قوى التغيير
في دورة 2018 ، ناقشت قمة المعرفة دور الشباب في اقتصاد المعرفة. وفي السياق ذاته نلتفت إلى الخلف لنطّلع على مسيرة أربعة شبان غيّروا حياتنا اليومية على مر السنين.
قال الخبراء في قمة المعرفة: إن الحكومات والقطاع الخاص لا ينبغي أن يحكموا على الشباب باعتبارهم عديمي الخبرة وغير قادرين على النجاح إذا ما أرادوا النجاح في اقتصادات مستقبلية، مشيرين إلى أن الشباب لديهم مجموعة فريدة من المهارات التي تعتبر حاسمة بالنسبة لعالم اليوم المتسم بسرعة التغيير.
قال معالي محمد أبو رمان، وزير الثقافة والشباب في الأردن، خال جلسة بعنوان «الشباب: قادة التغيير نحو اقتصاد المعرفة « :» إنهم قوى التغيير التي نبحث عنها ،» مضيفاً: «نحن بحاجة إلى بناء جسور التواصل معهم وإعطاء الشباب الحرية والفرصة لإطاق إمكاناتهم».
وحول مسألة كيف يمكن تمكين الشباب لبناء اقتصاد المستقبل اليوم، قالت صاحبة السمو الملكي الأميرة سمية بنت الحسن، رئيس مجلس أمناء جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا في الأردن: «لن ننمو ولن نزدهر ما لم نطلق العنان ونحتفل بقدرتنا الإبداعية البشرية الجماعية، ولتحقيق إمكاناتنا، يجب ألا نترك أي شخص وراءنا. المستقبل ملك لشبابنا واقتصادهم هو اقتصاد المعرفة الذي سيحدده حتماً عالمنا في السنوات المقبلة».
وفي الجلسة التي أدارها الدكتور عماد حب الله، رئيس هيئة التدريس وعميد الجامعة الأميركية في دبي، شارك فيها أيضاً سيد صادق، وزير الشباب والرياضة في ماليزيا، والذي بدوره قال أن «الشباب لديهم القدرة على التكيف، والابتكار، وتطوير الأسواق، ولهذا السبب فإن الحواجز التي تعيق دعمهم يجب تفكيكها».
يُظهر لنا التاريخ أن الإنجازات العلمية قد ظهرت على يد الشباب، على الأقل الابتكارات في مجال الاتصالات والتكنولوجيا. ونستعرض هنا عدداً منهم.
مارك زوكربيرج
كان مارك زوكربيرج يبلغ من العمر حوالي 20 عاماً عندما أسس فيسبوك في جامعة هارفارد مع زملائه في الكلية، إدواردو سافرين، وأندرو ماكولوم، ودوستين موسكوفيتز، وكريس هيوز. وما حدث تالياً، بالطبع، هو الإنجاز التاريخي، حيث يزور فيسبوك الآن أكثر من 2.2 مليار مستخدم نشط شهرياً، وزوكربيرج من بين أغنى 100 شخص وأكثرهم نفوذاً في العالم. لقد غيّر فيسبوك بشكل جذري طريقة تواصل العالم وتلقي المعلومات. ونتيجة لذلك، أصبح الموقع قوياً بشكل لا يصدق، وهيمن على سوق الإعان الرقمي إلى جانب غوغل، وفرض التأثير على كل شيء من السياسة إلى العلاقات الإنسانية. وقد أصبحت هذه القوة والتأثير تحت الأضواء العامة، حينما هزّت فضيحة كامبريدج أناليتيكا لاختراق البيانات الشخصية لمستخدمي الموقع، عماق وسائل التواصل الاجتماعي. هذه الفضيحة أدت إلى إدلاء زوكربيرج بشهادته في جلستين للكونغرس وإغاق كامبريدج أناليتيكا.
ومع ذلك، وبغض النظر عن الطريقة التي تنظر بها، غيّر موقع «فيسبوك » العالم إلى الأبد؛ من ناحية كيفية تواصلنا، وكيفية تشارك تفاصيل حياتنا، والتعامل مع المحتوى، والقيام بأعمالنا، ومشاهدة الخصوصية الشخصية لدينا.
ألكسندر غراهام بيل
كان العالم ألكسندر غراهام بيل المولود في أدنبره يبلغ 29 عاماً عندما اخترع الهاتف، وغيّر حينها مسار التواصل البشري إلى الأبد.
