عام الاستعداد للخمسين : الإمارات ترسخ بصمتها عالمياً
بات تخصيص كل عام في دولة الإمارات العربية المتحدة، بناءً على توجه حكومي اتحادي وشعبي، بمنزلة استنفار للعقول وتركيز للطاقات وحشد للجهود وشحذ للأفكار، التي تصب بنهاية المطاف في صالح المواطنين والمقيمين والزائرين للدولة على حد سواء، بإيجابية حكومية مميزة، من خال توزيع المهام بشكل عملي، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على كل الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية، فتبدع وتبتكر كل واحدة منها في مجال عملها واختصاصاتها ومهامها، وترفد كل عام الساحة الإماراتية بأفضل الأفكار وأبدع المشروعات وأميز الابتكارات التي تخاطب المستقبل.
مع انتهاء عام التسامح 2019 ، حدّدت القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العام التالي عاماً للاستعداد للخمسين سنة المقبلة، بإعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن 2020 سيكون «عام الاستعداد للخمسين »، بأكبر استراتيجية عمل وطنية من نوعها للاستعداد للسنوات الخمسين المقبلة على كافة مستويات الدولة الاتحادية والمحلية، والاستعداد أيضاً للاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات في 2021 ، بحيث يكرَّس العام المقبل لتهيئة العقول وتجهيز المؤسسات وتصميم الخطط لما ستكون عليه الإمارات وصورتها واقتصادها في الخمسين عاماً المقبلة، على أن تشارك كافة فئات الطيف المجتمعي الإماراتي من مواطنين ومقيمين وقطاع عام وخاص وأهلي في صياغة شكل الحياة المقبلة.
لجنتان للخمسين واليوبيل الذهبي
وبدأ هذا الحدث المهم بالتبلور رسمياً، مع توجيه سموهما بتشكيل لجنتين تتبعان مجلس الوزراء؛ لجنة لوضع الخطة التنموية الشاملة للخمسين عاماً المقبلة برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ومعالي محمد عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل نائباً له، ولجنة أخرى للإشراف على فعاليات الاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وسمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان نائباً له.
وتشمل مهام اللجنة الأولى، وضع تصور كامل للخطة التنموية الشاملة لدولة الإمارات، والعمل على تطوير منظومة العمل الحكومي بشكل كامل لتكون حكومة الإمارات الأسرع والأكثر مرونة والأكثر قدرة على التكيف مع متغيرات المستقبل، وإشراك كافة الفئات المجتمعية في صياغة شكل الحياة في الإمارات خلال الخمسين عاماً المقبلة. كما تشمل مهام اللجنة وضع الخريطة الاقتصادية الجديدة للدولة، وتطوير مشاريع وسياسات اقتصادية استثنائية، لتحقيق قفزات نوعية وكبيرة في الاقتصاد الوطني، إلى جانب ترسيخ القوة الناعمة لدولة الإمارات والعمل على تطوير المنظومة الإعلامية للدولة، ونقل قصة الإمارات الجديدة للعالم بما يحقق عوائد اقتصادية واجتماعية لها، ويحمي مكتسباتها ويعزز فرصها في الاقتصاد الجديد.
ومن مهام اللجنة أيضاً، العمل على تطوير كافة القطاعات الأساسية في الدولة وتجهيزها للمستقبل، إضافة إلى وضع تصور متكامل للمجتمع الإماراتي خلال الخمسين عاماً المقبلة من النواحي الديموغرافية والأسرية وهويته الثقافية في عالم سريع التغيرات.
وتضم المهام كذلك وضع منظومة جديدة لترسيخ البصمة العالمية للإمارات، ولا سيما في القطاعات الإنسانية والبيئية وعمل المنظمات الدولية، وتصميم وترسيخ منظومة القيم الحضارية والإنتاجية في الأجيال الجديدة بما يهيئها للخمسين عاماً المقبلة وما تحمله من تحديات وطموحات عظيمة لدولة الإمارات.
