Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

إصدارات - اقتصادات مناسبة لأزمنة عصيبة

ربما يكون التحدي الكبير في عصرنا هو معرفة كيفية التعامل مع المشكلات الاقتصادية الملحة اليوم التي جعلت الفكرة الكاملة للحياة الجيدة على المحك.

تشكّل الهجرة وعدم المساواة، والعولمة والاضطراب التكنولوجي، وتباطؤ النمو، وتسارع تغير المناخ، مصادر قلق شديد في جميع أنحاء العالم، من نيودلهي وداكار إلى باريس وواشنطن العاصمة. يجد هذا الكتاب أن الموارد متاحة لمواجهة هذه التحديات، إلا أن «ما نفتقر إليه هو الأفكار التي ستساعدنا على تجاوز جدار الخاف وعدم الثقة الذي يفرقنا. إذا نجحنا في ذلك، فسيتذكر التاريخ عصرنا بامتنان، وإذا فشلنا، فإن الخسائر المحتملة لا حصر لها».

يواجه الاقتصاديان الشهيران في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أبهيجيت ب. بانيرجي وإستير دوفلو، هذا التحدي، بالاعتماد على الأبحاث المتطورة لهما في الاقتصاد. وفي عملهما هذا، يطرحان أهمية التدخل الذكي المبني على الرحمة والاحترام، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

تُعَدُّ مسائل الاقتصاد والسياسة الاقتصادية أساسية للأزمة الراهنة، ويطرح المؤلفان مجموعة أسئلة في هذا الصدد: هل هناك شيء يمكن القيام به لتعزيز النمو؟ هل يجب أن يكون ذلك أولوية بالنسبة إلى الغرب الثري؟ وماذا أيضاً؟ ماذا عن انفجار اللامساواة في كل مكان؟ هل التجارة الدولية هي المشكلة أم الحل؟ ما هو تأثيرها في عدم المساواة؟ ما هو مستقبل التجارة - هل تستطيع البلدان ذات العمالة الرخيصة أن تغري التصنيع العالمي بعيداً عن الصين؟ وماذا عن الهجرة؟ هل تحدث بالفعل الكثير من الهجرة في صفوف ذوي المهارات المنخفضة؟ ماذا عن التقنيات الجديدة؟ هل يجب علينا، على سبيل المثال، القلق بشأن صعود الذكاء الاصطناعي أو الاحتفاء به؟ وربما بشكل أكثر إلحاحاً، كيف يمكن للمجتمع مساعدة كل هؤلاء الأشخاص الذين تركتهم الأسواق وراءهم؟

تأخذ الإجابات عن هذه المشكلات أكثر من تغريدة على تويتر بحسب الكاتبين، ويعلقان بالقول: «لذلك هناك رغبة في تجنبها. وكنتيجة جزئية لذلك، لا تبذل الدول سوى القليل من الجهد لحل التحديات الأكثر إلحاحاً في عصرنا. إنها تستمرّ في تغذية الغضب وعدم الثقة اللذين يستقطباننا، مما يجعلنا أكثر قدرة على التحدث والتفكير معاً وفعل شيء حيالها. غالباً ما يبدو الأمر وكأنّه حلقة مفرغة».

ويشيران إلى أن «بعض الأفكار الجيدة أحدثت للتو شرارات، كما فعلت بعض الأفكار السيئة أيضاً الأمر ذاته. بعض التغيير كان عرضياً، وكذلك بعض العواقب غير المتوقعة لشيء آخر. على سبيل المثال، كان جزء من الزيادة في عدم المساواة هو الجانب الآخر للاقتصاد اللزج، مما يجعل من المربح أن تكون في المكان المناسب في الوقت المناسب. في المقابل، أسهمت الزيادة في عدم المساواة في تمويل طفرة البناء التي خلقت وظائف لغير المهرة في مدن العالم النامي، مما مهد الطريق للحد من الفقر ». ويضيفان: «لقد أضعفت الاقتصادات السيئة الهبات الكبرى للأثرياء والضغط على برامج الرفاهية، وروّجت فكرة أن الدولة عاجزة وفاسدة والفقراء كسالى، ومهّدت الطريق أمام المأزق الراهن المتمثل في عدم المساواة وعدم الاستقرار الذي نشهده».

يرى الكاتبان خال فصول الكتاب أن «الاقتصادات العمياء أخطأت انفجار اللامساواة في جميع أنحاء العالم، والتفتُّت الاجتماعي المتزايد الذي صاحب ذلك، والكارثة البيئية الوشيكة، وتأخير العمل، ربما بشكل لا رجعة فيه". ويستشهدان بما كتبه جون ماينارد كينيز، الذي غير سياسة الاقتصاد الكلي بأفكاره، قائاً: "الرجال العمليون الذين يعتقدون أنهم معفون تماماً من أي تأثير فكري، عادة ما يكونون عبيداً لبعض الاقتصاديين المنهكين».

الأفكار مؤثّرة. الأفكار محرك التغيير كما يجد المؤلفان، ويعلقان في هذا السياق: «لا يمكن للاقتصاد الجيد وحده إنقاذنا. ولكن بدونه، محكوم علينا تكرار أخطاء الأمس. يتحد الجهل، والحدس، والإيديولوجية، والقصور الذاتي لإعطائنا إجابات تبدو معقولة، وتعدنا بالكثير، وتخوّننا بشكل متوقع. كما يوضح التاريخ، للأسف، مراراً وتكراراً، فإن الأفكار التي تفوز في النهاية يمكن أن تكون جيدة أو سيئة. ونعلم أن الفكرة القائلة بأن الانفتاح على الهجرة سيؤدي حتماً إلى تدمير مجتمعاتنا يبدو أنها تفوز هذه الأيام، رغم كل الأدلة على عكس ذلك».

وفي الختام، يشيران إلى أن "الماذ الوحيد الذي نواجهه ضد الأفكار السيئة هو أن نكون يقظين، ونقاوم إغراء «الحقيقة"، ونكون متشككين في المعجزات الموعودة، ونتساءل عن الأدلة، ونتحلى بالصبر في وجه التعقيد، والصدق بشأن ما نعرفه وما يمكن أن نعرفه. وبدون هذه اليقظة، تتحول النقاشات عن المشكلات متعددة الأوجه إلى شعارات، ورسوم كاريكاتورية، ويتم استبدال تحليل السياسات بعلاجات مزيفة. إن الدعوة إلى العمل ليست مخصصة فقط للاقتصاديين الأكاديميين - بل لنا جميعاً، حيث نريد عالماً أفضل وأكثر أماناً وإنسانية».

عن المؤلفين:

أبهيجيت ب. بانيرجي أستاذ الاقتصاد لمؤسسة فورد الدولية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. إستر دوفلو بروفيسورة كرسي عبد اللطيف جميل لتخفيف وطأة الفقر واقتصاديات التنمية في قسم الاقتصاد بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. المؤلفان فائزان بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2019 . كتابهما السابق هو «الاقتصاد السيئ: إعادة التفكير الجذري في الطريق إلى مكافحة الفقر العالمي ،» حاز جائزة فايننشال تايمز 2011 ، وجائزة غولدمان ساكس للأعمال لعام 2011 .