أول امرأة عربية تتولى مهنة القضاء في محكمة العدل الدولية: شمس العمرو
شمس العمرو:
مجالس التسامح مشروعي القادم في القانون
الدكتورة القاضية شمس عبد الله العمرو، سيدة عربية أردنية الأصل تبوأت أعلى المناصب القضائية على مستوى العالم، لتكون بذلك أول سيدة عربية تتولى مهنة القضاء في محكمة العدل الدولية، كما أنها رئيس ممثلية للمحكمة الدولية، لتسوية المنازعات في دولة الإمارات العربية المتحدة.
لها قصة كفاح وتحدٍّ تقف خلف كل هذه النجاحات التي حققتها، حاورتها مجلة «ومضات » على هامش قمة المعرفة، تحدثت فيها عن حكاية طموحها ورحلتها في عالم القانون، وأهمية المعرفة بالنسبة إلى القاضي، وروح التسامح في القانون الدولي.
* حدثينا بداية عن أهمية المعرفة بالنسبة إلى القاضي ومدى انفتاحه على العالم.
- للمعرفة دور كبير في تشكيل وبلورة شخصية القاضي الذي من المفترض ألا يتعامل فقط مع المادة القانونية التي يحكم بها، بل ثمة معرفة تقف خلف القضايا التي بين يديه. فعندما شاركت العام الماضي في قمة المعرفة استفدت الكثير من المعارف، وعملت على تسجيل المعلومات التي حصلت عليها، وكانت تجربة ناجحة في بلورة شخصيتي كقاضية وكذلك على الجانب الشخصي. وتوصلت إلى قناعة بأنني كقانونية ليس من مهمتي فقط حفظ القانون والعمل به، وإنما فهمه بطريقة معرفية وبأسلوب متطور منفتح على العالم، فالقانون الدولي بحر واسع من المعرفة والمعلومات، وعلى جميع العاملين في المجال القانوني والقضائي ألا يحصروا أنفسهم بين القوانين والإجراءات، بل ثمة معرفة تقف خلف كل ما ذكر.
* ونحن نودع عام التسامح في الإمارات.. برأيك، كيف يمكن أن نفعّل القانون الدولي ليكون أكثر تسامحاً؟
- مهنة المحامي أو القاضي بصفتها العامة تعمل بموجب مادة قانونية وأحكام قضائية، ولكن يستطيع أهل القانون استخدام القانون بطريقة إنسانية مرنة لتكون بذلك أكثر تسامحاً، فالبعد عن الصرامة في إصدار الأحكام والإجراءات، والعمل على حل القضايا بطريقة الصلح تجسد أرقى صور التسامح في القضاء، وهنا يأتي دور القاضي الذي يتعامل مع الخصوم باستخدام لغة الجسد لمعرفة نقاط القوة والضعف في كل شخصية، والعمل على حل الخلافات باستخدام أسلوب الإقناع بعيداً عن التقاضي.
ومن المعروف أن بعض القضايا تأخذ بعض الوقت في التقاضي والمرافعة، ومن الممكن أن تمتد لسنوات، وخاصة بالنسبة للقضايا المالية، بالتالي نعمل على التفاهم بين الأطراف، ليكون هناك أريحية وتسريع في إجراءات التقاضي. ومن خلال هذا الحوار أود الإعلان عن مشروعي التسامحي الذي سيبصر النور قريباً في عالم القانون والتقاضي، والمتمثل في مجالس للتسامح سيتم تعميمها على المحاكم الدولية، ومن الممكن تعميمها فيما بعد على المحاكم المحلية، ليكون التفاهم والحوار بين الأطراف المتخاصمة هي البداية في كل قضية.
* ما أبرز التحديات التي واجهتك كونك امرأة عربية تعمل في القضاء الدولي؟
- ثمة تحديات كثيرة واجهتني منذ لحظة اختياري لدراسة القانون، وعزمي وإصراري على أن أكون قاضية. كانت مرحلة صعبة فيها الكثير من التحديات والمصاعب الشاقة، لاسيما وأننا في مجتمع شرقي دائماً ما يسأل كيف تريد أن تثبت المرأة نفسها في مجال يحتكره الرجال بالدرجة الأولى، ولكن ولله الحمد استطعت تجاوز تلك العقبات بسبب رغبتي في إثبات ذاتي، ولأنني أحببت هذا المجال الذي وجدت فيه ذاتي وشخصيتي، كما أنني جادة وصارمة في حياتي المهنية على عكس حياتي الشخصية.
* لكن، من ساندك خلال تلك الفترة؟
- قبل كل شيء هو توفيق من رب العباد، أما بالنسبة إلى التميز والنجاح، أؤمن بأن الإنسان لا يستطيع أن يعمل بفاعلية ونجاح دون وجود الدعم الحقيقي والجاد، وهو الدعم الذي نلته من والديّ، أما الإصرار على النجاح فهو عهد ووعد قدمته لوالدي «رحمه الله ». حصلت على درجة الماجستير في القانون الدولي، من الجامعة الأمريكية، وماجستير علم الجنايات من جامعة هوتام أمريكا، ودكتوراه فى القانون جامعة عين شمس، وتقلدت العديد من المناصب على المستوى العربي، منها؛ مستشار فى حوكمة الموارد البشرية، خبير مكافحة الفساد المالي والإداري، المجلس العربي الأعلى لمكافحة الفساد، مستشار الاتحاد العربي لحماية حقوق الملكية الفكرية، قاضٍ دولي لفض المنازعات الدبلوماسية والقنصلية.
* برأيك، هل المرأة تخدم المرأة؟
- المرأة الواعية المثقفة فكرياً وعقلياً هي التي تدعم المرأة، وتساندها وتشجعها لتكون عنصراً أساسياً لنجاح امرأة أخرى، والدعم قد يكون بالكلمة والتأييد، وأستطيع القول بأن المرأة المثقفة هي الداعم الأكبر للمرأة. ونحن كنساء عربيات يتوجب علينا اليوم أن نفخر بأنفسنا لأننا تحدينا كل الصعاب، واستطعنا تجاوز الكثير من العقبات، وأصبحنا مختلفات ومتفوقات بإنجازاتنا وبقدرتنا على اتخاذ القرار وإثبات الذات ومزاحمة الرجال في أعمالهم أيضاً.
* كيف استطعتِ خلق التميز في مجال عملك؟
- عملت بشكل مختلف عن أهل القانون، فلم أكتفِ بالدراسة العملية للتخصص، وإنما حرصت على الانخراط بالدورات التدريبية المحيطة بالقانون، على سبيل المثال خضعت لدورة في مجال أخطاء الإدارة والمحاسبة، وطرق غسيل الأموال، وتعرفت إلى الأخطاء الطبية، وغيرها.. وقرأت الكثير من الكتب التي قدمت لي الفائدة والمعرفة التي ساعدتني على فهم القانون الذي أحكم فيه وما يدور حوله.
* كونك أول امرأة شرقية تعمل قاضية دولية.. هل من طموح أكبر من ذلك؟
طموحي ليس له حدود، وفي كل يوم ثمة هدف أصبو نحو تحقيقه، ولا أستطيع حصر طموحاتي في نطاق معين. فمن الممكن أن أكون وزيرة، ومن بعدها يتجدد الطموح ويكبر لأبعد من ذلك. ولكن أتمنى أن أعيش حياة أكسب فيها حب الناس بعيداً من المشكلات، وأتعامل معهم بالطريقة الإنسانية التي ترضي طموحي.