الاستثمار في شباب المنطقة
اتفق فريق من الخبراء في أثناء جلسة نقاشية في قمة المعرفة 2018 ، حول أهمية رأس المال البشري، على أن توفير طرق جديدة في التعلم للشباب في العالم العربي يمكن أن يجلب منافع اقتصادية كبيرة للمنطقة.
لطالما كان رأس المال البشري مكوناً رئيساً للاقتصاد الصناعي، دون أن يُعترف به ركيزة أساسية له. ولكن مع بداية عصر المعلومات واقتصاد المعرفة اللاحق، تم تحديد رأس المال البشري على أنه ربما أغلى مورد لدينا، ويجب استثماره بحكمة لضمان النمو الاقتصادي والفكري والمجتمعي في السنوات المقبلة.
أكد ذلك مجموعة من الخبراء في قمة المعرفة خ الل جلسة بعنوان «رأس المال البشري - الثروة المستدامة ،» وهم: رون يونغ مؤسِّس مجموعة شركات نوليدج أسوشيتس إنترناشيونال، وعصام أبو سليمان المدير الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي في البنك الدولي، وسعادة حسين المحمودي الرئيس التنفيذي لشركة الأعمال التجارية للجامعة الأمريكية في الشارقة والرئيس التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار.
وأدار الجلسة مالك الروقي المستشار التلفزيوني والإعلامي، حيث ناقش مع المتحدثين أهمية الاستثمار في رأس المال البشري على المستوى العالمي. ومن جانبه، أكد أبو سليمان أن منطقة الشرق الأوسط يمكن أن تستفيد أكثر من معظم المناطق الأخرى في العالم.
وأضاف: «هذه المنطقة في معظمها منطقة فتية، مقارنة بأوروبا العجوز، وأمريكا الشمالية المعمّرة واليابان المعمّرة »، موضحاً: «المنطقة العربية من المناطق القليلة المتبقية في العالم حيث الشباب هم الأغلبية، وحيث الاستثمار في الناس يمكن أن يحقق الكثير من الأرباح خال فترة طويلة من الزمن».
وفي تأكيد لكلامه، أضاف يونغ: «أنا مسرور للغاية أننا نستخدم عبارة «رأس المال البشري »، إذ توحي بوجود أصل وقيمة».
«جزء من التركيز على الاستثمار في رأس المال البشري يرجع إلى الطبيعة المتغيرة للعمل، إلى حد كبير كنتيجة للتكنولوجيات الجديدة »، بحسب ما قال أبو سليمان، مضيفاً: «يتحدث الناس اليوم عن الثورة الصناعية الرابعة التي تدور حول التقنيات الناشئة »، وقال أيضاً: «تتجه معظم البلدان نحو هذه الثورة، فهي تؤثر في مستقبل العمل في جميع أنحاء العالم. في هذا الظرف المرتبط بها، نعود إلى اقتصاد المعرفة والتعلم المطلوب لمستقبل العمل».
وقال سعادة حسين المحمودي: «تقدم الشارقة مثالاً لكيفية مواجهة الإمارات العربية المتحدة لتحديات طرق العمل الجديدة، إضافة إلى كيفية تطبيق الاستثمار في رأس المال البشري »، موضحاً كيف تسعى الإمارة لتطوير المعرفة، خاصة لدى الشباب. وسلط الضوء على خطة من ثلاث مراحل، كان أولها بناء الجامعات.
«المنطقة العربية من المناطق القليلة
المتبقية في العالم حيث الشباب هم
الأغلبية، وحيث الاستثمار في الناس
يمكن أن يحقق الكثير من الأرباح خلال
فترة طويلة من الزمن .»
عصام أبو سليمان، المدير الإقليمي لدول مجلس التعاون
الخليجي في البنك الدولي
وأضاف: «قدم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الكثير من الدعم المالي للجامعات، سواء للجامعات التعليمية أو الجامعات التي تعتمد على البحث العلمي. حتى الآن يمكنك أن ترى أن الجامعة الأمريكية في الشارقة تقدّم أربعة برامج لنيل شهادات الدكتوراه في الهندسة الحيوية، وعلوم المواد، وإنترنت الأشياء، والمدن الذكية. المرحلة الثانية من الخطة هي مجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار الذي يعد مكاناً ضخماً للتنسيق بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، إضافة إلى القطاع الأكاديمي».
وأوضح: «المرحلة الثالثة هي وجود شركة استثمارية في مجال التعليم، وذلك لدعم نظام الابتكار على مستوى الإمارة والمستوى الاتحادي من خ الل الاستثمار في البنية التحتية، عبر إطلاق الشركات التي توفر قيمة مضافة في القطاعات الجديدة في الفضاء، والطباعة ثلاثية الأبعاد وحتى في الزراعة».
كان الاستثمار في تعليم الشباب طرقاً جديدةً للتعلم موضوعاً حرص يونغ على التوقف عنده، مشيراً إلى أن المناهج الحالية في الجامعات تحتاج إلى التطوير.
وقال: «بصراحة، أهم شيء يتعين علينا القيام به الآن أكثر من أي شيء آخر هو أن نتعلم كيف نتعلم »، مضيفاً: «كيف نتنقل في عالم المعلومات والمعرفة؟ كيف يمكننا التكيف؟ هكذا يحتاج الشباب إلى التعلم. لتكون قادراً على التعلم بشكل أسرع، تعرف إلى أفضل العمليات، أفضل الأدوات، أفضل التقنيات، لتسريع التعلّم. هذا يتطلب تغييراً في المناهج الدراسية لتقديم المزيد من الابتكار، وريادة الأعمال، وذكاء مهارات الآلات التي لن تمتلك المهارات الأضعف: التعاطف، والإبداع، والإبداع المشترك مع الآخرين».
على الرغم من التغييرات الضخمة التي تجري في تنمية رأس المال البشري، فقد أكدت الجلسة النقاشية نظرتها الإيجابية للأشهر والسنوات المقبلة.
وقال يونغ: «نحن نتحدث كثيراً عن الذكاء الآلي، وعن السكان والتأثير الذي تفرضه هذه الأشياء، بدلاً من الخوف من المستقبل، يجب أن نرى المستقبل، حيث تقوم الآلات بأشياء متكررة لا يحب البشر القيام بها، وتدفعنا للتركيز على الأشياء التي نحب القيام بها. سيكون هناك تمكين للأفراد وكيفية إدارة ذلك سيكون حاسماً للغاية. ستكون إدارة رأس المال البشري المفتاح».