الابتكار الزراعي فــي المستقبـل
من التغير المناخي إلى النمو السكاني، يبدو أن الزراعة ستكون إحدى أهم القضايا في القرن المقبل، لهذا تتخذ دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات نحو مركزٍ رائدٍ عالمياً في الابتكار الزراعي.
تتوقع الأمم المتحدة أن يصل تعداد سكان العالم إلى 9.8 مليارات نسمة بحلول عام 2050 ، وفي الوقت ذاته تحذر المنظمة الحكومية الدولية من أن تغيّر أنماط الطقس وارتفاع مستوى سطح البحر يشكلان تهديداً غير مسبوق على إنتاج الغذاء على المستوى العالمي. وفي واقع الأمر، بينما يعدّ قطاع تجارة الأعمال الزراعية من أعلى الصناعات استقراراً على مستوى الأرباح في العقود القادمة، إلا أنه أيضاً من أكثر مجالات الأعمال تحدياً في القرن المقبل.
ووفقاً لخبراء الاستثمارات «ماكينزي آند كو»، فإن قطاع تجارة الأعمال الزراعية يحقق حالياً 18.4 مليار درهم إماراتي كصناعة عالمية يتوقع أن تنمو باطراد خال نصف قرن. وبرغم كونها مربحة، فمن المتوقع أن يكون أمامها الكثير من التحديات أيضاً. وتفترض التوقعات الحالية أنه لن يتم توفير 40 % من الحاجة العالمية للماء بحلول عام 2030 ، بينما تعاني نسبة 20 % من الأراضي الزراعية بالفعل من قصور الأداء بسبب تدهور وضع التربة، وفق تقديرات شركة الاستشارات.
تتراوح القضايا التي تؤثر في الزراعة من النمو السكاني إلى التغير المناخي، ما ينتج عنه تأثر الأرض الزراعية والموارد، مع تأثر دول من نيوزيلندا حتى جنوب السودان. ووفقاً لتقرير «إينفايرونمينت آوتيروا » لعام 2019 ، يسبّب إنتاج النيتروجين أزمة في قطاع الزراعة في نيوزيلندا. كما يؤثر التغير المناخي في جميع نواحي الصناعة (تشكل تغيرات المياه عوامل رئيسة في هذا منذ عام 1977 ، كما أن كتلتها الجليدية فقدت حوالي الربع). في غضون ذلك، تواجه دولة جنوب السودان مجاعة بسبب تعطل الزراعة نتيجة للنزاعات الجارية، كما أن تغير المناخ، مجدداً، يلقي بظله على الوضع (وفقاً لمؤشر هشاشة تغير المناخ 2017 ، تعدّ دولة جنوب السودان بين أكثر 5 دول تأثراً في العالم).
وفي الواقع، فإن التعليم وتطوير التقنيات الذكية ومعالجة قضايا التغير المناخي ستكون عوامل رئيسة لتزويد المجتمعات بالأدوات اللازمة لمعالجة التغيرات الحاصلة على الأرض الزراعية، والآثار الناتجة على تجارة الأعمال الزراعية.
التكنولوجيا الزراعية في الإمارات
تعدّ التكنولوجيا الزراعية من أكثر القطاعات ربحية والمتغيرة بسرعة في مجال الزراعة. كما أنها القطاع الذي يقدم الحلول للقضايا العالمية التي تواجه هذه الصناعة. وبهذا، فقد أعلنت دولة الإمارات مؤخراً عن سلسلة من الحزم التحفيزية تصل قيمتها إلى مليار درهم إماراتي في قطاع التكنولوجيا الزراعية للبلاد، بغية تعزيز الأعمال والمساعدة على تحفيز الزراعة في البلاد.
«بالإضافة إلى قطاع الخدمات اللوجستية الراسخ في
أبوظبي، يوفر موقعنا الجغرافي فرصاً عظيمة للتوسع
في وجود ملايين المستهلكين في البلدان المجاورة،
وجميعها من الاقتصادات المتنامية وتشهد زيادة في
استهلاك الغذاء .»
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب
القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وأوضح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة قائاً: «أطلقت المبادرة بغية تسريع نمو شركات التكنولوجيا الزراعية المحلية، وتشجيع الشركات العالمية الأخرى الرائدة في هذا المجال للاستثمار في أبوظبي، مما يساعد على تحويل القطاع، وبدوره، خلق فرص جديدة تؤثر في الاقتصاد إيجاباً على المديين المتوسط والبعيد».
