إنجازات إماراتية في الطاقة النووية
تفخر دولة الإمارات العربية المتحدة بتصدرها قائمة طويلة من المراكز الأولى بمختلف المجالات في منطقة الخليج العربي، إلا أن تطوير محطتها للطاقة النووية في أبوظبي يعدّ عماً يتوّج إنجازاتها في مجال الجهود الرامية لمواجهة تغير المناخ.
ستمتلك المحطة التي لا تزال قيد الإنشاء حالياً أربعة مفاعلات نووية تعزز قدرة البلاد من الطاقة النووية المدنية، وتساعد على تنويع مصادرها من الطاقة، التي تعتمد بشكل كبير حالياً على الغاز الطبيعي.
تبني مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، مع المقاول الرئيس؛ المؤسسة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو) المفاعلات الأربعة بشكل متزامن في وقت واحد في منطقة الظفرة بأبوظبي، 35 كم جنوب غرب مدينة الرويس. بدأ البناء في يوليو 2012 ومن المتوقع انتهاء المشروع في عام 2020 ، حيث ستوفر المحطة رُبع احتياجات دولة الإمارات من الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى توفير ما يصل إلى 12 طناً من انبعاثات الكربون سنوياً.
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «تأخذ الاستراتيجية الجديدة في الاعتبار نمواً سنوياً متوقعاً بنسبة 6%، والجهود المبذولة لزيادة المساهمة في الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة من 25 % إلى 50 % بحدود عام 2050 ، ناهيك عن خفض البصمة الكربونية الناتجة من توليد الطاقة بنسبة 70 % خلال العقود الثلاثة القادمة ». وأضاف سموه: «إن من لا يفكر بالطاقة لا يفكر بالمستقبل».
يقول المهندس محمد الحمادي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية: «يدعم إنشاء محطة الطاقة النووية السلمية تنويع مزيج الطاقة بدولة الإمارات، وقد نتج عن هذا قيمة ثابتة في العديد من القطاعات الاستراتيجية في دولة الإمارات وفي العالم. وتلعب الطاقة النووية دوراً رئيساً في استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 ، التي تهدف لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 70 %، وزيادة استخدام الطاقة النظيفة بنسبة 50 % وتطوير كفاءة الطاقة بنسبة %40 في منتصف القرن».
تأتي خطوة أبوظبي كجزء من استراتيجية الإمارات للطاقة لزيادة المساهمة في الطاقة النظيفة في مجموع مزيج الطاقة بنسبة 50 %، ما سيقود إلى توفير 700 مليار درهم إماراتي بحدود 2050 ، وإيجاد استثمارات بقيمة 600 مليار درهم إماراتي في الدولة.
في الواقع، تعدّ الطاقة النووية أساسية بالنسبة لجهود دولة الإمارات العربية المتحدة والعالم لمواجهة التغير المناخي. فقد وقعت 200 دولة، من ضمنها دولة الإمارات، اتفاق باريس عام 2015 للحد من معدل ارتفاع الحرارة العالمي إلى أقل من 2 درجة مئوية عن عصر ما قبل التصنيع، مع تحفيز الدول الأعضاء على الحد من معدل ارتفاع الحرارة حتى إلى أقل من 1.5 درجة مئوية.
ووفقاً لتصريح الاتفاق: «بالإضافة إلى ذلك، يهدف الاتفاق إلى تعزيز قدرة البلدان على التعامل مع تأثيرات التغير المناخي. وبغية تحقيق هذه الأهداف الطموحة، سيتم إنشاء تدفقات مالية مع إطار عمل تقني جديد والقدرة المتقدمة على بناء أطر العمل، وبالتالي دعم إجراءات الدول النامية والدول الأكثر تضرراً، بالتوازي مع أهدافها الوطنية ». تعدّ الطاقة النووية مصدراً منخفض الانبعاثات لإنتاج الكهرباء، ولا يسبقها في ذلك سوى الطاقة الكهرومائية، وتولد %30 من الطاقة الكهربائية منخفضة الكربون المنتجة في 2016 ، بحسب ما تذكر الدراسات.
فوفق دراسة لمعهد ماساتشوستس للتقنية، فإنه «فيما يمكن توظيف العديد من التقنيات منخفضة الكربون أو التي يبلغ فيها مستوى الانبعاثات صفراً في العديد من التركيبات، يظهر تحليلنا المساهمة الممكنة التي يمكن أن تضطلع بها الطاقة النووية لجعل الطاقة منخفضة الكربون قابلة للانتشار. من دون هذه المساهمة، تزداد كلفة تحقيق أهداف إزالة الكربون بشكل كبير».
