الإمارات تصنع التاريخ

تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خال شهر فبراير الجاري، لتعزيز الحوار بين الأديان في إطار عام التسامح.

يعكس إعلان العام « 2019 عام التسامح » في الإمارات، موقف الدولة الثابت في ترسيخ نفسها «عاصمة عالمية للتسامح والإنسانية »؛ وتأتي دعوة شخصيتين من أبرز الزعماء الدينيين في العالم للالتقاء في الإمارات في هذا السياق الهادف إلى تعزيز القيم الإنسانية.

من المقرر أن يزور قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، دولة الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 3 إلى 5 فبراير.

وتعد هذه الزيارة التاريخية التي تأتي في الوقت الذي تحتفل فيه الإمارات بعام 2019 عاماً للتسامح، المرة الأولى التي يزور فيها البابا دول مجلس التعاون الخليجي، وهي المرة الأولى التي تتزامن فيها زيارة البابا مع شخصية دينية مهمة مثل فضيلة الإمام الأكبر. وتأتي هذه الزيارة بعد قبول قداسة البابا فرنسيس وشيخ الأزهر، دعوة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية «وام »: إن الزيارة تعد «علامة واضحة على التزام الإمارات بتعزيز الأخوّة البشرية والقيم المشتركة للتسامح والحياة الإنسانية والتعايش السلمي بين جميع الناس والأديان».

وأضافت «وام»: « خلال 47 سنة من وجود دولة الإمارات العربية المتحدة، كانت فخورة دوماً بتعزيز التعايش بين سكانها متعددي الجنسيات، واستضافتها هذه الزيارة والتزامها بالأخوّة البشرية هو بمثابة شهادة على إيمان الدولة المتواصل المتمثل في ترسيخ قيم التعايش السلمي والتسامح والإنسانية، مدفوعة بالحوار المفتوح بين الأديان ». وأشارت الوكالة الإخبارية إلى أن «الزيارة المشتركة هي مناسبة مهمة للغاية للإمارات العربية المتحدة في عام 2019 ، حيث تم إعلان عام 2019 عام التسامح في الدولة، لتعزيز دورها في تشجيع الاستقرار والازدهار في المنطقة».

من المتوقع أن يحضر أكثر من 135 ألف شخص من جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة والبلدان المجاورة، كلمة قداسة البابا في ملعب زايد بأبوظبي، في 5 فبراير، وسيكون من أكبر التجمعات التي تقام في الإمارات العربية المتحدة. كما أنه من المقرر أن يلتقي قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في لقاءات ومناقشات ثنائية، ومن المتوقع أن يزورا مسجد الشيخ زايد الكبير، وضريح الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. ويخطط الحبر الأعظم أيضاً للاجتماع مع مجلس حكماء المسلمين.

التقى المسؤولون الإماراتيون مع البابا فرانسيس في الفاتيكان في عام 2017 لمناقشة أهمية تعزيز التسامح في جميع أنحاء العالم، حيث كانت على رأس الوفد معالي الشيخة لبنى القاسمي، التي تولت منصب وزير الدولة للتسامح في ذلك الوقت. وخلال الزيارة، وصفت الشيخة لبنى «فلسفة التسامح » في الإمارات العربية المتحدة، وأكدت الحاجة إلى تعزيز التواصل وفهم الأديان والثقافات.

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «إن زيارة البابا فرانسيس إلى الإمارات ستعزز علاقاتنا وفهمنا لبعضنا بعضاً، وستعزز الحوار بين الأديان وتساعدنا على العمل معاً للحفاظ على السلام وبنائه بين دول العالم».

وفي معرض ترحيبه بزيارة البابا فرنسيس، قال وزير التسامح الإماراتي، معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان: «نحن فخورون بالترحيب بقداسة البابا كصديق، وكمدافع عن السلام والحوار العالميين، وكممثل عن دين عالمي عظيم ». وأضاف: «إن زيارة البابا فرانسيس إلى الإمارات العربية المتحدة ستعزز السلام الذي نتمتع به. ونحن في الدولة رحبنا بكافة الجنسيات للقدوم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يعيش ويعمل سكاننا المتنوعون بشكل ملحوظ في وئام سلمي ومنتج ». وقال أيضاً: «إن استعدادنا جميعاً، إماراتيين وأجانب، للتواصل مع أناس مختلفين عنا بروح من الاحترام والتعاطف، قد ضمن نجاحنا. نتحدث مع بعضنا. ونتعلم من بعضنا. لقد جئنا لفهم وقبول اختلافاتنا. لقد اكتشفنا القيم التي نتشاركها».

تتمتع الإمارات بتاريخ طويل ومشرّف من الحوار بين الأديان وحرية التعبير الديني، فقد أُنشئت أول كنيسة كاثوليكية في البلاد في أبوظبي عام 1965 . كما عثر علماء الآثار على بقايا كنيسة ودير على جزيرة صير بني ياس، يعود تاريخها إلى القرن السابع.

«إن استعدادنا جميعاً، إماراتيين وأجانب، للتواصل
مع أناس مختلفين عنا بروح من الاحترام
والتعاطف، قد ضمن نجاحنا .»
وزير التسامح الإماراتي معالي الشيخ نهيان بن مبارك.

 

كتاب «الاحتفاء بالتسامح » هو الأول من نوعه
في تقديم رسالة مهمة عن التسامح.

الحوار بين الأديان وحرية التعبير الديني في دولة الإمارات العربية المتحدة هو أيضاً محور كتاب جديد، كتبه القس أندرو طومسون، فقد تعاونت مجموعة متنوعة من الأديان في إعداده تحت عنوان «الاحتفاء بالتسامح: التنوع الديني في دولة الإمارات العربية المتحدة »، والذي يعمل كموجز لخبراتهم في التعايش السلمي في البلاد.

يقدم ممثل كل دين نظرة سريعة وجيزة حول هجرته إلى الإمارات العربية المتحدة في أوائل الستينيات والسبعينيات مع فهم طقوسه. ويأتي هذا الكتاب من قبل القس طومسون راعي الكنيسة الأنجليكانية في أبوظبي، وهو الأول من نوعه في تقديم رسالة مهمة عن التسامح؛ بما يتضمنه من وجهات نظر تمثل التسامح الحقيقي في البلاد، والقدرة على قبول مجموعة متنوعة للغاية من الناس الذين يأتون من جميع أصقاع العالم.

وجدير بالذكر أن القس طومسون، المولود في المملكة المتحدة، حصل على جائزة «رتبة الإمبراطورية البريطانية » في عام 2011 لتشجيعه الحوار بين الأديان، وعلى وجه التحديد بين المسيحيين والمسلمين.

تقول حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة: «إن التسامح فضيلة وجزء لا يتجزأ من الثقافة الإسلامية، وهو ملاحظ على جميع المستويات: الفردية والتنظيمية والوطنية؛ فمع وجود أكثر من 200 جنسية تعيش بسلام ونجاح في دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبح مجتمع الإمارات مثالاً غير قابل للجدال، كونه يعيش في دولة متسامحة ترحب بالجميع ».