نموذج اقتصادي فريد
تتوالى الأدلة يساند بعضها بعضاً، وتثبت الأيام الواحد تلو نظيره أن دولة الإمارات العربية المتحدة قوة اقتصادية مركزية في المنطقة والعالم. فالسياسة الاقتصادية التي عكفت دولتنا المباركة على صياغتها سهَّلت سبل التعافي من تبعات الوباء الذي أثر في العالم بأسره. وها هي البشائر تتوالى عبر أعمال ومشروعات تبرز قيمة ما تم تأسيسه سابقاً من قبل القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، التي تعمل بهدوء وإذا بالنتائج التي تتمخض عن جهودها يقف العالم أمامها بكل تقدير واحترام لذلك التخطيط السديد والنهج الرشيد.
ها هو سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يؤكد أن اقتصاد دولة الإمارات بات بفضل الرؤى والخطط الاستراتيجية والاستباقية وجهود فرق العمل الوطنية، اتحادياً ومحلياً، من أكثر النماذج الاقتصادية عالمياً تطوراً ومرونة وأكثر استقراراً وحصانة في مواجهة الأزمات والتحديات المستقبلية، منوهاً سموه بأن الإمارات تعمل على تطوير نموذجها الاقتصادي بشكل مختلف وجديد.
يقول سموه: «عملنا الاقتصادي مستمر ومتسارع ويسير بالاتجاه الصحيح، وفريقنا الحكومي تمت إعادة تشكيله في الصيف الماضي لتعمل جميع الوزارات والمؤسسات الداخلية والخارجية والتشريعية على التركيز على هدف واحد وواضح؛ النمو الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة للخمسين عاماً القادمة».
وفي عام الخمسين، تتوج الإمارات جهودها في قطاع الطاقة النووية السلمية، وتترجمها بإنجاز إماراتي يسطَّر في السجل المتلألئ بالمشروعات الرائدة التي وضعت الإمارات في قائمة الكبار عالمياً... والذي تمثل في التشغيل التجاري لأولى محطات «براكة » للطاقة النووية السلمية، التي تعد واحدة من صفحات الفخر الإماراتي الذي يعكس حجم الإشعاع المعرفي الذي تتبناه الدولة في مسيرتها التنموية، وأثرها في تحقيق الخطط الريادية التي تكتنز بها أجندتها، وتعمل على إبرازها على أرض الواقع واحدة تلو الأخرى.
لقد نطقت الأرقام التي صدرت عن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بحجم العائدات التي ستنتج عن هذا المشروع الوطني الضخم، وفرص العمل التي سيشغل أكثرها أبناء الوطن. فالطاقة النووية السلمية أضحت مضماراً واسعاً للتنافسية الاقتصادية التي تمد البلاد بالخيرات، وتسهم في زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة التي لا ينبعث من جرائها أي غازات مضرة بالبيئة والطبيعة.
وقد وضعت القيادة الرشيدة ثقتها بهؤلاء الشباب من العلماء الإماراتيين الذين خاضوا غمار المهمة التطويرية لقطاع الطاقة النووية السلمية في دولة الإمارات، وأضحوا مشاعل يستنير بهم جميع أبناء وطننا، فلا ريب أن الطاقة النووية السلمية وبرامجها تستدعي بنية تحتية متينة، وشباباً متسلحاً بالعلم والإبداع والابتكار؛ هذه الكلمات العذبة التي تنبعث منها كافة عوامل التنمية والريادة.
إن التخطيط الإماراتي يتميز بالاستباقية والتطلع الدائم إلى المستقبل، وهو نموذج فريد، لا يكتفي بالنجاحات السابقة، بل يؤسس عليها، كما أنه لا ينظر إلى التجارب الأخرى مهما كانت عصية على الإدراك بعين الاستحالة عن اللحاق بركبها. إنه نموذج اللامستحيل، نموذج يؤمن بقدرة الإنسان على الإنجاز، ويوقن أن معجزة هذا المخلوق العجيب في قدرته على الخروج بأعظم النتائج في أحرج وأصعب الأوقات.
والتجارب الإماراتية كانت ولم تزل تثبت هذا بالواقع الملموس. فالأزمة المالية العالمية في العام 2008 أقضَّت عروش اقتصادات عريقة وكانت وبالاً ظن الكثير بأن تأثيره سيطول أمده، ولا سيما على الدول التي تتمتع باقتصاد مفتوح على العالم كدولة الإمارات العربية المتحدة، وكإمارة دبي على وجه الخصوص، التي تتمتع بمكانة اقتصادية جعلتها مركزاً عالمياً ينافس أعرق المدن في هذا الشأن. لم تقف قيادتنا الرشيدة مكتوفة الأيدي، بل استمرت في العمل المدروس، وكما هو نهج سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، يمكن أن تتغير الخطط، وأن يتم التعديل عليها، ولكن لم يقف العمل يوماً والجد في سبيل الوصول إلى النهضة الشاملة التي يسعى لبلوغها والقمم التي لا يرضى عنها بديلاً.
إن دروس التنمية البشرية التي ألِّفت فيها آلاف الكتب، وكذلك المصنفات العديدة التي تهيئ الإنسان لصناعة مستقبله لا تغني ولا تسمن من جوع إن لم يعقبها عمل وجد، فليس من سمع كمن رأى، وليس الخبر كالمعاينة، كما تقول العرب. إن النموذج الاقتصادي الإماراتي هو نموذج بني على الواقع، وعلى العمل، فبالتخطيط السديد، والعمل الرشيد، والطموح اللامحدود لا خوف على دولة الإمارات العربية المتحدة. وإن الكلمة التي أضحت أيقونة في رأفة قيادة الإمارات الرشيدة بشعبها، والتي قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: «لا تشلون هم »، هي بشارة أمدَّت الإماراتيين بالإصرار، فلا همَّ مع الإصرار، ولا همَّ مع الأمة الواحدة التي لا تقف أمامها أعاصير التحديات مهما بلغت. ولن «تشيل » أجيالنا القادمة الهم وهي تستمد قوتها من همم رجال صدقوا العهد مع الوطن وأبناء الوطن.