بعد مائة عام ستختفي مليار وظيفة من وظائف العصر الحالي
التطورات المتسارعة تقضي بضرورة خلق وظائف جديدة
توماس فيري يدق جرس الإنذار
بعد مائة عام ستختفي مليار وظيفة من وظائف العصر الحالي. وظائف مجالات تطبيقات الهواتف المحمولة سوف تشكل نسبة 47 % من المهن المستقبلية. لن يكون هناك سائقو أجرة، ولا مواقف للسيارات، بل لن يكون هناك متاجر بيع التجزئة كالمولات التي نراها اليوم! ولا محطات تعبئة الوقود، وغسيل السيارات، بل سيكون هناك بدائل يتم التحضير لها من الآن على أيدي مستشرفي المستقبل من صناع التكنولوجيا الحديثة، حيث ستكون الحياة مختلفة تماماً عما هي عليه الآن.
كل هذا وأكثر طرحه توماس فري من خلال منصة قمة المعرفة في دورتها للعام 2016 . وفي حديث شائق للغاية، أوضح أن هذه التطورات المتسارعة تعد جرس إنذار وتحذير بشأن ضرورة خلق وظائف جديدة بمعدلات أسرع من السابق، كما يجب علينا من الآن التفكير في ابتكار مجالات عمل جديدة. ففي إطار الرؤية المستقبلية للصناعات في العالم، سوف يتوقف كثير من هذه الصناعات لتظهر أخرى جديدة، وهو ما سوف ينسحب أيضاً على الشركات التي تعمل في مجال خدمات سيارات الأجرة، التي سوف يتغير شكلها تماماً في المستقبل، وكذلك الشركات العاملة في مجال الصناعات الفضائية وفي قطاع التكنولوجيا المالية وغيرها.
سيارات المستقبل
ومن بين الصناعات التي سوف تتغير في المستقبل أيضاً صناعة السيارات في العالم كله، وكذلك الحال بالنسبة إلى شركات خدمات توصيل الركاب؛ حيث ستختفي ملايين الوظائف الخاصة بقائدي سيارات الأجرة. كل هذه التغييرات ستحدث سريعاً في غضون العقود الثلاثة القادمة؛ حيث ستختفي شركات خدمات سيارات الأجرة وتأجير السيارات، وتختفي معها وظائف السائقين، فضلاً عن قطاعات خدمية أخرى.
ومثال ذلك: شركة فولفو، التي تخطط من أجل المستقبل؛ حيث تعكف على إنتاج سيارة مقاومة للتصادم والحوادث على الطرق وأكثر أمناً للسائقين. ومن القطاعات الخدمية التي ستختفي أيضاً في المستقبل متاجر البيع بالتجزئة، ومحطات تعبئة الوقود، وغسيل السيارات، ومتاجر تنظيف وغسيل الملابس، ومتاجر تغيير إطارات السيارات، وقطع الغيار، وغيرها؛ حيث ستظهر مجالات جديدة للخدمة تبتكرها شركات سيارات مثل: فورد وجنرال موتورز ومرسيدس وفولفو، والتي ستنتج ملايين السيارات التي من المتوقع أن تغطي جميع المدن الكبرى في العالم. كما ستختفي مواقف انتظار السيارات والأماكن المخصصة لسيارات ذوي الاحتياجات الخاصة والاختناقات المرورية في الشوارع.
