القصة الأمريكية في محو الأمية
25 مليون طفل لا يستطيع القراءة ببراعة
بالرغم من أن الحكومة الأمريكية لا تنشر معدلات الأمية في الباد، إلا أن العديد من التقييمات المنشورة تبين أن المعدلات العامة للإلمام بالقراءة والكتابة قد توقفت عند نسبة 99.9 في المائة على مدى العقدين الماضيين. ولكن هناك وجه آخر للقصة الأمريكية في محو الأمية.
جاءت التقييمات عموماً نتيجة لمبادرات مختلفة لتحسين معدلات محو الأمية على شكل دعم حكومي وتمويل خارجي، الأمر الذي أدى إلى إصلاح التعليم الوطني من مستويات التعليم الابتدائي إلى التعليم العالي. ولكن هذا لا يعني أن الجميع في الولايات المتحدة يمكنه قراءة مقالٍ صحفي كامل أو استكمال طلب وظيفة عادية.
منذ عام 1966 ، تقود منظمة «ريدينغ إز فاندامينتال » غير الربحية، الجهود الرامية إلى تحسين معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة بين الأطفال الأمريكيين، بهدف ضمان قدرة جميع الأطفال على القراءة والنجاح.
وتقدر المنظمة أن نحو 25 مليون طفل في الولايات المتحدة لا يستطيع القراءة ببراعة. وبناء على إحصاءات منظمة «ريدينغ إز فاندامينتال » لجميع الأطفال في الولايات المتحدة، فإن 34 في المائة من الأطفال المسجلين في رياض الأطفال يفتقرون إلى المهارات الأساسية اللازمة لتعلم كيفية القراءة، بينما يقرأ 63 في المائة من الأطفال في الصف الرابع ) 9- 10 سنوات( النصوص التي هي أقل من مستواهم. وهذا يؤدي إلى تسرب عدد يثير الانزعاج يُقدر ب 8 آلاف طالب، وذلك من المدارس الثانوية، في كل يوم.
ذكرت كريستال واتس في مقال نشرته صحيفة «هافنغتون بوست » الأمريكية عام « :2011 أقنع العديد من طلابي أنفسهم بأن القراءة لا تستهويهم، لأن مهارات القراءة لديهم كانت دون درجة الصف بعدة مستويات. بالنسبة للعديد من هؤلاء الطلاب الذين أعلنوا أنهم يكرهون القراءة كان الإعراب عن ذلك أسهل من إحراج أنفسهم وهم يعانون صعوبات في القراءة».
كمدرّسة، كتبت واتس، أنها أدركت أن العديد من الطلاب يجدون أنه من الأسهل لهم التعبير عن كرههم للقراءة بدلاً من وضع أنفسهم في موقفٍ محرجٍ، حيث يتم النظر إليهم كقراء يعانون صعوبة القراءة.
لتجاوز هذا الأمر، تعمل منظمة «ريدينغ إز فاندامينتال » بشكل حثيث على منح كل طفل في الولايات المتحدة فرصة لاقتناء الكتب، وتعلم كيفية القراءة، وحصوله على لبنات البناء الأساسية لبلوغه أقصى الإمكانات والاستفادة منها.
وذكرت أليسيا ليفي، رئيسة المنظمة ورئيسة الجهاز التنفيذي فيها: «من خلال مواصلة برامجنا الرائدة، واتخاذ مبادرات جديدة، قمنا بتطوير مجموعة قوية من الموارد لضمان قدرة كل طفل على القراءة والإسهام في بناء مجتمع يتطلب الإلمام بالقراءة والكتابة على جميع الصعد».
ووفق التقرير السنوي للمنظمة لعام 2018 ، فقد وصلت «ريدينغ إز فاندامينتال » إلى أكثر من 50 مليون طفل في 50 ولاية أمريكية، ووزعت عليهم 416 مليون كتاب.
وقال جاك ريموندي رئيس مجلس الإدارة في منظمة «ريدينغ إز فاندامينتال « :» نطبق نهجاً متعدد الجوانب في مهمتنا لإثارة شغف القراءة لدى جميع الأطفال، وحل أزمة محو الأمية ». وأضاف ريموندي: «أشركت المنظمة في عام 2018 أفراداً ومنظمات لتطوير برامج تهدف إلى تحقيق نتائج فورية وعملية، مثل السماح للأطفال باختيار الكتب لامتلاكها ». ولأداء رسالتها المتمثلة في تحقيق مجتمع متعلم يخلو تماماً من الأمية عن طريق إلهام شغف القراءة بين جميع الأطفال، أطلقت «ريدينغ إز فاندامينتال » في مارس 2018 «مسيرة المليون كتاب » تشجيعاً للطلاب على قراءة مليون كتاب. وقال أحد المستفيدين؛ ويدعى آشلي من نيويورك في كلام موجه إلى «ريدينغ إز فاندامينتال « :» منحُكم الكتب لنا هو أمر جيد وعليكم الاستمرار في ذلك، لأن هذا العمل قد أعطى الأطفال فرصة للقراءة. أشكركم على تقديم الكتب، لأن هذا الإجراء يمكن أن يغير فعلاً حياة شخص ما يعرف أن هناك من يهتم بأمره».