وأضاف سموه: «إن مبادرة الحزم التحفيزية تهدف إلى جذب الشراكات الدولية لدعم الأبحاث والتنمية في قطاع التكنولوجيا الزراعية ،» مضيفاً: «إننا نتطلع قدماً لجعل أبوظبي مركزاً رائداً على المستوى العالمي للابتكار الزراعي في البيئات الصحراوية. وبالإضافة إلى قطاع الخدمات اللوجستية الراسخ في أبوظبي، يوفر موقعنا الجغرافي فرصاً عظيمة للتوسع في وجود ملايين المستهلكين في البلدان المجاورة، وجميعها من الاقتصادات المتنامية وتشهد زيادة في استهلاك الغذاء».
وأكد مكتب أبوظبي للاستثمار أن المبادرة جزء من برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية؛ «غدا »21 . وسيتم توفير عدد من الحوافز النقدية وغير النقدية لشركات التكنولوجيا الزراعية المحلية للمساعدة على النمو، وللشركات العالمية لتسريع إنشائها في أبوظبي. ستمنح الحزم التحفيزية للشركات المحلية والأجنبية في ثلاثة قطاعات فرعية أساسية: الزراعة الدقيقة والروبوتات الزراعية، والطاقة الحيوية )الطحالب( والزراعة المنزلية الداخلية. كما يمكن أن تصل الحوافز إلى حسم يصل %75 من نفقات البحث والإنتاج.
لكن ما هي التكنولوجيا الزراعية؟ يصفها إريك كوباياشي - سولومون مؤسس شركة «آي أو آي كابيتال »، ومؤلف كتاب «مستثمر الخيار الذكي » بأنها «استثمار عظيم للمستقبل ». ويقول لموقع «فوربس. دوت كوم « :» تمثل التكنولوجيا الزراعية تطبيقاً للتكنولوجيا، وبخاصة تكنولوجيا البرمجيات والأجهزة، في مجال الزراعة. التكنولوجيا الزراعية هي صناعة تتضمن حلولاً متنوعة لكل خطوات عملية إنتاج الغذاء تقريباً. إنني أنظر إلى الابتكار في التكنولوجيا الزراعية من ناحية ثاث فئات هي: الزراعة بمساعدة التكنولوجيا، والزراعة الجديدة والزراعة الثورية».
يقول معالي سيف محمد الهاجري، رئيس مجلس إدارة دائرة التنمية الاقتصادية: إن حزم الحوافز ستمكّن من تأسيس معرفة متقدمة بالتكنولوجيا الزراعية في أبوظبي، وستساعد على حل مشكلات الزراعة التقليدية. لن يكون هذا مفيداً للإمارات العربية المتحدة فقط، وإنما أيضاً للدول ذات البيئات الجافة والمناطق القاحلة في كل أنحاء العالم. هدفنا أن تصبح أبوظبي منارة للابتكار في مجال التكنولوجيا الزراعية التي تطبق على البيئات الصحراوية.
المزارع الذكية في المستقبل
المسح بطائرات درون (من دون طيار): تقوم طائرات درون بمسح الحقول، ورسم خرائط للأعشاب الضارة، وتسجيل تباينات المحاصيل والتربة. وهذا يمكن من التطبيق الدقيق للمدخلات.
أسطول من الروبوتات الزراعية: تتجه جماعة من الروبوتات الزراعية المتخصصة نحو المحاصيل، لتنجز أعمال التعشيب، والتسميد والحصاد. وتخفض الروبوتات القادرة على تطبيق عمل المناضح في التسميد، التكلفة بنسبة تصل ل 99.9 %.
جرارات ذكية: تقلل القيادة الموجهة بنظام «جي بي إس » والتخطيط الأمثل للطريق من تآكل التربة، وتوفر تكلفة الوقود بنسبة 10 %.
أبقار ترسل الرسائل النصية: تتيح الحساسات المعلقة على المواشي مراقبة صحة الحيوانات وحالتها. وتنبه النصوص المزارعين عند دخول البقرة في المخاض أو إصابتها بالعدوى، ما يزيد من بقاء القطيع على قيد الحياة وزيادة ناتج الحليب بنسبة 10 %.
معطيات الزراعة: تولد المزرعة البيانات التي تخزن سحابياً. ويمكن استخدامها للمساعدة على التطبيقات وعمليات الاستقصاء في المزرعة، ما يوفر مبلغاً وسطياً يصل إلى 7000 دولار لكل مزرعة سنوياً.