"برنامج دبي الدولي للكتابة" مختبر للفكر يعزز قيمة الكتابة في أوساط الشباب
مثقفون يثمنون دور مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة في التدريب والتطوير
- شوقي بزيع: ورش البرنامج قدمت لنا أسماءً مهمة لم نكن قد انتبهنا إليها من قبل
- هدى الشوا: الورشة التدريبية الافتراضية في الكويت تجربة عابرة للحدود
- هيثم خواجة: هذه البرامج تؤسس بشكل علمي للشخصية الإبداعية المستقبلية
- د. مانيا سويد: الأعوام السبعة السابقة قدمت حصيلة ثقافية وبنية معرفية راسخة
- مريم البلوشي: مبادرة مهمة جداً تمد جسور العلم والإبداع بين الأجيال
- ميسون أبو بكر: "المدينة الفاضلة" دبي لم تغفل في مسيرتها نحو المستقبل الجانب المعرفي
- د. غانم السامرائي: دورٌ مهم في إثراء النبض الأدبي في الإمارات وعلى امتداد الوطن العربي
في رحلة ملآى بالإبداع، لم يزل "برنامج دبي الدولي للكتابة" مستمراً في ترحاله بين الدول العربية، إضافة إلى الورش المحلية، عبر دوراته التي تعزز قيمة الكتابة بين أوساط الشباب، وتبرز أهمية الكتاب في نشر المعارف، ويستثمر الطاقات الإبداعية الكامنة في أقلام امتلكت بذور الموهبة واحتاجت إلى تثقيفها بخبرات رواد الكتابة الذين جمعت فيما بينهم مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، لتكون المبادة الخلاقة التي آتت أكلها ثماراً نضيرة من المبدعين الذين حاز بعضهم شرف التكريم في عدد من الملتقيات والجوائز المرموقة، وهو ما يدل أوضح دلالة على وضوح الرؤى التي تأسس البرنامج عليها. وهو مما يُحسب لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة المعنية بتمكين الأجيال المستقبلية من ابتكار حلول مستدامة؛ لتيسير عملية المعرفة والبحث في العالم العربي، وإطلاقها عام 2013 "برنامج دبي الدولي للكتابة"، المشروع الاستراتيجي المعني بتأسيس وتعزيز إمكانيات وقدرات المواهب الإبداعية الشابة في الوطن العربي.
وبهدف معرفة أبعاد مثل هذا البرنامج ورصد القيمة المعنية بالكتابة الإبداعية في عالمنا العربي، وفي مقدمتها تلك التي تمتلك مشروعاً مستداماً برؤية مستقبلية لتأسيس أجيال من المبدعين في مختلف مجالات الأدب والثقافة والمعرفة، أدلى عدد من أبرز الكتاب والشعراء والنقاد والمفكرين المبدعين بآرائهم وتطلعاتهم واقتراحاتهم حول القيمة الفعلية لبرنامج دبي الدولي للكتابة أو رديفه من المبادرات.
فكرة خلّاقة
الدكتور جواد الأسدي أحد أبرز رواد المسرح العراقي والعربي يعود إلى فضاءات أوسع في رحاب الكتابة الإبداعية وجذورها التاريخية لدى حديثه عن دور برنامج دبي الدولي لكتابة ويقول: ترسخت فكرة الكتابة ابتداء من الثقافة اليونانية والرومانية وقبلها عبر البابليين وحمورابي، تالياً ثقافات الشعوب وخواصها اللغوية والمجتمعية وظهور كتابة القصيدة والرواية والقصة والمسرح كنصوص فنتازية متخيلة، تعيد تركيب الأرواح وعقول الناس والارتقاء بها إلى جماليات عالية التنوعات اللونية سحراً ومعرفة. ويؤكد الأسدي أن إطلاق الورشات الكتابية فكرة حضارية خلّاقة تعطي فرصة صلبة لإعادة كتابة يوميات العلاقات الإنسانية ونسيجها المركب المتناقض المتشابك، الذي يعطي للكتابة ظلالاً بعيدة عن "المونوتون" والإيقاع الميت، إذ إن اشتباك ثقافات الجنسيات المختلفة ولغاتها بتقاليدهم ورغباتهم في ابتكار خواصهم من جهة، والنسيج الذي سيتشكل في العلاقة مع الآخر من جهة أخرى، سيعطي حصيلة عيش حديثة وجرس موسيقي لغوي مختلف، والذي سيؤسس كيانات نصية لمقترحات قصصية وروائية ومسرحية وتشكيلية وحتى موسيقية.
