنقابات العمالية والمؤسسات الأكاديمية (بما في ذلك المؤسسات التدريبية) من أجل تطوير حلول لسدّ هذه الفجوة في المهارات وتنفيذها. ورغم أن بعض الدول وضعت استراتيجيات وطنية لتطوير المهارات، فإنها لا تتعاون تعاوناً وثيقاً مع شركاء الصناعة والنقابات العمالية والمؤسسات الأكاديمية.
وتبقى هذه الجهود في حاجة كبيرة إلى التعزيز من أجل ضمان استمرار تنافسية الصناعات والاقتصادات المحلية.
تحتاج البرامج التعليمية إلى مراجعة عميقة لتتواءم مع المهارات المطلوبة في سوق العمل، إذ تشير إحدى الدراسات إلى أنّ طلاب الجامعات لا يشعرون حالياً أن التعليم الذي يتلقونه يُعدّهم إعداداً كافياً للعمل في المستقبل، حيث يعتقد 35 % منهم فقط أن المهارات التي يتعلمونها كافية لإعدادهم للعمل(10). من هنا تتأكّد بوضوح الحاجة إلى نماذج جديدة للتعليم تتميز بنظرة بعيدة المدى، وتركيز أكبر على التعلم مدى الحياة، وارتباط أقوى مع الصناعة وسوق العمل، ومناهج تعليمية جديدة تستند إلى التكنولوجيات الجديدة. فالأفراد لا يحتاجون فقط إلى تعلم المهارات الضرورية لاستخدام التكنولوجيا، بل يحتاجون أيضاً لأن يتعلموا كيفية اكتساب المعرفة التي تؤهلهم لمواكبة أحدث المناهج والأنظمة والتكنولوجيات. وهم في حاجة إلى أن يكونوا مستعدين للدخول إلى بيئات/ مجالات خارجية والتفاعل معها، والتخلي عن أساليب العمل التقليدية/ القديمة.
تدرك الشركات تحديات مراجعة النظام التعليمي، وتركز جهودها بشكل متزايد على الارتقاء بمهارات قواها العاملة الحالية، حيث يعتبر المديرون التنفيذيون حول العالم أن إعادة تدريب موظفيهم وتطوير مهاراتهم بصورة مستمرة هو الحل الأساسي لسد فجوة المهارات الآخذة في الاتساع، وضمان توفر المهارات المناسبة لنمو شركاتهم في المستقبل. ويصحّ هذا بوجه خاص في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، حيث يفضل المديرون التنفيذيون إعادة تدريب القوى العاملة لديهم وتطوير مهاراتها على استقطاب موظفي الشركات المنافسة، أو تغيير التكوين الكلي للقوى العاملة(11).
توجد الكثير من المبادرات التي تقودها الصناعة، والتي تبيّن التزام الشركات بإعادة تدريب قواها العاملة الحالية وتطوير مهاراتها. فعلى سبيل المثال، أطلقت شركة آي بي إم أكاديميتها لتطوير المهارات التي تساعد الجامعات على سد الفجوة بين المناهج التعليمية وسوق العمل، وتحسين تعلم الطالب من خلال التدريب العملي على أحدث التكنولوجيات، والمساهمة في ربط الطلبة بسوق العمل(12). ومن خلال الشراكات مع الجامعات، يمكن للطلبة والمدرسين في المجالات المتصلة بتقنية المعلومات وغيرها، المشاركة في مسارات تدريبية متعددة تتراوح من الذكاء الاصطناعي إلى الحوسبة الكمية. ويتميّز كل مسار بعدد من الأهداف التعليمية الخاصة التي تركز على المهارات، وتستند إلى بحوث السوق، وتتماشى مع الوظائف التي يزداد عليها الطلب في السوق. ومن ناحية أخرى، تقدم أكاديمية سيسكو للشبكات عدداً كبيراً من برامج التعلم المجانية عبر الإنترنت لطلبة التخصصات الاجتماعية والاقتصادية(13)، تغطي مواضيع رئيسة مثل الشبكات والبرمجة وإنترنت الأشياء والأمن السيبراني وأنظمة التشغيل وريادة الأعمال.