في حين تعمل اللجنة الثانية، على إدارة فعاليات الاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات والعمل على إعداد خطة شاملة للاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات في 2021 وتشكيل فرق عمل لتنفيذ هذه الخطة، بإشراك كافة فئات المجتمع، ووضع خطط لتعزيز الأثر الدولي لاحتفالات الدولة بيوبيلها الذهبي في كافة المحافل العالمية. ومن مهام اللجنة أيضاً وضع خريطة لمخزون الإنجازات في دولة الإمارات منذ تأسيسها والعمل على حفظ هذا المخزون للأجيال القادمة، وإشراك سفارات الدولة في كافة دول العالم في التحضير والإعداد والتنفيذ لاحتفالات اليوبيل الذهبي بما يعزز صورة الإمارات العالمية، ووضع آليات متكاملة لتنسيق فعاليات احتفالات اليوبيل الذهبي على المستوى الاتحادي ومستوى الإمارات المحلية، ووضع خطط إعلامية محلية وعالمية لسرد مسيرة الإمارات في الخمسين عاماً الماضية، وإشراك وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية في احتفالات اليوبيل الذهبي للدولة.
بناء عصري
وكما عودتنا القيادة الرشيدة، فإن إنجاز المهام هو اللغة الأكثر استخداماً بعد إطلاق إشارة البدء بتنفيذ الخطط والاستراتيجيات، بما يجسد حقيقة ثابتة بأن الإمارات كانت دائماً وأبداً دولة الأفعال الإيجابية والإنجازات الملموسة على أرض الواقع، والتي تقاس بلغة الأرقام. إن طموحات دولة الإمارات للخمسين عاماً القادمة، تستند إلى تارخ ناصع وإرث إبداعي في إدارة حكومية فريدة بتميزها، وإنجاز لافت على المستويات كافة، في ظل بنية تحتية متكاملة وعصرية، ورؤية استراتيجية ثاقبة وطموحة، لا تعرف الكلل ولا الملل منذ عهد الآباء المؤسسين، طيب الله ثراهم، الذين كان لهم الفضل بقيام دولة الاتحاد.
البناء المؤسسي العصري والحديث للدولة الاتحادية في الإمارات، ورأس المال المبتكر، ممثلاً بالكوادر الوطنية المؤهلة والمبدعة، إضافة إلى استثمار الخبرات المتراكمة على مر الأعوام الماضية، توفر بعد صهرها في بوتقة واحدة رصيداً للتخطيط السليم ووضع الاستراتيجيات الصحيحة ثم التنفيذ الممتاز. كل هذه العناصر المتكاملة تدفع مجتمعة مختلف القطاعات بالدولة على إعداد استراتيجية فعالة للغاية للمرحلة المقبلة، مستفيدة من توجه الإمارات المتصاعد نحو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، والاعتماد عليهما في كل مجالات الحياة، وتشجيع نهج الابتكار واستقطاب الطاقات الإبداعية المتميزة، وتوفير بيئة إبداعية للشركات والمؤسسات العاملة في مجال استثمارات المستقبل، القائمة على المعرفة والمعلوماتية.
إن ميزة «عام الاستعداد للخمسين » أنه يتعامل مع أفق زمني طويل يمتد لخمسين عاماً مقبلة، ما يتطلب خيالاً إبداعياً مميزاً لتصميم الحياة والمستقبل في دولة الإمارات، بما يراعي أفق الأجيال القادمة ويحقق طموحاتها والتحديات التي تتوافق مع السنوات المقبلة.
