مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة تستعرض استشراف آفاق الاستثمار وتحديات اللغة العربية في نقل المعرفة
دبي، الإمارات العربية المتحدة، 30 مايو 2022، واصلت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، إقامة العديد من الفعاليات المصاحبة لجناحها ضمن معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ31؛ إذ عقدت عدداً من الجلسات النقاشية والندوات الحوارية المنبثقة عن مبادراتها المعرفية المتنوعة، خلال يومي 26 و27 مايو الجاري، استعرضت من خلالها استشراف آفاق الاستثمار، والاستدامة في القطاع الخاص، وتحديات اللغة العربية في نقل المعرفة.
واستقبل جناح المؤسَّسة وفوداً رفيعة المستوى من دوائر ومؤسَّسات حكومية عدة، علاوة على شخصيات بارزة وفاعلة، للاطلاع على مبادراتها ومشاريعها المعرفية، التي على رأسها مركز المعرفة الرقمي الذي يُعدُّ منصة عربية مفتوحة تشمل 1.7 مليون مادة رقمية، وتتيح حلولاً لبناء المكتبات الرقمية ومشاركة المحتوى للجامعات والمدارس والمؤسَّسات الحكومية.
حوارات المعرفة
ونظَّمت المؤسَّسة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، جلستين ضمن سلسلة "حوارات المعرفة"؛ حيث ناقشت جلسة بعنوان "الاستدامة في القطاع الخاص: من المسؤولية الاجتماعية إلى الحوكمة البيئية والاجتماعية"، الأهمية الكبيرة لتبنّي ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية في القطاع الخاص، بمشاركة إيفانو إيانيلي مستشار في التنمية المستدامة، الإمارات العالمية للألمنيوم، وأدارت الجلسة ستيفاني البستاني، محللة برامج، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وقدَّم إيانيلي في بداية الجلسة عرضاً تقديمياً استعرض من خلاله أهمية تبنّي شركات القطاع الخاص معايير واضحة ومحدَّدة للحوكمة البيئية والاجتماعية في ظلِّ التحديات العالمية الراهنة، مشدداً على أنَّ الشركات لا يمكنها التفكير بشأن الاستدامة فقط من خلال الترويج لملصقات على منتجاتها أو القيام بحملات تسويقية، بل يجب أن تقوم بجهود فاعلة في هذا الأمر، والتحلّي بالنزاهة والمرونة، خاصة بعد ما تعرَّض له العالم خلال العاميين الماضيين من مخاطر مرتبطة بجائحة "كوفيد-19"، والتي فرضت مواكبة العديد من التغيُّرات من خلال آليات وأساليب لم يتم العمل بها من قبل.
وأشار إيانيلي إلى أنَّ الشركات مطالبة بالتكامل مع الخطط الحكومية وفق الجدول الزمني الذي تمَّ تحديده من قِبَل الحكومات في اتفاقية باريس للمناخ في العام 2015، والتعاون بشكل كبير مع المسرعات الحكومية والقطاعات الأخرى لتخفيض البصمة الكربونية استناداً إلى منهجيات متوازنة تضع في الاعتبار إدارة الموارد بالشكل الصحيح، وذلك ما أجّل تفادي تعرُّض العالم لكوارث طبيعية، موضحاً أنَّ الوضع البيئي سيتحوَّل إلى الأسوأ في الوقت الحالي، وهناك حالياً دول في شرق آسيا والشرق الأوسط تعاني من بعض العواصف بسبب انحدار الوضع البيئي.
وتابع: "وضعت اتفاقية باريس للمناخ حجر الأساس بالنسبة للحكومات والقطاع الخاص للسير على الطريق الصحيح، وذلك بجانب الالتزامات القارية الأخرى مثل "الصفقة الخضراء" في الاتحاد الأوروبي والتي تهدف إلى اتباع كافة المؤسَّسات أسساً مستدامة واجتماعية".
ولفت إيانيلي إلى أهمية أن يكون لدى الشركات المزيد من الشفافية بشأن نشر البيانات المتعلقة بتطبيق معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية، وإجراء التقييم الدوري لهذه المعايير من خلال إصدار تقارير حول الاستدامة، خاصة أنَّ التقييم يوضِّح نقاط الضعف الرئيسة، ومدى توافق هذه الأنظمة مع التوجُّهات الجديدة، مؤكداً أنَّ الأنظمة التي تعمل بها الشركات حتى الآن ليس ما نطمح إليه، لكنها خطوة تحتاج إلى المزيد من التحفيز نحو المستقبل المنشود.
وأضاف إيانيلي: "تلعب التكنولوجيا دوراً مهماً في دعم التحوُّلات بالحوكمة الاجتماعية والبيئية، وتخلق فرصاً أكبر للتغيير والمضي قدماً نحو الانبعاثات الصفرية، كما أنَّ الخدمات الهندسية والقانونية والخدمات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي المتطور، هي من المهارات التقنية المستقبلية المطلوبة لتحقيق هذا التحوُّل".
في حين ناقشت سارة مدلل القحطاني رئيس قسم الشرق الأوسط، "Mercury Capital"، آفاق الاستثمار خلال الأزمات، في الجلسة الثانية من جلسات "حوارات المعرفة" بعنوان "استشراف آفاق الاستثمار في وقت الأزمات".
