مجيب جيهون..كاتب ذهبي في العصر الرقمي
يدعو في أعماله إلى تمكين المرأة ووقف الحروب
مجيب جيهون كاتب هندي مقيم في الإمارات العربية المتحدة. يمتد شغفه إلى أبعد من عالم العادات. يحاول إلهام قرائه عبر رحلاته في ثقافات العالم، وروحانيات العشق واكتشاف الذات. يعشق جيهون السفر إلى مهد الحضارات القديمة في أجزاء مختلفة من العالم، ويستمدّ منها ما يحث على التكاتف والتسامح البشري، مؤكداً في كتاباته أهمية الاحتفاء بالتنوع، وأهمية إرساء السام العالمي، معارضاً الحروب بكافة أشكالها.
يتسم بنشاط كبير في تمكين المرأة وتعزيز قطاع التعليم من خال مشاركاته في المؤتمرات والفعاليات. له العديد من الكتب المنشورة باللغة الإنجليزية من أبرزها: «مهمة نظام الدين « ،(2010) » شعارات الحكيم » (2017)، و «الأمهات والشهداء (2017)»، و «النسيم البارد من الهند ( 2018)»، وغيرها. أجرت "ومضات" حواراً معه حول رحلاته وعوالمه الأدبية والشعرية، فكان التالي:
* في عنوان كتابك الأخير «النسيم البارد من الهند»، استخدمت كلمة "الهند" باللغة العربية. ماذا تقصد بهذا الاستخدام؟ ماذا كان هدفك أو رسالتك؟
أولاً، يشير العنوان الكامل إلى قول منسوب إلى الرسول الكريم. ثانياً، اسم الهند هو في حد ذاته الشكل الإنجليزي للكلمة الأصلية «هند » أو «السند »، التي يستخدمها العرب والأوروبيون للإشارة إلى المنطقة التي يسكنها أشخاص خارج نهر السند. وبالتالي، فإن الهند مدينة للعالم العربي لاسمها ذاته.
إلى جانب ذلك، كانت «الهند » معروفة شعبياً في جميع أنحاء العالم العربي، حتى قبل الإسام. ذكر المؤرخون أن الخشب الهندي كان يستخدم في إعادة بناء الكعبة، كما أن زي رقصة «كاثكالي » الشعبية في ولاية كيرلا متأثر ببعض الأزياء التراثية في العالم العربي. ويمكنني أن أضيف أن تاريخ وثقافة واقتصاد ولاية كيرلا في جنوب الهند شهد تأثراً كبيراً بالعالم العربي. لقد كنت مراقباً شغوفاً للعلاقات الهندية العربية، لدرجة أنني سميت ابني الثاني، مهنّد، وهو يعني السيف اللامع الذي اشتهرت الهند بصناعته، وهو تشبيه استخدمه الصحابي حسان بن ثابت لوصف الرسول صلى الله عليه وسلم (يلوح كما لاح الصقيل المهند).
يقدّم كتاب «النسيم البارد من الهند: خطاب روحيّ عن الأصالة الهندية » وليمة روحية من الاستعارات والصور. يعتمد الكتاب بشدة على الأشخاص والأماكن والأحداث التاريخية في ولاية كيرلا. ويمكنني القول بأنه كجزء من النزعة اليمينية المتطرفة الصاعدة في جميع أنحاء العالم، تشهد الهند أيضاً طفرة في الثقافة أحادية الأغلبية التي تضر بروح النسيج التعددي والعلماني في الهند. فقد واجهت الأقليات في الباد هجمات غير مسبوقة من التعصب والإقصاء.
يحتفي كتابي بالهند كماذ متعدد الثقافات للتنوع والتسامح، معتمداً فيه على سرد روحي يذكرنا بالصوفية في العصور الوسطى. والقصة كلها تروى في الخلفية الثقافية العربية لإمارة الشارقة، حيث عشت طوال حياتي.
* ما هي أهم الموضوعات التي تتناولها في قصائدك؟ هل تلتزم بصيغة شعرية معينة في كل ديوان؟
- كثيراً ما أكتب قصائد عن الحب الرومانسي والإلهي. بشكل صريح، لا يمكنني التفكير في «حب » غير مستوحىً من الإله، سواء كان ذلك بين العشاق أو الوالدين والطفل أو بين معلم وتلميذ؛ لأنني أعتقد أن الكائن البشري هو كائن روحي بشكل أساسي، على عكس المخلوقات الأخرى في الكون. على الرغم من أن الشعر هو فورة شخصية للمشاعر الذاتية، إلا أن هناك بعض القضايا المعاصرة التي تثير غرائزي الشعرية وتكون محفزاً لقصائدي مثل الحروب والصراعات، عدم المساواة بين الجنسين، اضطهاد الضعفاء، إضفاء الطابع الشعبي على الإيمان. للتسهيل على القراء، صنَّفت دواويني في موقعي الإلكتروني ( www.jaihoon.com)، إلى صوفية أو مستقلة أو رومانسية. مجموعاتي الشعرية مرتبطة بالطبيعة في عمومها، وكانت مواضيع مثل العلاقة الروحية والحرب والمرأة والحب النبوي تغلب على قصائدي السابقة.
