تاريخ القراءة ومستقبلها
لعبت الكتب دوراً مهماً في تنمية البشرية. وكما قيل «عندما تفتح كتاباً، تفتح عالماً جديداً ». تعمل الكتب كبوابة خيالية يمكنها نقلك دون استخدام قدميك، عبر مجموعة رائعة من العوالم المفعمة بالمعرفة والبهجة والسلام. كانت الكتب دائماً وسيلة لانتقال المعرفة عبر الأجيال، وساعدت في بناء الحياة، ونقل المعلومات، وإيجاد حلول فعّالة عزّزت بدورها حياة الإنسان.
في الوقت الحاضر، ننتظر من الكتب مجموعة كبيرة من التوقعات، بسبب الوسائط الرقمية المختلفة التي تم تطويرها بشكل كبير مع مرور الوقت. والقراء الذين يفضِّلون «الشعور الملموس » ورائحة الصفحات أثناء سعيهم لقراءة كتاب، لا يسعون فقط للترفيه والتنوير، بل يفرضون الانفصال عن عالم الإلهاء القائم على الشاشة. يصبح الكتاب الورقي عازلاً وترياقاً لجاذبية ركوب الأمواج، ومتطلبات التغريدات والبريد الإلكتروني. ربما يتطلع أولئك الذين يقرؤون رقمياً إلى تعزيز كثافة المعلومات في حياتنا. في هذا الكتاب، أثبتت البروفسورة ليّه برايس أن الكتب المسموعة مريحة للغاية ويمكن الوصول إليها أثناء تنفيذ المهام اليومية مثل الانتقال إلى العمل وغسل الأطباق وممارسة التمارين وغيرها الكثير. كما يمكن قراءة الكتب الإلكترونية على الهواتف أثناء وجودنا في طوابير الانتظار في مطاعم المأكولات الجاهزة أو في غرفة الانتظار بعيادة طبيب الأسنان.
تكمن أهمية هذا الكتاب في تذكير القارئ بأن توقعاتنا عن الكتب كانت مختلفة تماماً. وبالنسبة لمعظم تاريخ الكتب المطبوعة على وسيط متحرك، كان الأخلاقيون قلقين من أن القراءات الجديدة هي بمنزلة تشتيت للانتباه عن الأمور الأكثر أهمية. لكن مع إغلاق العالم اليوم، أبدى الجميع الاهتمام الكامل بالكتب واعتبار قراءتها فضيلة.
كثيراً ما نسمع نقاشات وانتقادات موجهة ضد الكتب الرقمية، ومنتجات «أمازون كيندل » و «أوديبل » على وجه الخصوص. عندما تشتري كتاباً إلكترونياً أو صوتياً، فأنت تشتري ترخيصاً لقراءته. تحظر شروط الشراء إعادة بيع الكتاب أو إهداءه. وفق مؤلفة الكتاب: «فإن معظم قراء القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانوا أيضاً مستأجرين للكتب. تم تسلسل الكتب في الصحف أو تداولها من خلال مكتبات الإقراض الخاصة والعامة. تبدو فكرة امتلاك معظم الروايات بمجرد قراءتها غريبة مثل الاحتفاظ بالصحف والمجلات القديمة. معرفة أن ملكية الكتب وقراءة الكتب لم يكونا دائماً مترادفين لا يقلل من إحباطي لعدم التمكن من تمرير كتبي الرقمية. إن احتكار شركة أمازون للكتب الرقمية وشروط الترخيص المرهقة التي يمكن أن تفرضها الشركة، يجب أن تقلق كل قارئ للكتب. سيكون من الجيد وضع هذه المخاوف ضمن سياق تاريخي».
ما هو مستقبل الكتب؟ ترى برايس أن الكتب كانت دائماً في طليعة التحولات التكنولوجية. المكتبات هي التي سمحت للمتسوقين أولاً بتصفح الكتب واختيار المفضَّلة منها، بدلاً من مجرد مطالبة كاتب بجلب نسخة. كانت الكتب تحتوي أولاً على الباركود والتتبع الإلكتروني. عندما أطلق جيف بيزوس «أمازون »، اختار الكتب كمنتج أول، حيث جعل حجمها وتنوعها المنتج المثالي لبناء إمبراطورية التجارة الإلكترونية.
تظهر لنا الكتب أيضاً أن التقنيات الجديدة نادراً ما تحل محل التقنيات الحالية. على الرغم من مخاوف انتقال الكتب من صيغة الذرات إلى البتات، فإن عدد الكتب الورقية المطبوعة والمبيعة كل عام في ازدياد. تكمِّل الكتب الرقمية الصيغة المطبوعة بدلاً من أن تحل محلها. هذا التاريخ من الكتب المادية والرقمية التي تعيش معاً في وئام يجب أن يضمن لمن يقلقون بشأن تأثير التعلم عبر الإنترنت في التعليم المنزلي درجة من الراحة. إذا كان التعليم العالي يتبع الكتب، فيجب على أصحاب التجارب المادية (مثل مكتبات الأحياء وكليات الفنون الليبرالية السكنية) أن يجدوا طريقة للتنقل في رقمنة التعليم.
إحدى رسائل التي يقدّمها هذا الكتاب هي أنه في كل عمر، يشعر القرّاء بالقلق بشأن الكتب. في الماضي، كان القلق هو أن القراء يقرؤون بشكل غير قانوني. اليوم، تولي فئة قليلة من الناس الاهتمام بالكتب. تدعو الكاتبة القراء إلى عدم الشعور بالقلق من حالة الكتب الراهنة، فقد أصبحت في متناول أي شخص في أي مكان، حيث تنتقل المعلومات لتلبية احتياجات ومتطلبات الحياة السريعة. أجبرت الظروف الجديدة العلماء على الخضوع لأمور معينة مثل اختيار الحصول على نسخة رقمية، ولكن في هذه العملية يتم فقدان حق الملكية.