وعلى المستوى العالمي، تخفّض الطاقة النووية حالياً انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحدود 2.5 مليار طن سنوياً بالمقارنة مع البديل المتمثل بإنتاج الطاقة من الفحم، وأقل بقرابة ملياري طن مقارنة بمزيج الطاقة الأحفوري، بحسب ما تذكر الجمعية النووية العالمية. وتشدد الجمعية النووية العالمية على أن «الطاقة النووية تلعب دوراً رئيساً في تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة ». وبينما يعارض العديد من النشطاء المدافعين عن البيئة تضمين الطاقة النووية كمصدر طاقة مكمل للطاقة المتجددة، ترى وكالة الطاقة الدولية أن ذلك أساسي لخفض درجة حرارة الكوكب.
«يدعم إنشاء محطة الطاقة النووية
السلمية تنويع مزيج الطاقة بدولة
الإمارات، وقد نتج عن هذا قيمة ثابتة
في العديد من القطاعات الاستراتيجية
في دولة الإمارات وفي العالم».
سعادة المهندس محمد الحمادي، الرئيس التنفيذي
لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية.
يشير أحدث تقارير وكالة الطاقة الدولية تحت عنوان «استشراف الطاقة العالمية »2018 إلى أنه باستطاعة الطاقة النووية مساعدة العالم على تحقيق هدف تخفيض الحرارة بمعدل درجتين، ويتوقع أن يزداد توليد الطاقة النووية إلى قرابة الضعف ل 1293 مليون طن من معادلة للنفط من مستواه الحالي المقدر ب 688 مليون طن معادلة للنفط، إذا استطاع العالم تتبع مسار سيناريو التنمية المستدامة. يقدم سيناريو التنمية المستدامة التابع لوكالة الطاقة الدولية استراتيجية متكاملة لتحقيق أهداف الوصول للطاقة: جودة الهواء والأهداف المناخية في جميع القطاعات والتقنيات منخفضة الكربون – من ضمنها احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه - للإسهام في تحول أوسع للطاقة على مستوى العالم.
إذا التزمت الدول بهذا النمط المستدام، فباستطاعة الطاقة النووية توليد 4960 تيراواط من الكهرباء في الساعة بحدود عام 2040 ، أو %13 من مصادر الطاقة العالمية، بالمقارنة مع المستوى الحالي البالغ 2637 تيراواط/ساعة أو %10 تقريباً من مصادر الطاقة العالمية. كما ستدفع الطاقة النووية الفحم للتراجع ليصبح خامس أكبر مصدر للطاقة بعد الرياح، والطاقة الشمسية، والماء والغاز الطبيعي.
درب المستقبل
شهدت الطاقة النووية صعوداً مستمراً في السنوات الخمسين الماضية، لكن التسونامي الذي ضرب المحيط الهادي في 2011 ودمر محطة فوكوشيما داي إتشي النووية في اليابان ألقى بظلاله على مستقبل الصناعة.
«فيما يمكن توظيف العديد من
التقنيات منخفضة الكربون أو التي
يبلغ فيها مستوى الانبعاثات صفراً
في العديد من التركيبات، يظهر
تحليلنا المساهمة الممكنة التي
يمكن أن تضطلع بها الطاقة النووية
لجعل الطاقة منخفضة الكربون قابلة
للانتشار. من دون هذه المساهمة، تزداد
كلفة تحقيق أهداف إزالة الكربون
بشكل كبير».
دراسة لمعهد ماساتشوستس للتقنية.
السنوات القليلة القادمة ستكون مهمة لصناعة الطاقة النووية، إذ إن ثلثي الأسطول النووي في الاقتصادات المتقدمة قد بلغ عمره ثلاثين عاماً وسيكون قرار توسيع هذه الطاقة أو إغلاقها له آثار مهمة على أمن الطاقة والاستثمار والانبعاثات.
وفيما تبدو الاقتصادات المتقدمة بطيئة في إطلاق مشاريع نووية جديدة، فإن الاقتصادات الناشئة مثل الصين، والإمارات والمملكة العربية السعودية، تبدو متطلعة لإعادة إحياء القطاع النووي. من المتوقع انتهاء العمل تقريباً في ثلثي قدرة الطاقة النووية البالغة 60 غيغا واط التي هي حالياً تحت الإنشاء بحلول عام 2020 ، ويبلغ ثلثاها في منطقة آسيا - المحيط الهادي، ونصفها تقريباً في الصين وحدها.
هناك ما يقرب من 20 دولة تقوم بتطوير مشاريع جديدة ورفع حصة الطاقة النووية في إمداد الطاقة الكهربائية، من ضمنها الصين، والهند، وروسيا، والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. ووفقاً لمعهد الطاقة النووية، فإنه «إضافة إلى ذلك، أبدت كندا والولايات المتحدة الأمريكية نيتهما في الحفاظ على الدور الحالي الذي تضطلع به الطاقة النووية في توفير الطاقة الكهربائية».
مع محطة براكة للطاقة النووية، فإن دولة الإمارات العربية هي من جديد في طليعة الدول التي تتصدى لتحديات التغير المناخي.
