تعزيز ثقافة الابتكار استعداداً للخمسين
تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة على الدوام إلى تحقيق اقتصاد معرفي متنوع تديره كفاءات وطنية، بهدف تعزيز الخبرات بما يحقق الازدهار والتنمية المستدامة للبلاد، لذلك يعدُّ شهر الإمارات للابتكار 2020 حدثاً وطنياً يقام على مدى شهر فبراير في كافة أرجاء الباد، بما يعزز ريادة الدولة عالمياً، ويدعم الجهود الحثيثة التي تبذلها حكومة الإمارات في إطار استعداداتها للخمسين من خال وضع استراتيجية عمل وطنية تمتد لنصف قرن من الزمن بغيةَ مواجهة أيِّ تحديات مستقبلية.
نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة من خال خطة طموحة تهدف إلى تعزيز مكانتها ضمن أفضل الدول ابتكاراً ورفع تصنيفها على مؤشر الابتكار العالمي، في تحويل الابتكار إلى ثقافة حياة ونهج إداري لتطوير العمل الحكومي وتعزيز التنمية الاقتصادية، كما تربعت في مركز الصدارة عربياً في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2019 .
ويأتي شهر الابتكار هذا العام، والذي تتضمن أجندة فعالياته أكثر من 1000 فعالية مبتكرة تقيمها نحو 120 جهة حكومية وخاصة، وبمشاركة نحو مليون شخص، بالتزامن مع إعان الإمارات عام « 2020 عام الاستعداد للخمسين »، الذي يستهدف وضع استراتيجية عمل وطنية تمتد لنصف قرن لمواجهة أيِّ تحديات في عالم سريع التغير، وذلك من خال تهيئة مختلف القطاعات الحيوية في الدولة لمرحلة ما بعد النفط، فضاً عن بناء اقتصاد معرفي أساسه الابتكار والعلوم الحديثة، بما يضمن تحقيق الازدهار والتنمية المستدامة.
الاستثمار في الطاقات البشرية
تهدف حكومة الإمارات من خال سياسات الابتكار إلى تحقيق جملة من الأهداف الطموحة، في مقدمتها تعزيز وسيلة مستدامة للاستثمار في الطاقات البشرية الإماراتية، وتحفيز النشاط الاقتصادي للدولة بعيداً عن الاعتماد على النفط، إلى جانب تعزيز القدرات التنافسية العالمية لدولة الإمارات، وتحويل مفهوم الابتكار إلى عمل وثقافة مؤسسية فعالة ودائمة في دولة الإمارات التي تبنت أدوات خاصة لقياس وتحفيز الابتكار نحو اقتصادٍ مستدامٍ قائمٍ على المعرفة، حيث يُسهم شهر الإمارات للابتكار في تعزيز التعاون والتكامل بين مختلف الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية لجعلها الدولة الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم، كما يهدف إلى إحداث قفزات نوعية وتَبَني الأفكار المبتكرة التي تصيغ حلولاً جديدة للتحديات المستقبلية وتحويلها إلى واقع يلامس حياة المواطنين، كما يعكس هذا الشهر التطورات النوعية في مسيرة رسم ملامح المستقبل لإحداث تغيير نوعي في حياة المواطنين.
