طموح الشباب وبهجة الابتكار
«إنَّ ما يقود الشعوب نحو التطوُّر ليس الوفرة المادية بل الطموح، الطموح العظيم.
نحن بشرٌ يحرِّكُنا الطموحُ والإلهامُ أكثر من أيِّ شيءٍ آخر .محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي
إنَّ المتأملَ لحركة التاريخ في صعودها المستمر يكتشفُ أنَّها ترتكزُ على دعامةٍ رئيسةٍ تتمثَّل في الطموح.. طموح الشعوب في التقدُّم والرقي، ورغبتها في النهوض والانطلاق. كما تؤكِّدُ كلُّ الشواهد التاريخية أنَّ الشبابَ هم القلبُ النابضُ لأيِّ شعب، وهم الأقدرُ على تحقيق طموحات هذا الشعب؛ لأنَّ التقدُّمَ مرهونٌ بالابتكار، والابتكار ابنٌ شرعيٌّ للشباب الطموح.
لقد زرع اللهُ- عزَّ وجلَّ- في صدور الشباب قدراتٍ لا محدودة على الابتكار، ووهبهم الخيالَ الخصبَ والحماسةَ المتدفِّقةَ والدأبَ المتواصلَ من أجل تحقيق النتائج التي يحلمون بها. فالشبابُ يختزنُ في جوانحه طاقاتٍ جبّارةً تبحثُ عمَّن يفجِّرُها ويستثمرُها فيما يفيد المجتمع والشعب والشباب أنفسهم. ولا يمكنُ لهذه الطاقات أن تتفجَّرَ وتنطلقَ إلا إذا وَجَدت مَن يهتمُّ بها ويرعاها. ومن نعم الله على دبي أن منحها الحقُّ- سبحانه وتعالى- قيادةً رشيدةً تدركُ أهميَّةَ الشباب وقدراتهم اللانهائية على الابتكار؛ لأنَّهم يتمتَّعون بالطموح، وهو أوَّلُ شروطِ التقدُّم.
لقد صَدَقَ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عندما قال: «إنَّ ما يقود الشعوب نحو التطوُّر ليس الوفرة المادية بل الطموح، الطموح العظيم. نحن بشرٌ يحرِّكُنا الطموحُ والإلهامُ أكثر من أيِّ شيءٍ آخر».
وهي حكمةٌ صائبةٌ أثبتتها تجاربُ الشعوبِ المتقدمة، فمن دون الطموح تسقط الدولُ في مستنقع الجمود والتخلُّف، ومن دون الطموح أيضاً يفقدُ الناسُ حماستهم في حياٍة أفضلَ وأكثرَ رقياً وجمالاً.
اللافت للانتباه أنَّ ثمة أفراداً يظنون أنَّ الدولَ التي تمتلكُ وفرةً ماليةً قادرةٌ على إنجازِ التطوُّر المنشود، وهو ظنٌّ فاسدٌ؛ إذ إنَّ الوفرةَ الماليَّةَ وحدَها يستحيلُ أن تقودَ الشعوبَ إلى التقدُّم، وإنما بالطموح، والطموح العظيم كما قال صاحب السمو، يمكنُ للشعوب أن تخوضَ عُبَابَ بحرِ التقدُّم بهمَّة ونشاط، فكم من دولةٍ حباها الله المالَ الوفير، لكنَّ شعبَها افتقد إلى الطموح فَحَرَمَ نفسَه مِن تذوُّق نعيمِ التطوُّر والتقدُّم، فظلَّ واقفاً في مكانه حتى سبقته الدولُ الأخرى وتجاوزته برغم امتلاكه المال الوفير!
لعلَّنا نعرفُ أنَّ مارك زوكربيرغ ابتكر «فيسبوك » وعمره 19 عاماً فقط، وجان كوم اخترع «واتساب » وعمره لا يتجاوز السابعة والعشرين، واستطاع راهام بيل اختراع «الهاتف » قبل أن يُكْمِلَ الأربعين، وكارل بنز اخترع «السيارة » وهو في الأربعين، وقائمة المبتكرين والمخترعين العظام ممتدة ومحتشدة بأسماء عباقرة أهدوا البشرية خلاصة ابتكاراتهم التي يسَّرت الحياةَ على الناس وجعلتها أكثرَ سعادةً ورفاهية.
إنَّ شبابَنا في الإمارات محظوظون؛ لأنَّ الدولةَ تمدُّ لهم دوماً يدَ المساعدة ليبتكروا ويكتشفوا، وتعملُ على تعزيز ذلك عبر توفير التقنيات الحديثة ومقومات الذكاء الاصطناعي، فَلْيَنْتَهِزْ شبابُنا الفرصةَ لبذلِ أقصى الجهودِ لينعموا بالحُسْنَيَيْن؛ خدمةِ الإماراتِ ورضا القيادةِ الرشيدة.