حبيبة المرعشي: حماية البيئة مسؤولية مجتمعية مشتركة
لا يعتمد تحقيق أهداف التنمية المستدامة على عمل المؤسسات أو الأفراد فحسب، بل يحتاج إلى العديد من الدعائم لترتكز عليها مثل تطوير حملات التوعية المجتمعية، وتنفيذ الأنشطة التدريبية، ونشر ثقافة العمل الجماعي من قبل الهيئات الحكومية المحلية والاتحادية المعنية بشؤون البيئة، إضافة إلى مشاركة وسائل التعليم بجميع مراحلها.
في هذا السياق، التقت مجلة «ومضات » خلال فعاليات قمة المعرفة 2019 ، حبيبة المرعشي التي أسست أول منظمة بيئية غير حكومية في العالم في العام 1991 ، وهي مجموعة عمل الإمارات للبيئة، ولا تزال تترأسها. تتحدّث في الحوار التالي عن أهم المعوقات والتحديات وكذلك الخطط المستقبلية لرفع معدلات الاهتمام البيئي المستدام:
* ما دور المؤسسات غير الحكومية في دعم التنمية المستدامة؟
- هناك العديد من المسؤوليات التي تقع على عاتق المؤسسات غير الحكومية، وتتضمن الجوانب الإنسانية والعناصر الاجتماعية والبيئية. على سبيل المثال تحولت حملة «نظفوا الإمارات » التي أطلقت لأول مرة عام 2002 ، كمبادرة شعبية لتفعيل دور كافة فئات المجتمع في حماية البيئة، إلى مبادرة وخطوات فعلية لنشر الوعي بين الأفراد، وكيفية التخلص من نفاياتهم بالطريقة الصحيحة، وقد كانت الكميات التي نجمعها من الصحراء والمدن في البداية هائلة، لكنها أصبحت قليلة بالمقارنة مع السابق. أطمح أن يأتي يوم تكون شوارعنا خالية منها تماماً، ويصبح رمي القمامة والنفايات في الصناديق المخصصة أسلوب حياة اعتيادياً في المجتمع، تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة.
* كيف تسهمون في نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع؟
- نعتبر أن مهمتنا كفريق عمل مجموعة الإمارات للبيئة تبدأ من تعزيز دور أجيال المستقبل في ترسيخ عوامل التنمية المستدامة والوعي البيئي لديهم منذ النشأة واحترام المصادر الطبيعية، وتطبيقها من خلال استقطاب الشباب والشابات للمبادرات وورش العمل والدورات التدريبية وبرامج التوعية، وأيضاً المسابقات البيئية المتنوعة لجميع المراحل من تلاميذ المدارس إلى طلاب الجامعات، حتى يتمكنوا من وضع خطط مستقبلية وحلول للتحديات البيئية الموجودة في المجتمع وترسيخها كنقاط أساسية تدوم معهم في حياتهم، إضافة إلى التأكيد باستمرار على أهمية دور الأفراد في حماية البيئة.
* ما هي الطرق التي نشجع بها الشباب على تبني التنمية المستدامة؟
- يعدّ الوعي بأهمية التنمية المستهدفة وفوائدها من أهم الطرق لتشجيع الشباب على تبنيها وتحقيق أهدافها، إذ يجب أن يدرك أنه المنتفع الأول منها، ونرسخ لديه فكرة أننا كبشر مكلفون جميعاً بالحفاظ على كوكب الأرض الذي نعيش فيه، وأن هذا الإهمال يؤدي إلى نتيجة واحدة وهي إلحاق الأذى بنا وبجميع الكائنات الحية التي تعيش معنا، إضافة إلى ضرورة إدراك تأثير تصرفاتنا غير المسؤولة على هذه البيئة. وفي المجتمع المدرسي هناك نتائج مذهلة يحققها التلاميذ حتى نهاية المرحلة الثانوية. أما بالنسبة للمجتمع الطلابي في الجامعات، فهم يقضون أربع سنوات من الدراسة دون الاهتمام بقضايا البيئة، ونسعى إلى تحقيق معدلات نجاح بنسبة عالية أيضاً في هذا الإطار مع هؤلاء الشباب.