تعزيز التنمية المستدامة
إن المتتبع لمسيرة الابتكار في دولة الإمارات العربية المتحدة، يمكنه أن يلحظ سعي الدولة الحثيث والمستمر إلى تعزيز قدراتها في مجال التنمية المستدامة المدعومة بالإبداع والابتكار، وترسيخ أسس البيئة المثلى لتخريج أجيال جديدة من المواهب اللازمة لرفد سوق العمل باحتياجاته المتزايدة من العقول القادرة على الإبداع ومواكبة التطلعات الطموحة لمستقبل التنمية الاقتصادية في الدولة، فالهدف الرئيس من الابتكار هو الاستثمار في المواطن الإماراتي والارتقاء بمعارفه في مجال العلوم والتكنولوجيا، إضافةإلى دعم عدد من المجالات، كأبحاث الفضاء وصناعات الطيران المتخصصة، والصناعات الدوائية العالمية ودعم أبحاث الطاقة الشمسية والطاقة النووية السلمية وبرامج الذكاء الاصطناعي وغيرها الكثير. وبناءً على ما سبق تتجه دولة الإمارات بخطى متسارعة للدخول الفاعل إلى عصر الثورة الصناعية الرابعة، الذكاء الاصطناعي، المدينة الذكية، إنترنت الأشياء وغيرها. وفي هذا الإطار أطلقت حكومة دولة الإمارات استراتيجية الثورة الصناعية الرابعة، واستراتيجية الابتكار، وغيرها من الخطط الوطنية التي تندرج ضمن آليات صنع المستقبل، ويقع «هاكاثون الإمارات » ضمن هذه التوجهات الوطنية، ويهدف لتسليط الضوء على القيمة العالية للبيانات، والحلول الكامنة فيها عند التعامل مع تحديات الحياة اليومية بكل مجالاتها: الاقتصادية، الاجتماعية، البيئية، العلمية وغيرها، كما يهدف أيضاً إلى استخدام البيانات لتطوير الحلول المبتكرة والأفكار التي تسهم في سعادة المجتمع، ومعالجة المشكلات القائمة، إلى جانب إشراك عدد كبير من الطاب مع المشاركين من قطاعات أخرى من المجتمع لتطوير حلول حديثة على أساس تحليل البيانات المتاحة. أما التحديات التي يطرحها «هاكاثون الإمارات »، والتي ترتبط بحياة المجتمع وسعادته، فتشمل المواصات والازدحام المروري، الصحة والسامة، التنمية المستدامة «عصر ما بعد النفط »، البيئة وتغير المناخ، التعليم، التوازن بين الجنسين، تعزيز العلاقات الاجتماعية في دولة الإمارات، وكذلك تعزيز نمط الحياة.
النتائج التي حققتها الإمارات في مجال الابتكار لم تكن وليدة
المصادفة، وإنما جاءت نتيجة تخطيط دقيق واستراتيجية
واضحة المعالم في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار
الإمارات هي الأكثر ابتكاراً
تعدُّ الإمارات البلد العربي الوحيد الذي يسعى لتحقيق اقتصاد معرفي مستند إلى الإبداع والابتكار، لذلك تسعى بنشاط إلى تعزيز قدراتها في مجال التنمية المستدامة المدعومة بالإبداع والابتكار، وترسيخ أسس البيئة المُثلى لتخريج أجيال جديدة من المواهب اللازمة لرفد سوق العمل باحتياجاته المتزايدة من العقول القادرة على الإبداع، ومواكبة التطلعات الطموحة لمستقبل التنمية الاقتصادية في الدولة، ووفقاً ل «إنسياد INSEAD( » (، وهي الكلية الرائدة في إدارة الأعمال بفرنسا، فإن دولة الإمارات تعدُّ الأكثر ابتكاراً على مستوى الشرق الأوسط، بالنظر إلى ما تتمتع به من بنية قوية في مجال التكنولوجيا، والأنظمة التعليمية عالية الجودة، حيث تتضمن أبرز إنجازات دولة الإمارات في مجال الابتكار: تطوير الأنظمة التعليمية، تعزيز استخدامات الحاسوب والأجهزة الذكية في المدارس، فضاً عن افتتاح مزيد من مؤسسات التعليم العالي الإلكترونية في الدولة، إلى جانب تأسيس العديد من المؤسسات البحثية والمعاهد التقنية لتعزيز الإبداع والابتكار، من بينها مدينة «مصدر » في أبوظبي، مجمع دبي للعلوم، مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، معهد الشارقة للعلوم والتكنولوجيا، مركز البحوث والابتكار في رأس الخيمة، وغيرها الكثير.
لا شكَّ في أن النتائج التي حققتها الإمارات في مجال الابتكار لم تكن وليدة الصدفة، وإنما جاءت نتيجة تخطيط دقيق واستراتيجية واضحة المعالم في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، إلى جانب مجموعة سياسات وطنية جديدة في المجالات التشريعية، الاستثمارية، التكنولوجية، التعليمية والمالية، وذلك بهدف تغيير معادلات الاقتصاد الوطني ودفعه بعيداً عن الاعتماد على الموارد النفطية، وتحقيق نقلة علمية ومعرفية متقدمة لدولة الإمارات العربية المتحدة خال المرحلة القادمة.