رحلة الصعود إلى الفضاء
قالت مشاعل الشميمري، التي تعدّ أول امرأة سعودية تنضم إلى وكالة ناسا، وتنشئ شركة طيران خاصة بها، في مؤتمر قمة المعرفة: إن الفشل هو البذرة التي ينمو منها النجاح.
يتطلب الأمر شجاعة للمضي قدماً والاعتراف بالفشل، وهذا بالضبط ما فعلته مهندسة الطيران مشاعل الشميمري في قمة المعرفة 2018 .
قالت الشميمري في حديث عن «ريادة الأعمال في عصر الفضاء الجديد « :» في بعض الأحيان هذا الأمر هو أحد أصعب الأشياء بالنسبة للكثير منا لنتقبّله » مضيفة: «تبدأ شيئاً، وقد لا يكون الوقت مناسباً له في الوقت الحالي. هذا لا يعني أنك يجب أن تتخلى عن ذلك. هذا يعني أنه ربما يكون السوق في وقت لاحق جاهزاً».
كانت الشميمري في السادسة والعشرين من عمرها عندما أسست شركتها الخاصة «مشاعل للطيران »، مع أحلام بالسفر إلى المريخ، والعودة إلى القمر، وتعدين الكويكبات. لكن الأهم من ذلك كله أنها أرادت بناء الصواريخ، على وجه الخصوص، تصميم وبناء صواريخ لإطلاق الأقمار الصناعية الصغيرة في مدار الأرض المنخفض.
تعدّ الشميمري أول مهندسة في مجال الطيران من دول مجلس التعاون الخليجي، كانت قد عملت سابقاً مع مقاول الدفاع الأميركي رايثيون، حيث ساهمت في تصميم وبناء 22 صاروخاً، وحصلت على درجة الماجستير في هندسة الطيران (بتمويل من مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا) من معهد فلوريدا للتكنولوجيا. شمل تركيزها الأكاديمي الديناميكيات الهوائية التجريبية والتحليلية، وتصميم الصواريخ، والدفع الحراري النووي.
بدأت رحلة الشميمري إلى ريادة الأعمال بتأثير حدثين هما: الإعلان عن إغلاق برنامج مكوك الفضاء التابع لناسا، والأزمة المالية لعام 2008 . ساعد الأول على انطلاق سباق الفضاء المرتبط بالقطاع الخاص )مثل «سبيس إكس» لإلون ماسك و «فيرجن غالاستيك » لريتشارد برانسون(، في حين أن الحدث الثاني كان يعني فرص عمل أقل وانكماشات مالية.
قالت الشميمري: لقد وقفت أمام تفكير راودني حينها، «سأجلس هنا وأواجه أو أخلق فرصتي الخاصة ،» مضيفة: عندما كنت في السادسة والعشرين من عمري كنت أفكر بالطريقة التالية: «أتعلم...؟! أردت دائماً إنشاء صواريخ من البداية والانتقال إلى الفضاء، لذلك، قلت لنفسي دعني أخلق فرصتي الخاصة».
تلك الفرصة كانت «مشاعل للطيران »، التي تأسست في عام 2010 بهدف تصميم وتصنيع وإطلاق مجموعة من مركبات الإطلاق للعملاء من الحكومة، والبحوث، وصناعات الطيران التجارية، وصناعات الاتصالات السلكية واللاسلكية.
ولكن منذ نشأتها، واجهت الشركة صعوبات مالية وفنية، تقول مشاعل: "دائماً أقول إنني أرحب بالصعوبات التقنية بأذرع مفتوحة، لأنني أستطيع إيجاد حلول للصعوبات التقنية"، وتضيف: «يمكنني محاولة العثور على مستثمرين، لكن إقناع البشر بوضع الأموال في مخاطرة كبيرة واستثمار طويل الأجل يكون أحياناً معقداً بعض الشيء .»
تلقت الشركة لكمة قوية عندما كانت على وشك إجراء اختبارات ثابتة على محرك الصاروخ. وقد تم إخبار الشميمري أن مستثمر الشركة لم يعد يستطيع تمويل المشروع بالكامل. كانت ضربة كبيرة. لمدة عامين ونصف العام سعت الشميمري إلى الاستثمار من مكان آخر، وخلال ذلك الوقت اكتشفت أن هناك نوعين من المستثمرين: أولئك الذين لا يفهمون الفضاء الجوي، ولا يقتربون منه إلا بخجل، وأولئك الذين يفهمون الفضاء الجوي ويضعون كل أموالهم في «سبيس إكس».
