جمعة لا تنسى
في هذه الصفحات تنشر مجلة «ومضات » القصص الفائزة في «مسابقة القصة القصيرة » التي أطلقتها الجامعة الأمريكية في دبي، لطلبة الثانوية العامة في مدارس الدولة الحكومية، والتي تمحورت حول كتابة قصة قصيرة من وحي الخيال بعنوان (الحياة في الإمارات بعد 50 عاماً).
في إحدى الأمسيات الشتوية، كان أحمد جالساً في الخيمة في فيلته في الطوار. كان يستمتع بمشاهدة التلفاز حيث المطربة الشهيرة أم كلثوم تغني. وفي ذلك الحين، أحضر «بيل » (الروبوت الآلي في المنزل) فنجان
القهوة لأحمد، ثم غادر. أخذ أحمد فنجانه وارتشف منه رشفة، وفجأة خطر في باله أحداث يوم الجمعة الثاني والعشرين من يناير عام ألفين واثنين وسبعين ( 2072 م).
كان الجو بارداً جداً في ذلك اليوم، ذهب أحمد وزوجته مريم وابنه علي على سطح المنزل حتى تهبط سيارة جون الطائرة، ليستقبلوا جون وزوجته جين وابنهما ألبرت وخادمهم الآلي بيلي.
كان بيل حاضراً هناك أيضاً، ولوهلة سمع أحمد شيئاً جديداً من بيل، لم يتضح له بأي لغة نطق بيل جملته. وبعد رحلة استغرقت نصف ساعة من ملبورن، هبطت السيارة الطائرة عمودياً ببطء على منصة الهبوط، وحظي الضيوف بترحيب حار.
"جيسون » (روبوت آخر لأحمد)، كان يعمل في بيت المحمية للزراعة فوق السطح كالعادة، يزرع ويحصد الخضار الطازج لعائلة أحمد. «ماثيو ،» روبوت آخر أيضاً، ذهب إلى كوكب الماسي، الذي يبلغ حجمه عشرة أضعاف حجم الأرض، لجلب بعض أحجار الماس.
بعد الإفطار، طلب بيل من عليّ حضور حصته الدراسية، عمل مع علي لمدة ساعة، ثم توجه بيل إلى السوبر ماركت الذكي القريب من المنزل من أجل شراء الحاجيات اللازمة، وعاد بعد ذلك إلى المنزل. تحدث هو وبيلي بسرعة ثم ذهبا إلى المطبخ لإعداد الغداء والاستعداد للنزهة. كانت أدوات المطبخ الذكية جميعها متناسقة بشكل غريب مع بعضهم البعض في ذلك اليوم.
دخلت مريم إلى المطبخ وقالت لبيل: اليوم أريدك أن تحضر لنا دجاج برياني؛ وأيضاً، أريدك أن تجهز كل حاجيات النزهة.
أجاب بيل: سمعاً وطاعة يا سيدتي.
أحمد، مهندس التحكم في الروبوتات، كان لا يزال يفكر في كلمات بيل الغريبة.
اصطحب أحمد صديقه جون ليريه المدينة. كانت الشوارع مليئة بالروبوتات، حيث صخبها في كل مكان. لم يكن الناس كثيراً في الشارع في ذلك الوقت من اليوم، وخاصة في يوم الجمعة. كانت الروبوتات مشغولة في أداء مهامها، من استبدال مصابيح الشوارع إلى ري الأشجار وبناء ناطحات السحاب. مع ذلك كانوا يسعون لأداء وظائفهم بهدوء كي لا يزعجوا البشر. ولكن في بعض الأحيان، كان هذا الهدوء يقطعه صوت الآلات الطائرة التي كانت لها قوة دفع ذاتي غير قابلة للتحطم.
سأل جون صاحبه أحمد: هل يمكنك أن تريني مدرسة معينة في مدينتك؟
رد أحمد ب"لم لا »، طلب أحمد من سيارته أن تأخذهما إلى مدرسة دبي الوطنية، وسرعان ما وصلوا
إلى وجهتهم. رأى جون المدرسة، وقال أحمد: هذه المدرسة هنا مكان للرياضة والعمل التطبيقي، إضافة إلى أنها مكان للتفاعل بين الطلاب والمعلمين. أما أنا فلست بحاجة للذهاب إلى هناك لحضور اجتماع أولياء الأمور لأن تلك المهمة، هي من مسؤوليات بيل.
تلقى أحمد بعض الرسائل عبر ساعته، كانت الرسائل موجهة إليه من مكتبه تفيد بأن بعض الروبوتات تتحدث بغرابة اليوم. نظر أحمد إلى ساعته الذكية، لكنه استكمل رحلته التعريفية مع جون ليكمل له ما بقي من مرافق المدرسة ومحيطها.
بعد ذلك ذهبا إلى متحف دبي، استقبلتهم روبوت أنثى، وشرحت لجون وأحمد عن التقاليد والأعراف المحلية. نظر جون إلى بعض الأوراق والبطاقات هناك، وسأل المرشدة عنها.
