حيــاة علـى حافـة القلب
مع تلقي جائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة ترشيحات جائزة هذه السنة، تلقي «ومضات » نظرة على مسيرة أحد الفائزين بالجائزة في العام الماضي، وهو جراح زراعة القلب الشهير البروفيسور السير مجدي يعقوب، صاحب مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض القلب ومؤسس سلسلة الأمل.
مضى 31 عاماً منذ أن أجلس الأطباء ستيف ساير وأخبروه أنه من دون زراعة قلب سيكون على بعد 12 ساعة من الموت. وفيما كانت زراعة القلب، ولا تزال، تعدّ صورة مريعة، إلا أن البديل أكثر رعباً، فلم يكن ليعيش ليرى أطفاله يكبرون.
لكن الأمر انتهى اليوم إلى صورة مختلفة تماماً، إذ لم ير ستيف، الذي يبلغ اليوم 72 عاماً، أطفاله يكبرون فحسب. بل إنه، وكنتيجة لتلك الزراعة الرائدة، عاش ليرى ستة أحفاد وطفلين من أبناء أحفاده. كما كان عنصراً مهماً في جمع 5.7 ملايين درهم للفرع المحلي من مؤسسة القلب البريطانية في تشلتنهام - إنجلترا. وهي تجارب يعود الفضل فيها كلها، حسب قوله، لشخص واحد وهو جراح القلب المصري السير مجدي يعقوب.
يقول ستيف مستدعياً ذكرياته خ الل انتظاره العملية والجراح قبل تلك السنوات: «سألت الممرضة: كيف سأعرف أنه هو؟ فأجابت الممرضة: ستعرفه، له حضور طاغٍ، وكان ذلك صحيحاً. فبمجرد أن أطل برأسه في الغرفة عرفناه».
يصف ستيف الجراح الشهير بقوله: «إنه متواضع جداً. عادة ما يقترب منه الناس في المناسبات الخيرية ويقولون له: شكراً على ما فعلته لنا. فيرد قائ الً: لا شكر على واجب، أنا أقوم بعملي. بدا دائماً أنه يعرف من أنت بالضبط، وماذا فعل لك، من دون أن ينظر إلى أي ملاحظات مدونة. كما أنه ودود للغاية وقريب من الناس، إذ بإمكانك الاتصال بمكتبه والتحدث إليه عند الحاجة».
في عام 1991 ، نال السير مجدي يعقوب لقب «فارس »، بسبب خدماته في مجال الطب وجراحة القلب وريادته في مجال زراعة القلب. وهو ليس أول بروفيسور من مؤسسة القلب البريطانية لزراعة القلب فحسب، بل إنه يبقى أكثر من أنجز عمليات زراعة القلب في العالم.
البروفيسور يعقوب باحث ماهر، وبتجاوزه الثالثة والثمانين، يعود له الفضل في ابتكار عدد من الإجراءات الحديثة، وقد وظف الوقت الذي قضاه في الساحة العملية لاستكشاف طرائق جديدة لمعالجة ومنع أمراض القلب قبل الحاجة لزراعة القلب.
يقول عن قراره للتوجه إلى التفرغ للبحث إلى جانب العمل الجراحي: لدي رغبة فطرية في معرفة الأشياء الجديدة، وفي إتقان ما نعمله، ولتقييم الأشكال الجديدة في الع الج ودراسة التقنيات الجراحية المتطورة.
ويضيف: لقد غرقنا، ولم نستطع التكيف مع ما يجري، لكننا وجدنا أيضاً أن الجراحة القلبية توفر المادة لدراسة العناصر الأساسية للمرض القلبي والوعائي. رأينا أن بإمكاننا منع المرض مثلما بإمكاننا معالجته، وإذا ما وضعنا أنفسنا في العمل، فستشعر أن بإمكانك فعل شيء، يمكنك أن تمضي بسعادة وتكمل ويكون كل شيء طبيعياً.
لم يكتف السير مجدي يعقوب بإجراء العمليات والأبحاث، فأسس في 2008 مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض القلب - منظمة غير حكومية مسجلة في مصر - بهدف إنشاء مركز طبي متميز وبسمعة دولية مخصص لعمليات القلب والع الج والأبحاث. أنشأ المركز الذي يقوم كلياً على التبرعات مركز أسوان للقلب ومركز أسوان لأبحاث القلب، وأشير إلى تميز كليهما في العام الماضي حين كان البروفيسور السير مجدي يعقوب أحد الفائزين بجائزة مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.
