المدينة الأفضل
في السباق مع الزمن، والحاضر الحافل بالتسارع العالمي الهائل، لا بد لمن أراد أن يجني ثمار النجاح من العناية بالبذور واستنباتها نباتاً حسناً لتكون شجرة الإنجاز مثمرة الثمر الذي أراده الزارع. وحصاد النجاح على كافة المستويات لا يختلف كثيراً عن حصاد الثمار، فالتخطيط السليم المبني على القواعد الصحيحة يمثل البذور الأولى لتحقيق الأهداف المنشودة التي يطلبها صاحب أي مشروع تنموي مهما تضاءل أو كان ضخماً.
«خطة دبي الحضرية 2040 » التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تتحدث بأبلغ لسان عن مدى ما صنعه التخطيط الصحيح من ريادة إماراتية أعطت الحياة على أرضها قيمة متفرِّدة، وأضفت على إمارة دبي بهاء لا يجده الناس إلا فيها، حتى أضحت السعادة علامة فارقة تحملها دبي بين جنباتها، ويحملها كل من زارها وطاف أرجاءها إلى أهل الأرض بأكثر من 190 لغة تلهج في أنحاء العالم بالسمعة الطيبة التي يفوح عبقها ويسطع بريقها. فكانت الإمارةَ الباهرة لزوارها، والحلمَ المأمولَ تحقُّقه لكل من سمع عنها ولم تسنح له الفرصة بزيارتها.
نواصل العمل لاستكمال نموذج تنموي عالمي هدفه رفاه المجتمع
وتمكين أفراده وتحفيزهم على الإبداع والابتكار والنجاح بتهيئة
بيئة مثالية تلبي متطلباتهم وتوفِّر لهم المساحة الكفيلة بإطلاق
طاقاتهم الكامنة ليكون الجميع شريكاً إيجابياً في مسيرتنا الطموحة
نحو المستقبل الذي نتطلع إليه.الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بمناسبة إطلاق سموه
«خطة دبي الحضرية 2040».
هي سياسة رصينة تلخِّص بين ثناياها النهج الإماراتي السديد الذي يستقطب العالم، ويحوِّل أرضه إلى موئل كل من يطلب السعادة وهناء العيش ورغد الحياة، والاستقرار الأسري والاقتصادي على حد سواء.
لقد تأسست دبي على هذه النظرة الريادية والرؤى السامية منذ عهد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، حينما كان يتأمل أفق هذه المدينة ويصبو إلى أن تكون قبلة العالم ومحط أنظاره، وهو ما كان حقاً. فخطة دبي 2040 ليست الأولى، بل هي سلسلة من التطورات المتلاحقة التي سبقتها ست خطط، إذ أُطلقت الخطة الأولى في عهد راشد، عام 1960 ، حيث شهدت دبي خلال الفترة من عام 1960 إلى 2020 ، زيادة في سكانها بنحو 80 مرة، إذ ارتفع عددهم من 40 ألف نسمة في عام 1960 إلى نحو 3.3 ملايين نسمة في نهاية عام 2020 ، فيما تضاعفت مساحة المنطقة الحضرية والمبنية بنحو 170 مرة. يشهد ذلك كله على مدى ما يمثِّله التخطيط السليم من قوة بنيوية تعتمد عليها النهضة، بل ويضع الناظر في المشهد التنموي لإمارة دبي أمام صورة مؤثرة ورائعة للبراعة في السير على نهج الإبداع والابتكار والتخطيط الرائد.
وعلى الرغم من أن دبي في الوقت الحالي تمثِّل معجزة تنموية بحق، وأنموذجاً للأحلام المتحققة على أتم صورة وأكملها، فإن نظرة قيادتها الاستشرافية لا تقف عند حدود النجاح المكتسبة، بل تتطلع إلى الصعود المستمر، وهي موقنة بأن القمم لا نهاية لها، وأن إسعاد الناس لا يتوقف، وهو مستمر ما استمرَّت الحياة.
من هنا كان التخطيط الذي وضعه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يأخذ بالحسبان أن التنافسية العالمية نحو الأفضل لا بد وأن تكون الإمارة في بدايتها، بل وأن تكون المحرِّك والدافع والمحفِّز للعالم، بحيث تتخذ منها مدن العالم مثالاً للتنمية الشاملة التي لا تقف أمامها عوائق الزمن.
هذا التخطيط المحكم الذي تنتهجه القيادة الرشيدة في الدولة، ويؤكده الشيخ محمد بن راشد دوماً، وضع العالمية شعاراً له في تأسيس النهضة الشاملة التي تتطلع إليها الإمارات، ولا ريب أن الحياة السعيدة الرغيدة هي أغلى ما يبحث عنه الناس في زمن تعاظمت فيه الخطوب على كثير من سكان الأرض.
يوضح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هذا النهج بقوله: «التخطيط السليم القائم على التحليل الدقيق للبيانات والمرونة الكاملة في مواكبة المتغيرات كان سبيلنا لتصدُّر العديد من المؤشرات العالمية.. وهدفنا اليوم أن نكون في أعلى مراتب الريادة عالمياً، وضمن جميع المجالات.. نسابق الزمن برؤية واضحة للمستقبل تعي متطلبات التفوق فيه.. وتتجاوز كل التحديات نحو غدٍ يحمل أسباب السعادة للجميع ».
كلمات نستشف منها أن السبيل الصحيح لنجاح التخطيط هي الوقوف على أرض راسخة مكتملة الإعداد واضحة المعالم. هو التخطيط الذي يقوم على مقدمات سليمة، ليصل بصاحبه إلى النتائج المأمولة، بعد اكتمال الخطة الموضوعة بشكلها المتقن الذي تعد الإمارات أستاذاً عالمياً في كيفية امتلاك نواصيه بكل احتراف وإتقان، دون القفز عن أي تفاصيل دقيقة يقتضيها نجاح التخطيط، ولا الاندفاع بعجلة وتجاوز الخطوات الضرورية التي لا بد منها لوضوح معالم الطريق. إنها بحق حالة فريدة تستحق كل تقدير وإكبار.