تنمية الطاقات
ويحكي الشاعر اللبناني شوقي بزيع، قائلاً: أنطلق بداية من الدور الرائد الذي تلعبه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة منذ سنوات في مجال الثقافة والفكر والإعلام والأنشطة الثقافية المختلفة، تلك التي تسهم وستسهم بالتأكيد في تعزيز اللغة العربية التي تحدث الكثيرون عن ضمورها وتراجعها. وأعتقد بأن الوقت لم يفت من أجل إعادة وضعها على خارطة الإبداع في العالم العربي. وأنا على قناعة أن المؤسسة تقدِّم من هذه الزاوية إسهامات كثيرة في ذلك الشأن.
ويضيف بزيع: أما فيما يخص "برنامج دبي الدولي للكتابة"، فإن للبرنامج من حيث المبدأ إيجابيات عديدة، تؤكدها ورش الكتابة التي تم إنجازها خلال السنوات الماضية على مستويات القصة والرواية والمقال. وقد استطاعت هذه الورش أن تقدم لنا أسماءً هامة لم نكن قد انتبهنا إليها من قبل، ومع أن الإبداع في رأيي هو عمل "بريٌّ" يعتمد على البراءة والفطرة بالدرجة الأولى، وعلى قوة الشغف والموهبة بشكل أساسي، فإن البرنامج يستطيع أن يتلافى التدخل المباشر في النصوص، ليكتفي بترشيد المواهب الشابة من خلال تطوير بعض التقنيات التي تعوز الناشئة في مقتبل أعمارهم وتجاوز ما كانت تقع فيه الكثير من المؤسسات التربوية، ذلك أن تدريس اللغة العربية في المراحل الأولى من التعليم، كانت تُقدَّم لنا من خلاله نماذج متشابهة من التلامذة، فهؤلاء كان يتم توجيههم لكتابة نص نموذجي يحذون حذوه ويستنسخونه بشكل شبه حرفي، بحيث نحصل على نص واحد لمجموعات متناظرة تشبه الفرق الكشفية أو الجيوش النظامية في مجتمعات الاستبداد.
تجربة فريدة
وتصف الكاتبة الكويتية هدى الشوا تجربتها في تدريب مواهب شابة ضمن ورشة الكتابة للطفل عن بعد التي نظمها البرنامج للكتاب أخيراً في الكويت: في ظروف جائحة الكورونا، سرعان ما تحولت ورشة كتابة أدب الطفل برعاية برنامج دبي الدولي للكتابة، التي كانت من المقرر أن تعقد في دولة الكويت، إلى ورشة تدريبية افتراضية "عن بعد"، بتهيئة الظروف اللازمة لتمكينها، مما سنح الفرصة لتجربة نوعية فريدة، عابرة للحدود. وقد تضمنت الورشة تسعة منتسبين من عدة جنسيات عربية تبادلوا فيها الخبرات والتجارب خلال لقاءات الدورة، لإنجاز مشاريع قصص أطفال جديدة جديرة بالنشر في ختام الورشة، نأمل أن تشكّل إضافة في عالم أدب الطفل العربي.
وتضيف الشوا أن الورشة ارتكزت على مدى أربعة أشهر على تطبيقات في مجال فن الكتابة، عبر مجموعة من المفاهيم والمعايير في كتابة أدب الطفل، كاختيار الخيارات الفنية الواعية في الكتابة، واختيار الألفاظ والتراكيب اللغوية المناسبة للفئة العمرية، واختيار الموضوع، وضمير السرد، والصيغة الزمنية، والخاتمة المناسبة. مبينة أن الورشة حققت الورشة حلم الكتّاب الشباب الواعد، الذين وجدوا بيئة حاضنة لصقل مواهبهم بطريقة علمية، وعبر الحوار الهادئ الفعال، إضافة إلى كونها فرصة لاستثمار الوقت في اكتساب وتطوير المهارات الكتابية وتلقي النقد البناء من قبل المدربة والزملاء، وصقل أدوات النقد وتطوير الحس النقدي والتقييم الذاتي لكل متدرب.
