أحمد أشقر وتحدّي هولت
منذ تأسيس جائزة هولت في عام 2010 ، ساعد أحمد أشقر على إطاق مجموعة من الشركات في أكثر من 100 دولة. وهو يعد أحد أكثر الشخصيات العربية تأثيراً بين جيله، لما يتمتع به من ريادة في الأعمال والابتكار والعمل الخيري.
بات تنامي اللامساواة وارتفاع الأحداث المناخية القاسية الناجمة عن الاحتباس الحراري من أكبر التحديات التي تواجه البشرية، والجنس البشري في حاجة ماسة للحلول اليوم. أحمد أشقر، المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة جائزة هولت يمضي قدماً في هذا السياق من خلال توحيد مئات الآلاف من الطلاب من جميع أنحاء العالم لحل أكثر مشكلات الكوكب إلحاحاً عبر ابتكار حلول ريادية وأفكار لمشاريع اجتماعية تركز على الاستدامة.
تعد جائزة هولت بمثابة منافسة تجارية بطريقة مؤثرة مع صندوق جوائز قيمته مليون دولار، تمنح للشركات الناشئة التي تستجيب لتحديات مثل تقلص المساحات الحضرية والتعليم للجميع وأزمة المياه العالمية، وتحدي هذا العام هو بطالة الشباب.
من الفائزين السابقين بالجائزة محمد عاشور، وهو رجل أعمال مصري أسس مجموعة أسباير للأغذية. أدرك عاشور أن العرب أكلوا الجراد في مراحل تاريخية، وأن أكثر من 2.5 مليار شخص يستهلكون الحشرات على مستوى العالم كجزء من نظامهم الغذائي المعتاد. بدعم من جائزة هولت، نجح عاشور في تسويق الحشرات الغنية بالبروتين والمواد الغذائية كمصدر غذائي قليل الكلفة، وتوفر شركته اليوم الأمن الغذائي لنحو 25 مليون شخص كإحدى أكبر الشركات المصنعة للحشرات التجارية في العالم.
ومن الفائزين السابقين بالجائزة شركة «إم.باني »، وهي شركة تستفيد من مزود اتصالات رئيس كمصدر للدعم لجلب المياه النظيفة إلى الأحياء الفقيرة خارج مومباي. يحصل شريك الشركة على إمكانية الوصول إلى سوق جديدة مقابل رسوم يتم استخدامها لتمويل تقديم المنفعة الاجتماعية. إنه نموذج أعمال غير معقد وأنيق يحقق نتائج مربحة.
قاد أشقر، العضو في المجلس الاستشاري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والعضو في شبكة خبراء رواد الأعمال في المنتدى الاقتصادي العالمي، نمو المبادرة إلى أكبر حركة ناشئة في العالم في جيل ما بعد الألفية من أجل الخير الاجتماعي، مع إنشاء مكاتب في ستة بلدان في جميع أنحاء العالم.
بعد عقد على تأسيسها تقريباً، تعمل جائزة هولت الآن أكثر على مسألة الاستثمار، إذ يتم استثمار ما يقرب من 10 ملايين دولار في الشركات الناشئة بهدف الإسراع في رحلة ريادة الأعمال للشباب، والسماح لهم برؤية قدرتهم على إنشاء أعمال تجارية بمليارات الدولارات من خلال مواجهة أصعب التحديات في العالم بأسلوب مبتكر.
في تقرير لافت في موقع «فيلانثروبي إيج »، ينظر أشقر في ريادة الأعمال الاجتماعية وكيفية خلق تغيير دائم لبعض من أفقر الناس، قائلاً: «لقد ألهمنا مئات الآلاف من المفكرين الشباب في جميع أنحاء العالم، وساعدنا على إعادة تعريف حدود ما هو ممكن وما هو غير ممكن، عندما يتعلق الأمر بحل أكثر التحديات الاجتماعية إلحاحاً في العالم. وطالما استمر الشباب العربي في الحلم، يمكننا بعد ذلك الدخول في حقبة جديدة في الشرق الأوسط، حيث لا يعتمد الوصول إلى حياة من الرخاء والفرص المشتركة على استعداد أي عرق أو ثقافة أو عقيدة».