تقول: «لقد وصلت إلى فكرة بأنه في النهاية سيكون لدي هذه الشركة العملاقة التي تشغّل آلاف الموظفين، سنذهب إلى القمر، ونجلب العينات إلى الأرض، سنقوم بتحسين العلم. سنقوم بذلك، وسنفعل ذلك، ثم أصبحت أمام واقع تقليص أهداف الشركة. كان الأمر محبطاً للغاية».
وتعلق: «لكن عليك أن تضع العواطف جانباً لكي تركز. لذلك كان مفهومي، على الأقل، يجب علي أن أحقق علامة فارقة في اختبار ثابت لمحرك الصواريخ. لأن لديّ إثباتاً على أن نظام الدفع يعمل كما تم تصميمه».
لكن خلال تلك التجربة، واجهت غرفة الاحتراق ثلاثة إخفاقات، لذلك تحول التركيز إلى نظام الدفع، وهو ما تسميه الشميمري «غرفة البوارج». كان الاختبار الهيدروستاتيكي ناجحاً على الفور، وتم شحن كل شيء إلى منشأة اختبار في صحراء موهافي.
«كلما فشلتَ كلما اقتربتَ من المكان
الذي تريد الوصول إليه. وكلما فشلتَ
أكثر، ستتعرف على كيفية عدم القيام
بالأشياء بالطريقة نفسها، وبالتالي
ستنجح في النهاية. لذلك لا تخف من
الفشل. خض الطريق إلى هذا الخطر
بنفسك، وحقق ما تريد القيام به .
في منشأة الاختبار، لم يعمل الصمام. لم تنجح في اليوم التالي، بسبب مشكلة في الضغط على خزان الأكسدة من أجل الحصول على الضغط الصحيح للاحتراق التمهيدي.
وتشير إلى أنه: «بدون ذلك الضغط، لن تكون قادراً على التشغيل التمهيدي »، مضيفة: «حاولنا لمدة ساعتين ونصف الحصول على هذا الضغط، ثم يقول ريتشارد لوهر )كبير مهندسي الشركة(: «ما الذي تريدين فعله، لأننا لا نستطيع أن نظهر هذا الضغط؟ ونظرت وقلت: «اسمع، لدي خياران فقط هنا. إما أن نقوم بهذا الاختبار، أو أموت. هذا هو خياري. لأن الهدف كله هو الوصول إلى إنجاز هذا العمل المهم على الأقل».
«لذلك، ظللنا نحاول مرات كثيرة، وأخيراً، وبعد أن بذلنا جهداً كبيراً، نجح الأمر في النهاية. تمكنا من الحصول على نظام الدفع لدينا للعمل على النحو الذي صممناه ». في هذه المرحلة من العرض التقديمي، شغّلت الشميمري فيديو قصيراً للاختبار الناجح. وقالت: «في كل مرة أرى فيها هذا الفيديو تتحرك عواطفي ». كانت لحظة حلوة، ومرّة في الوقت نفسه لأن الشركة كانت قد نفدت من المال.
قالت الشميمري أمام الحضور: «يجب التركيز على الحلم، مهما كانت العقبات »، وتضيف: «لقد واجهت الكثير من المشكلات التقنية، والقضايا المالية، ومهما حدث، تمكنت بشكل ما من عدم إعطاء فرصة للاكتئاب كي يقتلني. استمريت في جهودي بغض النظر عن كل ذلك، وآمل أن أواصل القيام بذلك لبقية حياتي».
«الفشل هو البذرة التي ينمو النجاح من خلالها. هذا أمر مهم لأن الكثير منا يشعر اليوم ويردّد: «أوه ، لا أريد أن أخفق، أخاف من الفشل ». كلما فشلت كلما اقتربت من المكان الذي تريد الوصول إليه. وكلما فشلت أكثر، ستتعرف على كيفية عدم القيام بالأشياء بالطريقة نفسها، وبالتالي ستنجح في النهاية. لذلك لا تخف من الفشل. خض الطريق إلى هذا الخطر بنفسك، وحقق ما تريد القيام به».