الدكتور خالد الوزني: فقر الإدارة يعوق التنمية...

في قراءة تحليلية مفصَّلة لقطاع الاقتصاد ضمن مؤشر المعرفة العالمي

يضم مؤشر المعرفة العالمي سبعة مؤشرات قطاعية رئيسة مهمة في بناء معرفة كلية للشعوب ولصناع القرار وللباحثين المهتمين بقضايا المعرفة المختلفة. ويغطي المؤشر قطاع التعليم بأنواعه المختلفة. والاقتصاد المعرفي هو الركيزة الأساسية التي تظهر منه أهمية المعرفة وتنعكس في تطور الاقتصاد وتطور الشعوب، وهنا تظهر الشعوب المتقدمة والمتطورة في المعرفة كشعوب متقدمة ومتطورة اقتصادياً مما ينتج عنه في النهاية بناء فئات تمكينية مختلفة من شتى القطاعات الأخرى الخدمية وغير الخدمية.

وفي جلسة معرفية غنية، استضافت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ضمن جلسات «حوارات المعرفة »، معالي الدكتور خالد الوزني، رئيس هيئة الاستثمار في المملكة الأردنية الهاشمية، وكانت تحت عنوان: «قراءة في مؤشر المعرفة العالمي: قطاع الاقتصاد »، حيث أكد أن مؤشر المعرفة العالمي هو خارطة طريق التنمية المستدامة للمجتمعات، وأنه لا توجد دولة فقيرة ودولة غنية بالموارد، بل إن الفقر فقر الفكر أحياناً وفقر الإدارة، وهو ما يؤدي إلى إفقار الشعوب وإفقار المعرفة لدى الشعوب.

الاقتصادات تُبنى
على البنية التحتية
الاقتصادية النوعية
وعلى انفتاح الشعوب
على أسواق العالم

محاور شاملة

في البداية أوضح الدكتور خالد الوزني أن قطاع الاقتصاد المعرفي يتكوَّن من محاور أساسية شاملة وهي: التنافسية المعرفية والانفتاح الاقتصادي والتمويل والقيمة المضافة. فعندما ننظر إلى التنافسية المعرفية نجد أن الاقتصادات تُبنى على البنية التحتية الاقتصادية النوعية وعلى انفتاح الشعوب ضمن تنافسية كاملة تصل فيها إلى العالم وتخترق فيها الأسواق، وقد أثبت هذا بحد ذاته أن الانفتاح الاقتصادي الذي تتبناه الشعوب هو أساس معرفتها. أثبت كوفيد- 19 للعالم أجمع أنه لا تستطيع دولة واحدة أن تحل قضاياها ومشاكلها مهما كانت إلا بالانفتاح على العالم. وبينما يتطلب كوفيد- 19 التباعد الجسدي لكن مواجهته تتطلب التقارب الاقتصادي والاجتماعي بين الدول من أجل تبادل المعرفة والخبرة في كيفية التعامل معه أو من أجل استمرار سلاسل التزويد المختلفة. وهنا تأتي لكل دولة قيمة مضافة في المحور الثالث تستطيع أن تقدمها للآخرين وأن تتميز فيها، وهذه القيمة المضافة تتطلب نوعاً من التمويل والسياسات التحفيزية المختلفة. لذا من خلال التنافسية في المعرفة والانفتاح الاقتصادي والقيمة المضافة يمكن أن تتميز دولة عن أخرى في قضية المعرفة والاستدامة والتنمية المستدامة.

