توليد الكهرباء في أقسى المناخات
ربما تستخدم الطاقة الشمسية أكثر في مواجهة معدلات الحرارة العالية في الصيف الشرق أوسطي، لكن الخبراء في «مصدر» يؤكدون أنهم قادرون على تسخير طاقة الشمس في ظروف الطقس الباردة.
عندما تسمع مصطلح الطاقة الشمسية، ربما يخطر في ذهنك الحرارة الحارقة في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك الشمس التي تضرب أشعتها ألواح الطاقة الشمسية المثبتة في صحراء دولة الإمارات العربية المتحدة. وبالطبع، مع استمرار الخبراء على امتداد دولة الإمارات في العمل على زيادة الموارد التي يمكن الحصول عليها من مناخ المنطقة، فإنك لن تكون مخطئاً تماماً. ومع ذلك، يبدو أن العمل على إيجاد الحلول بشأن ظروف الطقس القاسية في صيف الإمارات له فوائد أكثر مما نتصور. إذ عمل خبراء من شركة «مصدر » للطاقة المستقبلية النظيفة في أبوظبي، مع شعبة أنتاركتيكا الأسترالية ( ADD ) على تركيب أول نظام ألواح شمسية في محطة أبحاث أسترالية في القارة القطبية الجنوبية «أنتاركتيكا».
ويهدف هذا المشروع إلى تقليل الاعتماد على وقود الديزل الذي يُنقل إلى محطة كايسي للأبحاث سنوياً بواسطة كاسحة الجليد «أورورا أوستراليس » التابعة لشعبة أنتاركتيكا الأسترالية في رحلة تقطع مسافة تصل إلى 3443 كيلومتراً من مدينة هوبارت، تسمانيا. ويأمل الباحثون في أن يوفّر تركيب المحطة الجديدة ما يصل إلى 30 ألف كيلو واط من الطاقة الكهربائية سنوياً. ولدى نجاحه، سيوفر المشروع 10 % تقريباً من الطاقة الكهربائية اللازمة سنوياً لتشغيل المحطة الواقعة في خليج فينسينز، في جزر ويندميل خارج الدائرة القطبية الجنوبية. يقول محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»: بالنظر إلى أن (مصدر) شركة عالمية رائدة في مجال الطاقة المتجددة، يسعدنا التعاون مع شعبة أنتاركتيكا الأسترالية ». ويؤكد أنها «لحظة مهمة تدعو للشعور بالفخر حين ترى الفريق يسهم في نقل الخبرة الطويلة في مجال الطاقة النظيفة من المناطق الحارة في دولة الإمارات إلى القارة القطبية الجنوبية. ونسعى جاهدين لتطوير حلول عملية لتوفير الطاقة، ودعم البحوث المتعلقة بتغير المناخ وحماية البيئة بما يتماشى مع معاهدة القارة القطبية الجنوبية».
في جزء من التعاون بين «مصدر » وشعبة أنتاركتيكا الأسترالية، من المأمول أن ينتج عن العلاقة بين الهيئتين أيضاً بناء نظام إدارة للطاقة ورعاية مشروع بحثي لجامعة خليفة لتطوير رصد التغيرات في المحيط المتجمد الجنوبي. ومن المأمول أيضاً أن يمكّن المشروع الخبراء الإماراتيين الشباب من زيارة محطة كايسي كباحثين مقيمين، ما يفتح فرصاً جديدة للتعلم ومعرفة المزيد عن تحديات تسخير طاقة الشمس في المناطق ذات الأجواء الأصعب على سطح الأرض. هذه التحديات، وفقاً لدورين ماكوردي، مشرف الخدمات الهندسية في محطة كايسي للأبحاث، لا يمكن تجاهلها على الإطلاق. وتقول إن فريقها المكون من ستة أشخاص واجه ظروفاً صعبة في تركيب الألواح الشمسية المطلوبة، بدرجات حرارة تصل إلى سبع درجات مئوية تحت الصفر، ناهيك عن بعض العواصف الثلجية.
