أسئلة الحياة المعقدة في روايات كازوو إيشيغورو
أسئلة الحياة المعقدة في روايات كازوو إيشيغورو
(فابر آند فابر)
أصبح الكاتب البريطاني كازوو إيشيغورو، واحداً من أشهر المؤلفين في العصر الحديث، خاصة بعد فوزه بجائزة نوبل للآداب في عام 2017 ، وهي واحدة من أكثر الجوائز الأدبية تقديراً في العالم. جاء هذا الإنجاز بعد نحو أربعة عقود من الجوائز والتقديرات لعمله الدؤوب، من ضمنها جائزة «مان بوكر » للرواية في عام 1989 عن روايته الثالثة «بقايا اليوم »، وتم اختياره كأحد أعظم الكتّاب في القرن الماضي من قبل «تايم إن » في 2010 ، عن روايته «لا تدعني أذهب أبداً».
عند اختياره، قالت لجنة جائزة نوبل إنه تم اختيار إيشيغورو للحصول على الجائزة بسبب «قوته العاطفية العظيمة » ككاتب، والذي قام من خلال عمله «بالكشف عن الهاوية تحت شعورنا الوهمي بالارتباط بالعالم».
ربما، بدلاً من الاكتفاء الذاتي، قال إيشيغورو إنه عندما اتصل به وكيله ليخبره أنه فاز بالجائزة، كان أول ما فكر به هو أن هذا الإعلان قد يكون «خبراً كاذباً ». ثم ذهب إيشيغورو ليقول إنه يأمل أن يكون فوزه شيئاً «يولّد النية الحسنة والسلام »، ويشكل تذكيراً ب «كيف تأخذ الكلمة منحى عالمياً ». في الواقع، كان إيشيغورو - الذي ولد في اليابان وانتقل إلى المملكة المتحدة عندما كان في الخامسة من عمره - قد اقترح سابقاً أن نشأته الدولية أعطته منظوراً فريداً لإنجلترا، حيث كتب فيها العديد من قصصه. وقال: «ليس لدي علاقة عميقة مع إنجلترا مثل ما قد يظهر لدى جوناثان كو أو حنيف قريشي. بالنسبة إليَّ، هي أشبه بالمكان الأسطوري ». ربما يبدو المكان أكثر سريالية بالنسبة لإيشيغورو. على الرغم من نشرها لأول مرة عام 1989 ، لاتزال رواية «بقايا اليوم » الحائزة جائزة «مان بوكر ،» على نحو مثير للجدل، جزءاً من الأدب المتداول بعد ثلاثة عقود. تتناول الحبكة الموضوعات العالمية المتمثلة في الحب والشرف والتضحية، ويتم سردها من خلال مذكرات بصيغة المتكلم للشخصية الرئيسة، وهي كبير الخدم ستيفنز. في صيف عام 1956 ، يعمل ستيفنز رئيساً للموظفين في إحدى بلدات الدولة الإنجليزية التي تسمى دارلينغتون هول لعدة عقود، والتي أصبحت في الآونة الأخيرة تحت ملكية أميركي يدعى السيد فارادي. نكتشف أن المالك السابق للملكية (وصاحب عمل ستيفنز السابق) اللورد دارلينغتون كان من المتعاطفين مع النازيين، ونتيجة لذلك مات مجللاً بالعار بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. تأخذنا الحبكة في رحلة على مدى عدة عقود نكتشف فيها الخيارات الأخلاقية التي كان على ستيفنز أن يتخذها - ويعيش معها - أثناء عمله مع اللورد دارلينغتون. في الواقع، يبدو أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها ستيفنز على مر السنين للقيام بعمله بكرامة وفخر، فمن الصعب فصل الشخصية عن الفظائع المرتبطة بصاحب العمل السابق.
وكما يبدو أن ستيفنز في علاقة تصالح ووئام مع مالك دارلنغتون هول السابق، إلا أننا ندرك أيضاً التضحيات الشخصية التي قدمها الخادم الشخصي خلال فترة عمله مع عائلة دارلينغتون، وبشكل بالغ التأثير كان حبه المكتوم لزميلة سابقة له هي الآنسة كنتون.