مشروع حضاري
يحرص الدكتور هيثم يحيى الخواجة على تضمين رأيه بعض المقترحات ليبدأ بقوله: لا غرو في أن "برنامج دبي الدولي للكتابة"، مشروع حضاري له أثره في الحاضر والمستقبل؛ لأن عالمنا العربي ولأن جيلنا الحاضر بحاجة كبيرة إلى رعاية في الأجناس الأدبية كلها. مثل هذه البرامج تؤسس بشكل علمي وصحيح للشخصية الإبداعية المستقبلية، وما دمنا نرعى الإبداع يمكننا أن نأمل في أن يكون لدى الأمة العربية مجموعة من المبدعين القادرين على العطاء النوعي والإبداع المتفوق.
ويستطرد الخواجة بالقول: تكمن أهمية هذا البرنامج وسواه في التأسيس للصف الثاني من المبدعين الذين نحتاجهم، لاسيما وأن الرواد الكبار بدأوا يترجلون عن الساحة الأدبية واحداً تلو الآخر. وعليه فلا بد لهذا البرنامج الذي ضم أكثر من 20 ورشة تدريبية، أن يؤتي أُكله في المستقبل.
إيمان بالإبداع
يقول الروائي والقاص الكويتي طالب الرفاعي: أرى أن "برنامج دبي الدولي للكتابة"، الذي أطلقته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة عام 2013، يُعدّ واحداً من أهم وأبرز المشاريع الإبداعية الثقافية العربية. وتكمن أهمية هذا البرنامج في صيغته العملية في احتضان ورعاية المواهب العربية الشابة في بيئاتها المحلية، حيث إن البرنامج يقدم ورش الكتابة الإبداعية في العواصم العربية. ويختار من تلك العواصم مدرِّسين/ مدربين متخصصين لهم نتاج إبداعي مشهود. ويقوم هؤلاء بدورهم في تدريب الشباب، عبر ورش تحوي مواد نظرية، وتالياً استقبال نتاجات الشباب والاشتغال عليها لحين وصولها للمستوى الفني الذي يؤهلها لأن ترى النور، بوصفها أعمالاً إبداعية شبابية بسوية الأعمال العربية الأخرى.
حصيلة معرفية
وتقول الكاتبة السورية د. مانيا سويد: لا شك في أن الأعوام السبعة السابقة من عمر برنامج دبي الدولي للكتابة قدمت حصيلة ثقافية وبنية معرفية عنوانها الكبير هو برنامج دبي الدولي للكتابة. هذا العطاء الذي تمثل في مجالات الكتابة وخطط تبادل الكتب ومسابقة "قصتي" والترجمة، أثرى دولة الإمارات والوطن العربي والعالم بأسره بالعديد من الدورات والبرامج التدريبية التي عقدت بإشراف نخبة من المدربين من الدول العربية ومن جميع أنحاء العالم. إلى جانب نشر أعمال المرشحين من المواهب الشابة في مختلف المجالات المعرفية والعلمية والبحثية والأدبية، من أجل الانطلاق بتلك المواهب من المحلية إلى العالمية، وذلك بالتعاون مع دور نشر محلية وعالمية تحظى بالثقة والسمعة الأدبية المشهود لها بها.
ترسيخ المهارة
ويؤكد الدكتور سمر روحي الفيصل، بقوله: ليس لديَّ شكٌّ في أنّ برنامج دبي الدّوليّ للكتابة مفيد للأدب والأدباء، شأنه في ذلك شأن مؤسّسة محمّد بن راشد آل مكتوم للمعرفة التي أطلقته، وحَرَصتْ على نجاحه، ووفَّرت الظّروف الموضوعيّة غير الرّبحيّة لاستمرار "ورشاته" طَوَال سبع سنوات. وظنّي، تبعاً لخبرتي في هذا الحقل، أنّ البرنامج نجح في أن يحلَّ العُقدة الكبرى، وهي الانتقال من التّدريب الجماعيّ إلى تنمية الموهبة الفرديّة في المرحلة الأولى، ثمّ الأخذ بيد الموهوب إلى الإنتاج في المرحلة الثّانية؛ لأنّ الأدب في مفهومنا العربيّ مازال عملاً فرديّاً، ونماذج الاشتراك في كتابة النّصوص عندنا قليلة، بل نادرة. والأمر الآخر المهمّ، في رأيي، هو قدرة البرنامج على ترسيخ مهارة الكتابة، وهي مهارة لغويّة قبل أيّ شيء آخر.