تتابع ماكوردي: «كان البرد تحدياً كبيراً، إذ إن الأقواس والبراغي صغيرة للغاية إلى درجة عدم القدرة على تركيبها في وجود القفازات، لذلك كان علينا تدفئة أيدينا للمحافظة عليها قابلة للحركة. وفي الأيام العاصفة، كان علينا التركيز على التركيب الداخلي، لأن منصة العمل التي نستخدمها في الخارج لا تعمل إذا كانت الرياح بسرعة تتجاوز 15 عقدة. وعند وضع كل القضبان والأقواس، كان بمقدورنا تركيب حوالي 15 لوحاً يومياً ». تم توفير الألواح الشمسية الكهروضوئية من شركة «أليو سولار » الألمانية، وهي مبنية، بحسب كلام الفريق، لتتحمل الظروف الجوية القاسية. وفي الواقع، ففي القارة القطبية الجنوبية، القارة الأكثر برودة على الأرض، تصل سرعة الرياح إلى 300 كيلومتر في الساعة، وتتراوح درجة الحرارة بين 10 درجات مئوية و 60 مئوية، وفقاً لتلك الفترة من السنة.
وبهذا النحو، أجريت عمليات محاكاة واسعة من قبل «مصدر » والفريق الفني في محطة كايسي لضمان أن يكون التصميم قادراً على تحمل الظروف الجوية القاسية. يقول كيم إليس، المدير في شعبة أنتاركتيكا الأسترالية إنه في نهاية الأمر تم التوصل لقرار تركيب الألواح عمودياً بغية ضمان الحصول على أقصى ما يمكن من الطاقة الشمسية، مع الحفاظ على ثباتها في الرياح وسهولة الوصول إليها لتنفيذ أعمال الإصلاح والصيانة. ومن المأمول أن تزيد المشروعات الإضافية من استخدام المحطة للطاقة المتجددة.
يقول إليس عن المبادرة الجديدة إنها «ستقلل من اعتماد محطة كايسي على محركات الديزل للحصول على الطاقة الكهربائية، مما سيخفض تكاليف الوقود والانبعاثات. كما أنها ستعزز قدرة المحطة في فترات ذروة الطلب ». ويتابع «عندما نرى كيفية أدائها كجزء من شبكة الكهرباء في المحطة، سيكون بمقدورنا التفكير بشأن كيف يمكن للتكنولوجيا أن تعطينا المزيد في المستقبل».
حقائق عن الطاقة الشمسية
منذ عام 2016 ، تم الإقرار بأن الطاقة الشمسية مصدر الطاقة الأكثر وفرة والأرخص ثمناً على الأرض. وفي الواقع، يعتقد أن هناك كمية متاحة تقدر ب 89 بيتاواط من الإنتاج الممكن للطاقة الشمسية على الأرض.
الطاقة الشمسية هي أيضاً أسرع موارد الطاقة نمواً في العالم.
لا ينضوي إنتاج الطاقة الشمسية واستخدامها على مخاطر، ما دفع الخبراء للإشادة بها باعتبارها أكثر مصادر الطاقة المتجددة المتوفرة أمناً لتوليد الطاقة.
حققت مستويات كفاءة الطاقة الشمسية ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة بسبب الإنفاق العلمي المتزايد على التنمية. واليوم، حتى الألواح الشمسية المنزلية التي في المتناول يمكنها تحقيق مستويات كفاءة تتجاوز 20 %.
مثلما أظهر الطيار السويسري برتران بيكارد بعد إقلاعه من مطار أبوظبي عام 2016 ، فقد أصبح اليوم ممكناً الطيران حول العالم بالطاقة الشمسية وحدها.
يمكن للطاقة الشمسية توفير الطاقة الكهربائية 24 ساعة في اليوم ل 7 أيام في الأسبوع على عكس المخاوف المتعلقة بأنها تعمل فقط في ساعات النهار، وهذا بفضل التطورات الجديدة التي أدّت إلى انخفاض كلفة تخزين الطاقة الشمسية في السنوات الأخيرة .
تعدّ الطاقة الشمسية مناسبة للمناطق النائية التي لا يتوفر فيها وصول لشبكات الطاقة، وهذه المناطق تضمّ ما يقارب مليار نسمة من سكان العالم.