التأثير المضاعف لمحو الأمية
تتعامل مبادرة اليونسكو مع مؤسسة «بيرسون » لمحو الأمية بخصوص الكيفية التي يمكن فيها للحلول الرقمية مساعدة الأشخاص قليلي المهارات والتعليم على استعمال التكنولوجيا بالطريقة التي تدعم تنمية المهارات، وفي النهاية تحسين سبل العيش.
أياً تكن الوسيلة التي تقرأ من خلالها هذه السطور؛ مجلة، جهاز لوحي أو لاب توب، فربما تكون معذوراً إذا ما قرأت هذه الكلمات باعتيادية من دون التفكير ملياً على اعتبار أن قراءتها أمر عادي وبديهي. تبدو فوائد معرفة القراءة والكتابة، لكثير منا، في غاية الوضوح- الفرص المتزايدة في الحياة، والنمو الاقتصادي، والتطور، والتنوع الثقافي وغيرها- إلى درجة أننا لا نقدّر أهميتها حق قدرها. وبالتالي فمن غير المعقول أنه في العالم الذي نستطيع فيه تعقب موجات الجاذبية التي تمكن العلماء، من الناحية النظرية، من بناء آلة زمنية للسفر رجوعاً في الزمن، وإنتاج أعضاء جسدية آلية والتقاط صور لثقب أسود حقيقي، تقدر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة )اليونسكو( أن هناك 758 مليون نسمة من الكبار حول العالم - وهذا يمثل عُشر تعداد سكان العالم - لا يستطيعون القراءة. بالنسبة لليونسكو، تتصدر مسألة محو الأمية اهتمامها وعملها عالمياً منذ عام 1946 . وتعلن أن «تعليم وتحسين المهارات الأساسية للقراءة والكتابة مدى الحياة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الحق في التعليم. ويفضي )التأثير المضاعف( لمحو الأمية إلى تمكين الناس وتزويدهم بالقدرة على المشاركة بشكل كامل في المجتمع، فضلاً عن أنه يسهم في تحسين سبل الحياة .» وبهذا، تهدف مبادرة مشروع محو الأمية الذي أطلقته مؤسسة «بيرسون » العالمية للتعليم الرقمي إلى القضاء على الأمية بحلول عام 2030 ، وتشير إلى حقيقة أن الكُلفة العالمية للأمية تتفاقم، وأن التقديرات الحالية التي تبلغ 1.19 تريليون دولار قد لا تكون سوى «قمة جبل الجليد». يقول دان واغنر، رئيس كرسي اليونسكو لمحو الأمية وتعليم الكبار: «يعدّ محو الأمية عنصراً رئيساً في تحقيق أهداف منظمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. فمن دون القراءة، سيكون كلّ من الأهداف ال 17 محدوداً بعجز المواطنين عن المعرفة الوافية بالقضايا الرئيسة، وأقلّ قدرة على القيام بالفعل. ثمة حجج قوية تفيد بأن معالجة الأمية وضعف المهارات القرائية على أنها مشكلة اجتماعية (تأسيسية) من شأنها أن تزيد المخصصات الاقتصادية الموجهة لمعالجة كل قضية على حدة»
في عالم اليوم الرقمي، يظهر شبح الأمية بشكل حديث وأكثر مراوغة. فوفقاً لليونسكو، إضافة للتحديات الموجودة في العالم، فإن أمام الأميين «صعوبات في المشاركة بالنظم الرقمية والوصول للخدمات التي بإمكانها تحسين سبل العيش وتوسيع فرص التعلم .» ربما يكون العصر الرقمي قد حرر الكثيرين ووفر أساساً يمكن للأفراد فيه تحقيق أهدافهم، لكن من دون المهارات الأساسية للقراءة ومهارات الحساب، يصبح الإلمام المعرفي بالمهارات الرقمية حلماً صعب المنال لشرائح واسعة من سكان العالم. ولا ينحصر هذا في البلدان التي ينظر إليها تقليدياً على أنها متخلفة حيث يلاحظ فيها بوضوح غياب المعرفة الرقمية. بل إن اليونسكو تشير إلى حقيقة أن في أوروبا، يفتقد 20 % من الكبار لمهارات المعرفة الرقمية التي يحتاجون إليها لإنجاز مهامهم على أكمل وجه في المجتمع الحديث. ولهذا السبب، في 2016 ، عقدت اليونسكو شراكة مع «بيرسون» - كجزء من مبادرة مشروع محو الأمية - سالف الذكر، لنشر الأبحاث والحملة الدعائية ل «مبادرة يونسكو بيرسون لمحو الأمية: تحسين سبل العيش في العالم الرقمي».
