توطين المعرفة: الإمارات نحو استيطان الفضاء

جلسة ركزت على التحديات التي تواجه صناعة الصواريخ وآفاق القطاع

مع وصول مسبار الأمل الإماراتي إلى مداره حول كوكب المريخ، تحفر دولة الإمارات العربية المتحدة اسمها على سجل التاريخ الفضائي، الطريق الذي مهدت له الدولة منذ زمن للوصول إلى هذه النتيجة التي سيتبعها مشروعات ضخمة بحجم تطلعات قيادتها الرشيدة التي ترنو دائماً إلى التميز والريادة والابتكار. وإن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة تعلم يقيناً أن هذه التطلعات تحتاج إلى تبادل المعارف والخبرات العالمية واستثمار كل الطاقات والجهود السابقة لأجل العمل المبدع والمبتكر في هذا القطاع الذي لا يلجه سوى الكبار.

من هذا المنطلق، استضافت المؤسسة في نسخة العام 2018 من قمة المعرفة جلسة تحت عنوان: «توطين المعرفة لاستيطان الفضاء »، شارك فيها كل من: نيكول ستوت، رائدة فضاء من ناسا، والمهندسة مشاعل الشميمري، أول مهندسة سعودية- أمريكية متخصصة في الصواريخ الفضائية، ومؤسسة شركة مشاعل إيروسبيس، والمهندس عامر الصايغ الغافري، مدير مشروع خليفة سات في مركز محمد بن راشد للفضاء، والمهندس عيسى بطي الشامسي، نائب الرئيس التنفيذي لشركة (الياه سات للاتصالات الفضائية - قسم الحلول التكنولوجية وهندسة النظم)، حيث تناولت الجلسة في مخرجاتها جهود الإمارات وسعيها لاقتحام عالم الفضاء بعقول وطنية شابة، وكيف أسهمت صناعة الفضاء في تطور صناعات أخرى، إضافة إلى أهمية تبادل المعرفة في مجال الفضاء، ونمو الاقتصاد العالمي لقطاع الفضاء.

فرصة إدراك الحياة

بداية تحدثت رائدة الفضاء نيكول ستوت قائلة: أعتقد أن الطيران بالفضاء يمنحنا فرصة إدراك الحياة على الأرض من منظور آخر، وقد ساعدني ذلك على استخلاص بعض الدروس التي سأشارككم إياها اليوم. فالسفر إلى الفضاء رائع وتجربة شديدة التميز، فعندما نكون في الفضاء نكون منفصلين تماماً عن الأرض بصورة لم نعهدها من قبل، وأعتقد، من خلال ما عايشته في الفضاء، أن طريقة العمل هناك من الممكن أن تكون مثالً ملهماً للعمل والحياة على الأرض. لقد أوجدنا النظام الداعم للحياة في المحطة الدولية لوجود بشر هناك يعملون معاً ويعيشون معاً، وقد كان التركيز هناك على الدمج بين العلاقات الشخصية المميزة والاحترافية، وأعتقد أن هذا النموذج رائع، سواء للعمل في الفضاء، أو للعمل على الأرض أيضاً.

دور المرأة

وفي معرض حديثها عن مشاركة المرأة في هذه التجارب الفضائية، أوضحت نيكول أنه لا فرق بين الرجال والنساء فيما يتعلق بالسفر إلى الفضاء، ويجب علينا أن نعمل على إشراك الفتيات في هذا المجال في سن مبكرة؛ لأنهن يتمتعن بموهبة كبيرة في العلوم والرياضيات، ولكنهن يواجهن مجموعة من المثبطات التي يجب التخلص منها. وهي ترى أن بعض الناس يرون أن رواد الفضاء لديهم خصوصية ما، ولكنها ترى أن محبة الإنسان لهذا المجال وتفوقه فيه ورغبته في دخول عالمه هو ما يؤهله للابتكار والنجاح، بصرف النظر عن أي أمور أخرى.