حصل بيل، الذي كان مفتوناً لفترة طويلة بفكرة نقل الكلام، على براءة اختراع عن طريقته في نقل الأصوات في 7 مارس 1876 . أجرى بيل أول مكالمة هاتفية ناجحة لمساعده، الكهربائي توماس واتسون، بعد ثلاثة أيام. كانت الكلمات المنقولة ببساطة هي: «السيد. واتسون، تعال هنا. أريدك».
سوف تصبح براءة بيل واحدة من أكثر البراءات قيمة في التاريخ، مع بناء أول مركز للتبادل الهاتفي في كونيتيكت في غضون عام واحد من إصدار براءة الاختراع.
وتوجّه حينها بيل إلى تأسيس شركة بيل للهاتف (الآن اسمها أي تي آند تي) في عام 1877 ، وحصل على جائزة فولتا الفرنسية في عام 1880 . وكان أيضاً أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية ناشيونال جيوغرافيك، حيث كان رئيسها من 1896 حتى 1904 .
ومع ذلك، فإن البعض كان يزعم أن الإيطالي- الأميركي أنطونيو ميوتشي هو المخترع الحقيقي للهاتف، واضطر بيل إلى خوض معركة قضائية دامت 20 عاماً مع أولئك الذين يزعمون أنهم اخترعوا الهاتف قبل أو في نفس الوقت تقريباً. وكان أبرزهم اليشا جراي، ولكن لم تحقق أي من الدعاوى القضائية ضده نجاحها.
هيدي لامار
على الرغم من شهرتها بلقب أيقونة هوليوود في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، كانت هادي لامار أيضاً مهندسة موهوبة ومخترعة لطريقة اتصالات تُسمى قفزة التردد، التي تجعل هاتفك المتنقل يعمل اليوم. ومع ذلك، لم يكن معظم الناس على وعي بإنجازاتها إلا في وقت متأخر من حياتها، أو حتى بعد وفاتها. كانت لامار تتسم بجمال باهر، وقد دفعت حياتها الخاصة وسائل الإعلام إلى الانتباه إليها، رغم أنها تجاهلت إلى حد كبير حقيقة أنها اخترعت نظام اتصالات سري لتوجيه الصواريخ )لايمكن الكشف عنه( يتم التحكم فيها عن طريق الراديو أثناء الحرب العالمية الثانية. كانت لامار مدفوعة برغبة في مساعدة الحلفاء بعد قراءتها خبراً عن أن الغواصات الألمانية استهدفت ركاب الرحلات البحرية، وحصلت مع صديقها - الملحن وعازف البيانو جورج أنشيل - على براءة اختراع لاختراعها في عام 1942 عن عمر يناهز 27 عاماً. «لقد بدأنا نتحدث عن الحرب، التي كانت في أواخر صيف عام 1940 تبدو سوداء للغاية »، هذا ما قاله أنتيل في مناقشاته مع لامار، وأضاف: «قالت هيدي إنها لا تشعر بالراحة، حيث تجلس هناك في هوليوود، وتجني الكثير من المال عندما تكون الأمور في مثل هذه الحالة. وقالت إنها تعرف صفقة جيدة بشأن الذخائر والأسلحة السرية المختلفة... وأنها تفكر بجدية في الذهاب إلى واشنطن العاصمة، لتقديم خدماتها إلى مجلس المخترعين الذي أنشئ حديثاً ». على الرغم من أن أعظم نصر علمي للراحلة لامار كان مصمّماً للبحرية الأمريكية، فقد تم تصنيفه على أنه سري للغاية، ولم يستخدم حتى عام 1962 ، عندما ظهرت نسخة محدثة في النهاية على متن سفن البحرية الأميركية. وهي تستخدم الآن في الاتصالات اللاسلكية الحديثة.
بليز باسكال
اشتهر الفيزيائي الفرنسي بليز باسكال بأنه أفضل فيلسوف وعالم. عندما كان مراهقاً اخترع أول آلة حاسبة ميكانيكية في العالم. حيث قام بتطويرها لتخفيف الحسابات الشاقة الضرورية لعمل والده كمشرف للضرائب، مرّ التصميم الأصلي لباسكال ب 50 نموذجاً أولياً قبل عرضه في النهاية على الجمهور في 1645 . كانت آلته الحاسبة قادرة على الجمع والطرح، واستخدام عجلة عددية بقرص متحرك، وكان يجب أن يتم تصفيرها قبل كل عملية جديدة. كانت الآلة الحاسبة الميكانيكية الوحيدة العاملة في القرن السابع عشر، وحصل على امتياز ملكي )على غرار براءة اختراع( من الملك لويس الرابع عشر في فرنسا عام 1649 .