مفتاح الأسرار
وتؤكد سحر نجا محفوظ، قائلة: يعدُّ برنامج دبي الدولي للكتابة فرصة استثنائية فريدة، لمن أراد كشف أسرار عالم الكتابة بأنواعها على أيدي محترفين لديهم الخبرة الكافية لإضاءة درب من ينوي حقاً المواصلة في عالم الكتابة المبدع. وتضيفت بالقول: جميعنا، ككتّاب وضعنا اسمنا في هذا العالم بعد مجهود كبير، تمنينا لو أن أحدهم في بداية طريقنا قد أرشدنا إلى أفضل السبل للوصول إلى قلوب القراء دون الوقوع في الكثير من المطبات والأخطاء.
ويبقى القلم
الشابة الإماراتية مريم البلوشي، تقول: الكتابة هي من أهم عوالم الإبداع التي تنقل المرء من حالة إلى حالة، وتجعل منه قيمة ثقافية مهمة، تأتي من خلال اشتغاله على نفسه واستثماره في ذاته الإبداعية سواء بالقراءة أو الممارسة، أو التعلم على أيدي متخصصين ينقلون له معارف مهمة جدية في أصول الكتابة. وقد تكون الكتابة في غالبيتها هي حالة تأثر بموقف، مشاعر، ردة فعل، أو رغبة داخلية شديدة بنقل الوعي الداخلي كفضفضة إبداعية حرفية تنطبع بصورة قصة، مقالة، سرد، حوار على الورق.
وتبين البلوشي أن برنامج دبي الدولي للكتابة يعدُّ اليوم من البرامج المهمة التي أخذت بيد الكثيرين وأسست لهم قاعدة أدبية علمية، ذات ثوابت ومعارف طورت من الكثيرين وجعلتهم، أكثر ثقة ووعياً ومقدرة على استرسال الأفكار ونقلها لفكر القارئ المتلقي. وأن البرنامج كان ولا يزال مبادرة مهمة جداً في الدولة لمده جسور العلم والإبداع بين الأجيال، وبين المبدعين المتمرسين والمبدعين القادمين الذين هم ممتنون لهذه المبادرات التي وفرت ولا تزال توفر لهم الأدوات التي تمكنهم من ممارسة نعمة القراءة.
إعجاز في الإنجاز
ويحكي الناقد الفلسطيني والأديب سامح كعوش، قائلاً: يمثل برنامج دبي للكتابة صورة مشرقة عن سعي دبي للصدارة والمركز الأول في جميع المجالات، منها الكتابة والأدب وإنتاج الثقافة والصناعات الثقافية، وهو المجال الأرقى الذي تتنافس فيه الدول والأمم، والذي ترقى بحمل رايته الشعوب. فهذا البرنامج المستمر منذ العام 2013 بات يمثل ركيزة محورية من ركائز تنشيط التعبير الثقافي والأدبي لدى النشء، ومنصة إبداعية لاحتضان المواهب إسهاماً من دبي الرائدة في تحفيز حراك الثقافة والأدب الأصيل والمترجم، مع ما نتج عنه من تصدّر عدد من الملتحقين به ضمن أهم المسابقات والجوائز المحلية والعربية.
المدينة الفاضلة
وبالانتقال إلى المستشارة الإعلامية المتخصصة في الإعلام الثقافي في السعودية والشاعرة السعودية ميسون أبوبكر، فتقول: دبي كما أعتقد هي "المدينة الفاضلة" التي تهتم بالفكر إلى جانب التقنية والعمران، والثقافة إلى جانب الاقتصاد والسياسة، فدبي لم تغفل في مسيرتها نحو المستقبل الجانب المعرفي. وبصفتي أحد العاملين في الإعلام الثقافي وكأديبة وكاتبة، ممتنة جداً لمثل هذه المبادرات الرائعة وللجوائز التحفيزية التي تصدر عن مؤسسات دبي المعنية بالثقافة والأدب والمعرفة على اختلافها وتنوعها وكثرتها. وتحية من القلب إلى مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، التي استطاعت أن تكون انطلاقة حاضنة للكثير من الفعاليات والأنشطة الثقافية والأدبية.
