تأثير سلسلة الكتل في نقل المعرفة

أنا أنتمي إلى مؤسَّسة لينكس، التي أُنشئت منذ ستة عشر عاماً، التي تقدِّم المعلومات القانونية والبنى التحتية للأسواق؛ للترويج لمنصات وأكواد المصدر المفتوح في كل الصناعات الرئيسة. نفذَّنا مشروعات مثل «أوتوموتيف غريد لينكس »، المدمج في معظم سيارات «بي إم دبليو ». وهنالك أيضاً منصة سحابية تسمى «كوبرنيتس » مدمجة بمعظم الخدمات المقدمة هذه الأيام. وهناك أيضاً «ليتس إينكريبت » وهي هيئة اعتماد دولية، تعد من المؤسَّسات المهمة.

منذ عامين تحدَّث رئيسنا التنفيذي قائلاً: «إننا في المؤسَّسة نروِّج للمصدر المفتوح، ونساعد المؤسسات على تطوير منصات المصدر المفتوح، ونموذجنا لا يناسب البيتكوين، ولكن التقنية الأساسية مثيرة للاهتمام. البيتكوين وسلسلة الكتل ليسا نفس الشيء».

لذا، تمَّ تأسيس «هايبرليدجر » التي تعدُّ مجتمعاً برامجياً عالمياً وتعاونياً مفتوح المصدر، وتمثِّل جزءاً من مؤسَّسة لينكس، وتعمل على تطوير تقنيات سلسلة الكتل للمؤسَّسات.

وتتمثَّل أهداف المؤسَّسة في إنشاء الأكواد الأساسية وأطر العمل لدفاتر الحسابات الموزعة، ومنصات المصادر المفتوحة على مستوى المؤسَّسات، لدعم تعاملات المؤسَّسات، وبناء مجتمعات تقنية، وتوعية الجمهور، والأهم من ذلك دعم مجتمعنا.

وبالنسبة إلى الأعضاء، فقد كانوا 30 عضواً بعد 18 شهراً من إنشاء المؤسَّسة، والآن لدينا 890 عضواً، ومن بين الأعضاء إنتل وديلويت وغيرهما، وعلامات تجارية كبيرة مثل جي بي مورجان وولز فارجو، وشركات مثل موناكس، وغيرها من الشركات الناشئة.

وهنالك صعودٌ كبيرٌ، حيث تقع نسبة 40 % من أعضائنا في الصين ودول آسيا والمحيط الهادئ، ومن أعضائنا أيضاً السلطة النقدية في سنغافورة وبنك إنجلترا. ولكن السؤال الآن ما هي سلسلة الكتل؟ وكيف ستسهم في دفع المعرفة، دعونا نركز على ذلك الآن.

ما هي سلسلة الكتل؟ يتعلَّق الأمر بالاتفاق على الموازنة أو المقايضة بين الأصول، حيث تعدُّ أمراً شبيهاً بالمقايضات في بداية التعاون بين البشر، وتفاعل بعضهم مع بعض، من ناحية تطوير أصول محتوى وشكل البيانات، بداية من محاولة الكتابة على الرمال، ثمَّ الصخور، ثمَّ السجلات التقليدية والورق، ثمَّ انطلاقنا إلى الفضاء الرقمي، ولكن في العالم الرقمي.

هنالك أكثر من نسخة حقيقية؛ فالتحدي يكمن في تحديد أي النسخ حقيقية، والاتفاق فيما بيننا على ذلك، وحينئذٍ جاء دور الإنترنت الذي يعدُّ كنزاً كبيراً بالنسبة للبشرية، وعبر شبكة الإنترنت يستطيع كلُّ شخص أن ينشرَ نسخته الحقيقية، وبالطبع يثير ذلك تحدياً جديداً؛ حيث يمكن لكلِّ واحدٍ منّا الادعاء بأنَّ نسختنا هي الحقيقية.

