ترسيخ الإيجابية في عقول الشباب
خال جلسة صريحة ومفتوحة، ناقش الفائزون بجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة أهمية البحث عن المعرفة من أجل المعرفة، ولماذا يعتبر تفكير السماء الزرقاء عنصراً أساسياً في تحصيلها.
وفي بيان إعلان الفائزين الذي استحسنه الحضور في قمة المعرفة 2018 ، لاقى الدكتور مجدي يعقوب مؤسس «مؤسسة مجدي يعقوب لأبحاث القلب » تصفيقاً كبيراً من الجمهور، حيث كان أحد الفائزين لهذا العام بجوائز محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة. وقال خلال جلسة نقاش مع زملائه الفائزين بالجائزة عن الشباب وتنمية المعرفة: «نحن بحاجة إلى دعم الأفكار المجنونة».
وأضاف: «إذا كنت ترغب في إجراء الاكتشافات الهائلة، يجب ألا تنسى أبحاث السماء الزرقاء (مزيج من التفاؤل والأمل والمهارة والاندهاش؛ إذ يمكن أن تؤدي إلى الابتكار والتغيير الإيجابي)، ويجب ألا تكون محدوداً في السماح للناس بالتفكير بأنفسهم. إن تشجيع النشاط الفكري أمر ضروري إذا أردنا تحقيق قفزة هائلة في العلوم. وإذا كان لدينا قفزة هائلة في العلوم، فإن البلاد كلها تستفيد».
من بين مهماتها، تجري «مؤسسة مجدي يعقوب» الأبحاث حول أمراض القلب الموروثة لدى الناس في مصر والشرق الأوسط الأوسع، وقد أنشأت مركزاً طبياً متميزاً مخصصاً لجراحة القلب والأوعية الدموية والعلاج والبحث، على ضفاف نهر النيل في أسوان بصعيد مصر.
وكان مجدي يعقوب أحد الفائزين الثلاثة الذين شاركوا في جلسة نقاشية أدارها ديفيد بينيت، نائب الرئيس للتطوير وعلاقات الخريجين في جامعة هوارد بعنوان «منح الإنجازات في قطاع المعرفة ». كما تم منح جوائز للمكتبة الرقمية السعودية، ومعهد التعليم الدولي، ومؤسسة أميرسي.
تم إطلاق المكتبة الرقمية السعودية في عام 2015 لتقديم الخدمات الرقمية لجميع الجامعات السعودية، حيث عقدت شراكات مع أكثر من 300 ناشر لخدمة أكثر من ستة ملايين مستخدم.
ويسهّل معهد التعليم الدولي من الولايات المتحدة برامج التبادل الدولي للدارسين والطلاب في محاولة لتنمية العقول وتوسيع الآفاق وإنشاء شبكة عالمية من الأفراد والمؤسسات التي تعمل معاً لحل المشكلات، مع تحقيق تفاهم أكبر بين الناس والثقافات.
وفي الوقت نفسه، تدعم مؤسسة أميرسي البريطانية بشكل نشط الجمعيات الخيرية والقضايا المتعلقة بالتعليم والفقر والصراع والدين في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا.
وكان من بين المشاركين في الجلسة النقاشية الدكتور سعود الصلاحي، المدير العام للمكتبة الرقمية السعودية، وماكسميليان أنجيرهولزر، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد التعليم الدولي.
وأكد أنجيرهولزر ما قاله الدكتور مجدي يعقوب، وشدّد على أن طلب العلم يمكن أن يكون له فوائد أوسع نطاقاً.
وقال: «جزء منها هو السعي وراء المعرفة من أجل المعرفة، من أجل التقدم الفكري، لبناء الاقتصادات - لإخراج الناس من الفقر والتغلب على بعض تحدياتنا. لكنه أيضاً حول تغيير وجهات النظر العالمية».
وأضاف: «يمكن أن أكون طبيباً من الولايات المتحدة وأظن أنني أعرف كل شيء عن جراحة القلب. ثم لدي تجربة مع الدكتور مجدي وبعض زملائه؛ فقد فتح ذهني على منظور مختلف تماماً أو طريقة للقيام بأشياء، أو طريقة جديدة للنظر إلى العالم لم أكن لأراها من قبل».
«أعتقد أن تبادل الأشخاص والأفكار أمر بالغ الأهمية، ويسرني أننا في غرفة مليئة بالأشخاص الذين يتفقون مع ذلك».
تعتبر المكتبة الرقمية السعودية لاعباً أساسياً في المشهد الأكاديمي في المملكة العربية السعودية، فهي حيوية لضمان تبادل المعرفة في أنحاء المملكة وخارجها. وهي أكبر مجموعة من مصادر المعلومات في العالم العربي مع أكثر من 310 آلاف مورد علمي، والعدد في تزايد حتى يغطي كافة التخصصات.
