محمد بن راشد للمعرفة تضيء على جماليات البلاغة في القرآن والسنة
في جلسة حوارية نظَّمتها مبادرة "بالعربي"
عقدت "بالعربي"، إحدى مبادرات مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، جلسة معرفية حول "البلاغة في القرآن الكريم والسنة النبوية"، حيث استضافت الدكتور يوسف العليوي، أستاذ البلاغة المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأدارها الدكتور زيد الخريصي، الباحث في البلاغة القرآنية في جامعة الإمام محمد بن سعود؛ وذلك في إطار حرص المؤسَّسة على تزويد الجمهور بالفوائد التي تغني ثقافتهم العربية، وانطلاقاً من أهداف مبادرة "بالعربي" في تعزيز لغة الضاد ونشر إبداعات استعمالاتها لتسهم في استمساك الأجيال بلغتهم الأم والعناية بالتحدث بها ومعرفة أسرارها.
وأكّد الدكتور يوسف العليوي أنَّ الحديث عن بلاغة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة حديث طويل وممتع، فهو يطوف بنا بين رياحين الفصاحة وأفانين البلاغة التي أعجز الله تعالى بها أهل البيان، حتى إنَّ فصحاء العرب عندما سمعوا آياته ما كان منهم إلا أن يسلموا له عنان عقولهم وأفئدتهم، فمنهم مَن آمن به وصدَّقه، وحتى مَن أعرض عن الإيمان منهم فإنه لم يكن لخفي وقع آياته على نفسه بأن قال: "والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً؛ ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن؛ والله إنَّ له لحلاوة، وإنَّ عليه لطلاوة، وإنَّ أعلاه لَمُثمِر، وإنَّ أسفَلهُ لَمُغدِق، وإنّه يعلو ولا يُعلى عليه".
وأضاف الدكتور يوسف أن الله سبحانه وتعالى أيد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالبيان والفصاحة، فهو أفصح العرب لساناً، وأبينهم قولاً، وأعلاهم فصاحة، وهو أصدق العرب لهجة وإتقاناً لأسرار لغة الضاد.
وأوضح أستاذ البلاغة المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أنَّ البلاغة لا تعني بحال قوة الألفاظ واستعمال العبارات الغريبة، أو غير المفهومة للناس، وهذا مما يظنه الكثيرون خطأ، فالبلاغة هي الإبانة عن المعنى المقصود في أحسن نظم يطابق مقتضى الحال. فإذا لم يكن الكلام مطابقاً لمقتضى الحال فإنه لا يُعدُّ بليغاً مهما كان صحيحاً من الناحية النحوية واللغوية، ومن هنا جاءت العبارة الشهيرة: "لكل مقام مقال". وفصاحة المتكلم لا تعني أن ينطق بالغريب من الألفاظ، بل الفصاحة تعني وضوح الكلام وسهولة نطقه والإبانة والبعد عن التعقيد.
وعن البلاغة القرآنية والنبوية، أشار الدكتور يوسف العليوي إلى أنَّ البلاغة في القرآن الكريم والسنة النبوية نوع خاص من البلاغة، فبلاغة القرآن وصلت إلى حد الإعجاز الذي تحدّى به العرب والفصحاء قاطبة. فالقرآن الكريم متفرِّد في أسلوبه عن أساليب العرب كافة مع أنه نزل بلغتهم وألفاظهم وكلامهم، والقرآن يؤكِّد هذه الحقيقة مراراً. وقد تحدى العرب والعالم والإنس والجن على أن يأتوا بفصاحة وبلاغة القرآن الكريم، وهذا التحدي مستمر حتى نهاية العالم.
وعن الجانب المعجز في البلاغة القرآنية، أفاد الدكتور يوسف بأنَّ علماء العربية والتفسير البياني، الذي يعدُّ من التفاسير التي أخذت حظّها عبر العصور، يسعون جاهدين إلى استنباط واستخراج الأسرار البيانية في القرآن الكريم، ومع ذلك فإنه لا يمكن لنا أن نضع أيدينا على كنه الإعجاز البلاغي تحديداً، بل غاية الأمر أننا ندرس بعض أساليبه.
وأكَّد الدكتور يوسف أهمية أن يدرك المفسِّر خصوصيات التركيب والأساليب التي تعطي كلَّ تركيب خصوصية معينة، من وصل وفصل وتعريف وتنكير وتقديم وتأخير، وغيرها؛ لأنَّ تمام المعنى المقصود يتوقَّف على إدراك خصوصيات هذا النظم.