أفضل ممارسات محو الأمية بفاعلية
أفضل ممارسات محو الأمية بفاعلية
ليزلي ماندل مورو وليندا بي.غامبرل (منشورات غيلفورد)
يعدّ كتاب «أفضل ممارسات محو الأمية بفاعلية » تجميعاً واسع النطاق لخلاصات وتوصيفات ما يحتاجه البحث والنظرية وممارسات التعليم من مرحلة رياض الأطفال وصولاً إلى الصف الثاني عشر )نهاية المرحلة الثانوية(. في طبعته السادسة، أصبح الكتاب محدّثاً ليتضمن آخر نتائج الأبحاث في الممارسات التوجيهية والتعليمية، مع إضافة فصول جديدة وإيلاء اهتمام متزايد لقضايا الصفوف التعليمية مثل مجتمعات التعلم واستخدام الأدوات الرقمية.
الأهم من ذلك، أن هذا الكتاب أداة ثمينة لكلّ من يرغب في البقاء على اطلاع وثيق على هذا المجال المتغير بسرعة. إذ إن منهجيته - الاعتماد على الممارسات القائمة على الأدلة والبراهين - ستروق بلا شك لمعلمي الصفوف، والإداريين والمعلمين قيد التدريب المهتمين بدعم تعلّم الطلاب.
منذ إطلاقه، استخدم عشرات الألوف من المعلمين الممارسين والمتدربين هذا الكتاب، فالمحتوى فيه مقسّم لاستراتيجيات مرنة بغية مساعدة طيف واسع من الطلاب على النجاح، وبهذا فإنه يتعامل مع المكونات الرئيسة للتعليم، التي تشمل التحفيز، والتقييم، ومناهج تنظيم التعليم والمزيد من المواضيع.
يبدأ كل فصل بعرض تمهيدي ذي تعداد نقطي للأفكار الأساسية، متبوعاً بمراجعات لأدلة البحث. ثم يستعرض بعد ذلك إجراءات مقترحة للمزيد من التطبيق، تشمل أمثلة من صفوف دراسية مثالية. وأخيراً، يوظف الكتاب النشاطات التشاركية لمساعدة المعلمين على تطبيق المعرفة والاستراتيجيات التي تعلموها مع طلابهم.
الكتاب مقسم إلى خمسة أقسام، يسعى القسم الأول «وجهات نظر في أفضل الممارسات » إلى تأسيس منظور خاص حول التعليم وتطبيقات التعليم، ويحقق هذا عبر تلخيص الأفكار المركزية التي يضمها الكتاب، ويعطي القارئ الوسيلة لتحقيق المزيد من التغييرات الجذرية في مجال التعليم.
ويناقش القسم الثاني «أفضل الممارسات لجميع الطلاب » المسائل الأساسية حول دعم التعليم لمجموعات الطلاب والتلاميذ ذوي المتطلبات التعليمية الخاصة. ويتعرض القسم الثالث «استراتيجيات مبنية على الأدلة في التعلم والتعليم » للمضامين التوجيهية لعمليات قراءة محددة. وهذا يتحقق بطريقة تقدم أحدث المعطيات الناتجة عن الدراسات والتحليل واسعي النطاق.
ويستكشف القسم الرابع «وجهات نظر حول مسائل خاصة » الفرص والمسائل المرتبطة بالتعليم والتطوير المهني، وهي تشمل كيفية التعامل مع مهارات الشخصية وعمل التحسينات خارج بيئة الصف. وأخيراً، يقدم الفصل الخامس «اتجاهات مستقبلية » نظرة متأملة في الفصول السابقة، تتضمن المزيد من التحليل لدور التعليم في المستقبل.
كما يضم كل فصل أيضاً منظّم محتوى، يغطي النقاط الرئيسة و «النشاطات التفاعلية » الإضافية لتتيح لكل من القارئ والمعلم التفكير في المفاهيم والأساليب الأساسية وتطبيقها.
توضح الفصول الأولى بعض الأفكار الأوسع التي يطرحها الكتاب حول التعليم، وترتكز الفصول الأولى على «الممارسات المبنية على الأدلة »، كما يعرّف الكتاب ويوصّف عشرة ممارسات تعلمية أساسية معترفاً بها عموماً لدعم تطوير تعليم التلاميذ والطلاب، نظراً للمتطلبات الحديثة المتزايدة. ويدور كلّ من هذه الممارسات على واحدة من فكرتين مركزيتين - تندرجان داخل فصول الكتاب الخمسة - وهما «توجيهات التعليم الشاملة » و «المعلمون صانعو قرار حالمون».
أولاً، يسعى الكتاب لتوسيع نطاق التعريف ليشمل التعليم ب «طبيعة شخصية، فكرية واجتماعية ». على سبيل المثال، هناك مضامين توجيهية مثل استقلالية الطالب في استخدام استراتيجيات الاستيعاب (ولهذا يقترح الكتاب أنه حريّ بالمدرسين استخدام معرفة الطالب المسبقة حول الإدراك التعليمي). وبالمقابل، فقد أصبح من الحيوي أكثر فهم الدور متزايد التعقيد للمدرس في مساعدة التطور التعليمي للطالب. ويقوم بهذا عبر «الممارسات المبنية على الأدلة » وإلقاء الضوء على أمثلة محددة قد تكون مفيدة ليس في سياق غرفة الصف فحسب، وإنما في حياة الطلاب.