طريقة العمل في الفضاء من
الممكن أن تكون مثالاً ملهماً
للعمل والحياة على الأرض

تحديات التمويل

مشاعل الشميمري ترى أن أكبر تحدٍّ يواجهها يتعلق بالأمور المالية، خاصة صناعة الصواريخ، فهذه الصناعة تحتاج إلى كثير من الأموال وضخ استثمارات ضخمة، بل واستثمارات طويلة الأجل تنطوي على مستويات عالية من المخاطر. فإذا أردت ضخ ملايين الدولارات في صناعة الصواريخ، فستحتاج إلى 10 سنوات على الأقل لتحقيق عوائد، وكثير من المستثمرين يترددون في دخول سوق صناعة الصواريخ.

مدينة المريخ

أما المهندس عامر الصايغ الغافري، فاستعرض في الجلسة جهود الإمارات في علوم الفضاء وتأسيسها الهيئات والمراكز العلمية والبحثية الخاصة بذلك، والتي أفرزت انطلاق مسبار الأمل إلى المريخ. كما تحدث عن برنامج المريخ 2117 الذي يهدف إلى بناء أول مستوطنة بشرية على المريخ، ومن المشاريع المهمة المنضوية تحت برنامج المريخ 2117 مدينة المريخ للعلوم في دبي، حيث ستركز على الأبحاث عن المريخ، وكيفية توفير إمكانية الحياة عليه، وستكون مساحة المدينة 1.9 مليون قدم مربعة، وستركز على التعليم وأبحاث الطاقة والمياه والغذاء، وستضم مختبرات للأبحاث ومتحفاً. ويهدف البرنامج الوطني لرواد الفضاء إلى بناء فريق وطني من رواد الفضاء وتوفير برنامج مستدام ومتنوع لدعم الأهداف الاستراتيجية في عالم الفضاء.

يجب إشراك الفتيات في مجال
الفضاء في سن مبكرة لأنهن
يتمتعن بموهبة في العلوم
والرياضيات

ابتدأ المهندس عيسى بطي الشامسي حديثه بإضاءة على شركة الياه سات للاتصالات الفضائية التي أسست في عام 2007 من قبل شركة مبادلة للتنمية - الذراع الاستثمارية لحكومة أبوظبي - لتوفير خدمات اتصالات فضائية آمنة للقوات المسلحة الإماراتية والحكومة، ولتلبية الطلب المتزايد في المنطقة على خدمات الاتصالات الفضائية من قبل الهيئات الحكومية والشركات والأفراد، ومن بين تلك الخدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية. ولدى الشركة 3 أقمار صناعية، وباستحواذها على (الثريا) التي تملك قمرين صناعيين سيكون لديها 5 أقمار صناعية بالفعل. ومن المبادرات المهمة للشركة برنامج الأقمار الصناعية الصغيرة (كيوب سات).

وأوضح الشامسي أن دور شركة الياه سات يتمثل في تمويل البرنامج وضمان جودة التنفيذ وتشارك أيضاً شركة (نورثروب غرومان) المتخصصة في الأقمار الصناعية بإنشاء البرنامج وتدريب المشاركين والتوصية بالتحديثات من حيث الهيكل والمنهج، بالإضافة إلى إطلاق القمر الصناعي (الكيوب سات). ومن المبادرات أيضاً إطلاق مختبر الياه سات للفضاء؛ بغرض تمكين الطلاب من دراسة وتنفيذ المشاريع المتعلقة بالفضاء بمعدات متطورة، وقد تخرج في هذا المختبر 16 طالباً على دفعتين.

ريادة
عامر الصايغ الغافري: شغل سابقاً منصب مدير إدارة تطوير الأنظمة الفضائية في مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة، وهو أحد المهندسين الأوائل في برنامج الفضاء الذي أنشأته مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة.

مشاعل الشميمري: رائدةُ أعمال في مجال هندسة الطيران والفضاء الجوي، واستشارية في مجالها وقد أسهمت من خلال عملها في 22 برنامجاً مختلفاً للصواريخ، وعملت قبل ذلك في قسم ديناميكا الهواء في شركة «رايثيون لنظم الصواريخ ».

نيكول ستوت: درست إدارة الطيران في كلية سانت بطرسبورغ، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة «أميري ريدل لعلوم الطيران » بالولايات المتحدة، وحصلت على الماجستير في الإدارة الهندسية.

عيسى بطي الشامسي: مهندس متخصِّص في حمولة الأقمار الصناعية، حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونيات، وشهادة الماجستير في إدارة الأعمال التنفيذية من المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال INSEAD