* كيف نؤسّس الوعي البيئي لدى طلاب الجامعات؟
- يجب أن تبدأ إدارة الجامعات بالخطوة الأولى في هذا الشأن، بحيث تؤمن بأهمية الوعي بالتنمية البيئية المستدامة، وتجعل البيئة جزءاً أساسياً من المنهاج الدراسي لديها، وتركّز عليها في المواد النظرية والتطبيقات العملية، وتصنّفها بحسب رؤية هيئة التدريس، بإدراجها في أقسام البيئة أو المجتمع أو الاقتصاد، ولا تقتصر فقط على مشروع لعدة ساعات في سنة التخرج. ونلاحظ أن الطلاب يريدون المشاركة والمساهمة والتطوع، لكنهم لا يعرفون كيفية الانطلاق، ولذلك فإن دور الجامعات هو وضعهم على الطريق الصحيح وإدخالهم في منصات بيئية قوية.
* ما دور التنمية البيئية المستدامة في الإنتاج؟
- هناك علاقة وطيدة بين التنمية البيئية المستدامة ودورها في تفعيل خطة الإنتاج، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، تجري شركات الهواتف النقّالة الحديثة كل فترة تحسينات، ما يدفع الزبائن لشراء النسخة الأحدث والتخلص من الهواتف القديمة، بالتالي يحدث ارتفاع في معدل النفايات الإلكترونية في العالم. وعندما وضعوا خطة للتخلص من هذه النفايات، لاحظوا أن هذه الهواتف تحتوي على العديد من المواد الأولية والعناصر باهظة الثمن مثل الذهب والفضة والنحاس. وعندما خصصوا ميزانية لإعادة تدويرها، وجدوا أن هذه الطريقة ستخفض تكاليفهم، وتوفر لهم %80 تقريباً من الخامات المستخدمة في صناعة النسخ الجديدة، وخُفضت نسبة النفايات الخطرة المراد التخلص منها بحسب المعايير العالمية إلى 20 % فقط، وهناك العديد من هذه النماذج الموجودة في جميع القطاعات الإنتاجية.
جميع المؤسسات العالمية اليوم مطالبة بتخفيف بصمتها الكربونية، والحد من استخدام المواد الضارة التي تدخل خطوط الإنتاج، وتترك تأثيراً سلبياً على البيئة بسبب النفايات الناتجة عنها، كما يجب الانتباه الى أن هناك علاقة عكسية تعتمد على تخفيف الاستهلاك مع زيادة الكفاءة، وتكون النتيجة الحصول على فائدة اقتصادية أكبر. فكلما ابتكرنا وسائل للاستفادة من المواد المستعملة والنفايات، زادت معدلات نجاح خطط الإنتاج.
* ما هي خططكم المستقبلية لتحقيق التنمية البيئية المستدامة؟
- في بداية 2020 سنبدأ بمسابقة الرسم البيئي للمدارس، حيث نضع للطالب اختيارات لعمل نموذج يخص البيئة تحت عنوان «مدرستي المستدامة » التي تضم الألواح الشمسية، الزراعة، نظام الري بالتنقيط، وتعرُّف كيفية إعادة التدوير في كل ما يحيط به ويستخدمه النشاط اليومي الطبيعي، للعمل مستقبلاً على إدراج مادة البيئة ضمن إطار الفن في المناهج التعليمية، إضافة إلى استمرار المبادرات والحملات والأنشطة التي نقوم بها على مدار العام. كما أن سعادتنا تكتمل بمشاركة العديد من المتطوعين والمتطوعات الذين يحرصون على الحفاظ على بيئة نظيفة وصحية.