ويبنى الجزء الثاني من الكتاب على الجزء الأول، مقدماً تعريفاً معاصراً للتعليم. بعد ملخص شامل للتعليم، يقدم نظرة تاريخية لمفهوم «التوازن » بين المنهج والتعليم. وهذا يعود إلى ما سبق مناقشته (دور المعلمين في حياة الطلاب) ويقترح تقديم المزيد من الدعم التعليمي على حساب مناهج التعليم شديدة التبسيط. كما يقترح الكتاب الاعتماد على هذه الأنماط من المناهج التي تحدّ في الواقع من الاتجاه الهادف للتدريس - وبهذا فإن الميل تجاه الرأي القائل بالتوازن يعدّ خطوة إلى الأمام.
وتدور الفصول في الوسط حول أفضل الممارسات المتعلقة بالطلاقة لمساعدة القراء الذين يعانون في القراءة. بعد تقديم وصف موجز للتعرف الآلي على الكلمات وآليات القراءة (وكلاهما مطلوب للطلاقة)، ويسجل ست مقاربات مبنية على الأبحاث للتعلم الأفضل. تقدم هذه المقاربات المحددة (القراءة خلال الاستماع، القراءة التشاركية المتكررة، القراءة المتكررة الفردية، القراءة الشفهية الموجهة للطلاقة، ودرس تطوير الطلاقة وتقييم الطلاقة) عبر الدليل البحثي ومضامين غرفة الصف. وبجمعها، فإنها لا تقدم فقط أمثلة للاتباع، وإنما دليلاً عملياً لتوجيهات التعليم.
ويعالج القسم الرابع المسائل الخاصة المتعلقة بالتعليم، ومنها مشكلات التدريب والتطوير المهني. ويستخدم الكتاب مصادر نصية متعددة (وبعض الوسائط الإضافية) من مختلف المراحل، فهو يصف القاعدة البحثية للتدريب التعليمي متعدد المصادر، ثم يقدم عدداً من الدوافع المساعدة التي تتقصى أساليب ومقاربات قرائية موضوعاتية متعددة. ثم يورد بعض الممارسات المتينة لمعالجة هذه المشكلات، بالتركيز على أنماط التوزيع إلى مجموعات والاستخدام المناسب للوقت (لكل من المدرسين والطلاب).
وأخيراً، ينظر المؤلفان نحو المستقبل. في هذا الجزء يناقش الكتاب مجدداً فكرتيه الأساسيتين، داخل السياق الأوسع للمواضيع المغطاة في النص، المقارَبة والمتجاهَلة. كما يناقش، بالتحديد، المسائل التي تركت دون إجابات. وتتحدث السطور الأخيرة عن «العمل الشاق الذي أمامنا » لتعليم القراءة والتدريبات القرائية. ما يأتي مثل توصيف موجز للكتاب ككل.
يأتي أفضل الممارسات في تعليم القرائية ككتاب ممتاز مليء بأفضل التطبيقات في تعليم القراءة والكتابة. وهو يعدّ نصاً مثالياً لمعلمي القراءة ومشرفي المناهج، مثلما هو الحال لكلّ فرد باحث عن تطوير مهاراته في التعلم.
التشافي.. رحلة داخل علم سيطرة العقل على الجسد
جو ميرشانت (كراون)
لعلنا نكون قد قللنا من قيمة العلاج الوهمي (بلاسيبو)، إلا أن المؤلفة جو ميرشانت تبدأ كتابها الشائق بلمحة موجزة عن الفهم العلمي لإمكانية العقل على الشفاء بنظرة معمقة في التأثيرات المفيدة للحبوب الزائفة، وتتوصل إلى مفاجأة إثر أخرى. في الولايات المتحدة، تضاعفت فاعلية الأدوية الوهمية في بعض دراسات الألم بمقدار ثلاثة أضعاف منذ عام 1990 . في ألمانيا، عدد المرضى الذين يصرحون عن التأثيرات النافعة للأدوية الوهمية يفوق عدة مرات عدد نظرائهم في البرازيل. وأكثر من هذا أن هذه التأثيرات تتباين وفقاً للغة جسد الطبيب.
إنها مشكلات بسيطة يظهر أنها توصل لأفكار رائعة، تستخدمها ميرشانت للمحاججة بأن استجابة المرضى للعلاج الدوائي تشكلها الثقافة، والبيئة والكيمياء العصبية بطرق تقترح أساليب علاج واعدة للأطباء المنفتحين في كل مكان. لا تقف ميرشانت عند استخدام الدواء الوهمي، بل إنها تبدو رافضة بحزم لبعض الادعاءات المتعلقة بالمعالجة المثلية (التجانسية) أو مجالات الطاقة. كما تعترف بأن جميع العلاجات المبنية على العقل لها محددات: برغم أن العقل قد يُدفع أو يُحرَّض لإخراج الإندروفين الذي يخفف الألم، وربما يبدأ بجهاز المناعة للمريض، لكن ما من قوة مثبتة لديه للتقليل من ورم خبيث.
