"قمة المعرفة" تناقش الأمن المائي والقيادة الناجحة أثناء الأزمات وإعادة هيكلة الوظائف والتعليم القائم على التنمية
دبي، الإمارات العربية المتحدة، 17 مارس 2022- واصلت الدورة السابعة من "قمة المعرفة"، فعالياتها لليوم الثالث على التوالي، وذلك عبر الجلسات الافتراضية التي انطلقت يوم الأربعاء 16 مارس، وتستمر حتى 18 مارس، وذلك بعد أن اخُتتمت الجلسات الحضورية في مقر "إكسبو 2020 دبي".
القيادة الناجحة أثناء الأزمات
تناولت أولى الجلسات الافتراضية التي حملت عنوان "القيادة الناجحة أثناء الأزمات: تحوُّل المجتمعات وقيادة الابتكار"، عدداً من المحاور المتعلقة بأهمية الابتكار في الأزمات، وكيفية بناء مؤسَّسات قادرة على الصمود في مرحلة ما بعد الجائحة، إضافةً إلى أهمية الاستثمار في رأس المال البشري وتشجيع الموظفين على الابتكار.
وشارك في الجلسة كلٌّ من دان جون، المدير العام للابتكار العالمي في MTR Corporation، وجون ميتسالار، أستاذ ممارسة الإدارة في كلية سولفاي بروكسل للاقتصاد والإدارة، وغابور بيرت، خبير ابتكار.
وتحدَّث دان جون في البداية عن آثار جائحة "كوفيد–19" على تغيُّر الحياة والأعمال خصوصاً في هونغ كونغ، وكيف فرضت على الجميع الاستعداد للاستجابة للجوائح بمرونة وآفاق جديدة في التفكير، مشدداً على أهمية تغيير العقلية التي تفكِّر بها الشركات، والبحث عن أساليب وحلول للصعوبات التي تواجهها، مستعرضاً في ذلك الإطار تجربة شركة "إم تي آر" بتوجيه الأشخاص إلى التفكير بأساليب جديدة، والبحث عن حلول للتعافي بعد التغييرات المتسارعة التي فرضتها الجائحة.
من جانبه، تحدَّث جون ميتسالار عن تبدُّل الحياة ما بعد الجائحة في العديد من دول العالم وحتى الكبرى منها، إضافةً إلى تغيُّر طرق تفكير الناس، واصفاً فترة ما بعد الجائحة بأنها عملية تغيير وإعادة تشكيل للمفاهيم، ومؤكداً أهمية المرونة في مواجهة الأزمات، والنظر إلى الأزمات على أنها محنة قد تتحوَّل إلى منحة، تستفيد وتتعلم الشركات منها، وتعيد التفكير في أساليبها الإدارية مستقبلاً.
من جهته، أكَّد غابور بيرت أهمية استثمار الشركات في الابتكار، والاستفادة من التطورات التكنولوجية والاهتمام بالتحوُّل الرقمي كجزء من استراتيجيتها للوصول إلى أهدافها، مشيراً إلى دور الشركات في استثمار الأزمات وخلق طرق جديدة ومبتكرة للاستجابة لها مستقبلاً.
إعادة هيكلة الوظائف وعمليات التوظيف
ناقشت الجلسة الافتراضية الثانية التي حملت عنوان "إعادة هيكلة الوظائف وعمليات التوظيف"، تأثير التكنولوجيا في مستقبل العمل، وكيف يمكن التكيُّف مع التغيُّرات المستقبلية، وأهمية اكتساب المهارات الناعمة بالنسبة للجيل الحالي، والنظر في أنظمة التعليم ما قبل الجامعي، بمشاركة ديمة نجم، المدير العام لمؤسَّسة التعليم من أجل التوظيف في الإمارات.
واستعرضت نجم تأثير التحولات الصناعية الثلاث في سوق العمل، حيث كان للثورة الصناعية الأولى تداعيات على العاملين في القطاع الزراعي، والذين تحوَّلوا إلى العمل في القطاع الصناعي لمواكبة المتغيرات، وفي الثورة الصناعية الثانية كان هناك تحوُّلٌ وفقدانٌ في الوظائف، وذلك للتعامل مع المحركات الكهربائية، كذلك الأمر في الثورة الصناعية الثالثة، وهي الثورة الرقمية التي أدَّت إلى فقدان العديد من الوظائف التقليدية، واستندت إلى العاملين الذين يمتلكون مهارات التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت.
وأشارت ديمة نجم أنَّ الثورة الصناعية الرابعة تأتي بصورة متسارعة أكثر من المتوقع، وأدت جائحة "كوفيد-19" إلى تسارع التحوُّل للعمل عن بُعد، مؤكدة أنه ليس هناك متسع من الوقت كما كان في الثورات الصناعية السابقة، للاستعداد والتأهب لتغيرات سوق العمل.
