مدن المستقبل: هايبرلوب.. ثورة في عالم النقل (2-2)
الكبسولة الواحدة تنقل 67 ألف شخص في اليوم الواحد و 24 مليون شخص في السنة
رأينا في المئة عام الماضية كيف تَحقَّقَ كثير من جوانب التقدم بفضل التكنولوجيا وتطوُّرها في المجالات كافة التي من بينها الطب حتى أصبح لدينا الآن أجهزة متقدمة توفر بيانات مهمة في هذه الناحية، وعندما تتوافر لدينا هذه البيانات، فإننا نستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليلها. وعلى سبيل المثال، فإن النقل في المستقبل يختلف تماماً عن النقل في الحاضر، حيث سيتمكن الإنسان من السفر عبر أنابيب أو كبسولات توضع داخل أنابيب وهي تتحرك بسرعة هائلة تعادل سرعة الصوت.
وقد نجحت الإمارات في أول عملية إطلاق لهذه التقنية بدعم من شركة موانئ دبي العالمية، حيث حققت «شركة فيرجن هايبرلوب » إنجازاً تاريخياً، في شهر نوفمبر الماضي مع نجاح أول تجربة لنقل الركاب في كبسولة «هايبرلوب »، المشروع
المستقبلي الواعد الذي سيشكل - مع اكتماله - نقلة غير مسبوقة في مجال النقل والمواصالات على مستوى العالم أجمع. وقد مهَّد هذا الإنجاز التاريخي، مع المراحل المتقدمة التي تمت في «مركز هايبرلوب للاعتماد »، الطريق أمام تبنّي
أنظمة «هايبرلوب » حول العالم، ما يمثل خطوة جوهرية نحو تطبيق المشروعات في المنطقة، لاسيما في الإمارات والسعودية.
شبكات القطارات تكبد
الحكومات خسائر بالمليارات
سنوياً وتقنية الهايبرلوب حل
جذري لتلك المشكلة
قمة المعرفة، وكعادتها، تعد أرضاً خصبة لمعاينة المستقبل والتطلع إلى ما سيكون عليه كوكبنا في السنين القادمة. وفي جلسة «المعرفة ومدن المستقبل »، التي استعرضنا في العدد السابق ومضات من مخرجاتها التي تستشرف المستقبل، كانت تقنية «الهايبر لوب » محور حديث كل من بيبوب جريستا، رئيس مجلس الإدارة ورئيس العمليات لشركة هايبرلوب لتكنولوجيا النقل، وديرك آهلبورن الرئيس التنفيذي لشركة هايبرلوب لتقنيات النقل.
أنابيب مفرغة
بدأ بيبوب جريستا بإلقاء نظرة تعريفية بالهايبرلوب، فهو أنبوب يمكن من خلاله السفر بسرعة كبيرة جداً. وبتأكيد أن الازدحام المروري يسرق أعمارنا فنعلق لمدة دقيقة هنا أو ساعة هناك، وهكذا يمر العمر. ما يقلق بالفعل هو أنه لا يوجد نظام للمترو في العالم أجمع، وقد فكر العلماء في حل مشكلة عدم وجود شبكات مترو مؤهلة لذلك فكر القائمون على شركة هايبرلوب لتكنولوجيا النقل في إنشاء الشبكات الجديدة على شبكات السكة الحديد الموجودة ولا نحتاج أن نسير بالسرعة القصوى على طول المسار بل يمكننا استخدام المسارات الموجودة وتقليل السرعة فيها أو نبني واحدة أخرى خاصة بها أنبوب مفرغ من الهواء وفيه كبسولة يمكنها السفر بسرعة كبيرة، والكبسولة الواحدة يمكنها حمل 28 أو 40 شخصاً كل 30 ثانية، وهم يأملون في نقل 3700 شخص في الساعة، مما يعني 67 ألف شخص في اليوم الواحد و 24 مليون شخص في السنة.
ثورة في عالم النقل
ويضيف بيبوب جريستا: «يمكننا أن نغير شكل الرحلات الجوية بالكامل من لوس أنجلوس إلى سان فرانسيسكو أربع مرات. تخيل لو أنك وضعت 7 أنابيب في نفس المسار يمكنك حينها نقل مليار شخص في لمح البصر، كما أنه آمن تماماً وصديق للبيئة، ولا ينتج عنه أي حوادث. ويجب التأكيد على أن النظام آمن تماماً، فإذا نظرنا إلى وسائل النقل، نجد أن حوادث الطيران مثلاً تحدث تقريباً كل 3 سنوات ونعتقد أن هذا لا يمكن القبول به، فنحن نضع الأفراد في أنبوب آمن تماماً، ويمكننا أن نوقفه في محطات تبعد كل واحدة عن الأخرى 5 كيلومترات، وفي حالة الطوارئ يمكننا وقف الكبسولة في 5.6 ثوانٍ، وهذا يحمي أرواح المواطنين».
اختناق مروري
ديرك آهلبورن، الرئيس التنفيذي لشركة هايبرلوب لتقنيات النقل، أوضح أن السفر بسرعة الصوت يبدو أمراً مذهلاً حقاً، مؤكداً أن حركة المرور التي تبدو مزدحمة في دبي هي أفضل حالاً من مدن أخرى في العالم مثل العاصمة الصينية بكين؛ حيث الاختناق المروري متواصل على مدار أربع وعشرين ساعة في كل يوم تقريباً. وفي مواجهة الأزمة التي نعيشها جميعاً والناجمة عن هذا الاختناق المروري، كان لا بد لنا من التوصل إلى فكرة أو مشروع يكون مخرجاً من هذه الأزمة، وكان هذا هو الحل أو المخرج الذي توصلنا إليه.
القطار أسرع كثيراً من
القطارات العادية ويستهلك
وقوداً أقل كثيراً واستخدام
الطاقة الشمسية فيه يجعله
صديق للبيئة
توفير المليارات
وفي معرض حديثه عن وسائل النقل الحالية، أوضح آهلبورن أن شبكات القطارات في العالم تكبد الحكومة خسارة بالمليارات سنوياً. والحل في وجه هذه المشكلة يكمن في تقنية هايبرلوب التي يمكنها تغيير هذا الوضع تماماً. فمن وجهة النظر الفنية البحتة، يبدو مشروع استخدام كبسولات نقل الركاب داخل أنابيب في المستقبل القريب أقرب إلى القطار العادي نوعاً ما؛ إذ يتم وضع القطار الكبسولة داخل أنبوب ضخم، كما أن هذا القطار أسرع كثيراً من القطارات العادية ويستهلك وقوداً أقل كثيراً؛ ومن ثم فإننا راعينا القواعد والضوابط المتعلقة بالمحافظة على البيئة في هذا المشروع؛ حيث التركيز لدينا ينصبُّ على الطاقة الشمسية وغيرها.