لكن ميرشانت، عالمة الأحياء التي عملت محررة في مجلتَي «نيتشر » و «نيو ساينتست »، لديها نزوع «ملتو » إلى حد ما، عند تحبيذ التنويم المغناطيسي أو بعض العلاجات المشابهة، لافتراض أن العاملين في مجال العلاج العادي يميلون بشكل روتيني لرفض فكرة أنه يمكن للعقل أن يكون شريكاً في النتائج الناجحة المتأتية. «ربما كان ذلك ممكناً قبل 50 سنة »، لكن في وجود المراكز الطبية الكبيرة التي تقدم اليوم الرعاية الشاملة، «فقد بات هذا أبعد ما يكون عن الصواب ». قالت جينيفر سنيور في نيويورك تايمز: «ربما سيشعر الكثير من القراء بالألفة مع جملة الأفكار الواردة في النصف الثاني من هذا الكتاب.. الحديث عن الفوائد الصحية للصداقة، والتأمل الواعي مجدداً » هذه أفكار تناولها إلى حد كبير العديد من الكتاب من قبل. لكن ميرشانت تكتب جيداً بشكل غير اعتيادي بالنسبة لشخص يتمتع بفهم قوي للعلم، كما أنها تميل لربط نتائج الأبحاث بالقصص الفردية. ومن الصعب عدم التأثر، على سبيل المثال، عندما تورد في الكتاب زيارتها لمدينة لورد في فرنسا حيث تقابل حجاجاً بائسين وتشير إلى الاهتمام الذي يلقونه في المدينة التي تدور حولها القصص. «إن كان هناك درس واحد يمكن استخلاصه من كتاب التشافي، فهو هذا: بالنسبة للمريض، لا بديل عن لقاء شخصي مع أحد يهتم بمصيرك».
أغانٍ من الفضاء الخارجي
جانا ليفين (كنوبف)
تكشف عالمة الفلك الأميركية البروفسورة جانا ليفين في كتابها "بلوز الثقب الأسود وأغان أخرى من الفضاء الخارجي" عن قصة تجمع بين الحقيقة العلمية والخيال الروائي. تعود ليفين بقراءها إلى حدث يزيد عمره على مليار سنة، عندما حصل اصطدام بين ثقبين أسودين هائلين، وما نتج عن تلك الحادثة من موجات آخذة في التوسع منذ ذلك الحين. لكن الجانب الأكثر غرائبية في الكتاب يكمن في القصة التي تستعرض فيها العلاقات الشخصية بين أفراد الفريق العلمي الذي يعمل على الاكتشاف الفريد الذي قد يغير نظرة البشرية للكون. إذ لعقود من الزمن، تتبع العلماء إشارة باهتة في الفضاء، أملاً في الوصول إلى دليل قاطع على وجود موجات الجاذبية الثقالية.
نال عمل ليفين ترحيباً من النقاد الذين أشادوا بقدرة الكاتبة على تقديم سردٍ «يكاد يصل إلى الكمال من ناحية خلق التوازن الفني بين الجانب العلمي والقصّ الأدبي ». وهو ما دفع بعضهم لوصف ليفين بأنها ذات «حسّ روائي ديستويفسكيّ ،» لقدرتها على ربط خيوط الرواية وتقديم شخصيات روائية متينة تحمل خصائص البطولة مثلما تحمل نقائص بشرية. وهي تستعرض تباينات العلاقة بين العقل والعاطفة وتقلباتها، وتأثير ال «أنا » لدى كل فرد في الفريق على العمل الجماعي، ناهيك عن النظرة النقدية لاستخدام المنهج العلمي في تطوير الحياة البشرية. سبق لألبرت أينشتاين أن تطرق في طروحاته لوجود موجات الجاذبية الثقالية، لكن الاكتشاف الذي تتطرق إليه ليفين في كتابها، من زوايا أخرى، حريّ به أن يفتح آفاقاً جديدة للتفكير. فالكاتبة تنسج عملاً متشابكاً في خطوطه يمتزج فيه العلمي بالشخصي، وتترابط محاور العلاقات بين الأشخاص مع طرح أفكار "طازجة" وقابلة للنقاش؛ اجتماعياً وعلمياً.
على الجانب العلمي للعمل، تدفعنا ليفين للتفكير في هذا الاتساع الهائل للكون الذي نعيش فيه، وكم يبدو عالمنا صغيراً في هذه الكون المذهل. فمن خلال مرصد الموجات الثقالية بالتداخل الليزري «ليغو »، الذي يحمل أذرع كشف يقارب طولها الميلين ونصف الميل، يمكننا العودة ملايين السنين للتفكير بتاريخ الكون المغرق في القدم. فعلى سبيل المثال، يمكن القول إن الموجة متناهية الصغر التي التقطها "ليغو" تدلّ على الطاقة الناتجة عن اصطدام الثقوب السوداء، قبل مليار سنة، والتي تفوق في قوتها طاقة أي حدث آخر منذ الانفجار الكبير.