التنافسية المعرفية

وقد لفت الدكتور خالد إلى أن الأساس في نقل المعرفة هو حجم سهولة العمل في أي اقتصاد، وبالتالي سهولة انتقال المعرفة منه وإليه. أثبتت مكونات التكنولوجيا الأساسية التي ركز عليها مؤشر المعرفة اليوم بشكل واضح أن على الدول ألا تسعى إلى تبسيط إجراءاتها وتحفيز الاستثمارات فقط، ولكن لا بد أن تسعى إلى الريادة في الأعمال. وبيَّن أن الانفتاح الاقتصادي يمثّل السعي الدائم نحو تبسيط إجراءات التعامل والتجارة البينية بين الدول. يجب على الدول أن تخفض من العوائق الجمركية وغير الجمركية حتى تستطيع أن تنمو وتتعامل مع كوفيد- 19 . كان لقطاع تكنولوجيا المعلومات هنا الدور الأساسي في مساعدة دول العالم جميعاً في التعامل مع كوفيد- 19 من الناحية الصحية من جهة، ومن أجل تسيير أمور الاقتصاد من جهة أخرى.

سياسات عشوائية

لدى سؤال الدكتور خالد الوزني: هل تعاني بعض الدول العربية من سياسات عشوائية في اقتصاد المعرفة مما يسبب تراجعها في مؤشر المعرفة العالمي؟ أوضح أنه باستثناء دولة الإمارات العربية المتحدة، لم تكن معظم الدول العربية في مراحل متقدمة ولا قريبة من ذلك المستوى المأمول. فهناك سياسات يجب إعادة النظر فيها في كل المنطقة العربية لتحسين مستوى المعرفة لدى الشعوب ولدى الدولة بحد ذاتها حتى نرتقي لمستوى أفضل فنكون ضمن الدول الأكثر تقدماً.

التمويل والضرائب

وفي معرض حديثه عن التمويل والضرائب والقيمة المضافة، قال الدكتور خالد الوزني: كلما كانت هناك إمكانات وموارد دخل تستطيع أي دولة أن تستخدمها للتنمية الاقتصادية، كانت التنمية في هذه الدولة كبيرة؛ لأن القيمة المضافة تعني إضافة موارد إلى الاقتصاد وإضافة معرفة إلى هذه الموارد. وكلما كانت السياسات الضريبية محفِّزة للاستثمار ومُحبّذة له انتقلت المعرفة إلى هذه الدولة بسهولة وجعلتها أكثر قدرة على تطوير معارفها ونقل مستوى التكنولوجيا فيها إلى مستويات متقدمة. كما أنه لن تتطور البلدان ولن ينتقل اقتصادها إلى مستويات أكبر من غير وجود محافظ تمويلية كافية للاستثمار والاقتصاد.

نظرة مستقبلة

وأوضح الدكتور خالد أن مؤشر المعرفة العالمي، الذي تصدره مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، طوِّر ليكون مؤشراً عالمياً يأخذ في الاعتبار النظرة المستقبلية لاحتياجات الاقتصادات بشكل عام. حيث تتحدث معظم التقارير الدولية في سياق التعامل مع جائحة كوفيد- 19 عن سلاسل التزويد وعن ضرورة تقارب الدول ومشاركة أهم المكونات والإنتاج فيما بين بعضها البعض، ومن الضروري أن تكون مكونات البنية التحتية الاقتصادية والمنافسة ومؤشر الأداء اللوجيستي موجودة في التعامل مع هذه الأزمة وأن تستمر الدول في عملها، ويجب أن تكون تكنولوجيا المعلومات موجودة في الاقتصادات إذا أرادت الدول أن تتعامل مع كوفيد- 19 الذي لم نكن نتنبأ به في 2017 ولكن كنا ننظر إلى بناء هيكلية تساعد في تطوير الاقتصادات معرفياً بالدرجة الأولى.