* تقول في موقعك الإلكتروني إنك مسافر لا يعرف الكلل ومستكشف من دون نهاية. ما الذي تستفيده من رحلاتك وتمنحه لقرائك؟
- السفر فضيلة. وأجد أن السكون، بالتالي، خطيئة. لطالما كنت مؤمناً كثيراً بفلسفة الترحال هذه. تُمكّننا الرحات من الحصول على رؤية جديدة تماماً، وتعزّز إيماننا، وفي بعض الأحيان، تصحّح بعض مفاهيمنا الخاطئة. لأسباب شعرية، أجد أن السفر إلى الأماكن التاريخية والبدوية أكثر إثارة من الأماكن السياحية التقليدية. يعدّ الاطاع على تنوع الظروف المعيشية البشرية أكبر فائدة يمكن أن نجنيها من السفر، يسهل السفر أيضاً مقابلة شخصيات مثيرة للاهتمام. أحاول غالباً مشاركة تجاربي بشكل مكتوب ومصوّر مع القراء عبر موقعي الإلكتروني. في بعض الأحيان، تتحوّل ملاحظاتي إلى كتب )معظمها بناءً على طلب القراء( على سبيل المثال، كتابي "مهمة نظام الدين" القائم على تغريداتي خال رحلة عبر شمال الهند والذي تم الترحيب به باعتباره الأول من نوعه في العالم.
* صنّفتك مطبوعة هندية ضمن «المحاربين الذهبيين »؟ ما سبب هذا التصنيف؟
- قدّمت المطبوعة العديد من الشخصيات الوطنية والدولية من بينهم السياسي والكاتب براكاش ياشوانت أمبيدكار، حفيد المهندس الرئيس لدستور الهند. وكان من بين المشاركين أيضاً الناشطة الاجتماعية الهندية التي تعمل في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية الحاسمة ميدها باتكار، وكذلك نيك أوت المصور الفيتنامي الأميركي الذي يعمل لصالح وكالة أسوشيتيد بريس. ربما تم ترشيحي إلى القائمة بسبب نشاطي في حقل التنمية الشخصية وتمكين المجتمع.
* تركز في مشاركاتك خال المؤتمرات حول تمكين المرأة والتعليم؟ لماذا يجذبك هذان الحقان أكثر من غيرهما؟
- النساء هن مرشدات الأجيال الحالية والمستقبلية. تعليم المرأة وتمكينها ضروريان لبناء مجتمع صحي، وبالتالي أمة مزدهرة. الإمارات مثال ساطع وحديث على هذا النموذج الناجح؛ وتعد الجامعات التعليمية فيها أرضاً خصبة للمفكرين وقادة الغد. أحياناً أشارك بعض أفكاري لاستدعاء التفكير النقدي والعمل الإبداعي.
* كيف تجد الترجمة بين الهندية والعربية في الإمارات؟ هل لديك مقترحات ثقافية محددة بشكل عام لتحسين العلاقة بين الثقافة العربية والهندية؟
- أعتقد أنه لا يمكن أن تنقل الترجمات روح الثقافة الأصلية بالكامل. ومع ذلك، وكما أظهر التاريخ الأدبي، فإن الترجمات كانت مفيدة في خلق آداب عالمية. العلاقة بين الهند والإمارات العربية المتحدة اقتصادية بطبيعتها. ومع ذلك، هناك جوانب أخرى، تكتسب زخماً. على الرغم من أن دولة الإمارات العربية المتحدة مرتبطة بشكل جميل باللغة العربية الرائعة، إلا أن الهند هي موطن لعدة لغات ولهجات. في الآونة الأخيرة، كان هناك العديد من الكتب التي تعكس التبادل الفكري المستمر بين البلدين. أقترح أن يعقد البلدان أيضاً جلسات مشتركة لمناقشة الأدب والثقافة. تتمثل الاستراتيجية الأخرى للتبادل الثقافي في إقامة الفعاليات الثقافية المشتركة. كما ستصبح برامج تبادل الطاب حافزاً آخر في هذا الاتجاه.
هناك إرث إماراتي كبير يمكن مشاركته مع العالم، إلى جانب معجزاتها الاقتصادية المزدهرة. أجد أن التسامح والأمن هما أعظم النعم لهذا البلد المدهش. مع وجود أكثر من 200 جنسية من ديانات مختلفة تعيش بسام في دولة واحدة، تعد الإمارات أيقونة عالمية للانفتاح بشكل خارق للعادة. يستحق حكامها الثناء الحقيقي والامتنان على قيادتهم البصيرة. أتذكر ذات مرة أكاديمياً هندياً ذا معرفة متعمقة يقترح عقد مؤتمر للتداول حول استراتيجية الإدارة والقيادة المثالية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
* ما هي أعمالك القادمة؟
- أنا لست مؤلفاً يكتب وفق حسابات وتواريخ معينة. بعض كتبي السابقة ظهرت نتيجة قرارات فورية. ومع ذلك، أعمل بين الوقت والآخر في سيرة سياسية. قد أحاول كتابة «رحلة عالمية » بناءً على رحلاتي إلى الثقافات الأخرى في جميع أنحاء العالم.