ّفن بريشة الأمل
تشتهر الفنانة السعودية المعاصرة منال الضويان، بأعمالها الفنية التركيبية واسعة النطاق، والمنحوتات، والتصوير بالأبيض والأسود، وهي مفتونة بالكلمات، وتستخدمها في أعمالها ببراعة كبيرة، كانت واحدة من بين الفنانين الذين تمت دعوتهم، مؤخراً، لإنشاء أعمال لمتحف نوبل تحت عنوان «عوالم مشتركة »، وهو احتفال بجائزة نوبل لآداب.
عندما رفعت المملكة العربية السعودية حظر قيادة السيارة على النساء في العام الماضي، أصبحت إحدى الصور مترادفة مع المرسوم. تحت عنوان «الخيار» (2005) ، يصوّر البورتريه الأسود والأبيض للفنانة القديرة منال الضويان امرأة تختبئ خلف عجلة القيادة، واعتُبرت رمزاً لهذا التحول الزلزالي بالنسبة حقوق المرأة. وفي حديثها مع برنامج الصحفية البريطانية فاري برادلي قالت الضويان: «عندما تم تعميمه على وسائل التواصل الاجتماعي بمجرد أن أعلن عن الأمر، أجريت مناقشات مثيرة للاهتمام حول كيف يمكن أن يكون هذا العمل الآن تاريخياً، ولم يعد معاصراً - إنه يدخل تلك المساحة للتذكر. أنا سعيدة جداً بتوجهها في هذا المجال، وأتطلع إلى تحول جميع أعمالي المعاصرة في هذا السياق .» يأمل عدد قليل جداً من الفنانين أن تفقد أعمالهم هذه العلاقة مع القضايا المعاصرة، ولكن بالنسبة للضويان، فإن هذا الانتقال من المعاصرة إلى التاريخية يمثل مصدراً للأمل، وقالت: «في البداية، اعتدت محاربة التسمية النسوية التي أعطيت لي، لأنه في الغرب للنسوية والنضال من أجل حقوق المرأة سمعة تتسم بأنها متطرفة للغاية »، مضيفة: «في كل الأحوال، في المملكة العربية السعودية، تعد الحركة النسوية في بدايتها، ويجب دفع قضايا المرأة إلى الأمام. لذا، نعم، أنا نسوية، ويسعدني حمل هذه العلامة على أمل ألا يحتاجها الجيل القادم».
من خلال أعمالها في التصوير الفوتوغرافي، والأعمال التركيبية والأعمال الفنية التي استخدمت فيها الإنارة بالصمام الثنائي الباعث للضوء، والتي تم عرضها في متحف فيكتوريا وألبرت في لندن، وبينالي فينيسيا، ومتحف الآغا خان في تورنتو، ومتحف لويزيانا للفن الحديث في الدنمارك، تركز الضويان على دور المرأة في المملكة العربية السعودية. وقبل وقت طويل من رفع الحظر المفروض على القيادة، سلطت الضويان الضوء على محنة المسافرات في أعمالها الفوتوغرافية «الخيار »(2015)، و «اصطدام » ( 2014 - حتى الآن)، وعمل فيديو تركيبي بعنوان «لو كان لدي جناحان» (2015). بتكليف من شركة رولز رويس، عرض عملها التركيبي متعدد الفيديوهات في السركال أفينيو في دبي، ويوثق «تجربة الوجود في المقعد الخلفي بكل ما يتضمنه من آثار جسدية وعقلية وعاطفية وسياسية »، بحسب الضويان. إلى جانب لوحة ألوانها أحادية اللون إلى حد كبير، هناك خيط مشترك في جميع أعمال الضويان وهو استخدام الكلمة المكتوبة. في مقابلة مع متحف لويزيانا للفن الحديث، تشرح أهمية النص في أعمالها الفنية، قائلة: «إن الكلمة المكتوبة تدور حول إشراك المشاهد: أنت لست مجرد متلقٍ، أنت في الواقع مسهم في العمل الفني بمعنى أن تترجم الكلمات، وتقرأها، وتقوم بصياغة رأيك الخاص حول المعنى في سياق حياتك. وأجد ذلك قوياً جداً جداً .
