التسامح نهج الإمارات
التسامح رسالة الإمارات للعالم، قيمة راسخة في بلادنا الحبيبة تأسَّس عليها الاتحاد، فا يمكن لأي زائر أو مقيم إلا أن يشاهد ذلك التنوع الخاّق الذي يوجد في الإمارات؛ جنسيات من مختلف أقطار العالم تتعايش معاً في تعاون ومحبة، لا نلحظ ذلك في الوجوه واللغات، ولا في الابتسامة التي تلامس قلوبنا برقَّة في كل مكان وحسب، ولكن في تلك الثقافات التي تتحاور في مختلف ربوع الوطن، حتى يمكن لمتأمل المشهد أن يقول باطمئنان: إن الإمارات بقلبها الكبير وحدودها المرحِّبة، وقيَمها الأصيلة تضم بين جنبات هذا القلب صورة مصغَّرة للعالم كله.
إن التنوع الثقافي المدهش في الإمارات بإمكاننا أن نلحظه في مختلف أوجه الحياة: في الأزياء والمطاعم، في الأفكار ودور العبادة، في اللغات بلهجاتها المتعددة، في تعبير كل إنسان مهما كانت خلفيته الفكرية عن ثقافته بمنتهى الحرية والقبول من الآخرين، بما يعني أن المجتمع في العمق لا يرفض الآخر، بل يفسح له المجال ويعطيه الفرصة، يتقبله ويرحب به، يستوعب اختلافه، ولا يشعر بعائق ما تجاه هذا الاختاف، الأمر الذي يؤكد أن التسامح في الجوهر قوة؛ فالضعيف فقط هو الذي يشعر دائماً بأنه في حاجة تميزه عن الآخرين، وتبعده عنهم، وأن الشخص المتسامح أكثر ثقة في ذاته وأفكاره وقيَمه ورؤاه؛ ومن هنا نفهم قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «الإنسان القوي هو الأقدر على قبول اختاف الآخر والتعايش معه.»
التسامح قوة تدفع المجتمع إلى الأمام.. نحن نربي
أولادنا على التسامح ونغرس فيهم قيم التعاون واحترام
التنوُّع والاخت اف ليكونوا أقوياء بثقتهم في أنفسهم.محمد بن راشد آل مكتوم خلال افتتاح القمة العالمية للتسامح
عاشت الإمارات لعقود طويلة وهي تتنفس التسامح، يمارسه كافة سكانها؛ مواطنين ووافدين، واقعاً يومياً؛ فالقيمة مغروسة في الأرض، تستند إلى تعاليم الدين الحنيف، والقيم العربية الأصيلة، وتعهَّدَتها بالرعاية قيادة رشيدة أدركت مبكراً أن الانفتاح على الآخرين وقبولهم ومدَّ يد العون لهم لا تحتاج إلى أي جهد، هي قيم في التربية، تمارَس في البيت وفي المجالس، تشجِّع عليها بيئة صحراوية تُعلِّم البشر التكاتف والتضامن، وبحر لا يقول للجميع إلا «مرحباً »، أدركت قيادتنا ذلك فكان التسامح منهاجاً لها في علاقتها بالعالم، حتى لحق الخير باسم الإمارات في الكثير من المحافل والبلدان، وباتت تلك الأرض الآمنة يستطيع أي إنسان أن يعيش فيها بسام، لكي يعمل ويبدع ويقدم لنفسه وأسرته كل ما هو مفيد ويمكث في الأرض.
وفي أواخر العام الماضي ارتأت قيادتنا الرشيدة أن يكون التسامح استراتيجية، ورؤية شاملة، فوجهت بإنشاء اللجنة الوطنية العليا لعام التسامح، الذي تقرر أن يكون عام 2019 ، يبحث فيه الجميع قيمة التسامح ومغزاه من مختلف الوجوه؛ فالتسامح يرتبط بحزمة واسعة من القيم التي تمتد إلى حقول الحياة كافة، وربما لم تترك الإمارات قيمة من هذه القيم من دون أن تعمل عليها بجد واجتهاد، فهناك السام والسعادة والأمن واحترام القانون والحياة الكريمة.. إلخ، وكلها قيم أصبحت بمنزلة الخبر اليومي، وأصبح لها قوانين ووزارات وهيئات عمل، وكلها ترتبط بقوة بالتسامح، والحديث عن كل قيمة منها يحتاج إلى مقالات ودراسات وكتب لكي نستوعب اللمسة الإماراتية الفريدة في هذه القيمة أو تلك.
لقد قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بكل بساطة: «التسامح لا نرفعه شعاراً ولكننا نعيشه نهج حياة »، مقولة سلسة وعذبة وحكيمة وصادقة في الوقت نفسه، تصدر عن قناعة وعن ممارسة، تصدر عن إيمان، ولذلك نحن نعيش التسامح في الإمارات نهج حياة.