الانفتاح الاقتصادي
يمثّل السعي الدائم
نحو تبسيط إجراءات
التعامل والتجارة
البينية بين الدول

سلاسل التوريد

وعن استجابة الدول والسياسات التي لم تكن تمتلك انفتاحاً اقتصادياً ومدى تبعات الجائحة عليها، أوضح أنه في بدايات كوفيد- 19 ، قامت بعض الدول بإغلاق تام، ولكنها اكتشفت في فترة وجيزة أن الإغلاق التام يعني توقف سلاسل التزويد، مما يعني عدم التطور وعدم القدرة على الاستجابة لكوفيد- 19 . وهنا يركز مؤشر الانفتاح الاقتصادي على التجارة الخارجية وصناعة الخدمات وصادرات الخدمات، وقد اهتمت الكثير من الدول بخدمات التكنولوجيا والخدمات الصحية والطبية والمستهلكات الطبية كالصناعة، ولكن الدول التي نجحت هي الدول التي كان فيها مستوى الانفتاح الاقتصادي عالياً، وقامت على الفور بإيقاف كل أنواع الإغلاق على الحدود وأتاحت التبادل التجاري. كل التقارير تشير إلى أنه ليس الوقت اليوم لوضع عوائق جمركية، بل الوقت اليوم لانفتاح أكثر حتى تستطيع الشعوب أن تتبادل المنافع وأن تستمر في تنميتها.

فقر الإدارة

وكيف تستطيع الدول الفقيرة أن تخرج من الفقر إلى دنيا المعرفة واقتصاد المعرفة؟ ولماذا لا يتم وضع نظام لسهولة الاستثمار في هذه الدول من قبل المنظمات المالية؟ يجيب الدكتور خالد بأنه يجب أن يدرس أصحاب القرار مكونات مؤشر المعرفة ويأخذوا قراراتهم على أساسه. لن تستطيع أي دولة أو مؤسسات دولية أن تساعد أي دولة في العالم على تنمية معرفتها إن لم يقم صناع القرار في هذه الدولة بتحسين مستوى المعرفة فيها على المستويات السبعة الموجودة لدينا في المؤشر، ولا توجد دولة فقيرة ودولة غنية بالموارد، بل إن الفقر فقر الفكر أحياناً وفقر الإدارة، وهو ما يؤدي إلى إفقار الشعوب وإفقار المعرفة لدى الشعوب.

وفي ربط الاقتصاد بالتكنولوجيا، أوضح الدكتور خالد الوزني أنه ستكون هناك فجوة كبيرة في مؤشر المعرفة بين الدول العربية التي تعيش تطوراً بطيئاً في التقنية الرقمية وبين الدول المتقدمة، وستواجه تحديات لسنوات حتى تصل إلى اقتصاد المعرفة. وأن الجيد اليوم في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وفي الذكاء الاصطناعي أنه يستطيع أن ينقل الدولة إلى ما انتهت إليه الدول الأخرى، وبالتالي المطلوب من صناع القرار أن يبحثوا عن تطوير مستوى المعرفة لدى هذه الدول من خلال الاستثمار في الإنسان وتطوير معرفته وتغذية الإبداع والابتكار حتى يتم بناء قطاع الاقتصاد وفقاً لذلك.

قطاع الزراعة

وعن أهمية التطوير الزراعي في اقتصاد المعرفة، أفاد الدكتور خالد بأن هذا قطاعي الصحة والزراعة هما الأكثر أهمية بين جميع القطاعات، فقد أثبت قطاع الزراعة اليوم أنه قابل للتطوير وبرزت فيه مبادرات تكنولوجية حديثة استطاعت أن تمكن الدول من إنتاج سلع زراعية لم تكن حتى تحلم بأن تستطيع أن تنتجها، مثل استخدام تقنيات - Acropon ics وال Aquaponics . وقد وضعنا هذا ضمن البنية الاقتصادية في المؤشر عندما تحدثنا عن مؤشر أحدث تقنيات الاقتصاد التي تعني أنه يمكن تحقيق المزيد من التقدم في قطاع الاقتصاد من خلال تطوير مستوى المعرفة والحصول على دعم القطاعات المختلفة، سواء كانت زراعة أم صناعة أم غير ذلك.

لمشاهدة الجلسة يرجى زيارة الرابط:

https://bit.ly/3dOpo7V