حتى في الحجر الصحي الوقت من ذهب
الكل يعلم أن وباء كورونا القاتل فرض نفسه على كوكبنا الأرضي في الشهور الأخيرة، فحصد أرواح عشرات الآلاف من البشر في فترة وجيزة، فانكفأت كل دولة على ذاتها في محاولة لحصار هذا العدو غير المرئي، وأصبح كل إنسان رهين بيته لا يخرج إلا للضرورة القصوى بتصريح من أولي الأمر. والحمد لله أن قيادتنا الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة تمكَّنت من محاصرة هذا الوباء المرعب، وذلك بفضل الله أولاً ثمَّ العلم والتكنولوجيا والرؤية الصائبة والحزم في الإدارة، والأرقام القليلة للضحايا والمصابين لدينا مقارنة بدول أوروبا وأمريكا تؤكد هذه الحقيقة.
ومع ذلك، عندما فرضت الدولة الحظر الصحي على الجميع وجد الإنسان نفسه فجأة مع ذاته أسيراً بين أربعة جدران لأسابيع طويلة، وهو ما لم يعتَده من قبل، خاصة الشباب، من هنا تأتي أهمية المعرفة وتعزيز الشغف بها منذ الصغر، فهذا الشغف سيتيح لمن اضطرته الظروف أن يجلس في بيته ويعمل على استثمار وقته بشكل أفضل، حتى لا يعتريه الضجر ويشعر بالاختناق من جرّاء البقاء في المنزل أوقاتاً طويلة.
إنَّ المعرفة في هذا الزمن يمكن التحصل عليها من عدة وسائل بسهولة، فالكتاب الورقي، الرمز التاريخي للمعرفة، موجود في مكتبة المنزل، وإذا لم يكن، فهناك شبكة الإنترنت وما تحتويه من ملايين الكتب الإلكترونية، وهناك أيضاً المواقع الإلكترونية الجادة التي تقدم المعارف المختلفة لمن يرغب. المهم أن يسعى كل إنسان إلى تخصيص وقت كافٍ للتزود بالمعارف بأي وسيلة من الوسائل المتاحة في وحدته داخل منزله. كذلك يستطيع الإنسان الحصيف أن يستثمر وقته بممارسة هواية مفيدة أو تعلمها كالرسم أو العزف على آلة موسيقية أو كتابة الشعر والقصة أو تعلم لغة أجنبية جديدة، المهم ألا يجعل الأيام تفر من بين يديه من دون فائدة، فقديماً قالوا: (الوقت من ذهب).
في هذا العدد نتعرَّف تاريخ العالم مع الأوبئة وكيف كان يتعامل معها قديماً، والأضرار الكبيرة التي لحقت بالبشرية قبل اكتشاف الدواء الناجع، كما حاولنا تعرُّف مستقبل الأوبئة وكيفية الاستعداد لمواجهتها، مع التركيز على أهمية البحوث العلمية والمعارف الطبية في القضاء على فيروس كورونا وما قد نواجهه من أوبئة جديدة، لا قدر الله، في المستقبل.
وبقراءة موضوعية نرصد أيضاً تجربة التعليم عن بعد في الإمارات بعد إغلاق المدارس بسبب هذا الفيروس الخبيث، وما حققته من نتائج إيجابية، وكيفية التعامل مع التحديات المستجدة في المستقبل.
كما لم ننسَ في هذا العدد إلقاء نظرة سريعة على أهمية التأكد من المعلومات والنصائح على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخذها من مصادرها الموثوقة.
إن جائحة كورونا المباغتة أثبتت أننا في دولة الإمارات نسير في الطريق الصحيح، وأن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة تُعَدُّ نموذجاً رائعاً لما تبذله من جهد مستمر من أجل تعزيز المعرفة وتشجيع الابتكار من خلال المبادرات الرقمية المتنوعة التي تطلقها لترسيخ الأفكار المتعلقة بأهمية العلم والعلوم في حياتنا، لنظل في مقدمة الدول التي تعمل على النهوض بشعوبها وإسعادهم.