أوضح الدكتور الصلاحي: «قبل المكتبة الرقمية السعودية، كان من الصعب على الطلاب الذهاب إلى المكتبة الخاصة بالكتب الورقية في المملكة، أو العثور على شيء في اللغة العربية .» وأَضاف: «اعتاد بعض أصدقائي منذ سنوات الذهاب إلى مصر، والذهاب إلى بلدان أخرى، فقط لرؤية الموارد التي يحتاجونها لأبحاثهم. والآن، ينقرون فقط على أجهزتهم ويصلون إلى هناك، حيث يمكنهم العمل على مدار الساعة بهذه الموارد ». وأضاف: «المكتبة الرقمية السعودية هي مجتمع المعرفة. هدفنا الآن ليس فقط توفير هذه الموارد للأكاديميين، نحن بحاجة إلى السعي لبناء أدوات تحليلية من أجل تزويد كل صانع قرار في المملكة بالقرارات الصحيحة. وظيفة المكتبة الرقمية هي العمل من أجل مجتمع المعرفة الذي يمكن أن يساهم في تحسين البلد وتطوره».
وأشار الدكتور الصلاحي إلى أن المكتبة تعمل حالياً مع وزارة المالية السعودية لتقديم خدماتها لجميع القطاعات الحكومية، وإلى القطاع الخاص في المملكة. علاوة على ذلك، تعمل المكتبة مع المكتبات الرقمية الأخرى - بما فيها المكتبات في أبوظبي ودبي - على تطوير اتحاد من الموارد الرقمية لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي.
«الشباب يسعون إلى تطوير التقنيات ويمكنهم
الوصول إلى المعرفة التي يحتاجون إليها عندما
يريدون وأينما يريدوا .»
الدكتور سعود الصلاحي، المدير العام للمكتبة الرقمية السعودية
كما أبرز الصلاحي الشعور الذي تم تقاسمه بين الفائزين الثلاثة بالجائزة وهو: التفاؤل بالمستقبل. بالنسبة للدكتور الصلاحي، فإن هذه الإيجابية متجذرة في عقلية الشباب. وقال: «أنا متفائل بسبب التقدم في عقلية شبابنا في الوقت الحاضر». مضيفاً: «الشباب يسعون إلى تطوير التقنيات ويمكنهم الوصول إلى المعرفة التي يحتاجون إليها عندما يريدون وأينما يريدوا ». ومن جهته، قال أنجيرهولزر، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد التعليم الدولي: «أنا متفائل للغاية بشباب العالم والعقود القادمة التي أمامهم. لدى المجتمع العالمي الكثير من التحديات مثل صعود مناهضة العولمة، صعود النزعات الشعبوية، تقسيم الثروة، الوصول إلى الفرص. هذا هو السبب في أننا جميعاً هنا في هذه القمة ». وأضاف: «لكنني متفائل للغاية بشأن شباب العالم الذين يجمعوننا معاً، والتعليم هو المفتاح لمعالجة هذه التحديات. أنا متفائل جداً بأننا نستطيع التغلب عليها معاً».
مع الكلمة الأخيرة للجلسة، انضم الدكتور مجدي يعقوب إلى نظرائه في التعبير عن الأسباب التي تدفعه للشعور بالإيجابية، قائلاً: «ما يجعلني متفائلاً هو أنني رأيت مباشرة مقدار الحماس وكمية المواهب والإمكانات لدى الشباب في المنطقة. أراهم كل يوم تقريباً في مصر. هؤلاء الشباب يفتقرون إلى الطاقة، وهم بحاجة إلى بيئة تسمح لهم بأن يكونوا أنفسهم».
ومع تفوق هؤلاء القادة ومؤسساتهم النابضة بالحيوية في مهامها، هناك الكثير من الأسباب التي تجعل دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط والعالم الأوسع نطاقاً تشارك في مثل هذا التفاؤل الكبير.
تحدّي محو الأمية
كرمت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة الفائزين في الدورة الأولى من تحدي محو الأمية، وهي مبادرة تسعى إلى القضاء على الأمية في العالم العربي بحلول عام 2030 .
وبالتعاون مع اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تهدف المبادرة إلى تعويض الناس عن الفرص الضائعة في التعليم الرسمي، ومساعدتهم على اكتساب المهارات والمعرفة الضرورية لمواجهة التحديات؛ فالأمية تؤثر في أكثر من 30 مليون شخص تحت سن 18 في العالم العربي، حيث وصل معدل الأمية في المنطقة إلى 17 %.
يتم تقييم المتسابقين في «تحدي محو الأمية » على عدد الأفراد الذين تمكنوا من التعلم.
تسلَّمَ الدكتور حجازي إدريس، وهو متخصص إقليمي في التعليم الأساسي في مكتب اليونسكو للتعليم، الجائزة نيابة عن اليونسكو التي فازت بفئة «المنظمات الدولية ».
وفازت وزارة التربية والتعليم بمصر بفئة «الحكومات » وتسلَّمَ الجائزة الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم في مصر.
وفازت الدكتورة شفاء عبد القادر حسن، مديرة كرسي اليونسكو/ الإيسيسكو للمرأة في العلوم والتكنولوجيا في جامعة الخرطوم، بفئة «الأفراد ».