وتحدَّثت القحطاني في بداية الجلسة عن وضع الأسواق العالمية ما قبل جائحة "كوفيد-19" مشيرة إلى أنَّ الأسواق كانت في ذروة نموها، وتتمتَّع بالازدهار مع وجود آفاق مستقبلية واعدة وإشارات إيجابية كثيرة نحو التحوُّل الرقمي، ولكن مع تفشّي الوباء عالمياً، بدأت مرحلة الانهيار في الأسواق وسرعان ما فقدت 30% من قيمتها، علاوة على توقُّف حركة السفر والتجارة، واستمرار توارد الأخبار السيئة تباعاً، ما سبَّب كلَّ ذلك آثاراً مدمرة للاقتصادات.
وأوضحت القحطاني أنَّ شركات التكنولوجيا كانت المستفيد الأكبر من هذه الأزمة، مواصلة تحقيق قفزات كبيرة في النمو، وأنَّ الشركات التي استطاعت أن تواكب التحوُّل الرقمي قبل الوباء تمكَّنت من المضي قدماً، مشيرة إلى أنَّ الذكاء الاصطناعي والأنظمة الرقمية والتقنيات الناشئة والحديثة هي من أبرز المشاريع الاستثمارية الجديدة، حيث يمكنها أن تضمن 30% من إنتاج الغذاء العالمي خلال الأوبئة، وتوفِّر الحلول للتحديات اللوجستية وسلاسل الإمداد.
ولفتت القحطاني إلى أنه من الضروري في الوقت الراهن دعم الاستثمارات التي تجعل العالم أفضل، مثل صناعة السيارات الكهربائية واستخراج الهيدروجين الأخضر، وتعزيز مصادر الطاقة والطاقة الخضراء، فضلاً عن ترسيخ فرص التمويل عبر تمكين هذه المشروعات، مضيفة أنَّ هناك فرصاً للاستثمار خلال أوقات الأزمات.
استراحة معرفة
في إطار "استراحة معرفة"، إحدى مبادرات المؤسَّسة الهادفة إلى ترسيخ ثقافة القراءة ودمجها في الحياة اليومية، عقدت عدداً من الجلسات النقاشية، حيث تم تنظيم جلسة تحت عنوان "أطفالنا ومكتسبات الصورة المرئية"، بمشاركة الكاتبة ري عبدالعال. فيما أقيمت جلسة بعنوان "التحوُّلات المعرفية في الخليج العربي"، بمشاركة الدكتور حسن مدن، وأدارت الجلسة رولا البنا.
كما نظَّمت جلسة بعنوان "المدينة والإنسان في ماكيت القاهرة" بمشاركة الكاتب طارق الإمام، وأدارت الحوار الإعلامية صفية الشحي.
برنامج دبي الدولي
أطلق "برنامج دبي الدولي للكتابة"، الذي يهدف إلى تشجيع وتمكين المواهب الشابة ممن يمتلكون موهبة الكتابة في شتّى حقول المعرفة، ورشة بعنوان "كُتّاب الغد.. الإمارات بعد خمسين عاماً"، كما أقيمت احتفالية لإطلاق الكتب المنجزة في ورشة "القصة القصيرة 2020".
مبادرة بالعربي
وفي ضوء مبادرة "بالعربي" الهادفة إلى دعم اللغة العربية والمحافظة عليها والحث على استخدامها، نظَّمت المؤسَّسة، جلسة نقاشية بعنوان "الحلول الرقمية لدعم اللغة العربية وأثرها في تطوير مجتمع المعرفة"، بمشاركة الدكتور خالد عبدالفتاح مستشار حلول رقمية ومعرفية بالمؤسَّسة، والدكتور عماد عبدالعزيز، استشاري في مجال الدراسات بهيئة الشارقة للوثائق والأرشيف، وأدار الجلسة الأستاذ حسين درويش.
وناقش المتحدثون الخصوصية التي تتمتَّع بها اللغة العربية من حيث الخصائص البنيوية والمعرفية مقارنة بغيرها من اللغات، وما تمتاز به من مرونة وقدرة على الاستيعاب، لتتمكن على مدار السنوات من استيعاب الكثير من المصطلحات والمفردات، مشيرين إلى أنه بالرغم من ذلك فإنَّ هناك ندرة في المحتوى العربي الرقمي الذي لا يمثِّل سوى نسبة 3% من إجمالي المحتوى الرقمي العالمي، وذلك بالمقارنة بمحتوى اللغة الإنجليزية الذي يمثِّل ما نسبته 50% من إجمالي المحتوى الرقمي.
وأرجع المتحدثون تدنّي ندرة المحتوى العربي الرقمي إلى أدوات التحوُّل الرقمي التي ابتكرت في البلدان الغربية وخُصِّصت لدعم اللغة الإنجليزية، ما أدّى إلى تأخُّر هذه الأدوات نحو 20 عاماً حتى تستطيع القدرة على معالجة اللغة العربية.
وأكَّد المشاركون أهمية تبنّي سياسية ثقافية واحدة لدعم اللغة العربية رقمياً وتحقيق الاستفادة من التراث الفكري والمعرفي الذي تتمتَّع به والترسيخ من عولمتها، خاصة الفصحى منها، مستعرضين في هذا الإطار دور مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة من خلال مبادراتها المتنوعة والتي من بينها برنامج دبي الدولي للكتابة، ومبادرة بالعربي، ومركز المعرفة الرقمي الذي يتيح المحتوى العربي مجاناً ودون أيِّ قيود.