إنجازات التكنولوجيا الحيـويــة في البرازيل
تحوّلت من مستورد إلى مصدّر غذائي
قفزت البرازيل بين عامي 2014 و 2018 إلى المركز الثاني كأكبر مصدري المنتجات الزراعية إلى سوق الاتحاد الأوروبي، بعد أن بقيت لسنوات طويلة قبل ذلك في موقع الاستيراد فقط. كيف تحققت هذه القفزة البرازيلية بنجاح؟
حسب البيانات الإحصائية لتجارة الأغذية الزراعية التي نشرتها المديرية العامة للزراعة والتنمية الريفية في الاتحاد الأوروبي، حصلت البرازيل على حصة سوقية بلغت 10.2 في المائة من صادرات الأغذية إلى سوق الاتحاد الأوروبي بقيمة 11.9 مليار يورو.
كانت البرازيل وراء الولايات المتحدة فقط التي صدّرت منتجات غذائية تبلغ قيمتها حوالي 12.1 مليار يورو إلى سوق الاتحاد الأوروبي خلال نفس الفترة.
في المقابل، استوردت البرازيل منتجات غذائية بقيمة 1.7 مليار يورو من سوق الاتحاد الأوروبي، وهذا دليل على التحول الكبير الذي حققته هذه الدولة الواقعة في أميركا اللاتينية من مستورد إلى مصدر رئيسي للمواد الغذائية وغيرها من المنتجات الزراعية.
لقد كانت رحلة مدتها 40 عاماً شهدت استثماراً ملحوظاً في القطاع الزراعي الذي بدأ في السبعينيات من القرن الماضي بتأسيس مؤسسة البحوث الزراعية البرازيلية التي تعمل تحت إشراف وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والغذاء، والتي جعلت البرازيل تقفز من مستورد صاف للمنتجات الزراعية إلى مصدر رئيس اليوم.
الاستثمار والبحث
استثمرت مؤسسة البحوث الزراعية البرازيلية الجهد والمال في البحث، وبعد تسجيل النجاح، تم إشراك القطاع الخاص، مما أدى إلى إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص في تطوير التكنولوجيات التي تناسب مناخ البرازيل الاستوائي.
هكذا شهدت سيرادو، وهي منطقة ساحلية استوائية واسعة تغطي ولايات (غوياس، ماتو جروسو دو سول، ماتو جروسو، توكانتينز، ميناس جيرايس) استثمارات ضخمة لأغراض التوسع الزراعي وتوحيد الأعمال الزراعية في البلاد. لأكثر من 50 عاماً، اشتهرت هذه المنطقة بسبب أراضيها العشبية المشهورة بإنتاج لحوم البقر. كان يعتقد أن التربة ليست مناسبة للإنتاج الزراعي، ولكن مع إدخال التكنولوجيا الحيوية، تطورت المنطقة إلى سلة الخبز البرازيلية منذ العام 2000 .
تغطي الأراضي الزراعية هنا مساحة 200 مليون هكتار، وبسبب الاستثمارات، زاد إنتاج المحاصيل من 3 إلى 48 مليون طن بين عامي 1977 و 2014 ، بينما ارتفع عدد ماشية الأبقار من 3 إلى 28 مليون رأس وفقاً لدراسة نشرتها شركة «ريسيرج غيت ». ونقلت صحيفة «فارمرز غارديان » الأسبوعية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، عن روبيرتو جاغاريبي، رئيس الوكالة البرازيلية لتشجيع الصادرات والاستثمارات قوله: «أن تكون قادراً على الاستفادة من التربة التي كانت تعتبر عديمة الفائدة للزراعة منذ 500 عام، كانت بمثابة تغيير في اللعبة».
تتصدر قائمة صادرات البرازيل: فول الصويا،
قصب السكر، القهوة، اللحم البقري، عصير
البرتقال، الدواجن، الذرة، التبغ، الإيثانول،
خام الحديد، الأرز وغيرها.
في مقابلة نُشرت على مدونة "كروب لايف إنترناشينال"، عزت أدريانا برونداني، المدير التنفيذي لمجلس معلومات التكنولوجيا الحيوية في البرازيل، التحول السحري للبرازيل إلى إدراك أن البلاد اضطرت إلى تطوير نماذج تناسب مناخها المداري.
منذ أربعين عاماً، تم تطوير أفضل الممارسات في مجال الزراعة بناءً على الظروف الموجودة في المناطق المعتدلة. وقال برونداني: «هذه النماذج لم تكن مناسبة للمناخ الاستوائي في البرازيل، والمواسم، والطقس، والأرض حتى ». وأضافت: «كمزارعين برازيليين، أدركنا أننا نحتاج إلى تطوير نموذجنا الخاص بالزراعة الذي يعمل بشكل أفضل هنا، والذي يضمن الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار الزراعي ،» مشيرة إلى أن «هذا النموذج البرازيلي المخصص للزراعة، والذي يضمن اعتماداً واسعاً على محاصيل التكنولوجيا الحيوية، قد زاد بشكل كبير من إنتاج بلدنا من الأغذية والألياف والوقود».
