جدل حول زيت النخيل
تحول زيت النخيل بصورة سريعة إلى العنصر الأكثر إثارة للجدل في العالم الغذائي أخيراً، ولكن ما مدى الضرر الذي يسببه اعتمادنا الزائد عليه؟ وما الذي يمكن عمله لإيقاف ذلك؟ مجلة «ومضات » تحقق في هذا الموضوع.
إذا كنت تمتلك حساباً على «فيسبوك »، فهناك احتمال ضئيل أنك قد وصلت إلى عام 2019 دون أن ترى «رانج تان »، وهو إعلان عيد الميلاد المثير للجدل من سوبرماركت أيسلندا في المملكة المتحدة، والذي استخدم رسوماً كاريكاتورية أنتجتها منظمة «السلام الأخضر » الخيرية البيئية. في الواقع، تم حظر عرض الإعلان بسبب القوانين البريطانية بشأن الإعلانات السياسية في نوفمبر، فقد انتشر الإعلان الترويجي، وحصد أكثر من 30 مليون مشاهدة عالمية على الشبكات الاجتماعية خلال أسبوع واحد فقط من إطلاقه. موضوع هذا الإعلان القصير الذي استحوذ على العناوين الرئيسة هو زيت النخيل، وتأثيره البيئي. يعد زيت النخيل أحد الزيوت النباتية الصالحة للأكل، والذي يستخرج من ثمرة أشجار النخيل، وهو أحد المكونات الأكثر انتشاراً في صناعة الأغذية الحديثة، وقد اكتسب سمعة في السنوات الأخيرة كواحد من أكثر المحاصيل الضارة بيئياً في العالم. كان موطن أشجار النخيل التقليدية في أفريقيا، لكن منذ نحو 100 عام، تم نقل الأشجار إلى جنوب شرق آسيا، حيث كان ينظر إليها في الأصل على أنها محصول يستخدم للزينة العامة بشكل بحت. ومع ذلك، ومع ازدياد الطلب على زيته، تم زراعة المزيد والمزيد من أشجار النخيل في تلك المنطقة. من بين 44 دولة تنتج زيت النخيل على مستوى العالم؛ تحوز إندونيسيا وماليزيا أكثر من 85 % من إمدادات العالم. ومن هنا تولّد الشعور بتأثير تنامي الاعتماد على زيت النخيل على نحو كبير.
انتشار زيت النخيل
يستخدم زيت النخيل في كل ما يستهلكه المجتمع الحديث بشكل يومي تقريباً، ما يرقى إلى درجة طلب 66 مليون طن على مستوى العالم كل عام. وتقول الجمعيات الخيرية مثل الصندوق العالمي للحياة البرية ومنظمة السلام الأخضر: «يمكن العثور على الزيت في ما يقرب من 50 % من المنتجات المعبأة المخزنة في محال السوبر ماركت في جميع أنحاء العالم، من البيتزا والشوكولاتة إلى مزيل العرق وأحمر الشفاه، وكذلك في العلف الحيواني، ومجموعة من الوقود الحيوي الحديث».
وبينما نادراً ما يستخدم زيت النخيل كزيت طهي مباشر خارج جنوب شرق آسيا، فإن معظم المتسوقين ربما يستخدمون زيت النخيل أكثر بكثير مما يدركون. هل سبق لك أن اشتريت «كيت-كات »، ومعجون الأسنان «كولغيت »، مطهّر الأطفال «جونسون »، صابون «دوف ،» و «دوريتوس »، و «كيلوغس بوب تارتس »، مفرقعات «ريتز ،» «إم آند إمس » أو شامبو «هيد آند شولدرز »؟ إذن أنت مستهلك لزيت النخيل.