أسس السير يعقوب كذلك سلسلة الأمل، وهي مؤسسة خيرية بريطانية مقرها في المملكة المتحدة، وتشرف على عمله لتأسيس مراكز علاج للقلب مكتفية ذاتياً حول العالم. يقول السير يعقوب: «عندما أنهيت تدريبي، اعتدت السفر إلى مصر مع زم الء التقيتهم خ الل التدريب ومساعدتهم على معالجة الأطفال الذين يعانون من أمراض القلب. كانت جراحة القلب لا تزال في بدايتها، ولم تكن متوافرة حول العالم. ثم ذهبنا إلى أمريكا الجنوبية وأفريقيا كمجموعة من شخصين أو ثلاثة أشخاص. أدركنا أننا في حاجة لمنظمة مستدامة، فأنشأنا سلسلة الأمل في المملكة المتحدة.
«لدي رغبة فطرية في معرفة الأشياء
الجديدة، وإتقان ما نعمله، وتقييم
الأشكال الجديدة في العلاج ودراسة
التقنيات الجراحية المتطورةالبروفيسور السير مجدي يعقوب
مؤسس مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث
القلب وسلسلة الأمل.
لدينا الآن شبكات، ونعرف الجميع تقريباً حول العالم، هذا ما تفعله شبكات الأمل حول العالم بما في ذلك الدول التي تحتاجها. نعمل معهم للوصول إلى خدمة مستدامة. في أسوان بمصر، على سبيل المثال، تنفذ الوحدة جميع العمليات على الأطفال الصغار، حديثي الولادة، على يد كادر محلي، نهاراً ولي الً، وبالمجان.
إنها سيرة مهنية تاريخية بالتأكيد، ومن السهل أن يسامح المرء السير يعقوب إذا تفرغ لحياته العادية بعيداً عن غرفة العمليات بغية تقاعد مريح. لكن بالنسبة لشخص طموح على الدوام، فإن هذا، كما يقول السير يعقوب، ليس له.
في حديثه إلى مؤسسة القلب البريطانية، يقول: «لا أريد أن تفتر همتي، لأنه أسلوب حياة بالنسبة لي. إنه شيء أستمتع به. عندي أطفال وأحفاد وإذا سألتني أيٌّ من الأطفال هو المفضل عندي سأجيب بأني أحبهم جميعاً. أشعر الشيء نفسه تجاه أبحاثي. إذاً هل هي العمليات التي تجرى للأطفال ذوي مرض القلب الخلقي؟ نعم، بالتأكيد. هل هي الوسائل الجديدة في الزرع والتثبيط المناعي، ورؤية الناس يعيشون لفترة أطول؟ طبعاً. هل هي هندسة الأنسجة والطب التجديدي؟ طبعاً. لكنها مرتبطة جميعاً ببعضها، ولن يمكنني اختيار إحداها والقول «هذا هو الأمر المفضل عندي »، لن أفعل هذا.
أشعر بالإرهاق كثيراً لكنني أستمتع بما أفعله، ولا أستطيع الجلوس على الشاطئ لنصف ساعة من دون التفكير في شيء ما، لأنني أحس بالملل حقاً. لا أريد أن تفتر همتي، لأنه أسلوب حياة بالنسبة لي. إنه شيء أستمتع به طوال الوقت. أستيقظ في الثالثة صباحاً للتفكير في كتابة منحة للاتحاد الأوروبي أو قراءة آخر أعداد مجلة نيتشر، ولا أعاني من شيء.
الجوائز والتكريمات
1988 : جائزة برادشو ليكتشر لأساتذة كلية الطب الملكية.
1998 : وسام ري فيش من معهد تكساس للقلب عن إنجازاته في جراحة القلب.
1999 : جائزة الإنجاز المتميز مدى الحياة تقديراً للإسهامات الطبية، منحها له وزير الدولة البريطاني للصحة.
2001 : جائزة كاوفمان، في قمة مؤسسة كليفلاند كلينيك للفشل القلبي.
2003 : جائزة أبقراط الذهبية للتميز في جراحة القلب، موسكو.
2004 : جائزة الإنجاز المتميز مدى الحياة من الجمعية الدولية لزراعة القلب والرئة.
2006 : الميدالية الذهبية من الجمعية الأوروبية لأمراض القلب.
2007 : جائزة فخر بريطانيا المقدمة من الديلي ميرور للإنجاز المتميز مدى الحياة.
2007 : الجنسية الفخرية من مدينة برغامو الإيطالية.
2007 : وسام الاستحقاق من رئيس الأكاديمية الدولية لعلوم القلب والأوعية الدموية.
2011 : قلادة النيل العظمى.
2012 : جائزة الجمعية الأميركية لأسطورة طب القلب والأوعية الدموية.
2015 : ميدالية ليستر لمساهماته في علوم جراحة القلب.
2018 : جائزة مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.