ارتفاع الصادرات
أفادت منظمة الأغذية والزراعة «الفاو »، وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة تقود الجهود المبذولة لمكافحة الجوع، أن صادرات البرازيل الزراعية زادت في عام 2017 لتصل إلى 96 مليار دولار.
«لقد كان رصيد الزيادة في قطاع الصادرات الزراعية فائضاً: ( 81.86 مليار دولار) مقارنة ب( 71.31 مليار دولار) من العام السابق » بحسب «الفاو ». هذا، حسب الوكالة الأممية، كان ثاني أكبر رصيد تجاري إيجابي في التاريخ، حيث تجاوز 82.9 مليار دولار أميركي في عام 2013 . وتتصدر قائمة صادراتها: فول الصويا، قصب السكر، القهوة، اللحم البقري، عصير البرتقال، الدواجن، الذرة، التبغ، الإيثانول، خام الحديد، الأرز، السائل المنوي للماشية. في يناير، ذكرت وكالة «رويترز » أن صادرات الصناعات الزراعية في البرازيل سجلت رقماً قياسياً بلغ 101.7 مليار دولار أميركي في عام 2018 ، بزيادة 5.9 في المائة عن عام 2017 . ويعزى ذلك إلى زيادة الطلب الصيني على منتجات مثل حبيبات فول الصويا التي حققت أكثر من 33.2 مليار دولار أميركي، بينما ارتفعت أسعار فول الصويا إلى 6.7 مليارات دولار أميركي.
رأت صحيفة «غلوبال تايمز » الصينية أن التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، أجبرت الصين على إيجاد أسواق بديلة في جميع أنحاء العالم.
وقال جيانغ شيشوي مدير مركز دراسات أميركا اللاتينية بجامعة شنغهاي لصحيفة «غلوبال تايمز :» «كانت الولايات المتحدة في السابق المصدر الرئيس لفول الصويا للصين، ولكن بعد أن حرّضت على نزاعات تجارية، احتاجت الصين إلى إيجاد بدائل من جميع أنحاء العالم ». وفقاً لموقع «برازيليان فارمرز » كانت الصين وهونغ كونغ الوجهتين الرئيستين للصادرات الزراعية البرازيلية التي أسهمت بمبلغ 38.1 مليار دولار أميركي.
احتل الاتحاد الأوروبي المرتبة الثانية، حيث بلغت قيمة مشترياته 17.8 مليار دولار أميركي، بينما بلغت قيمة مشتريات الولايات المتحدة 6.8 مليارات دولار أميركي. وفقاً للموقع الإلكتروني «برازيليان فارمرز ،» في عام 2018 ، رفعت تركيا وارداتها من القطاع الزراعي في البرازيل بنسبة 73.5 % ويرجع ذلك أساساً إلى وارداتها من فول الصويا التي بلغت أكثر من 416.5 مليون دولار أميركي مرة أخرى، وشهدت البرازيل أيضاً زيادة في حصتها في سوق فول الصويا في الولايات المتحدة وأوكرانيا.
حوافز الحكومة
من خلال رؤيتها ك «مؤسسة حديثة وسريعة الحركة تعزز تقوية المنتجين الريفيين وجودة المنتجات الزراعية »، قدمت الحكومة البرازيلية من خلال وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والإمدادات الغذائية، إعانات مالية للمزارعين تصل قيمتها إلى 64 مليار دولار أميركي، وهو ما يقرب من ستة في المئة من ميزانية البلاد. وفقاً لموقع وزارة الزراعة البرازيلية بموجب خطة «سافرا 2019/2018 » ، هناك خيارات تمويل أكثر للمنتجين الريفيين. وأضاف البيان على موقع الوزارة الإلكتروني: «سيتم تنفيذ بعض التدابير لتحسين الوصول، وزيادة العرض الائتماني وخفض التكاليف المالية من خلال تدبير مؤقت مثل: الإنعاش في الدولار، وصندوق ضمان الإخوة، وصندوق الإنصاف، وتحقيق الفائدة على الحبوب .» في هذا الموسم الزراعي، سيحصل القطاع على 225.59 مليار ريال برازيلي (حوالي 58.65 مليار دولار أميركي)، منها 222.74 مليار ريال برازيلي (حوالي 57.91 مليار دولار أمريكي) للائتمان الريفي لتمويل التسويق والتصنيع.