طموحات بلا سقف
لقد وضعت القيادة الرشيدة للدولة، منذ أعوام مضت، هذه الطموحات والتحديات ضمن أولوياتها، من خلال الوعي بالمستقبل القريب والبعيد، والتركيز على التنمية الاستدامة، وعلى اقتصاد ما بعد مرحلة النفط، وعلى الذكاء الاصطناعي والابتكار والاستثمار في المعرفة واستكشاف الفضاء. إن مؤشرات النمو والازدهار الراسخة بالإمارات تبعث رسائل مبشرة بالنهوض والتفوق، وعندما تكون عبارات النجاح والثقة بالذات هي السائدة على لسان القيادة الرشيدة، فإن ذلك ينعكس إيجاباً على الوطن، ويحفز الشعب على الإنتاج والعطاء، والثقة التي تتبلور في الخطاب الرسمي لقيادة الإمارات تنبع من تجارب ناجحة تم اكتشاف أسرارها المتمثلة بالولاء والإخلاص وحب الإنجاز. وبتدشين القيادة الإماراتية مبادرة «عام الاستعداد للخمسين »، تتجدد الطموحات وتتحفز الطاقات لصنع مستقبل مشرق، يواكب الخطط التي تقوم على قهر المستحيل، بما يلبي تطلعات الأجيال القادمة. والإمارات إذ تدخل العام 2020 ، بخطى ثابتة وواثقة، تعزز ريادتها ومكانتها على خريطة الدول المتقدمة، مرتكزة في ذلك على إنجازاتها التي لا تعد ولا تحصى، خلال العام المنصرم، وما سبقه من سنوات، لتمضي برؤية قيادتها المبدعة نحو مرحلة جديدة من مسيرتها التنموية الشاملة والملهمة، تعبر من خلالها إلى مستقبل واعد، يؤمن حياة أجود للأجيال الحالية والمقبلة، برؤية شاملة تربط الماضي بالحاضر والمستقبل.
تركز الإمارات على المضي قدم في
صناعة المستقبل والاستثمار فيه،
بمشروع نهضوي حضاري يستهدف
تعظيم مكتسباتها التنموية والحضارية،
خال الخمسين عام المقبلة.
ما يميز الإمارات ويقف وراء نجاحاتها المختلفة هو إيمانها القوي بالعلم والتخطيط والتميز والطموح، باعتبارها تشكل أسس الانتقال الناجح للمستقبل، ولهذا فإنها منذ نشأتها في عام 1971 ، كانت تنظر دائماً للمستقبل وتعمل من أجله والاستثمار فيه، فالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وإخوانه حكام الإمارات، طيب الله ثراهم، وضعوا الأسس والقواعد التي ضمنت لدولة الاتحاد النمو والازدهار الذاتي، وجعلوا منها تجربة وحدوية يحتذى بها في البناء والتنمية وصناعة المستقبل، وتواصل الإمارات في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، نهج الآباء المؤسسين في التنمية واستشراف المستقبل، وتعمل على ترسيخه، حتى شكلت نموذجاً ملهماً للدول الرائدة في صناعة المستقبل والاستثمار فيه، من خلال خطط واستراتيجيات واضحة ومحدَّدة الأهداف؛ فحينما أعلنت عام 2010 عن «رؤية »2021 ، فإنها كانت تستهدف أن تكون ضمن أفضل دول العالم بحلول اليوبيل الذهبي للاتحاد في عام 2021 ، وبالفعل أنجزت الإمارات كل أهداف هذه الرؤية، بل وتجاوزتها بحصولها على المركز الأول في عشرات المؤشرات الدولية التي تقيس مستوى التطور والتنمية في دول العالم، متفوقة بذلك على دول متقدمة في هذا المجال، وحينما أعلنت عام 2017 عن «مئوية »2071 ، فإنها تؤكد أن طموحها بلا سقف.
تعزيز المكتسبات
كل الدلائل والوقائع تشير إلى أن دولة الإمارات ترسخ يوماً بعد آخر مكانتها المرموقة كنموذج اقتصادي وتنموي وسياسي فريد، ولا تلتفت إلى من يحاول النيل منها والتشكيك بإنجازاتها، وتركز على المضي قدماً في صناعة المستقبل والاستثمار فيه، بمشروع نهضوي حضاري يستهدف تعظيم مكتسباتها التنموية والحضارية، خلال الخمسين عاماً المقبلة، ولذا فإنها تمثل دوماً شعاعاً مشرقاً في عالمنا العربي، وتقدم للآخرين الوصفة المضمونة للنجاح في البناء والتطور والإنجاز والتميز؛ لأن الله عز وجل حباها بقيادة رشيدة تتمتع برؤية استراتيجية طموحة، تدرك مكانة الإمارات وتعمل على إعلاء شأنها بين أمم الأرض قاطبة، في ظل بيت متوحد، وشعب متماسك يسعى دائماً إلى الاجتهاد في العمل، لتحقيق ريادة الإمارات وترسيخ تفوقها وتميزها، عربياً وإقليمياً ودولياً.