بناءً على ما سبق، بدأنا في إيجاد آلية للوصول إلى الإجماع، وكيف نفعل ذلك بطريقة مثبتة رياضياً؛ فالأمر لا يستدعي أن يكون مجالاً للصراع فيما بيننا. وهكذا وصلنا لتقنية سلسلة الكتل، وهي تختلف عن البيتكوين «العملة المشفرة » التي تمثِّل طريقة لمنحنا حوافز لأداء هذا كله، أمّا سلسلة الكتل فهي توفّر لنا شبكة مفتوحة المصدر خارج نطاق الحدود وتتجاوزها بطريقة سريعة وآمنة ومشفرة، وتمثّل طريقة غير مركزية للوصول إلى الإجماع بشأن المعاملات والمعلومات المتعلقة بنقل الأصول، وقد تكون هذه الأصول أي شيء، وقد تتعلَّق بنقل البيانات أو حتى السيارات فيما بين الأشخاص.

ومن أهم الأشياء التي ينبغي معرفتها بشأن سلسلة الكتل، أنها تحقّق الثقة والشفافية. فأي معلومة تضعها في الكتلة تتصل بالكتلة السابقة.

والمؤكد أنَّ تقنية سلسلة الكتل ستؤثر في عالم نقل المعرفة، والآن لدينا تطبيقات لذلك، سنذكرها بإيجاز، من بينها إحدى الشركات التي تسمح للموسيقيين بطلب حقوقهم، حيث يمكن لكل موسيقي المطالبة بالحقوق الخاصة بتسجيلاته، وهذه الشركة موجودة، وقائمة على هايبرليدجر ساوتوز أحد أُطُر العمل التي طورناها. ومن التطبيقات الأخرى «الشهادات والسمعة الأكاديمية »، حيث يمكن الآن للجامعات أن تضع الشهادات ودرجات الطلب على سلسلة الكتل، وتعمل بالتعاون مع الحكومات والطلاب على دمج نظام للسمعة الأكاديمية في سلسلة الكتل، ويمكن مشاركتها عبر الحدود وعبر الدفاتر الموزَّعة، ومن الأمور التي يمكن أن تحدث أيضاً «إعادة استخدام الأبحاث »، أي إدراج كل دراسة بحثية في سلسلة الكتل.

لقد أطلقنا في مؤسَّسة لينكس دورة تدريبية إلكترونية مكثفة حول مبادئ المصدر المفتوح على موقع (www.hyperledger.org)، وهذه الدورة مجانية ويمكن للجميع الاطلاع عليها والاستفادة منها. ولدينا مجموعات عمل يمكن للجميع الاشتراك فيها والتركيز على مجالات مختلفة، هنالك مجموعات عمل للرعاية الصحية، وأخرى للهواتف، ولدينا ما يناسب مستوى المبتدئين، ولدينا أيضاً مدونة نشطة، ومن أهم ما نقدمه الملتقيات، حيث يوجد لدينا ملتقى أيضاً في دبي، وتوفِّر الملتقيات فرصة للتحدُّث حول سلسلة الكتل وكل ما يتصل بها.

 

تشغل د. مارتا بييكارسكا منصب مديرة النظام البيئي في هايبر لدجر، وقد عملت قبل ذلك مهندسة لحماية وأمان نظم الحاسوب في شركة بلوكستريم. وقد تعاونت في السابق مع دويتشه تيليكوم كمهندسة رائدة في مستقبل خصوصية الهاتف الجوال.

ويرتكز محور اهتمام الدكتورة مارتا في المجالات التقنية على خصوصية المستخدم وأمنه، وحماية الهاتف الجوال وأجهزة الاتصال من الضرر. وقد حصلت د. مارتا بيكارسكا على درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية والحاسب الآلي من جامعة وارسو للتكنولوجيا، ثمَّ نالت درجة ماجستير مزدوج من قسم علوم الحاسب وتكنولوجيا المعلومات في جامعة برلين التقنية ومن جامعة وارسو للتكنولوجيا. وحصلت أخيراً على درجة الدكتوراة في أدوات الخصوصية الإلكترونية.