قالت المرشدة: هذه نقود ورقية اعتاد الناس امتلاكها في المعاملات التجارية.
أخذت بعض هذه البطاقات وقالت: هذه هي بطاقات الهوية الإماراتية، وبطاقات الخصم والائتمان والبطاقات الصحية، ورخصة القيادة وجواز سفرهم وأخيراً دراهمهم الورقية من فئات مختلفة.
رد أحمد: الحمد لله، الآن لا نحتاج هذه البطاقات. شيء وحيد نحتاجه هو أصابعنا أو أعيننا.
قال جون: يا لجمال المدينة في حفاظها على تقاليدها مع العصر الحديث للفن والتكنولوجيا. تابع جون إنه لأمر مذهل.
في مكان آخر، صادف جون وأحمد منطقة مليئة بالروبوتات.
قال أحمد: منذ خمسين عاماً، تم تخصيص هذا المكان لمحطة بترول إيبكو، أما الآن فهو مركز لتصليح الروبوتات. وتابع: هذا المكان يتحكم فيه الروبوتات بأنفسهم.
كانت ملامح الروبوتات تماماً مثل البشر، وكان لكل روبوت غطاء شمسي يمكنه من توليد الكهرباء بما يكفي لمدة شهر. إضافة إلى أنه في أوقات الخطر، يمكنه إنتاج موجات كهربائية للدفاع عن أصحابه.
رد جون وهو ينظر إلى الروبوتات قائلاً: في مباراة ودية الأسبوع الماضي بين المنتخب الأسترالي لكرة القدم وفريق الروبوتات الذي لا يعرف الكلل والملل، فاز الروبوتات بنتيجة 15- 0 وخلقوا ملحمة عظيمة. كان هناك ضجة بين المتفرجين. وأيدهم الجمهور بقوة! تخيل! لم يرتكبوا خطأ واحداً.
ذهب أحمد وجون لتناول الغداء في الغابة على مشارف المدينة، حيث كانت تتدفق المياه العذبة بين الأشجار العالية. وفي ذلك الحين، وصلت مريم وجين مع أطفالهما، وكذلك عبد الرحيم، والد أحمد، مع بيل وبيلي.
وبعد تناول الغداء، هاجمهم مجموعة من الذئاب، تصرف بيل وبيلي في الوقت الازم وهزما الذئاب بصدماتهما الكهربائية، وهربت الذئاب بلا حول ولا قوة من المشهد كالجيش المهزوم. وبعد ساعة، نادى أحمد بيل لكنه لم يرد. دعا جون بيلي، لكن لم يكن هناك رد أيضاً. كان بيل وبيلي يجلسان على تلة صخرية، متجاهلين أصحابهم.
فتح أحمد جهازه المحمول، ولاحظ أن جميع الروبوتات لقد أضربت عن العمل.
لقد تعطلت الحياة النموذجية تماماً. قال عبد الرحيم، الذي كان جالساً ومشغولاً بمسبحته: لا تقلق، سيتم حل مشكلتك. تابع عبد الرحيم: في عام 2020 ، كان لدينا فيروس يسمى كوفيد 19 ، ولمدة عام ونصف، كان يجب علينا ارتداء الكمامة حتى ظهور اللقاح الذي قد رجع به الحياة إلى طبيعتها.
هرع جون لمساعدة أحمد، حاولا الاقتراب من بيل وبيلي، لكن بيل وبيلي أصبحا غاضبين كالذئاب.
صرخ أحمد بنفاد صبر: على شخص ما أن يذهب ويربط هذه الشريحة بقدم بيل أو قدم بيلي.
رفعت جين يدها ولبست على الفور زيها الخاص للاختباء من بيل وبيلي، لأنهما كانا يستطيعان رؤية كل الاتجاهات مثل الأرانب. وبعد ساعتين من المحاولة، تمكنت جين من القيام بذلك، على الرغم من إصابتها.
عرف ألبرت لغة بيلي واندفع لمساعدة والده وأحمد. تمكن أحمد أخيراً من معرفة سبب هذا الإضراب الكبير. شخص ما قد زرع فيروساً في ذاكرة بيلي الذي طلب من الروبوتات الأخرى التوقف عن العمل بلغة غريبة. ولحسن الحظ، عاد كل شيء إلى طبيعته بعد ثاث ساعات.
عاد ماثيو أيضاً من رحلته الطويلة وبحوزته كيلوغرام من حجر الماس أسعد به مريم.
رشف أحمد رشفة أخرى من قهوته وأدرك أهمية التكنولوجيا في خدمة البشر، لكنه تساءل: إذا لم يتم التحكم في هذه النعمة الإلهية، أو إذا أرادت الروبوتات نفسها أن تتحكم في البشر، فماذا يمكنهم أن يفعلوا؟ وقف أحمد وخرج من خيمته ليؤدي صلاة المغرب.