وفقاً لليونسكو، تهدف المبادرة للإجابة عن المسائل التالية: «كيف يمكن تحسين الحلول التكنولوجية عدا التعليم كي تكون أكثر شمولاً ويُسراً وقابلية للتطبيق فيما يخص الشباب والكبار ذوي المهارات المحدودة والمستوى العلمي المتدني، ومن يعجزون عن القراءة أو الكتابة؟ وكيف يمكن للحلول الرقمية توفير مدخل لهذه المجموعة من الناس إلى الاقتصادات الرقمية بشكل أفضل، ومساعدتهم في هذه العملية على تعزيز تنمية مهاراتهم؟ وما العوائق التي ينبغي تذليلها لاكتساب مهارات القراءة والكتابة بشكل أفضل؟».
في ضوء ذلك، لا ينبغي أن يكون ضعف المهارات القرائية عائقاً أمام الاندماج الرقمي. تقول اليونسكو إنه «يمكن للحلول الرقمية المصممة بعناية أن تساعد الناس على الانتقال في الفضاءات الرقمية والإفادة من التطبيقات المرتبطة بها».
طورت اليونسكو و «بيرسون » مجموعة من الإرشادات التي يمكن أن تتيح للمبتكرين والمهتمين بالشأن الرقمي تطوير حلول رقمية أكثر شمولاً. تذكر اليونسكو: «إن إنشاء نقاط دخول رقمية للأشخاص ذوي المهارات المحدودة في القراءة والكتابة ومهارات رقمية محدودة يخلق دورة حميدة تسرع التعلم والتطوير، ما يمكّن الأفراد ويقوّي المجتمعات».
منذ إطلاق المبادرة، تم النظر في مجموعة من دراسات الحالة ) 14 في المجمل( وتمت دراسة الوسائل التي يمكن فيها للإدماج الرقمي التخفيف من أثر العديد من المشكلات سابقة الذكر. تقول اليونسكو: «تعمل دراسات الحالة كمدخلات في توجيهات اليونسكو القادمة التي تستهدف مقدمي الحلول الرقمية، ووكالات التنفيذ والجهات المانحة والشركاء في التنمية والحكومات حول كيفية الوصول لحلول إدماج رقمية تطور مهارات المستخدمين وتحسن سبل عيشهم في القرن الحادي والعشرين ».
تشمل دراسات الحالة هذه تطبيقاً لتحسين الممارسات الزراعية في أوغندا، وموقع تسجيل على الإنترنت للاجئين السوريين في تركيا، وخدمة الرسائل النصية حول صحة الأم في الهند. وأهم ما في المحتوى أنه يجب تطويره ليكون قابلاً للاستخدام من قبل الأشخاص الذين كانوا مستبعدين من قبل. «يسعى المستخدمون الذين يطورون المهارات الرقمية إلى حلول رقمية تمكينية جديدة ويعلمون الآخرين كيفية استخدام التقنية، ما يخلق تأثيراً مضاعفاً يدفع لمزيد من الفهم ،» بحسب ما تذكر اليونسكو.
«يمثل محو الأمية الخطوة الأولى نحو
الحرية والتحرر من القيود الاجتماعية
والاقتصادية. وهو شرط لا بد منه
لتحقيق التنمية الفردية والجماعية
على حد سواء. ويتيح محو الأمية
الحدّ من الفقر، والحدّ من أوجه
انعدام المساواة، وينشئ حالة من
الرخاء، ويسهم في القضاء على
مشكلات التغذية والصحة العامة ».
أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو
«تظهر هذه الإرشادات كيف يعزز التركيز على الإدماج الرقمي تطوير المعرفة القرائية ل 750 مليون نسمة من الكبار العاجزين حالياً عن القراءة والكتابة. كما أنها تحمل إمكانية تحسين سبل العيش من خلال تعزيز تطوير بوابات دخول رقمية سهلة الوصول والاستخدام لتنمية المهارات والمعلومات» .
في سبتمبر الماضي، خلال الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية، تحدثت أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو بشغف عن أهمية تعلم القراءة. قالت: «يمثل محو الأمية الخطوة الأولى نحو الحرية والتحرر من القيود الاجتماعية والاقتصادية. وهو شرط لا بد منه لتحقيق التنمية الفردية والجماعية على حد سواء. ويتيح محو الأمية الحد من الفقر، والحد من أوجه انعدام المساواة، وينشئ حالة من الرخاء، ويسهم في القضاء على مشكلات التغذية والصحة العامة ». ومن هنا فإن مبادرة منظمتها المشتركة مع )بيرسون( تعدّ خطوة ضرورية - وفي وقتها - لتحقيق هذه الأهداف الجليلة.
حلول رقمية
تدعو الإرشادات التوجيهية ل «يونسكو » و «بيرسون » للحلول الرقمية التي:
تقدم خدمات هادفة تدعم تنمية المهارات الرقمية والقرائية.
تحقق فهماً أفضل وحلولاً رقمية للأشخاص ذوي المهارات القرائية المحدودة عبر أخذ احتياجاتهم وطموحاتهم بعين الاعتبار.
إنشاء المزيد من المحتوى التشاركيّ بواجهات قابلة للاستخدام.
ضمان دعم الاستخدام الشامل لبيئات التنفيذ، إضافة إلى التكنولوجيا والمحتوى.
رصد وقياس وتطوير الحلول بشكل منتظم ومتكرر.