إلى جانب ذلك، ظهر أخيراً مفهوم مهم، وهو مفهوم مصانع التعلم للثورة الصناعية الرابعة التي أطلقتها ولاية بادن فورتمبرج في ألمانيا، والتي تبين أهمية التعاون الوثيق بين الجهات العامة الإقليمية/ المحلية، وقادة الصناعة والمؤسسات التعليمية في توفير برامج تدريب مبتكرة ومستدامة(14). ومصانع التعلم هذه هي عبارة عن مختبرات تدعمها الحكومة في المدارس المهنية، وتعمل على تحقيق هدفين هما: (1) تعليم الطلاب وتدريب الموظفين من خلال تقديم فرص تدريب في وظائف واقعية؛ (2) العمل كمراكز بحثية لتجربة واختبار التكنولوجيات والأساليب الجديدة. وهي توفر مصدراً أساسياً لاستيحاء نماذج تعليمية جديدة تقدم مهارات فنية ورقمية في جميع مراحل الحياة المهنية للفرد.
ويجدر التنويه هنا أن جميع هذه الجهود الرامية إلى إعادة التدريب وتطوير المهارات المذكورة، تتوافق تماماً مع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي اعتُمدت في مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، في ريو دي جانيرو عام 2012 ، وتسهم مباشرة في تحقيقها، حيث تحتل المهارات موقعاً مركزياً في أجندة التنمية المستدامة 2030 (15) التي تتّخذ رفاه الناس وازدهارهم محوراً لها. فعلى سبيل المثال، يدعو الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة إلى ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة بشكل يوسع تركيز التعليم الأساسي، ليشمل مستويات وبرامج تتجاوز التعليم الإلزامي، ويغطي جميع الدول. وهو يضع أهدافاً لتحقيق التعليم الجيد في جميع مراحل الحياة، من مرحلة الطفولة المبكرة (الهدف 2- 4)، مروراً بالتعليم ما قبل الجامعي (الهدف 4-1)، وصولاً إلى التعليم التقني والتدريب المهني والتعليم الجامعي (الأهداف 3- 4 و 4- 4 و 6- 4). كما أنه يستهدف المساواة في فرص التعليم بين الجنسين والفئات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة والمناطق، بمن في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقات والشعوب الأصلية )الهدف 5- 4(. إضافة إلى ذلك، يدعو الهدف 4-7 إلى أن يكتسب الطلبة المعارف والمهارات اللازمة لدعم التنمية المستدامة، وحقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، والمواطنة العالمية، وبالتالي ربط التعليم بأهداف التنمية المستدامة الأوسع(16).
كما يدعو الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة إلى تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع. وبصورة أكثر تحديداً، ينص الهدف 5- 8 على تحقيق العمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق لجميع النساء والرجال، بمن في ذلك الشباب والأشخاص ذوو الإعاقة، وتكافؤ الأجر في حالة العمل المتكافئ القيمة، بحلول عام 2030 . ويدعو الهدف 6- 8 إلى الحد بدرجة كبيرة من نسبة الشباب غير الملتحقين بالعمل أو التعليم أو التدريب بحلول عام 2020 ، بينما ينص الهدف - 8ب على وضع وتفعيل استراتيجية عالمية لتشغيل الشباب، وتنفيذ الميثاق العالمي لتوفير فرص العمل الصادر عن منظمة العمل الدولية بحلول عام 2020 (17).
يعتمد تحقيق أهداف التنمية المستدامة اعتماداً كبيراً على كفاءات ومهارات ومعارف القوى العاملة التي تمثل عوامل التغيير النشطة في مجتمعها. ولذلك فإن إدماج المهارات والمعارف اللازمة للتنمية المستدامة ضمن برامج تطوير القيادات وغيرها من البرامج، بدلاً من اعتبار التنمية المستدامة مجال دراسة منفصلاً، هو أمر محوري للابتكار وحيوي لإيجاد قوى عاملة منتجة ومرنة(18). وهذا يدعم أيضاً تطوير مهارات مزدوجة بشكل يمكّن الأفراد من تطوير مجموعة واسعة من الكفاءات والمهارات.
*د. هاني تركي: مدير مشروع المعرفة التابع للأمم المتحدة ولمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة
1. World Economic Forum, 2015
2. World Economic Forum, 2019c
3. PricewaterhouseCoopers, 2017b
4. Autor, 2010
5. World Economic Forum, 2018b
6. Probst and Scharff, 2019
7. Organisation for Economic Co-operation and Development, 2019b
8. PricewaterhouseCoopers, 2019a
9. PricewaterhouseCoopers, 2018a
10. Burning Glass Technologies, 2018
11. Ibid
راجع .12 https://www-03.ibm.com/services/weblectures/dlv/Gate.wss?handler=Default&sequence=1&customer=meap&offering=meai&language=en&action=index from=top_navigation
راجع .13 https://www.netacad.com/.
راجع .14 https://www.i40-bw.de/de/lernfabriken-4-0/.
15. United Nations, 2015
16. United Nations, 2019a
17. United Nations, 2019b
18. Norman and Franz, 2018