تعكف «فولفو » على إنتاج
سيارة مقاومة للتصادم
والحوادث على الطرق وأكثر
أمن للسائقين
ونتيجة لهذا كله، سوف يتغير نمط التفكير تماماً لدينا فيما يتعلق باستخدام السيارات؛ حيث ستكون الهيمنة للسيارات الكهربائية، كما ستصبح المدن أكثر هدوءاً من الآن. وفيما بين 2030 - 2035 ، سوف نشهد تغييرات أيضاً في القيادة على الطرق الرئيسة والسريعة، كما أنه مع توقُّع اختفاء أماكن الانتظار للسيارات في مناطق المطارات، سوف يظهر بحلول العام 2030 ما يُسمَّى بالتاكسي بلا سائق إنتاج شركة إيرباص، الذي سوف يدخل مجال الخدمة في ذلك الوقت، وسيكون بحاجة إلى أماكن مخصصة للهبوط في مدننا. كل هذا سيؤدي في النهاية إلى توفير المليارات من الدولارات والعمل على الحد من ملايين الحوادث المرورية التي تقع على الطرق، فضلاً عن تقليل الأضرار والخسائر المادية والخسائر في الأرواح التي تُقدَّر بخسارة ما يصل إلى حوالي 20 مليون شخص سنويّاً حول العالم.
تكنولوجيا الغد
نفس الشيء سوف ينسحب أيضاً على شكل أجهزة التلفزيون في المستقبل، التي سوف تتغير تماماً من حيث الشكل والتقنيات العالية والمتقدمة المستخدمة فيها، فإذا ما قارنَّا هذه الأجهزة في الوقت الحالي بما كان عليه الحال قبل خمسين عاماً مثلاً؛ فسوف نلاحظ وجود اختلاف جوهري دون شك. وهنا يؤكد توماس فري أن الأشخاص الخلاقين أكثر قيمة وأهمية من المبتكرين. كما أنه لا شك في أن أي منتج جديد في حياتنا هو نتاج لعمل وجهد هؤلاء الأشخاص معاً، ويُحدِث تأثيراً كبيراً في حياتنا.
وبالانتقال إلى قطاع آخر بالغ الأهمية أيضاً، وهو العالم الرقمي، يبرز توماس كيفية تأثير المنتجات الرقمية في مختلف النواحي في حياتنا. وعلى سبيل المثال: نجد أن الطاقة الشمسية تمثل نسبة 2% فقط من إجمالي الطاقة في العالم كله، ولكن الأرقام تشير إلى أن هذه النسبة سوف تتضاعف في السنوات القادمة لتنمو بوتيرة أسرع مما كان عليه الحال من قبل؛ ومن المتوقع أن تصبح الطاقة الشمسية هي المهيمنة في العالم في غضون الاثني عشر عاماً القادمة.
ونحن نشهد التحول نفسه بالنسبة إلى المنازل الذكية والمدن الذكية، ولا يمكن أن ننسى أيضاً التغير الذي سيحدث في قطاع الاتصالات وتأثيره الفعال في المستقبل. وبفضل الثورة الهائلة التي حدثت في عالم الاتصالات، أمكن لكثير من المشاهير من نجوم السينما والمطربين تحقيق أعلى نسب للمشاهدة على مواقع الإنترنت، وصلت إلى مليارات المشاهدين حول العالم.
قوانين
غير أن حقيقة اختفاء المليارات من الوظائف في المستقبل لا يعني بالضرورة أننا لن نجد عملاً أو وظيفة للقيام بها؛ لأن العنصر البشري والثروة البشرية باقيان ومهمان في عملية التنمية، فهنالك كثير من الفرص والوظائف التي سوف تصبح متاحة في المستقبل. وعلى أي حال، يوضح توماس أنه من خلال تجاربه توصل إلى قوانين أساسية تتعلق بالقدرات والإمكانات المالية:
القانون الأول يشير إلى أنه مع كل أتمتة وتطور تقني ينشأ نقص في الجهد، ولكنه يؤدي إلى زيادة في القدرات.
القانون الثاني يتلخص في أنه بينما تصبح الإنجازات التي تحققت في الوقت الحاضر أكثر شيوعاً، إلا أن هنالك إنجازات أكبر سوف تحل محلها؛ حيث سيصبح باستطاعتنا التفكير على نحو أسرع وإنجاز الأعمال على نحو أفضل وأسرع من ذي قبل، ومن المتوقع أيضاً أن تتوافر ملايين الوظائف عبر شبكة الإنترنت والمواقع الإلكترونية.