التعلم العميق وعلوم الحياة
التعلم العميق وعلوم الحياة
تأليف: بارات رامسندار، بيتر ايستمان، باتريك والترز وفيجاي باندي
لم نعد في عصر يمكن فيه معالجة البيانات عن طريق تحميلها في جدول بيانات وعمل بعض الرسوم البيانية فقط، بل أصبح الأمر يحتاج إلى أبعاد أخرى، فمن أجل استخلاص المعرفة العلمية من مجموعات البيانات، يجب أن نكون قادرين على تحديد واستخراج العلاقات غير المرئية بينها أيضاً.
إحدى التقنيات التي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية كأداة قوية لتحديد الأنماط والعلاقات في البيانات هي التعلم العميق، وهي فئة من الخوارزميات أحدثت ثورة في أساليب معالجة المشكلات مثل تحليل الصور وترجمة اللغة وتعرُّف الكلام.
يقول المؤلفون: «تعد خوارزميات التعلم الآلي الآن مكوناً رئيساً لكل شيء؛ بدءاً من التسوق عبر الإنترنت إلى وسائل التواصل الاجتماعي. تعمل فرق من علماء الكمبيوتر على تطوير خوارزميات تمكّن المساعدين الرقميين مثل «أمازون إيكو » أو «غوغل هوم » من فهم الكلام. لقد مكنت التطورات في التعلم الآلي من الترجمة الروتينية الفورية لصفحات الويب بين اللغات المنطوقة. إضافة إلى تأثير التعلم الآلي في الحياة اليومية، فقد أثر في العديد من مجالات العلوم الفيزيائية وعلوم الحياة».
تتفوق خوارزميات التعلم العميق في تحديد واستغلال الأنماط في مجموعات البيانات الكبيرة. ولهذه الأسباب، نجد أن للتعلم العميق تطبيقات واسعة عبر تخصصات علوم الحياة المختلفة. ويأتي هذا الكتاب ليقدّم لمحة عامة عن مدى تطبيق التعلم العميق في عدد من المجالات بما في ذلك الوراثة، واكتشاف المخدرات، والتشخيص الطبي. ونرى أن العديد من الأمثلة التي يصفها المؤلفون مصحوبة بأمثلة وشيفرات، تمنح القارئ نقطة انطلاق نحو البحث والاستكشاف في المستقبل.
حقق التعلم العميق نتائج متميزة في العديد من المجالات، وهو الآن يصنع موجات عبر العلوم المختلفة على نطاق واسع، لا سيما علوم الحياة. ويسعى الكتاب إلى تعليم المطورين والعلماء كيفية استخدام التعلم العميق في علم الجينوم والكيمياء والفيزياء الحيوية والمجهر والتحليل الطبي وغير ذلك من المجالات.
علاجات جديدة
يقدم الكتاب دراسة حالة عن مشكلة تصميم علاجات جديدة تربط بين الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والطب؛ وهو مثال عن أحد أكبر التحديات التي يواجهها العلم. يشرح فيه المؤلفون أساسيات أداء التعلم الآلي على البيانات الجزيئية، ويبيّنون كيف يمكن للتعلم العميق أن يكون أداة قوية لعلم الوراثة والجينوم، كما يقدمون موجزاً عن التعلم الآلي باستخدام «ديبتشيم » )وهي مكتبة توفر سلسلة أدوات مفتوحة المصدر عالية الجودة للتعلم العميق في اكتشاف الأدوية وعلوم المواد والكيمياء الكمومية والبيولوجيا(، ويحاول المؤلفون توضيح كيفية استخدام التعلم العميق لتحليل الصور المجهرية وتحليل الأشعة الطبية.
في السنوات الأخيرة، حدث تقارب بين علم الحياة وعلوم البيانات، فقد مكّنت التطورات في مجال الروبوتات والأتمتة الكيميائيين والبيولوجيين من توليد كميات هائلة من البيانات. ويستطيع العلماء اليوم توليد المزيد من البيانات في يوم واحد أكثر مما كان أسلافهم قبل 20 عاماً يقومون به خلال مسيرتهم المهنية. لا شك أن هذه القدرة على توليد البيانات بسرعة أدت إلى خلق عدد من التحديات العلمية الجديدة كما يرى مؤلفو الكتاب.
ويؤكدون أنه «من المهم الاعتراف ببعض أوجه التقدم التي حدثت من خلال تطبيق التعلم العميق؛ فالعديد من التطورات في التعرف إلى الكلام أصبح في كل مكان في الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وأجهزة التلفزيون وغيرها من الأجهزة المتصلة بالإنترنت القائمة على التعلم العميق. يعد التعرف إلى الصور مكوناً رئيساً في السيارات ذاتية القيادة والبحث على الإنترنت والتطبيقات الأخرى. كما أن العديد من التطورات نفسها في التعلم العميق تستخدم الآن في البحوث الطبية الحيوية، على سبيل المثال، في تصنيف الخلايا السرطانية إلى أنواع مختلفة. كما أصبحت أنظمة التوصية مكوناً رئيساً للتجربة عبر الإنترنت».
تسهيل الخيارات
يشير الكتاب إلى أن شركات مثل أمازون تستخدم التعلم العميق لدفع العملاء الذين اشتروا منتجاً معيناً إلى الإقدام على عمليات شراء إضافية من خلال نهج يجمع المنتجات المفضلة للعملاء. كما يستخدم نيتفليكس طريقة مشابهة لتوصية الأفلام التي قد يرغب الفرد في مشاهدتها. يتم استخدام العديد من الأفكار وراء أنظمة التوصية هذه لتحديد الجزيئات الجديدة التي قد توفر نقاط انطلاق لجهود اكتشاف الأدوية. ويرى الكتاب أن الترجمة اللغوية كانت ذات يوم مجالاً للأنظمة القائمة على قواعد معقدة للغاية.
تعد تقنية التعلم العميق فئة
من الخوارزميات التي أحدثت ثورة
في أساليب معالجة المشكلات
مثل تحليل الصور وترجمة اللغة
والتعرف إلى الكلام.
التعلم العميق أداة قوية وسريعة التقدم كما يجده مؤلفو هذا العمل، ويعلقون على ذلك: «إذا كنت تعمل في علوم الحياة، فعليك أن تكون على دراية به، لأن هذا النوع من التعلم سيغيّر مجالك. في المقابل، إذا كنت تعمل في مجال التعلم العميق، فإن علوم الحياة هي مجال مهم للغاية تستحق اهتمامك. هذه التقنية توفر كماً من مجموعات البيانات الضخمة، والأنظمة المعقدة التي تجاهد التقنيات التقليدية لوصفها، والمشكلات التي تؤثر بشكل مباشر في رفاهية الإنسان بطرق مهمة».
ويختتمون كلامهم بالقول: «نحن في لحظة رائعة من التاريخ حينما تجتمع مجموعة من التقنيات الجديدة لتغيير العالم. لقد سعدنا جميعاً بأن نكون جزءاً من هذه العملية ». يجدر الذكر أن الكتاب يتكون من 12 فصلاً وهي: لماذا علوم الحياة؟ مقدمة في التعليم العميق، والتعلم الآلي باستخدام «ديبتشيم »، والتعلم الآلي للجزيئات، وتعلم الآلات البيوفيزيائية، والتعلم العميق للجينوميات، والتعلم الآلي للميكروسكوب، والتعلم العميق للطب، والنماذج التوليدية، تفسير النماذج العميقة، مثال لسير عمل الفحص الافتراضي والآفاق ووجهات النظر.