بدأت رحلة أشقر في فلسطين. عندما كان في الثامنة، انتقل مع عائلته إلى مدينة كانساس سيتي، حيث التحق بالمدرسة واكتشف موهبته في كرة القدم الأمريكية. حصل أشقر في نهاية مرحلته الثانوية على جائزة أفضل لاعب في كانساس، ما أكسبه منحة دراسية كاملة للالتحاق بالجامعة - وهو ما يقول عنه أشقر إنه «نقطة التحوّل».
بعد التخرج، حصل على تدريب في بنك استثماري فرنسي، وبعد نحو عام وضعه القدر على طريق كبير المديرين التنفيذيين خلال حدث للتواصل في نيويورك للعاملين في مجال البنوك الإسلامية. أدت فرصة اللقاء هذه إلى إشراك أشقر في تأسيس أول بنك إسلامي في الولايات المتحدة. ثم عمل لفترة وجيزة في شركة استثمار عقاري قبل أن يقرر الحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية هولت الدولية للأعمال في دبي، حيث وُلدت مؤسسة جائزة هولت.
أدرك أشقر أن العمل الجيد لصالح أفقر الناس في العالم لم يكن صحيحاً من الناحية الأخلاقية فحسب، بل كان أيضاً فرصة تجارية ذكية. يقول: «هناك سوق بقيمة تريليون دولار مع هؤلاء الناس الذين يكسبون ما بين دولارين إلى خمسة دولارات في اليوم، ولا يستغلها أي من رجال الأعمال».
«مستقبل التنمية هو
العمل، ولكن مستقبل
الأعمال هو أيضاً التنمية »
سعى أشقر وراء هدفه بتشجيع عقول الشباب التجارية على مواجهة التحديات الإنسانية الحقيقية على نطاق عالمي، وتم إطلاق أول حدث له في عام 2010 بتمويل من تيكوم ودعم أساسي من حكومة دبي كراع رئيس. مع اقتراب التخرج في كلية هولت الدولية للأعمال، كان أشقر على وشك بدء عمل لدى بنك «إتش إس بي سي »، لكن دعاه رجل الأعمال السويدي بيرتل هولت الذي تقدّر ثروته بنحو 5 مليارات دولار، لقضاء ثلاثة أيام معه في سويسرا لمناقشة مستقبله. استمع هولت إلى أفكار أشقر حول السوق التي تبلغ قيمتها تريليون دولار، والتي يمثلها فقراء العالم وتم تجاهلها، واعتقاده أن «مستقبل التنمية هو العمل، ولكن مستقبل الأعمال هو أيضاً التنمية».
كان هولت مقتنعاً وقدم لأشقر تمويلاً بقيمة مليون دولار للجائزة وهيكل الوقف، شريطة أن يرفض العمل في بنك «إتش إس بي سي »، للبقاء في قيادة المؤسسة، ويستخدم اسم «تحدي هولت .» اقترح أشقر المضي قدماً على نحو أفضل، واصفاً إياها بجائزة هولت، وأكد لهولت أنها ستصبح جائزة نوبل لجيل ما بعد الألفية. بعد فترة وجيزة، أشار محمد يونس، رجل الأعمال الاجتماعي والمصرفي والاقتصادي وأحد قادة المجتمع المدني، إلى جائزة هولت باعتبارها «جائزة نوبل للأعمال».
بعد مرور عشر سنوات، تخلق مؤسسة جائزة هولت تغييراً مستمراً لدى بعض من أفقر الناس في العالم من خلال توليد الاستدامة عبر نماذج أعمال مربحة تهدف إلى تحقيق تأثير اجتماعي ومالي. تؤثر جائزة هولت بشكل إيجابي في الجيل القادم من قادة الأعمال. ويقول أشقر: «نحن متميزون في أننا منشئو خطوط الاتصال، وهو أهم جزء من مسار بدء أي مشروع. نحول الطلاب العاديين إلى رواد أعمال مؤثرين، لأننا نبدأ بالأشخاص وليس الأفكار. لا توجد منصة أو منظمة أخرى في العالم تخلق، من نقطة الصفر، تركز على التأثير وجاهزة للربح ويحركها السوق».
بالنظر إلى ما سيحدث بعد ذلك، يخلص أشقر إلى: «في المستقبل، لن يكون الأمر متعلقاً بإعطاء نسبة مئوية من الحد الأدنى للفقراء. بدلاً من ذلك، سيتم تصميم الشركات للتأثير: مع بيع منتج أو خدمة، ستأتي نتيجة ثانوية ذات تأثير اجتماعي إيجابي في مكان ما عبر سلسلة القيمة الخاصة بعرض الشركة».