خرافات وحقائق حول الطاقة النووية
خرافة: لا يحدث الإشعاع بشكل طبيعي.
الحقيقة: توجد المصادر الطبيعية والاصطناعية للإشعاع، التي نعيش معها بأمان يومياً. فالإشعاع الكوني الآتي من الشمس يعدّ مثالاً للإشعاع الطبيعي. وتتضمن الأمثلة على الإشعاع الاصطناعي الأشعة السينية الطبية وأجهزة الميكروويف الموجودة في المطابخ.
خرافة: منشآت الطاقة النووية غير آمنة.
الحقيقة: أظهرت سجلات الأداء لمئات منشآت الطاقة النووية العاملة في ما يزيد على 30 بلداً أن الطاقة النووية آمنة. وتتعقب الجمعية الدولية لمشغلي الطاقة النووية المعطيات حول أداء المحطات، ويشمل ذلك أداء أنظمة الأمان، موثوقية الوقود ومعدلات الحوادث الصناعية.
خرافة: قد تنفجر المفاعلات النووية كالقنابل.
الحقيقة: من غير الممكن للمفاعل النووي أن ينفجر كالقنبلة لأن مستوى تخصيب اليورانيوم منخفض جداً. إن محطات الطاقة النووية مصممة لإنتاج الطاقة الكهربائية بشكل آمن وموثوق.
خرافة: توقف نمو صناعة الطاقة النووية.
الحقيقة: تتوسع الطاقة النووية بسرعة على المستوى العالمي. وفقاً للجمعية النووية العالمية، يتم بناء أكثر من 60 محطة في 15 بلداً.
خرافة: لا توفر الطاقة النووية سوى كمية محدودة من الطاقة الكهربائية.
الحقيقة: وفقاً لمعهد الطاقة النووية، تشغل 30 دولة حول العالم أكثر من 400 مفاعل نووي لإنتاج الطاقة الكهربائية. وإلى جانب ذلك، توفر محطات الطاقة النووية حوالي 11 % من الطاقة الكهربائية العالمية، وهناك 13 دولة تعتمد على الطاقة النووية لإنتاج %25 من إجمالي حاجتها من الكهرباء.
خرافة: لا يمكن للمنشآت النووية التعامل مع الوقود المستخدم بشكل آمن.
الحقيقة: لعقود، استطاعت دول عدة حول العالم التعامل بأمان مع الوقود المستخدم. في دولة الإمارات العربية المتحدة تنظر الحكومة حالياً في خيارات التخزين على المدى الطويل.
خرافة: الطاقة النووية ضارة بالبيئة.
الحقيقة: بالنظر إلى أن المنشآت النووية لا تستهلك الوقود الحفوري، فلا تنبعث منها غازات الكربون. في دولة الإمارات، سيساعد إدخال الطاقة النووية دولتنا على تحقيق أهدافها بشأن التغير المناخي عبر توفير ما يصل إلى 12 مليون طن من انبعاثات الكربون سنوياً.
اتفاق باريس حول المناخ: النقاط الرئيسة
يسري تنفيذ الاتفاقية التاريخية التي أقرتها 195 دولة، بداية من عام 2020
درجة الحرارة 2100 التعهد بإبقاء الحرارة «تحت درجتين مئويتين .» الاستمرار في بذل الجهود للحد من ارتفاع الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.
التمويل 2025 - 2020 ينبغي على الدول الغنية تقديم 100 مليار دولار ابتداء من عام 2020 ، "كحدٍّ أدنى ». ويتم تحديث المبلغ بحلول عام 2025 .
الأفضلية ينبغي على الدول المتقدمة الاستمرار في «الدور القيادي » في الجهود الرامية للحد من انبعاثات الغاز الدفيئة. كما ينبغي تشجيع الدول النامية على تطوير جهودها.
الأهداف المتعلقة بالانبعاثات 2050 تستهدف هذه النقطة التوصل إلى ذروة انبعاثات الغازات الدفيئة «بأسرع ما يمكن ». وابتداء من عام 2050 : القيام بعمليات خفض سريع للتوصل إلى توازن بين الانبعاثات التي تسببها الأنشطة البشرية وتلك التي يمكن أن تمتصها «آبار الكربون ».
المشاركة في تحمل الأعباء ينبغي على الدول المتقدمة تقديم الموارد المالية لمساعدة الدول النامية. كما أن الدول الأخرى مدعوة لتقديم الدعم على أساس تطوعي.
آليات المراجعة 2023 مراجعة كل خمس سنوات، أول مراجعة عالمية في 2023 . ويجب مع كل مراجعة إعلام الدول الأطراف في الاتفاق «بتحديث وتحسين » تعهداتها.
أضرار المناخ يتم الاعتراف بحاجة الدول الضعيفة إلى «تدارك، تقليل ومواجهة » الخسائر الناجمة عن التغير المناخي.