وتختتم ميسون تصريحها: أُدين بالمحبة والعرفان لبرنامج دبي الدولي للكتابة المنبثق عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، لما يقدمه من دعم كبير في مجالات عدة كالترجمة والأدب والقصة وغيرها. وهذا نابع من صلتي واهتمامي بالثقافة والمعرفة، ولقناعتي أنه لا يمكن الوصول إلى عالم متقدم سوي، دون إرثنا الثقافي والفكري، ودون نبوغنا ونبوغ أبنائنا ودعم مواهبهم.
أبعاد تنموية
وتقول الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي: إن من يتابع برامج مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وما يسخّر لها من إمكانات مادية وبشرية كبيرة، سيشعر بالفخر والتفاؤل بمستقبل الأجيال المعرفي، وصعود الطاقات الإبداعية الشابة التي سيكون لها شأنها ليس على المستوى الوطني بل حتى على المستويين القومي والعالمي. ومن هذه البرامج المشرّفة برنامج "تحدي القراءة العربي"، و"برنامج دبي الدولي للكتابة" الذي تأسس عام 2013 ولا يزال يحتضن المواهب الشابة مسخّراً أفضل الكفاءات من المدربين ليشرفوا على فئات الكتابة وخطط تبادل الكتاب ومسابقة قصتي والترجمة وغيرها.
وتضيف الموسوي قائلة: إن البلد الذي خطط للوصول إلى المريخ، هو البلد الذي سيصل بأبنائه إلى أعلى مدارج العلم والمعرفة بفضل قيادته الحكيمة. شكراً لهذه المؤسسة الرائدة وللقائمين على تحقيق أهدافها المعرفية السامية.
رهان المستقبل
الروائية المصرية منصورة عزالدين تدلي برأيها في البرنامج قائلة: على مدى سنوات سبع، خلق برنامج دبي الدولي للكتابة لنفسه مكانة بارزة في المشهد الثقافي العربي، في وقت نحتاج فيه بشدة إلى كافة الجهود الممكنة للنهوض بحركة الإبداع والثقافة. ولعل أهم ما يميز البرنامج ويضاعف من أهميته، تركيزه على المواهب الشابة، أي إنه يغرس اليوم بذوراً لتزهر في الغد، ويرعى أجيالاً جديدة من الكُتَّاب المتسلحين، إلى جانب الموهبة، بالمعرفة والتأهيل الرفيع والانفتاح على العالم عبر محترفات الكتابة وخطط تبادل الكُتّاب وغيرها من أنشطة يتضمنها برنامج دبي الدولي للكتابة.
إثراء النبض
ويحكي الدكتور العراقي غانم جاسم السامرائي، أستاذ الأدب المقارن والترجمة الأدبية قائلاً: عند التفكير بالشباب الذين يمتلكون موهبة الكتابة، تتبادر إلى أذهاننا ضرورة صقل تلك الموهبة ورعايتها من خلال برامج للتدريب المنتظم. وحيث إن الموهوبين، بطبيعة الأشياء، يكتسبون المهارات الأساسية في الكتابة بطريقةٍ أيسر وأسرع من أقرانهم، فهم بحاجة إلى برامج تسهم في تمكينهم من الارتقاء بتلك المهارات إلى مستوياتٍ تتعدى ما توفره البرامج الدراسية التقليدية. وتؤدي برامج التمكين هذه إلى إكساب المتدربين شعوراً بالإنجاز الشخصي يعزز لديهم الكفاءة والفاعلية.
ويضيف السامرائي: بينما تعجز البرامج الدراسية النمطية أحياناً عن خلق روح التحدي أمام أولئك الموهوبين، تنبري المؤسسات الثقافية والأكاديمية المؤمنة بقدرات الشباب وحيويتهم للنهوض بمسؤولياتها في تحفيزهم على الإبداع. وفي هذا الإطار، يُعتبر برنامج دبي الدولي للكتابة، أحد تلك المحاولات الجادّة الرامية إلى احتضان الشباب الموهوبين وتنمية قدراتهم وتطوير مهاراتهم في ميدان الكتابة. ولهذا البرنامج، من دون شكّ، دورٌ مهم في إثراء النبض الثقافي والأدبي في دولة الإمارات وعلى امتداد الوطن العربي الكبير.