من السهل معرفة لماذا أصبح زيت النخيل شائعاً جداً عند منتجي المواد الغذائية ومستحضرات التجميل. يعد زيت النخيل مكوناً متعدد الاستعمالات، فهو مقاوم لدرجة حرارة الغرفة، لذلك يمكنه الحفاظ على تمدده. ومقاوم كذلك للأكسدة، لذا يمكن أن يمنح المنتجات فترة صلاحية أطول، وعلى عكس زيت الزيتون، فإنه ثابت في درجات الحرارة المرتفعة، ما يعني أنه يمكن استخدامه لإعطاء المنتجات المقلية نسيجاً مقرمشاً. كما أن زيت النخيل عديم الرائحة وعديم اللون، وهذا يعني أنه لا يغير مظهر أو رائحة المنتجات الغذائية التي يستخدمها، وهي ميزة مهمة لشركات الأغذية الرئيسة.
زيت النخيل أيضاً محصول فعّال بشكل لا يصدق، ما يعني أن تقليل اعتمادنا الزائد عليه أمر معقد للغاية. فمزارع النخيل تنتج المزيد من الزيت في مساحة أرض معينة أكثر من أي محصول زيتي نباتي آخر، وتلبي 35 % من الطلب على الزيت النباتي في العالم، وذلك على مساحة 10 % فقط من الأراضي. وللحصول على الكمية نفسها من الزيوت البديلة مثل فول الصويا أو جوز الهند، فإن الأمر يتطلب ما يتراوح من أربعة إلى عشرة أضعاف مساحة الأرض هذه، ما يعني أن المشكلات الكامنة في الإنتاج الضخم لأي شيء يتطلب مساحة للغابات ستتحول ببساطة إلى جزء مختلف من العالم. علاوة على ذلك، يعد زيت النخيل محصولاً مهماً بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك إندونيسيا وماليزيا، ويعتمد الملايين من صغار المزارعين على زيت النخيل في معيشتهم.
محصول مثير للجدل
إذن لماذا الجدل؟ لإنتاج زيت النخيل، يتم جمع الفاكهة من أشجار النخيل التي تعيش في المتوسط من 28 إلى 30 عاماً. والمشكلة هي أنه في سن مبكرة، تنمو الأشجار بشكل كبير بحيث لا يمكن الوصول إليها بسهولة، ما يدفع المنتجين إلى قطع النباتات لإفساح المجال لأشجار جديدة. وفي الوقت نفسه، عبر إندونيسيا وماليزيا، حيث تعد تجارة زيت النخيل من المولدات الضخمة للدخل، يجري إزالة الغابات المطيرة الحالية وتغيير الأراضي الخثية لخلق مساحة لمزارع أشجار النخيل الجديدة.
في إندونيسيا وحدها، يتم القضاء على مساحة من الغابات المطيرة بحجم ملعب كرة القدم كل 25 ثانية، حيث يقود زيت النخيل هذا التدمير. مناطق الغابات المطيرة في البلاد ليست فقط للتنوع البيولوجي، بل هي حيوية لتنظيم مناخ الأرض، وهي أيضاً موطن لأنواع من الكائنات المهددة بالانقراض أكثر من أي دولة أخرى على وجه الأرض. التأثير؟ تراجعت أعداد «إنسان الغاب البورنيوي » بأكثر من النصف بين عامي 1999 و 2015 بفقدان نحو 150 ألفاً منه؛ هذا يعني أن هناك ما يقارب 25 حالة وفاة كل يوم. كما تأثر بشدة الفيل القزم المهدد بالانقراض ووحيد القرن السومطري في المنطقة بسبب إزالة الغابات. ومع الجمع بين فقدان الغابات وتحويل تربة الخث الغنية بالكربون، يظهر أن صناعة زيت النخيل تنبعث منها ملايين الأطنان من غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي كل عام، وتسهم بشكل كبير في تغير المناخ. وتقول الجمعيات الخيرية العاملة في هذا القطاع إن استغلال العمال وعمالة الأطفال منتشر أيضاً، ما يؤدي إلى دعوات لإجراء تعديل كبير في طريقة عمل هذه الصناعة. ومع ذلك، يحذر الصندوق العالمي لحماية الطبيعة من أنه حتى أكثر خبراء البيئة الملتزمين يجب أن يفكروا مرتين قبل محاولة مقاطعة زيت النخيل تماماً، وذلك بالنظر إلى سبل العيش التي تعتمد على إنتاجه. وبدلاً من ذلك، توصي المنظمة الخيرية المستهلكين بالانتقال إلى المنتجات التي تحتوي على زيت النخيل المعتمد فقط.
