ملتقى تحدي الأمية.. تحديات وحلول
كل المؤشرات تؤكد أن الأمم لا تتقدم إلا بالمعرفة والعلم، وأن الشعوب لا يمكن لها أن تنتج وتبتكر وتتطور إلا إذا قضت على الأمية واتخذت من القراءة سبيلاً، لذا كانت مبادرة )تحدي الأمية( التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مرشداً لنا في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة؛ كي نسعى إلى تنظيم ملتقى «تحدي الأمية » ليواكب المبادرات العديدة المتنوعة التي تطلقها القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، والتي تستهدف النهوض بشعوب المنطقة والعالم كله.
تعقد الدورة الأولى من «ملتقى تحدي الأمية » في فبراير الجاري 2020 ، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتوجيهات سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس المؤسسة، وتحت مظلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونسكو. تنطلق هذه الدورة تحت شعار )تحديات وحلول(، حيث يفد إلى دبي خبراء وعلماء وتربويون ومثقفون ومبدعون في مجالات التعليم والثقافة والتكنولوجيا والمعرفة بشكل عام، ليطرحوا أفكارهم ورؤاهم وخبراتهم العملية حول كيفية القضاء على الأمية في عالمنا العربي، والعالم كله.
ولنكن صرحاء أيها القارئ الكريم، إن نسبة الأمية في المنطقة العربية بلغت نحو 21 % وفقاً لما أعلنته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو »، وهي نسبة مخيفة، وأعلى كثيراً من المعدلات العالمية، التي تؤكد أن متوسط نسبة الأمية في العالم يدور حول 13.6 %، كما أن الاضطرابات السياسية التي شهدتها بعض الدول العربية في العقد الأخير حرمت نحو 13 مليون طفل عربي من الالتحاق بالمدرسة، وهو أمر مؤسف جداً يستوجب بذل المزيد من الجهد لمواجهة هذا المأزق الذي يهدد مستقبل الأمة العربية في الصميم.
لا ريب عندي في أن الملتقى سيرسم لنا صورة شاملة عن وضع الأمية في عالمنا العربي من أجل فهم جذور المشكلة فهماً دقيقاً، كما سيعمل ضمن محاوره التي ستطرح للنقاش على شرح حالة الأمية وتعليم الكبار في الدول العربية، فضلاً عن عرض التجارب الناجحة في العالم من أجل الاستفادة منها.
لقد خصصنا معظم مواد هذا العدد لمناقشة قضية الأمية من الجوانب كافة؛ لأنها قضية بالغة التعقيد، ويستوجب فهمها من أجل القضاء على هذه الآفة، وأعني آفة الأمية، أن نبتكر حلولاً جديدة تنهض على استثمار التطور التكنولوجي المتسارع من جهة، واستلهام التجارب السابقة التي حققت نجاحات لافتة من جهة أخرى.
في هذا العدد نلقي الضوء أيضاً على بعض التجارب الناجحة في القضاء على الأمية، مثل تجربة كوبا، التي تحررت من سجن الأمية في ستينيات القرن الماضي، وتناولنا سبل مكافحة الأمية في إفريقيا.
لا يغيب عن فطنة اللبيب أن الأمية في العصر الحالي لا تقتصر فقط على الأمية الأبجدية، وإنما بات هناك أمية تكنولوجية أيضاً، وهي مشكلة كبرى في زمن صارت فيه التكنولوجيا قوام أي مجتمع ينشد التطور من أجل تحقيق التنمية المستدامة والإسهام في بناء الحضارة الإنسانية الحديثة، وهو ما ركَّزنا عليه أيضاً في هذا العدد.
إن محو الأمية وتعزيز فضيلة القراءة لدى الشباب وترسيخ مبدأ المعرفة، كل ذلك يؤدي حتماً إلى تطوُّر الدول والشعوب، وهو ما تسعى قيادتنا الرشيدة إلى تحقيقه بكل إصرار ودأب.