إدارة الوقت والمال في عصر السرعة
«الوقت من ذهب». تبين هذه العبارة البسيطة والشهيرة مدى قيمة الوقت كمورد أساسي لنجاح أي مشروع. ومع كيفية إدارتك لوقتك تستطيع تحديد كيفية تحقيق أهدافك كفرد أو مؤسسة؛ لأن إدارة الوقت على نحو جيد تجعلك أكثر إنتاجية.
يتطلب النجاح في أي مشروع فهم أن الوقت والمال عامان مهمان. الوقت مثل المال، قيّم ومحدود على حد سواء. لذا، تعتمد طريقة استخدامه على مهاراتك الفردية التي تعلمتها خال التحليل والتخطيط والتقييم والحكم الذاتي.
حذر المؤلف والسياسي الأميركي بنجامين فرانكلين في مقاله الذي نشره عام 1748 بعنوان «نصيحة إلى تاجر شاب » من تكلفة الكسل والفرص الضائعة قال فيها: «تذكر أن الوقت مال »، موضحاً فيها أننا ننفق في أوقات راحتنا، أو في الوقت الذي لا نعمل فيه، ما جنيناه في وقت آخر، وفي هذا الوقت ذاته لا نجني فيه مالاً، بالتالي الوقت هو مقابل المال.
في هذا المقال، يتحدّث فرانكلين عن تكلفة الكسل، ويؤكد أن فقدان الوقت يعني التخلص من فرصة الكسب. ويضيف: «تذكر أن المال ذو طبيعة غزيرة الإنتاج. يمكن للمال أن يولّد المال، ويمكن أن يولد نسله المزيد، وهكذا».
مهارة الإدارة
تقول الكاتبة والمدونة الأميركية إميلي بيرك: «إن إدارة الأموال وإدارة الوقت متشابهتان؛ بمجرد أن تتعلم مهارة إدارة شيء، سوف تنتقل تلك المهارات إلى إدارة أشياء أخرى».
وتذكر بيرك على منصة التدوين لإدارة الأموال «ماني مانيجمينت « :» إن إدارة أموالك بنجاح تتطلب ميزانية، بحيث يمكنك العمل معها أسبوعياً وشهرياً للبقاء مطلعاً على إنفاقك وتوفيرك، وتتبع دخلك. وينطبق الأمر على إدارة وقتك. سيساعدك استخدام تقويم أو قائمة مهام للبقاء مطلعاً على ما يجب القيام به وما قمت بإنجازه، المحافظة على إنتاجيتك. إن استخدام ميزانية لأموالك وتقويم خاص بوقتك سيساعدك بنجاح في إدارة كليهما».
وكتبت أيضاً: «لا يوجد سوى ساعات عديدة في اليوم، لذا عليك استخدامها لتحقيق أفضل فائدة ممكنة. إهدارها يعني أنك لست منتجاً. ينطبق الأمر نفسه على المال. بينما تقوم بتجديد أموالك بشكل مستمرّ بأرباح جديدة، هناك حد لمقدار ما لديك حالياً. وإهداره على أشياء لا تحتاجها حقاً يترك القليل منه لأجل الأشياء التي تقوم بها».
خال حديثه مع «ومضات »، أوضح أيضاً الدكتور إينوك توينوبوريو نيوريكوا، كبير الاقتصاديين في مركز أهداف التنمية المستدامة لإفريقيا، ومقره كيغالي، عاصمة رواندا، مؤكداً وجهة نظر بيرك، قائاً: «ينبغي أن يكون إنفاق الفرد في حدود إمكاناته؛ لأن الاستهلاك المفرط يمكن أن يؤدي إلى زيادة عبء الديون على الأفراد والحكومات، رغم أن هذا قد يكون مفيداً للقطاع الخاص».
وأضاف: «بالنظر إلى التوقعات العالمية، هناك انخفاض كبير في الأجور الحقيقية التي يتم تعديلها وفقاً للتضخم، وقد أثر ذلك في الاقتصاديات».