مواجهة التحديات
الدكتورة الأردنية سهير العلمي المتخصصة في اللغويات التطبيقية باللغة الإنجليزية والأستاذ المشارك في جامعة الغرير بدبي، تقول: يسرني أن أشكر برنامج دبي الدولي للكتابة، لإسهاماته المميزة في رعايته وصقله لجيل وأجيال مستقبلية من المواهب. والحقيقة أن البرنامج قام بجهود رائدة في إعدادهم لمواجهة تحديات العالم المعاصرة وشحذ قدراتهم وطاقاتهم الكامنة وتحفيزهم على المثابرة وصولاً إلى الإبداع. ومما لا شك فيه أن جهود القائمين على البرنامج التي لمسناها في بروز العديد من الأسماء اللافتة.
وتضيف العلمي: كذلك الأمر بالنسبة للمسابقات الهادفة التي يطرحونها والتي من شأنها تنمية ملكاتهم في شتى المجالات على المدى البعيد. والشكر موصول لاهتمامهم بالترجمة كعنصر حيوي من الإبداع والارتقاء بالأدب. وكلي أمل بمسيرة ونهج البرنامج لرفد الساحة العربية عبر السنوات بكتابة إبداعية علمية حرة.
برنامج نوعي
يُعدُّ برنامج دبي الدولي للكتابة، الذي أُطلقته مؤسسة محمد بن راشد أل مكتوم للمعرفة في أكتوبر عام 2013، بتوجهات من سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد رئيس المؤسسة، من أكثر الإسهامات الإبداعية إثراءً للحركة الفكرية والأدبية. ويهدف البرنامج إلى تشجيع وتمكين الطاقات الشابة ممن يمتلكون موهبة الكتابة في شتى مجالات المعرفة من العلوم والبحوث والتاريخ والأدب، والوصول بهم إلى العالمية.
ومنذ انطلاقته في العام 2013 نظم البرنامج عشرات الورش التدريبية داخل وخارج الإمارات، وتم تخريج أكثر من مائتي كاتب وضعوا أقدامهم على الطريق الصحيح، كما تم نشر البرنامج أكثر من مائتي كتاب من إنجازات تلك الورش. وقد عمل البرنامج أيضاً على إرسال وفود من الكتّاب الإماراتيين والعرب إلى دول مختلفة للاطلاع على ثقافات الشعوب ومعايشتها والكتابة عنها، وفي المقابل استقبل البرنامج كُتاباً من حول العالم عايشوا الحياة في الأمارات وكتبوا عنها بلغاتهم.
وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، أطلقت مؤسسة محمد بن راشد أل مكتوم للمعرفة مسابقة القصة القصيرة «قصتي»، بهدف الارتقاء باللغة العربية وفنونها بين فئات الطلبة لنشر القيم الثقافيَّة بين أفراد المجتمع، وحفظ التراث الثقافي الشفوي، وترسيخ الموروث الشعبي في نفوس أبناء الدولة.
حازت عدة كتب من إصدارات البرنامج على العديد من الجوائز المرموقة: كرواية "حارس الشمس" لإيمان اليوسف، التي فازت بالمركز الأول في جائزة الإمارات للرواية 2016، وقصة "الدينوراف" لحصة المهيري، الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الثانية عشرة عن فئة أدب الطفل 2018، ورواية اليافعين "رسالة من هارفرد" لمريم الزرعوني التي تم تكريمها بجائزة العويس للإبداع ضمن الدورة الخامسة والعشرين في فئة أفضل كتاب للطفل 2018، كما قررت قصة "سقف الأحلام" لبدرية الشامسي في المنهج الدراسي للصف الرابع الابتدائي، حسب اختيار وزارة التربية والتعليم.
حقق برنامج دبي الدولي للكتابة شهرة واسعة على الصعيدين المحلي والعربي، وأعطى قيمة مضافة لمفهوم التدريب العملي والافتراضي، حيث انتظم عشرات الموهوبين في حلقات تدريبية عن بُعد من مختلف الأقطار العربية، وبذلك يكون البرنامج من أوائل البرامج التي تطبق التدريب الافتراضي وتقفز به إلى واجهة البرامج الناجحة.