ولفتت إلى أنَّ الدول تحتاج إلى توفير البيئة الخصبة للشركات الناشئة وتأهيل الشباب محلياً بالمهارات الناعمة مثل التفكير الخلاق وريادة الأعمال، ومهارات حل المشكلات، حيث يستطيعون تأسيس أعمال مبتكرة وفريدة تستند إلى المستقبل.
من جانبٍ آخر، تناولت نجم أهمية امتلاك الشباب المهارات الناعمة الأساسية للحياة وسوق العمل، مشيرةً إلى أنَّ مشكلة الجامعات أنها تخرِّج أفراداً يمتلكون معرفة أكاديمية، ولكن تنقصهم المهارات الناعمة المهمة للحصول على فرص عمل، وأرجعت السبب إلى عدم التأهيل الكافي للاندماج بسوق العمل، وبالتالي يؤدي نقصها إلى مشكلات كبيرة أبرزها ارتفاع نسبة البطالة بين فئات الشباب في المنطقة.
إعادة التفكير في وسائل الإعلام لعصر ما بعد الوباء ويب 3
تناول توم غودوين الشريك المؤسس لـ ALL HAVE IS NOW، خلال الجلسة الثالثة التي عقدت بعنوان "إعادة التفكير في وسائل الإعلام لعصر ما بعد الوباء ويب 3"، المعلومات المضللة وكيفية بناء إنترنت أفضل للجميع، وما الدور الذي تلعبه التقنيات الناشئة في المستقبل.
وأكد غودوين أنَّ تقنيات الإنترنت والشركات العاملة في هذا المجال شهدت تطوراً كبيراً منذ العام 2006، وأشار إلى أنَّ جائحة "كوفيد-19" أثرت بشكل كبير في العالم، وأسهمت في سرعة تغييره، مشدداً على ضرورة أن يتخلى الناس عن نظرية المؤامرة الدولية بشأن الوباء، والعمل على تبنّي طرق جديدة للتعامل مع الجائحة ومصدرها.
وسلَّط غودوين الضوء على دور وسائل الإعلام الحديثة في التأثير على تفكير الناس ونظرتهم للحياة، مؤكداً أنَّ التقنيات خلقت بيئة إعلامية جديدة تختلف عن الطريقة التقليدية، لذا يجب أن يكون لدى الناس الوعي الكافي للتأكُّد بشأن ما ينشر، حيث إنَّ المعلومات المغلوطة تفقد العالم الثقة، واصفاً ما يحدث أنه عصر ما بعد الحقيقة، مطالباً وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية أن تكون صادقة وتوضِّح الصورة وتحسن النظرة الإيجابية للحياة.
وشدّد غودوين على أنَّ تقنية الميتا فيرس تعدُّ عملاً جيداً، وأنها سوف تسيطر على العالم، وقد بدأ بالفعل التكيُّف والتفاعل مع هذه المتغيرات بطريقة أو بأخرى، مؤكداً أهمية النظر إلى هذه الأشياء بطريقة إيجابية وعدم القلق بشأنها.
التعليم القائم على التنمية المستدامة: تأهيل صانعي التغيير من فئة الشباب
شارك في الجلسة الرابعة كلٌّ من سيفا ناندا، طالبة بالمرحلة الثانوية شغوفة بتطوير المعرفة الذاتية والرفاهية من خلال التعليم، وماريا إدواردا ليما طالبة بالمرحلة الثانوية، تمتلك شغفاً باستخدام التصميم للعمل على تحويل العالم إلى مكان أفضل، ولاريسا موريارا، طالبة بالمرحلة الثانوية أيضاً، شغوفة بإنشاء المدن المستدامة، وجنى عيسى طالبة بالمرحلة الثانوية، وهي مؤسِّسة مشروع HydroRight.
واستعرضت المشاركات تجارب كلٍّ منهن وحلولهن من أجل تأهيل صانعي التغيير من فئة الشباب، حيث أكّدت سيفا ناندا أهمية التعليم الذاتي لتطوير المعرفة، مشددة على ضرورة أن يكون الإنسان على قدر من الصبر والإيجابية لإيجاد الحلول، وأن يمتلك مهارات التعاون والتواصل مع الزملاء والطلاب من مختلف الفئات، مستعرضة تجربتها في تطوير Wonder والذي يساعد على التعليم الذاتي واكتساب المعرفة.