وأشار إلى أنه: «إذا بقيت الأجور الاسمية ثابتة والتضخم في حالة ارتفاع، فهذا يعني أن الأجر الحقيقي قد انخفض. عندما يحدث ذلك، فهذا يعني أن عليك ضبط استهلاكك أو عليك استخدام مدخراتك. إذا لم يكن الأمر كذلك، فسوف يتعين عليك زيادة عبء الدين الخاص بك لتكون قادراً على تلبية مطالب الاستهلاك الخاصة بك».
قد يكون عبء الديون على مستوى الأسرة أمراً محزناً، إلا أن توينوبوريو يقول: «إن زيادة عبء الديون في بعض الأحيان قد تكون جيدة؛ لأنها جزء من عملية إبقاء الاقتصاديات في حالة ازدهار».
وذهب مايكل بيتيس أيضاً في هذا الاتجاه في إحدى تدويناته تحت عنوان «لماذا يجب أن تستمر الديون الأميركية في الارتفاع؟ » قال فيها: «إن الديون التي تمول استهلاك الأسر، والأنشطة الحكومية غير المنتجة، مثل الإنفاق العسكري وبرامج الرفاه، يمكن أن يكون لها في بعض الحالات تأثير إيجابي على الرفاهية الاقتصادية».
على الرغم من أن هذا قد يكون مفيداً لاقتصادات دول متقدمة مثل الولايات المتحدة، إلا أن الأمر قد يختلف بالنسبة لاقتصادات البلدان النامية، كما هي الحال في إفريقيا حيث لا تتوافر بيانات الأجور المنزلية.
وتناقش بيرك أيضاً في مدونة أخرى بعنوان «كيفية إدارة الأموال عندما يكون دخلك أقل من المتوقع »، قائلة: «يحتاج المرء إلى معرفة الحد الأدنى لمبلغ المال الذي يحتاج إليه للتحايل على الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة».
«لا يوجد سوى ساعات عديدة في
اليوم، لذا يجب عليك استخدامها
لتحقيق أفضل فائدة ممكنة.
إهدارها يعني أنك لست منتجاً.
ينطبق الأمر نفسه على المال».
وتوضّح ذلك بقولها: «تعرّف الحد الأدنى للمبلغ الذي تحتاج إليه. قد تتمكن من خفض إنفاقك على البقالة لفترة قصيرة، وإلغاء بعض الخدمات والاشتراكات التي لا تحتاجها حقاً، وتأخير دفعات قليلة. ولكن ماذا عن تلك الأشياء التي تحتاج إلى دفعها في الوقت المحدد مثل الرهن العقاري الخاص بك، وقسط السيارة، والتأمين، وفاتورة الكهرباء »، مضيفة: «معرفة مدى حاجتك خال الشهر أمر مهم».
تطويع التكنولوجيا
أحدثت التكنولوجيا المتطوّرة الابتكارات التي توفّر الوقت والمال، وتجعل تنفيذ المهام أسهل وأكثر كفاءة. فمع هذه التكنولوجيا، أصبح التعامل مع النقد أقل شيوعاً. فا حاجة لنا إلى التعامل مع النقد لإجراء عملية شراء. لكن بالنسبة إلى بعض الاقتصاديين، يجب اختبار مسألة الملاءمة التي جاءت مع التطور الرقمي.
قال أغستين كارستنز، المدير العام لبنك التسويات الدولية في كلمة ألقاها في نوفمبر 2018 في مدرسة لي كوان يو للسياسة العامة في سنغافورة: «لا تضمن التكنولوجيا الجيدة وحدها الاقتصاد الجيد مثلما لا يضمن الاقتصاد الجيد التكنولوجيا الجيدة. تصبح التكنولوجيا فعالة بعد أن تعثر على هدفها الاقتصادي. يجب أن نفكر في الأهداف المقصودة، وأن نستغل أفضل وأنسب التقنيات لمساعدتنا على الوصول إليها».
وقال كارستنز: «إن ما يتعين على صانعي السياسة فعله هو ضمان تطبيق التكنولوجيا بطريقة مناسبة للهدف، وفي نهاية المطاف، تساعد مجتمعاتنا على التطور والتحسين والتحوّل».