ويمكن إرجاع هذا الافتتان بالكلمات إلى واحدة من أقدم مجموعاتها وأكثرها شهرة، وهي سلسلة «أنا » في 2005 ، وهو رد فعل على الخطاب الافتتاحي للملك عبد الله آل سعود. وتتذكر الضويان: «الملك عبدالله كان قد تولى العرش، وبالنسبة للعديد من النساء كان هو الشخص الذي سيخرجنا من الظلام ». وفي كلمته، دعا الملك جميع السعوديين إلى التوحد قائلاً: إن النساء سيساعدن
«إن الكلمة المكتوبة تدور حول
إشراك المشاهد: أنت لست مجرد
متلقٍ، أنت في الواقع مسهم
في ]العمل الفني[ بمعنى أن
تترجم الكلمات، وتقرأها، وتقوم
بصياغة رأيك الخاص حول
المعنى في سياق حياتك. وأجد
ذلك قوياً جداً جداً».
منال الضويان
على بناء البلاد مع الرجال. في ذلك الوقت، على الرغم من أن 60 % من النساء السعوديات حصلن على شهادات جامعية، لكن 3% فقط منهن ضمن القوة العاملة، وكان الكثير متحمساً لبيان الدعم هذا».
و قالت الضويان: بدأ قادة الرأي في الصحف يكتبون: لا تبتعدوا كثيراً. ستنضم النساء إلى القوى العاملة، ولكن فقط في الوظائف التي تتناسب مع طبيعتها. وهكذا بدأت أستفسر، ما الذي يناسب طبيعتي كامرأة؟ ومن الذي يقرر ما يناسب طبيعتي؟
وأوضحت الضويان: «لقد بدأت في دعوة النساء إلى القدوم والتقاط الصور الفوتوغرافية - فهؤلاء نساء كن يعملن بالفعل، وليس بشكل نظري ». إحدى هذه اللوحات كانت لمعلم، كان يحمل سبورة تحمل عبارة «الجهل ظلام » مكتوبة بالعربية. وقالت: «أعتقد أن هذا كان بياناً قوياً للغاية، وكانت تلك البداية عندما بدأت باستخدام الكلمات في أعمالي».
يشكل النص أيضاً العمود الفقري للعمل التركيبي «معلقين سوياً » في 2011 . ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، دعت الضويان النساء السعوديات إلى تقديم وثائق «إذن السفر » التي يوقع عليها ولي الأمر، وكانت مطلوبة عند عبور الحدود. أكثر من 200 امرأة أرسلن صور عن أوراقهن، والتي حولتها الضويان إلى قطيع من الحمام المصنوع من الألياف الزجاجية. تقول الضويان: «اسم العمل هو )معلقين سوياً( لأنه يتضمن وثائق من عالمات وفنانات وكاتبات وجدات وطفلات لا تتجاوز أعمارهن ستة أشهر. والطريقة التي يتم تصويرهن بها على شكل حمامات، تظهر كما لو أنها تحلّق في رحلة جوية، لكن في الواقع هي معلقة. إنهم يخلقون هذه الكتلة من الطاقة المذهلة التي يتم تجميدها».
في حين يبدو من المستحيل تجاهل الحالات الاجتماعية في أعمال الضويان، فإن الفنانة لا تعرّف فنها على أنه سياسي في حد ذاته، قائلة: «بالأحرى، أنا أصنع الفن بطريقة سياسية. هذا يعني أن أخاطب عالمي من موقف شخصي. أجعل الفن كعملية استباقية. والفن يتخطى الخطاب السياسي».
منال الضويان من مواليد 1973 في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. تقسّم وقتها بين لندن والسعودية ودبي. وتقول حول ذلك: «أنا أعتبر نفسي حقاً مواطنة في دولة الإمارات العربية المتحدة. لكن ما هو مهم بالنسبة لي كفنانة هو وجود صناعة فنية في دولة الإمارات العربية المتحدة - فهناك بيئة جيدة تساعد الفنان على القيام بأعماله وتمويله، وهناك فضاءات أكثر من كافية لإظهار العمل».
أحد هذه الأماكن هو متحف نوبل في لا مير بدبي، حيث تم مؤخراً الكشف عن اثنين من الأعمال الجديدة للضويان، وهما مستلهمان من رواية نجيب محفوظ «زقاق المدق »، ورواية «ليس للحرب وجه أنثوي » للكاتبة سفيتلانا أليكسفيتش، وشكل العملان جزءاً من متحف «جائزة نوبل في الأدب - عوالم مشتركة » ، وهو تعاون بين مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة ومؤسسة نوبل.