الأمل.. إماراتي
سيتذكر المستقبل جيداً الساعات الأولى من فجر العشرين من يوليو من العام 2020 ، سيشعر أطفالنا وأحفادنا وهم يستمعون إلى تلك الساعات الخالدة بالفخر، حيث شهدنا جميعاً، وشهدت معنا الدنيا بأكملها، إطلاق الإمارات «مسبار الأمل » إلى المريخ. هي لحظات تتعدَّد فيها الدروس، ليس بداية من دلالة اسم المسبار نفسه، ولا نهاية بدور الإمارات في قيادة أمتها العربية مرة أخرى لكي تعود إلى أمجادها القديمة، ولكن في ثوب عصري جديد، مروراً بأمجاد ذلك الوطن الذي حقَّ له أن يحتفي، فبعد خمسين عاماً من الإنجازات المتواصلة، وبعد أن استثمر في الإنسان والمكان، ها هو وفي عيده الذهبي يستكشف الفضاء.
يزيد من بهاء هذه اللحظة، تزامنها مع تلك الجائحة التي عانى منها العالم بأكمله، وتوقفت فيها الحياة في الكثير من القطاعات، ولكنها الإمارات التي نجحت في التصدي لكوفيد- 19 ، على المستويات كافة، ولم تتوقف وفاجأت الجميع؛ ففي أشهر الوباء الكئيبة كان العمل على قدم وساق لإطاق المسبار. النجاح هنا مضاعف كما عودتنا بلادنا الحبيبة دائماً.
في الإمارات تطلعاتنا كبيرة، وهممنا عالية،
والأهم من ذلك أن حكومتنا مرنة واستباقية،
وكفاءاتنا وفرق عملنا على قدر المسؤوليةمحمد بن راشد آل مكتوم خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء عبر
تقنية الاتصال المرئي عن بعد
إن الدرس الإماراتي الأبقى يتمثل في أن الحياة مستمرة ومتسارعة؛ نحن نعيش في بلد لا يتعطل فيه العمل الجاد والدؤوب لدقيقة واحدة، ونتيجة لهذا النشاط تبوأت الإمارات مكانها المستحق في طليعة التجارب الناهضة والمبشرة، وكان من الصعب تخيُّل توقف عجلة التنمية في وطن تميز بهذه الإنجازات حتى في ظرف تاريخي فارق مثل جائحة فيروس «كورونا».
لقد تواصل العمل بهمة ونشاط في ظل الفيروس؛ فالبنية التحتية المتطورة سمحت بمرونتها والإمكانات التي توفرها بأن نجرب ممارسة نشاطاتنا المختلفة عن بعد، حيث نجحنا في مجالات العمل المتعددة، وعلينا الآن أن نتأمل التجربة، وأن نستفيد من التحدي في استثمار فرص جديدة كما علَّمنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لقد كانت الجائحة فرصة للتعامل مع أدوات المستقبل، لمعاينة أبعاده وكيف ستكون طبيعة الحياة والسلوك فيه.
لخَّص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد المعنى السابق حيث قال: «لا مكان للطرق القديمة في منظومتنا »، لقد جرَّب سموه بنفسه، وتابع عمل فريقه الحكومي في مختلف الميادين، وفي أعقاب النجاح، كان لا بد أن يخرج علينا سموه بالمغزى، وكان لا بد أن يخبرنا بنتيجة التحدي؛ فا مكان للرؤى والأفكار والأساليب التقليدية بعد كورونا، ومن هنا تنبع قيمة المسبار الذي يحمل اسم الأمل، وكأنه يقول «نحن أكبر من أي تحدٍّ»، نحن نتجاوز الراهن بمراحل وسنوات ضوئية.
لقد استفدنا من تحدي الوباء، بإمكاننا أن نقول: إن صورة دولتنا قويت على المستوى الدولي، حيث ظلت أيادينا ممدودة بالخير والمساعدات إلى جهات الأرض المختلفة، يضاف إلى ذلك تلك المستويات المتقدمة من الإجراءات الطبية التي كافحنا من خلالها «كورونا » ونالت ثناء الكثير من المنظمات الدولية، فضاً عن تكاتف واضح بين المواطنين والمقيمين وقيادتنا الرشيدة، وتوِّج كل ذلك بالمسبار.
ولكننا كالمعتاد نريد المزيد، نسعى وراء الأفكار التي قد يراها البعض غريبة، ولكن هذا قدرنا، ونهج تجربتنا، ودرس قيادتنا الأبقى، وإضافتنا إلى العالم؛ نركض نحو الرقم واحد -كما تردِّد قيادتنا دوماً- بثقة وقوة.
أظهرت أزمة «كورونا» معدن وطننا الغالي، وطن الإنجازات والمحبة والخير والرجال، وطن الابتكار وإبهار العالم، أرض الفرص، ومن الضروري أن نتعلَّم أن نحلم بأسلوب مختلف، حيث لا مكان في وطن الأمل للأحام التقليدية.
نحن لم ننتصر على «كورونا » وحسب، ولكن حقَّقنا مستحيلاً، حيث آمن معظم العرب لعقود طويلة بأن صعودنا إلى الفضاء ينتمي إلى أساطير: الغول والعنقاء، ولكنها الإمارات التي لم تعترف يوماً بالمستحيل.