قالت لجنة جائزة نوبل: تم اختيار إيشيغورو
لنيل الجائزة بسبب «قوته العاطفية
العظيمة » ككاتب، والذي قام من خلال
عمله «بالكشف عن الهاوية تحت
شعورنا الوهمي بالارتباط بالعالم .
ربما كان أقوى جزء من طريقة إيشيغورو في رواية القصص في «بقايا اليوم » هو الخطاب الفوري للرواية بلغة المتكلم. وفي الوقت الذي يمكن للقارئ أن يشكك في موثوقية الراوي، فإن قوة السرد في رواية إيشيغورو تثير فكرة أن دقة مذكرات ستيفنز هي عن الشخصية التي تحاول خلق روايات محافظة ذاتياً عن ماضيها، كما هو الحال عن نقل التفاصيل من حاضرها. النقطة المفصلية في الحبكة هي المعركة بين رغبة ستيفنز في أن يكون فخوراً بعمله وتضحياته مقابل مشاعره التي تجعله سجين الندم الذي لا رجعة فيه والذي لا يمكن إصلاحه. بطريقة مماثلة لروايته السابقة، يسرد الراوي في رواية «لا تدعني أذهب أبداً » الصادرة في عام 2005 بلغة المتكلم. وعلى عكس ستيفنز الذي يقترب من سن الشيخوخة في بداية رواية «بقايا اليوم »، نجد في «لا تدعني أذهب أبداً » شخصية تدعى كاثي التي قيل لنا إنها تبلغ من العمر 31 عاماً. تستكشف الحبكة فكرة الوفاة، وعلى وجه التحديد ما يحدث للفرد عندما يدرك أن وقته على الأرض محدود. تتخذ الرواية من إنجلترا مكاناً للأحداث، وتتبع الحبكة حياة كاثي وصديقَيْ طفولتها، تومي وروث، من خلال سنوات دراستهم في مدرسة هيلشام حتى يومنا هذا. نعلم أنه في أثناء نشأتهم، كانت المدرسة مهتمة بشكل واضح بالحفاظ على صحة الطلاب بشكل طبيعي، مع عدم الاهتمام بقدر كبير بتطويرهم الأكاديمي. مع تطور الحبكة، نكتشف أن الأكاديمية ليست مدرسة عادية، بل هي في الواقع موطن للأطفال المستنسخين الذين سيتم استخدامهم كمتبرعين بالأعضاء في العشرينات والثلاثينات من العمر.
يتم غسل دماغ الأطفال وإقناعهم بأن لديهم «هدفاً خاصاً »، ويظلون منفصلين عن المجتمع العام. في «لا تدعني أذهب أبداً »، يثير المؤلف أسئلة إشكالية حول ما يرغب المجتمع ككل في تجاهله، خاصة عندما يكون ذلك في مصلحته الذاتية، إلى جانب مسألة الوفاة؛ ما الذي يصبح مهماً عندما يدرك الشخص أنه سيموت قريباً؟
الجواب من إيشيغورو، كما هو الحال دائماً، يبدو معقداً على قدر بساطته وهو: التأكد من أن أولئك الذين نحبهم يعرفون أننا نهتم بهم، ونصحح أخطاءنا.
متحف نوبل 2019
تحت عنوان «عوالم مشتركة »، يحتفل متحف نوبل لهذا العام الذي تنظمه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة بجائزة نوبل في الأدب، حيث يركز المتحف على أعمال الأدباء الحائزين جائزة نوبل في الأدب، ويضم معرضاً تفاعلياً مناسباً لجميع الأعمار، يمتد من 3 فبراير إلى 2 مارس، في لا مير بدبي. المتحف مفتوح من الأحد إلى الخميس، من الساعة 9 صباحاً حتى الساعة 10 مساءً، ويوم الجمعة من الساعة 2 ظهراً حتى الساعة 10 مساءً.