من جهتها أشارت ماريا إدواردا ليما إلى أهمية التطبيقات والتكنولوجية الحديثة في المساهمة لإيجاد مصادر أخرى للحصول على البيانات المختلفة وتحقيق المعرفة، فضلاً عن النظر إلى الحلول والتجارب الناجحة في مختلف بلدان العالم لاكتساب بعض المهارات التفكير في حل المشكلات، مؤكدة أنَّ كلَّ شخص لا يستطيع تغيير العالم، ولكن يستطيع تغيير نفسه، لذا يجب أن يمتلك مهارات القيادة الحكيمة لمعالجة المشكلات، والنظر بشغف نحو المعرفة لتحقيق عالم أفضل.
وألقت لاريسا موريارا الضوء على أفكارها نحو إنشاء المدن المستدامة، مشيرة إلى أنَّ التنمية المستدامة هي هدف الأمم المتحدة، وأنه يجب أن يتمَّ تغيير العالم إلى الأفضل لتحقيق المدن المستدامة، وأنَّ التعليم يلعب دوراً مهماً نحو تحقيق ذلك.
وفي السياق ذاته، قالت جنى عيسى: "يجب على الشباب النظر إلى التعليم بشكل أكثر أهمية، وزيادة التواصل فيما بينهم واستخدام وسائل الإعلام وتبادل المقالات المهمة، وذلك من خلال التعليم الذاتي وتطوير المهارات عبر الدراسات المعمقة للتحديات؛ مشيرة إلى أنَّ ذلك يرفع نسبة الطلبة المبتكرين والمبدعين الذين يسهمون في بناء المستقبل".
الأمن المائي: أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية
شارك في الجلسة الخامسة التي عقدت بعنوان "الأمن المائي: أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية البيئية"، سونيل لالفاني، المؤسِّس والرئيس التنفيذي لمشروع ماجي، وغالن ويلش، شريك مؤسِّس شركةJibu، وسلَّطا الضوء على سوء إدارة المياه وتحسين الأمن المائي من خلال التكنولوجيا.
واستعرض سونيل لالفاني مشروع ماجي الذي تأسَّس في دبي ويركِّز على إيصال المياه الصالحة للشرب للمجتمعات في جميع أنحاء إفريقيا، مؤكداً أنَّ الشركة استعانت بالتقنيات الحديثة في هذا الأمر، مثل استخدام ألوح الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء اللازمة لسحب المياه من باطن الأرض. وقد ساعد هذا النظام في حل مشكلة المياه وتقديمها بمعايير جيدة.
وأكَّد لالفاني على ضرورة أن تضع الحكومات في إفريقيا خططاً لإنشاء البنى التحتية لمياه الشرب الصالحة، وأن تحاول بقدر الإمكان على ذلك بالرغم من التحديات الكبيرة جداً، وأنَّ تغيير العقلية الاستثمارية للقطاع الخاص وتمكينها من وضع أهداف مهمة في هذا السياق، واستثمار الأموال في نماذج جديدة للبنى التحتية يمثل الداعم المهم، مشيراً إلى أنَّ ذلك ينمّي الاقتصاد ويؤثر في الحياة بشكل إيجابي.
من أشار غالن ويلش إلى أنَّ إفريقيا تفتقر إلى البنى التحتية المناسبة لإتاحة المياه، وأن المبادرات الإنسانية وحدها لا تستطيع معالجة كل مشكلات المياه بسبب النمو السكاني المتزايد في إفريقيا، مؤكداً أنَّ هذه البلدان في حاجة إلى إنشاء شركات ربحية صغيرة في قطاعات البنى التحتية، لتقدم بالدور الرئيس الذي لا تستطيع أن تقوم به الحكومة.
وأشار ويلش إلى تجربة شركة Jibu الرائدة في إفريقيا، التي توصل مياه الشرب وغيرها من المنتجات الأساسية لمئات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء شرق وجنوب القارة السمراء، وذلك استناداً إلى أهم التقنيات التكنولوجية، مشدداً على أهمية أن تعمل المجتمعات على تغيير ثقافة وسلوك الناس الاستهلاكية والتوقُّف عن هدر المياه وذلك لتحقيق الأمن المائي، قائلاً: "المياه المجانية مصدراً للاستخدام غير العقلاني، لذا يجب أن يدفع الجميع جراء استخدام المياه".
الجدير بالذكر أنَّ مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة تهدف إلى تعزيز المعرفة وتمكينها في مجتمعات المنطقة والعالم، باعتبارها هدفاً رئيساً وخطة عمل لبناء حلول أسرع وأدق للتحديات الصحية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، وتوفِّر مستقبلاً أفضل وطريقاً واضحاً للتنمية المستدامة. وتستمر الجلسات الافتراضية المرافقة للقمة حتى يوم الجمعة 18 مارس الجاري.