التحرك نحو الاعتماد
إن الرسالة الأساسية، كما تقول الجمعيات الخيرية البيئية، هي أن زيت النخيل يمكن إنتاجه على نحو أكثر استدامة، والمعايير في جميع أنحاء الصناعة يمكن أن تتحسن إلى حد كبير إذا كان الطلب على السلع الاستهلاكية كافياً لفرض التغيير. منذ عام 2004 ، عملت هيئة «المائدة المستديرة لزيت النخيل المستدام » على زيادة معايير الإنتاج ووضع إرشادات لأفضل الممارسات لكل من منتجي زيت النخيل ومشتري الصناعة. يتم إنتاج زيت النخيل المعتمد من قبل هيئة «المائدة المستديرة » باستخدام طرق تحمي البيئة والمجتمعات المحلية التي تعتمد على إنتاجها لكسب عيشها، ما يضمن أن يستمر زيت النخيل في لعب دور رئيس في الأمن الغذائي. واليوم، تدعم الهيئة جميع مستويات صناعة الأغذية والزراعة، فضلاً عن مجموعة من الجمعيات الخيرية البيئية، التي تلعب دوراً نشطاً في المساعدة على صياغة معايير وإرشادات «المائدة المستديرة لزيت النخيل المستدام ». ومع ذلك، تقول منظمة السلام الأخضر إن المستهلكين لديهم دور يلعبونه أيضاً. تحاول المؤسسة الخيرية فرض علامات تجارية تشمل «نستله » و «يونيليفر » و «مارس » لممارسة الضغط على مورديها لتنظيف طرق الإنتاج، والحصول على شهادة كاملة من هيئة «المائدة المستديرة لزيت النخيل المستدام ». بالتالي، كمستهلكين، ما الذي يمكننا القيام به للحد من استخدامنا لمنتج يستخدم بشكل كبير؟ وفقاً للناشطين، يمكن ببساطة أن يكون التسوق أكثر مسؤولية وعناية، ومن شأنه أن يخلف تأثيراً كبيراً، وذلك بالتوجّه إلى المنتجات التي تحتوي على 100 % فقط من الزيت المعتمد من هيئة «المائدة المستديرة لزيت النخيل المستدام »، وتجنب البدائل التي لا تفعل ذلك، بالتالي للمستهلكين دور رئيس في تنظيف صناعة زيت النخيل.. حان الوقت لبدء ذلك.
زيت النخيل يظهر بأسماء عدة لافتة على الملصقات التعريفية في المنتجات:
نواة النخيل
زيت نواة النخيل
زيت ثمرة النخيل
فصوص النخيل
حمض النخيل
حمض الأولييك النخيلي
حمض الشمع النخيلي
حامض دهني نخيلي
البحث عن زيت النخيل المستدام
- تحقق من قاعدة بيانات هيئة «المائدة المستديرة لزيت النخيل المستدام »
- ابحث عن اسم «المائدة المستديرة لزيت النخيل المستدام » على المنتجات
- أخبر بائعي التجزئة بأنك تريد شراء المنتجات التي تستخدم زيت النخيل المستدام
زيت النخيل سلسلة التوريد
تُقطف الفاكهة كل 10 إلى 12 يوماً، ويتم شحنها في غضون 24 ساعة
يمكن أن تنتج المصانع 18 طناً من زيت النخيل كل ساعة
يُنقل الزيت إلى المصافي حيث يتم تنقيتها وفصلها
تشحن معامل التكرير زيت النخيل للمصنعين حيث يتم دمجها في منتجات مثل:
عجينة البيتزا، والمثلجات والشامبو، والمرطبات ومنظف الغسيل
هناك 100 غرام من زيت النخيل في كل 250 غراماً من السمن النباتي، و 15 غراماً من زيت النخيل في كل 250 غراماً من البسكويت.