قواعد جديدة في لغة الإنترنت
مع توافر الأدوات التكنولوجية في حياتنا اليومية، واستخدامها لزيارة مواقع التواصل الاجتماعي أو في المراسات المهنية، صار من الضروري التركيز على اللغة التي نتحدّث بها مع بعضنا عبر هذه الوسائط، خاصة أننا نجد أنفسنا أمام حمات مغرضة وأخبار كاذبة كثيرة تخترق صفحات المتابعة لدينا بشكل يومي، وتؤثر في طريقة كتاباتنا ومناقشاتنا بشكل غير مباشر.
هنا نركز على طبيعة هذه اللغة، وكيفية تحديدها، وتطويرها، وعدم إعطاء الكلمة أكثر من المعنى الذي تحمله، فربما تحدث انفعالات عاطفية، وتوترات جراء إرسال كلمة أو شكل ضاحك أو صورة في توقيت غير مناسب، أو ربما يحدث سوء تفاهم لطريقة كتابة تعليق ما.
كما بات من المعلوم أن التكنولوجيا لا تقتصر على المستخدمين الكبار فقط، بل الصغار والمراهقين أيضاً منخرطون في استخدامها. وإزاء هذا، لا بد أن تكون هناك معايير وضوابط لاستخدام اللغة لدى الفئة العمرية الأصغر، كي لا تصبح ضحية كتابات أو مراسات أو ممارسات إنترنيتية خاطئة.
تغير اللغة
التقت «ومضات » الكاتبة الكندية جريتشن مكولوتش التي أكّدت لنا أنه «إذا كنت تتحدث مع أشخاص عبر الإنترنت في هذه الأيام، وكنت تواجه أحياناً سوء فهم، فيجب عليك قراءة كتابي «بسبب الإنترنت » لمساعدتك على فهم الطرق المختلفة التي يعبر بها الناس عن أنفسهم عبر الإنترنت».
وعند سؤالنا عن أهمية كتابها، علقت على ذلك بالقول: «أقضي كثيراً من الوقت على الإنترنت، ولا يمكنني حقاً إطفاء الجزء اللغوي في ذهني، فدائماً ما لاحظت أشياء مثيرة للاهتمام عن اللغة أينما ذهبت. لذلك كان من الطبيعي البدء في كتابة المقالات حول لغة الإنترنت في البداية، ثم استمر الناس في إرسال المزيد من الأسئلة إلي. أدركت في النهاية أنه كان هناك ما أقوله أكثر مما يمكن أن يصلح لمقال واحد فقط، لذلك كتبت كتابي هذا».
وعن فرض الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي تهديداً على الطريقة الرسمية للتواصل اليومي، قالت: «كانت هناك دائماً طرق رسمية وغير رسمية للتحدث، على الرغم من أن الطبيعة المحددة لما يبدو عليه الخطاب الرسمي وغير الرسمي قابلة للتغيير دائماً لأن اللغة حية، والأشياء الحية تتغيّر. الأمر المثير بالنسبة لي حول الإنترنت هو أن هناك كثيراً من هذا النوع غير الرسمي الذي يتم تدوينه. ولكن هذا لا يعني أن الناس سوف يتوقفون عن الكتابة في الأنواع الرسمية بشكل مطلق، لكن هناك المزيد من الكتابة في المجمل».
وبصفتها لغوية تتحدث عن التأثير المحتمل لوسائل التواصل الاجتماعي في نمو اللغة، قائلة: «من ناحية، تعني وسائل التواصل الاجتماعي أن الكلمة يمكن أن تنتشر بشكل كبير، تماماً مثل الفيديو المضحك، لذا فهذه هي إحدى الطرق التي يمكن للإنترنت من خلالها تكوين كلمات جديدة بشكل أسرع. ولكن من ناحية أخرى، فإن العديد من الأدوات التي نستخدمها لتسهيل الكتابة علينا يقوم بذلك من خال التنبؤ بالكلمات الموجودة بالفعل في قوائم الكلمات الخاصة بهم، والتي يمكن أن تبطئ التطور اللغوي الطبيعي. سيكون من المثير للاهتمام أن نرى، على سبيل المثال في غضون 100 عام، ما إذا كان لذلك تأثير صاف في تسريع أو إبطاء تغيير اللغة».
وعن توقعاتها المستقبلية قالت: «لقد كان من المثير حقاً بالنسبة إليَّ كوني لغويةً أن أرى الإنترنت الذي كانت قد هيمنت عليه اللغة الإنجليزية في العقود القليلة الماضية بالكامل تقريباً قد أصبح يضم مجموعة واسعة من اللغات المدعومة. وشخصياً أتطلع لرؤية هذا الاتجاه المستمر».
آداب العالم الافتراضي
من ناحية أخرى، تجد البوفيسورة والمؤلفة إليزابيث هارتني في موقع «فريويل مايند » أن هناك ضرورة اليوم في إدراك أن لغة الإنترنت وطريقة التحدث مهمة للغاية في علاقتنا مع الآخرين، نظراً للوقت الذي نقضيه على الإنترنت، كما أن قواعد الآداب مهمة في عالم الإنترنت مثلما هي في العالم الواقعي، والدليل على ذلك أن السلوك السيء يمكن أن يستمر في مطاردتك لفترة أطول. لذلك من الأهمية بمكان اتباع قواعد «نيتيكيت » الأساسية هذه، لتجنب إتاف علاقاتك عبر الإنترنت.