كما أطلقت منظمة «ريدينغ إز فاندامينتال » التطبيق المركزي لمحو الأمية الذي يسمح للمستخدم بإجراء بحث سريع للرمز الخاص بالكتاب والاتصال بآلاف الموارد الرقمية المجانية المرتبطة مباشرة بالكتب التي تناسب الأطفال، ويلجأ إليها المعلمون كل يوم. كما أنها تقدم للأطفال طريقة سهلة لإدراج وتتبع ومشاركة الكتب التي يقرؤونها بأمان.
وقد تم تطوير التطبيق بتمويل من مؤسسة الدولار العامة لمحو الأمية. كما أنها تعمل مع الشركات والمؤسسات، والمنظمات المجتمعية الأخرى لتحديد وتنفيذ برامج محو الأمية القابلة للتنفيذ.
تعمل منظمة «ريدينغ إز فاندامينتال »
بشكل حثيث على منح كل طفل في
الولايات المتحدة فرصة لاقتناء الكتب
وتعلم كيفية القراءة.
وفي العام الماضي، تم الإعلان عن فوز «ريدينغ إز فاندامينتال » بجائزة ديفيد م. روبنشتاين البالغة قيمتها 150 ألف دولار من مكتبة الكونغرس الأمريكية، وذلك تقديراً لإسهاماتها البارزة والقابلة للقياس في زيادة مستويات محو الأمية في الولايات المتحدة الأمريكية. وتشكل هذه الجائزة أهمية كبيرة كونها صادرة عن مكتبة الكونغرس التي تُعد أكبر مكتبة في العالم وتخدم رسمياً الكونغرس الأمريكي كمكتبة أبحاث تتيح الوصول إلى السجل الإبداعي للولايات المتحدة وقدراً هائلاً من المواد من جميع أنحاء العالم. وقد سُميت الجائزة باسم المُحسن ديفيد م. روبنشتاين الذي خصص جوائز لمحو الأمية بمكتبة الكونغرس في عام 2013 كتعبير عن حبه للقراءة والدور الحاسم الذي لعبته في نجاحه.
مشكلة عالمية
يقدر عدد الأطفال غير القادرين على اكتساب مهارات القراءة والكتابة الأساسية في العالم بنحو 250 مليون طفل. ويتوقع تقرير صدر أخيراً عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة )اليونسكو( بشأن محو الأمية على الصعيد العالمي أن يصبح نحو 30 في المائة من البالغين و 20 في المائة من الشباب البالغين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أميين بحلول عام 2030 . وبالتالي فإن هذا التوقع يعني أن هدف التنمية المستدامة الرابع الذي يتمحور حول «ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع » بحلول عام 2030 لن يتحقق.
وقالت أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو خ الل اليوم الدولي لمحو الأمية « :2018 يمثل محو الأمية الخطوة الأولى نحو الحرية، نحو التحرر من القيود الاجتماعية والاقتصادية. وهو شرط أساسي لتحقيق التنمية الفردية والجماعية على حدٍّ سواء. إنه يعمل على الحد من الفقر وأوجه انعدام المساواة، ويولد الثراء، ويساعد في القضاء على مشكلات التغذية والصحة العامة ». كما أفاد مراقبون أن ما يقدر بنحو 1.05 مليار شخص في العالم أمي! الأمر الذي يعرضهم لخطر الاستبعاد من المشاركة الكاملة في مجتمعاتهم المحلية.
ووفقاً لمنصة التدوين لأكاديميات بريدج الدولية، فإن الفشل في معرفة القراءة والكتابة يحد من فرص الحياة، ويعيق مشاركة الفرد في معظم أنحاء العالم من حولهم، نظراً لأن التفاع الت الاجتماعية تسيطر عليها الكلمة المكتوبة، بسبب ظهور أدوات الاتصال مثل البريد الإلكتروني وتطبيقات المراسلة مثل تويتر، واتس آب، وفيسبوك وماسنجر.