وتقدّم عشر نصائح في آداب التحدّث على الإنترنت، نوردها باختصار: «علينا إدراك أن الأناس الحقيقيين يجب أن تكون لهم الأولوية في تواصلنا، وما لا نقوله في وجه شخص ما، لا يجب قوله عبر الإنترنت، وما لا نظهره في الأماكن العامة، لا ينبغي مشاركته عبر الإنترنت».
وعن الصداقات والخصوصية والنشر تقول: «لا تحاول إلغاء صداقة بعد الموافقة على طلب صداقة من شخص ما، وضرورة احترام خصوصية الناس، ومن الأهمية بمكان عدم نشر شيء ما من دون التحقق من صدقه، كما لا تتأخر في الرد على البريد الإلكتروني، وإن استطعت ردّ على الفور، وحدّث معلوماتك على الإنترنت، خاصة إذا كان الناس يعتمدون عليها».
وترى أنه من السهل أن تفقد إحساسك بما يدور حولك عند استخدامك للتكنولوجيا، ولكن المشاركة المباشرة مع الآخرين أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى، وتعلق: «لا تنس التأثير الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه عن طريق إطفاء هاتفك وإجراء محادثة حقيقية وجهاً لوجه».
نصائح للمراهقين
وتطرح الكاتبة والبروفيسورة راشيل كاسادا لومان بعض النصائح لفئة المراهقين في موقع «سايكولوجي تودي »، نظراً لأنهم يقضون وقتاً طوياً على الإنترنت، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تجد أنه من المهم أن يقوم الآباء بمراجعة نصائح آداب السلوك على الإنترنت مع أبنائهم المراهقين.
لا تقف الكاتبة عند مسألة التواصل الاجتماعي فقط، بل تتناول كيفية إرسال البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو زيارة أو تصفح الإنترنت أيضاً، تقول: «مارس القاعدة الذهبية: قم بالتواصل مع الآخرين كما تريد منهم أن يتواصلوا معك. تذكر أن كل ما تنشره على الإنترنت متاح للجميع.. عندما تنشر أشياء عبر الإنترنت، فأنت تقوم بإنشاء بصمة إلكترونية. لا تستخدم جميع الأحرف الاستهلالية عند إرسال بريد إلكتروني أو نشر شيء ما. فجميع هذه الحروف والاختصارات شكل من أشكال الصراخ على الإنترنت».
وتضيف البروفيسورة لومان: «تكلم بلطف، فهناك شخص آخر في الطرف المتلقي، ولا تنشر الأشياء عندما تكون غاضباً أو في حالة عاطفية سيئة ليس من الجيد أن تنشر شيئاً ما عندما تكون عاطفياً، من الأفضل إمهال نفسك بعض الوقت لتطهير رأسك قبل التعامل مع الموقف».
وبشأن إعدادهم المستقبلي المهني، تشير إلى أنه من المهم إنشاء عناوين البريد الإلكتروني بطريقة جميلة، بعيدة عن السخافة، قائلة: «فسوف تستخدم عنوان بريدك الإلكتروني لتقديم طلباتك في الكلية وطلبات العمل والسيرة الذاتية وفرص المنح الدراسية. انظر إلى عنوان بريدك الإلكتروني، وفكّر هل يترك انطباعاً جيداً؟ إذا لم يكن كذلك، فاصنع حساباً آخر».
«علينا إدراك أن الأناس الحقيقيين
ينبغي أن تكون لهم الأولوية في
تواصلنا، وما لا نقوله في وجه
شخص ما، لا يجب قوله عبر الإنترنت،
وما لا نظهره في الأماكن العامة، لا
ينبغي مشاركته عبر الإنترنت .
كما تركز على أهمية الانتقائية فيما يتم تحميله على الكمبيوتر، ومراجعة الوالدين دائماً قبل نشر أي شيء، سواء تعلق بالمراهق نفسه أو أصدقائه أو أسرته، وتختم في النهاية بقولها: «لا تتحدث مع الغرباء. لا تدخل غرف الدردشة وتكشف عن أشياء سرية عن نفسك. قد تشعر أنك تعرف الشخص على الطرف الآخر من اتصالك عبر الإنترنت، لكنه يمكن أن يكون كاذباً، ولا تقدم معلومات شخصية وسرية عبر الإنترنت. لا تشارك أبداً اسمك الكامل أو عنوان منزلك أو رقم هاتفك أو رقم الضمان الاجتماعي أو كلمات المرور أو أسماء أفراد الأسرة أو أرقام بطاقات الائتمان. لا تدع الفضاء الإلكتروني يستهلك حياتك».
ومن ناحية الأمان تجد أنه من الضروري استخدام أسماء مستخدمين وكلمات مرور مختلفة، فمن المعروف أن العديد من المراهقين يستخدمون نفس اسم المستخدم وكلمة المرور لجميع مواقعهم، وهذه ليست فكرة جيدة. إذا اكتشف شخص ما معلومات الأمان الخاصة بهم، فسيتمكن من الوصول إلى كل شيء. من الأفضل إعداد أسماء مستخدمين وكلمات مرور متعدّدة لتوفير أقصى درجات الحماية.